المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امريكا ..ومكتب التضليل الاعلامي


احسـ العالم ـاس
07-08-2003, 11:10 AM
كانت أحداث سبتمبر زلازلاً عنيفاً هز المجتمع الامريكي من الأعماق بصورة أفقدت الجميع سواء على مستوى صناع القرارت السياسية أو العسكرية أوالأمنية ، أو على مستوى الفرد العادي .



لقد ادت هذه الأحداث إلى وجود إحساس عميق بعدم الأمن على المستويين الفردي والقومي الأمر الذي أدى إلى ان يعطي الكونجرس بمجلسيه الرئيس الأميركي وإدارته السياسية والعسكرية والأمنية تفويضاً على بياض بأن يفعل اي شيء سياسياً وعسكرياً وأمنياً لحماية الأمن حتى ولو هذا على حساب المباديء التي استقر عليها الدستور أو على حساب أمن الأخرين وحقوقهم بل وعلى حساب حرية الأفراد وحقوقهم ،



وأصبح المجتمع الأمريكي يعيش في مناخ شبيه بالمناخ الذي عاشته مصر بعد هزيمة 1967م ، ورفع رئيس أمريكا نفس الشعار المخيف الذي رفعه عبدالناصر وهو: لاصوت يعلو على صوت المعركة، وهو الشعار الذي يعني بوضوح إسكات كل صوت للمعارضة ، وسلب الجميع حرية التعبير والحقوق الدستورية والقانونية لحساب المعركة ، مع الأخذ في الإعتبار ـ طبعاً ـ الفارق الكبير بين مايسمى دستوراً وقوانين في ظل نظام عبدالناصر ، وبين الدستور والقانون في ظل أمريكا ، على الرغم من كل التجاوزات الدستورية والقانونية التي حدثت وتحدث اليوم في أمريكا .



لقد وصل الأمر إلى درجة أن أي نقد يوجه إلى سياسة الرئيس الأمريكي العسكرية، كائناً ما كان يعد جريمة في حق الوطن ، وقدحاً في وطنية القائد ، الأمر الذي أدي أن يهرول الجميع لإظهار ولائهم الوطني، بإظهار تأييدهم المطلق لكل مايسمى بمحاربة الإرهاب صواباً أم خطاً ،حقاً أو باطلاً ، عدلاً أو ظلماً إلى درجة أن أصبحت هناك حساسية شديدة عند كبار المسئولين

الديمقراطيين ـ وهم الحزب المعارض ـ من أن يشتم من أقوالهم مايفيد أنه نوع من الإعتراض أو حتى التحفظ .



بل أن رئيس الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس تعرض لنقد شديد بل إلى التشكيك في وطنيته عندما أبدى مجرد تساؤل عن حقيقة مايجري بالنسبة للحرب ضد الإرهاب ، وعن نطاق هذه الحرب زماناً ومكاناً .



بل إنهم رفعوا شعاراً شبيهاً بشعار: الحرية كل الحرية للشعب ، ولاحرية لأعداء الشعب وهو الشعار الذي انتهك به عبدالناصر ونظامه كافة الحقوق الإنسانية والمدنية والسياسية لأي معارضة وخاصة الإخوان المسلمين.



وفي ظل هذا الشعار تقدم المدعي الأمريكي ، أشكروفت: إلى الكونجرس بقوانين هي بكل المقاييس عدوان صريح على الدستور والحقوق السياسية والمدنية والقانونية التي كفلها لكل من يعيش على الأرض الأمريكية سواء كان مواطناً أو زائراً ، ولقد مرت هذه القوانين في مجلس النواب ثم في مجلس الشيوخ دون مناقشة ، بصورة تذكرنا بعملية سلق القوانين فيما يسمى بالبرلمانات ومجالس الشعب في بعض الدول العربية .



في مثل هذه الظروف الحرجة والمشحونة بالهوس الوطني يعد إبداء النقد ضد السياسة الأمريكية ـ التي تتعلق بما يسمى بالحرب على الإرهاب ــ شجاعة تستحق التقدير ، كما يعتبر موقفاً مبدئياً يستحق الثناء، كما أنها مواقف تسلط الضوء على جانب مهم من جوانب الحياة الأمريكية يحتاج منا نحن المسلمين في داخل أمريكا وخارجها أن نتعرف عليه وأن نستوعب دلالته وأن نستفيد منه ، خاصة وانه قد بدت في مواقف هيئات إسلامية وأفراد مسلمين مواقف مخجلة محزنة.



