المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحرك الأمريكي في العالم


احسـ العالم ـاس
13-08-2003, 02:56 PM
إديك لويرشر

لوموند الفرنسية

المنظور السياسي للدراسات والاستشارات



بدأت القوات الأمريكية والبريطانية في سحب بعض أسلحتها ومعداتها من المناطق العراقية خاصة المطارات وهو بمثابة خطأ كبير، فوظيفة هذه القوات لم تنتهي بعد وكما يقول الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير " إننا نرغب أن نساعد العراقيين في تشكيل حكومة عراقية سليمة وممثله للشعب والتي تتمتع بكافة الحقوق وتمنح كل مواطن حقوقه وحينئذٍ سوف ترحل قواتنا.



ويعتبر ذلك جيداً ، ولكن هناك مجال آخر يجب أن نضعه في صورته الحقيقية في بعض الدول الأخرى، والذي يتمثل في التهديدات الأمريكية لسوريا ، حيث أن النظم الديمقراطية ضعيفة للغاية في 13 دولة أخري في هذه المنطقة من العالم ، كما تعاني الشعوب في هذه الدول من ظلم وطغيان هذه الحكومات ، وهذه الدول معروفة لدي الولايات المتحدة نفسها. وبعيداً عن هذه المنطقة توجد 34 دولة في العالم لا تحترم هذه الديمقراطية.



التعرف بسرعة



يجب التعرف بسرعة فهناك قوات معادية أخري ، ويجب إدراك أن الحرية لن تنتشر على هذا الكوكب إلا بانتشار التعليم والتنمية الاقتصادية والتكنولوجيا…الخ والحقيقة هي أن الديمقراطية ذات أولوية كبيرة عند الرئيس بوش.



وتنتشر منظمات الحريات الأمريكية في 192 دولة في العالم وقد أكدت منذ عام 2001م أن 85 دولة من دول العالم تتمتع بالحرية ويسكنها 2.5 مليار نسمة بما يعادل 41% من جملة سكان الكوكب وأن 59 دولة تتمتع جزئياً بالحرية يسكنها 1.46 مليار نسمة بما يعادل 24% من سكان الأرض. وأن 48 دولة تتسم بعدم الحرية ويسكنها 2.71 مليار نسمة بما يعادل 35% من السكان في العالم. ولنضع في الفئة الثانية تلك الدول التي تعاني من الفساد وعدم احترام القانون والمنازعات الدينية والطائفية والحياة السياسية السيئة. وعند التركيز على الفئة الأخيرة نجد أن الحقوق الأساسية غير متواجدة ، حيث تنعدم الحريات تماماً وتعتبر هذه الدول ديكتاتورية ويقطنها 35% من جملة سكان العالم.



الحكم



ويعتبر التراجع في هذا النمط بطيئا في ظل تزايد عدد السكان في العالم. فهناك أكثر من 2 مليار عام 1990م يحكمون من قبل حكومات طاغية مستبدة، تزايد هذا العدد اليوم ليصل إلي 2.2 مليار وعلى النقيض كان هناك 1.8 مليار منذ عشر سنوات أحرار أصبحوا اليوم 2.5 مليار نسمة وعند الإشارة إلي منطقة الشرق الأوسط لا نجد سوي إسرائيل هي الدولة الوحيدة الديمقراطية وثلاثة دول أخري جزئياً تتسم بالحرية وهي الأردن والكويت وتركيا. والدول الأخرى والتي تبلغ 13 دولة لا تتسم بالحرية على الإطلاق.



ويؤكد البنك الدولي على المؤشرات السلبية لسياسة المساعدات ، فقد اشترطت الولايات المتحدة عدم مزج أية مساعدات إلا عقب دراسة نظم الحكم في هذه الدول. وكانت النتيجة النهائية هي اشتراط أن يكون النظام الديمقراطي يعمل به في هذه الدولة منذ خمسة أو ستة سنوات في 175 دولة والتي خضعت للفحص كما يقول "دانيال كوفمان" مدير معهد البنك الدولي. وإذا تمتع السكان بالتحسن في الصحة والتعليم فسوف ينعكس ذلك على العدالة والجريمة المنظمة والحرية التجارية. ونتيجة تنوع النتائج من دولة الأخرى فقد بذلت بعض الدول مثل شيلي والبرازيل جهوداً كبيرة لمكافحة الفساد.



أن بناء هذه النظم الديكتاتورية والشمولية على هذا الكوكب يطرح بعض القضايا مثل : متي وأين نبدأ ؟ بمعني آخر ما هي العلاقة بين السياسة والاقتصاد، والديمقراطية ، والتنمية وخلال هذه السنوات الأخيرة أدركنا أن هناك علاقة وثيقة بين الديمقراطية والاقتصاد وأنه لا غني عن الديمقراطية في عملية التنمية.



فالمساعدات المالية لروسيا والرخاء الاقتصادي في الصين والتي أحرزت معدلات جيدة هو إشارة واضحة لعملية الديمقراطية. وبالنسبة للأوربيين فإن الديمقراطية ليست فخراً ولكنها مطلب على المدى البعيد وأن الرخاء سوف يتحقق عبر استقرار الحرية. لذلك وكما أشار جاك شيراك على ضرورة تمجيد الرغبة الجيدة للحوار بين الشعوب. وقد حدث حدثان أدي إلى إخفاء هذه الحقائق الحدث الأول يتمثل في أحداث 11 سبتمبر 2001م والتي أبرزت مخاطر الدول المارقة والحدث الآخر هو سلسلة الأزمات المالية الاقتصادية التي اجتاحت أسيا والأرجنتين والتي أشارت إلي أن الحكم الجيد للدول أمر ضروري هام.



وإذا لم يأتي الإرهاب من الدول الفقيرة- كما نلاحظ في دول الباسك وأسبانيا- فإن الديمقراطية ليست نتاجاً ميكانيكاً للتنمية وأن الاستقرار في العالم ليس نتاجاً فقط للضعف التجاري ويشير دانيال كوفمان أن التحليلات أكدت على الحكم الجيد والذي يعتبر ذو أثر كبير على التنمية وأن الاقتصاد لا يتمتع بالتحسن في دولة إلا عندما تعلب القوي السياسة دوراً تمثيلاً لخدمة القومية وعندما تحترم الدولة القانون.



وإذا كان يجب تفعيل العملية الديمقراطية في هذه الدول الـ 48 والتي لا تسودها الحرية، فيجب ألا تتحرك هذه الدبابات الأمريكية وإنما يجب البحث عن شيء آخر لمواجهة هؤلاء الطغاة.