فقد سارعت هيئات إسلامية إلى إظهار فروض الولاء والطاعة والتأييد المطلق للسياسة الأمريكية ضد مايسمى بالإرهاب ، وإلى إدانة جهات ودول إسلامية دون ادلة مقنعة ، وإلى تأييد ضرب شعب مسلم أعزل بأحدث الأسلحة ، وسارع أفراد إلى التنكر لهويتهم الإسلامية ، وإلى خلع الحجاب ، وهجر المساجد ، وتجنب المجتمعات الإسلامية ، ورفع الأعلام الأمريكية بصورة فجة ، على الرغم من أنه قد أصبح واضحاً للجميع أن المسلم والعربي أصبح يحاسب على الشكل واللون والاسم حتى ولو كان من مواليد أمريكا ، بل ومن سكان أمريكا الأصليين البيض منهم والسود.



.. في ظل هذا المناخ المعباً سياسياً وأمنياً وإعلامياً وجماهيرياً ضد أي صوت ضد الحرب أو ضد الطريقة التي تدار بها أو ضد السياسة التي توجهها أو ضد أي شيء يتصل بها تكون للصوت الشجاع قيمة عظيمة لأنه يشبه صوت العقل في هدير عاصفة الجنون التي قد تأتي في اندفاعها المجنون على العدو والصديق.



وفي مقالنا هذا سوف نعرض نماذج لهذه الأصوات الشجاعة ، وسوف نتجنب عن عمد الحديث عن أصوات أفراد ومؤسسات مصنفة ، لا لأننا نقر هذا التصنيف الذي يستخدم كوسيلة للتشويش على الصوت المعارض ، وإبطال مفعوله ، وإنما نفعل ذلك لإبراز حقيقة أن الأصوات المعارضة تأتي من الخطوط الأساسية لمجرى السياسة الامريكية والمجتمع الأمريكي ولاتأتي من اصوات نجح اليهود من خلال حملات التصنيف في التقليل من تأثيرها على نسيج المجتمع الأمريكي مثل أصوات: لاروش، وديوك وكثيرين غيرهما.



(( فضيحة مكتب التضليل))



سوف نركز على الأصوات التي ارتبطت بما أسميه فضيحة مكتب التضليل ، والتي كان لها مع غيرها الفضل في أن يعلن الرئيس الأمريكي تبرؤه من هذا المكتب ، وان تجد وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاجون) نفسها ، وأن يجد وزيرها نفسه في موقف المتلبس بجريمة يحاول التخلص منها.



وتبدا قصة الفضيحة بخبر سربته مصادر داخل البنتاجون نفسه إلى جريدة: نييورك تايمز عن إنشاء مكتب تابع لوزارة الدفاع ضمن خطة الحرب النفسية تحت أسم: OSL ، وذلك لنشر معلومات كاذبة في الإعلام العالمي بهدف التضليل الإعلامي ــ disin_formtion ولكن قبل أن نتكلم عن قصة هذا المكتب ولضجة التي قامت حوله وأدت إلى وأده في مهده ــ ولو مؤقتاً ــ فإننا ننبه إلى أن مكتب التضليل الذي أثار كل هذه الزوبعة قائم منذ عقود في بلدان أخرى بأسم وزارات بأكملها لايقتصر دورها على تضليل الأعداء وفي ظل ظروف استثنائية كما هو شأن مكتب التضليل الأمريكي: OSL , وإنما تضليل شعوب تلك البلاد نفسها.



وعليه فإننا يجب ان نتنبه في نقدنا لأمريكا خاصة وللغرب عامة ، أن في هذه البلاد ومع كل الملاحظات والتحفظات شيئاً يسمى الدستور والقانون والرأي العام ، يحمي وفق ضوابط معينة حقوقاً للمواطن تصون له حقه في التعبير ضمن خطوط حمر لايجوز تجاوزها ، وقد تنجح قوى ضغط وسياسات بعينها في اغتيال بعض هذه الحقوق ولكن في حدود ، أما في بلاد عربية وإسلامية فقد تكون هناك أسماء مثل الدستور والقانون دورها الأساسي ليس هو صون حرية المواطن وكرامته وحقه في التعبير ، وإنما تسهيل العدوان على حرية المواطن وكرامته وحقه في التعبير ، واستيفاء الشكل المطلوب ليأخذ العدوان شكله الدستوري والقانوني ، وذلك ليس من باب ماوصى به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا قتلتم فاحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة)) وهي الوصية التي تعني : أن الإنسان _ حتى في حالة إرتكابه مايوجب العقوبة شرعاً ــ له كرامة يجب أن تصان ، وحقوق يجب أن تؤدى ، وأن الحيوان إن اقتضى الأمر ذبحه لمأكله فإن له حقوقاً يجب أن تؤدى ومشاعر يجب أن تعتبر .



وإنما ذلك من باب أن المتعدي على حرية الإنسان وكرامته وحقه في التعبير يجب ان تكون صورته التي تظهر للناس أنه لايتصرف إلا في حدود الدستور والقانون، فكل شيء بالقانون وماذنبه إذا كان قانون بلاده له مخالب وانياب !! وعليه فإن علينا حينما نتكلم عما يجري عندنا ، وان نقيس حجم مانفتقده وهو السبب فيما نحن فيه ، وحجم ماعند الاخرين وهو السبب فيما هم عليه ، وذلك حتى لانلتمس لعجزنا المعاذير بتوجيه كل سخطنا إلى عدو خارجي.



(( تعليق ميشيل راين))



في مقال في جريدة : هيوستن كرونكل بتاريخ 21/2/2002م تحت عنوان(على( البنتاجون) ألا يضيف المزيد إلى كومة المعلومات المضللة )) قال ميشيل راين michael RYAN استاذ العلاقات العامة بجامعة هيوستن ، عن مكتب التضليل: على الرغم من أن القرن الحادي والعشرين مازال في مهده فإن اول تباشير هذا القرن السيئة ربما يكون مشروع( البنتاجون) الذي يستهدف إختلاق قصص ، بهدف تزويد الإعلام الأجنبي بمعلومات مضللة أو كاذبة وكجزء من حملة التضليل يبدو أن (البنتاجون ) يريد أن يستخدم: تكتيك استعمال طرف ثالث لتشويه سمعة الحكومات غير الصديقة ، والترويج للقيم الأمريكية.



إن المعلومات التي ستعتمد سوف يجري بثها إلى إعلام الدول الصديقة وغير الصديقة عن طريق طرف ثالث موثوق فيه ليس له ظاهرة بالجيش الأمريكي ، لان هذه المعلومات سوف تفقد مصداقيتها إذا عرف أنها جاءت عن طريق وزارة الدفاع الأمريكية.



أنه من المدهش ، ومما يبعث على الضيق في الوقت نفسه أن هذه اللحظة التي عارضها بعض المسؤولين العسكريين ، هي موضع اعتبار الحكومة الأمريكية . والحقيقة التي تبدو عارية في وضح النهار في هذه الخطة تقول: بأن الحرب ضد الإرهاب لن تكون

لها قواعد تضبطها.



إن العالم اليوم قد اصبح غارقاً في بحر المعلومات المضللة ، ولذا فإن الولايات المتحدة لايجوز كجزء من سياستها أن تضيف المزيد إلى هذا الركام ، ومن الخطأ أن تبث أمريكا معلومات مضللة إلى إعلام الدول الصديقة ، لأن ذلك سوف يجعل من الصعب جداً بناء تحالف دولي ضد الإرهاب، بل إن هذه الصعوبة سوف تزداد إذا ضبط الجيش الامريكي متلبساً بزرع المعلومات المضللة في إعلام الدول التي لها أهمية إستراتيجية بالنسبة لأمريكا.



من الواضح أن الإعلام المستهدف بهذه المعلومات المضللة سوف يثور غضباً وسوف يكون أقل دعماً لاي تحالف .



بل أن استهداف الدول غير الصديقة بحملة المعلومات المضللة يعتبر فكرة رديئة ، لان الدول الصديقة لن ترحب بذلك، كما ان الدول غير الصديقة مثل روسيا والصين وباكستانـ والتي رأت لاعتبارات خاصة تأ ييد أمريكا في حملتها ضد الإرهاب ــ سوف تصبح اقل تأييداً حين تجد نفسها ــ على غير رغبة منها ـ شريكة في حملة المعلومات المضللة .



بل ان حملة المعلومات المضللة يمكن أن تساعد ( الإرهابيين) أنفسهم وذلك بإعطائهم سبباً لأن يصبحوا قائلين : ألم نقل لكم من قبل إن الولايات المتحدةى هي دولة سيئة؟ انظروا كيف يحاول الأمريكيون تضليل اصدقائهم والسيطرة عليهم من خلال الخداع والتضليل لذلك فإننا نعتقد ان حملة المعلومات المضللة لن تساعد أمريكا في حربها ضد( الإرهابيين).



وإنه لمن الواضح أن الجهات المسؤلة عن حملة المعلومات المضللة في وزارة الدفاع الأمريكية هي نفسها غير واثقة من فاعلية تأثير هذه الحملة ، فقد قال رئيس مكتب استراتيجية التأثير الجديد في البنتاجون ، والذي سوف يقوم بهذه الحملة لنييورك تايمز، إن الأمر لن يقتصر على حملة العلومات المضللة ، وإنما حملة الدعاية السوداء ــ أي حملة الدعاية المضللة ، وحملة الدعاية البيضاء ، أي حملة المعلومات الصحيحة ــ سوف يجري تنفيذهما جنباً إلى جنب.



على انه سوف يكون لهذه الحملة بجانبها تأثير سلبي إذا مضى ( البنتاجون) في تنفيذها وذلك بسبب صعوبة تمييز المعلومات المضللة من المعلومات الصحيحة مما يفقد الثقة في المعلومات جملة.



وسوف يزداد الأمر سوءاً إذا قام الإعلام الأمريكي ببث هذه المعلومات المضللة داخل الولايات المتحدة ، وفي ذلك مخالفة صريحة للقانون الذي يمنع بث الدعاية المضللة داخل أمريكا ، وإذا تم بث هذه الدعاية المضللة داخل أمريكا رغم مخالفتها للقانون مع تصور أن الناس سوف يقبلون كل ماتقوله حملة المعلومات المضللة ، فإن الحقيقة تقول بإن هذه المعلومات المضللة لن تُقبل على علاتها ، فإن كل إنسان سوف يقرر لنفسه مايقبله وما يرفضه منها وفقاً لمعايير القيم والمبادىء التي يدين بها.



وختم ميشيل تعليقه قائلاً: إنه إذا انعدم الإحساس بالمسؤولية عند اصحاب الحملة فإنهم سوف ينطلقون بلا ضوابط، وسوف يكون من نتيجة ذلك أن تفعل أمريكا نفس الأشياء التي تحارب ضدها .



ويستمر ميشيل قائلاً : ربما يرى البعض في قولي هذا نوعاً من السذاجة أو المثالية فليكن ذلك ، لكن الأمر الذي أؤكد عليه هو ان أمريكا يجب أن تقف إلى جانب مبادىء الشرف والأمانة.



إن النشر المتعمد للمعلومات الكاذبة والمضللة هو عمل غير أخلاقي.



ثم انهي ميشيل كلامه قائلاً: إن كون أمريكا اليوم هي القوة الوحيدة العظمى يرتب عليها أن تلتزم بالشرف والأمانة ، إن حملة الدعاية الكاذبة المضللة لاتتناسب مع ماتمثله أمريكا أو مايجب أن تمثله.



(( السياسة والأخلاق))



مما يلفت النظر في تعليق ميشيل أنه يربط السياسة بمبدأين مهمين من مباديء الأخلاق هما: الشرف والأمانة! هذا الربط يلفت نظرنا إلى المفهوم الميكافيللي للسياسة وهو المفهوم المستقر والسائد في عرف نظم حاكمة في بلاد عربية وإسلامية ، ذلك المفهوم

الذي يقول بأنه( لا أخلاق في السياسة) وأن الحاكم يتبع من الوسائل لتحقيق أهدافه السياسية التي تخدم دولته وشعبه مايحقق هذه الأهداف حتى ولو كانت وسائل غير أخلاقية.. حتى ولو كانت قائمة على الغش والتزييف والخداع والكذب، على أن هناك فارقاً أساسياً بين السياسة الميكافيلية التي تطبق في الغرب الرأسمالي والسياسة الميكافيلية التي تطبق في دول عربية وإسلامية ، وهو ان تستعمل وسائل الغش والخداع والتزييف والكذب لحساب مصالح الدول والشعوب وليس على حسابها ، كما لايستخدمونها لحساب أنفسهم ، وحين يفعلون ذلك يحاسبون حساباً عسيرا، ولست في حاجة إلى أن أشير إلى القائمة الطويلة للسياسيين الغربيين الذين أُزيحوا من مناصبهم مكتب التضليل والمعلومات الكاذبة يحاول في هذه الأيام ممارسة الكذب والبهتان الواضح الذي يفوح منهما رائحة نتنة يتميز بها صهاينة البيت الأبيض القابعون في أقبيته ، والمكلفون بتقديم قرارات الإتهام لمندوبين الكونجرس والبيت الأبيض والبنتاجون ليقف هؤلاء أمام كاميرات القنوات الفضائية ليهرطقوا بهذه القرارات كما تهرطق الببغاوات بكلام لاتعرف له معنى...



ستصمد السعودية إن شاء الله أمام هذه الإدعاءات ، لأنها معقل توحيد وأرض رسالة ومهد الحرمين بينما تتأكل أمريكا من الداخل في طريقها للسقوط الكبير .... حرب أمريكا وسقوطها سيكون من الداخل لسنا نحن من يقول ذلك ، قاله ويقوله مفكريهم ومؤرخيهم ...