المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استاذا الرياضيات في جامعة كنساس الامريكية


ابوسعود
06-02-2003, 02:29 PM
فيما يلي نص مقتبس عن كتاب حتى الملائكة تسأل لمؤلفه البروفسور جفري لانغ .

وهو أستاذ مساعد للرياضيات في إحدى الجامعات الأمريكية . والكتاب فريد من نوعه ، يتراوح بين لحظات روحانية غامرة كالتي نراها هنا ، وبين أفكار فلسفية عميقة .في أماكن أخرى ، وبين حلول عملية تلزمنا جميعاً رغم أن المؤلف مقلٌّ غير غزير الإنتاج ، إلا أنه بكتابه هذا ينضم إلى جيل نادر من الكتاب المسلمين الغربيين ، كمحمد أسد وكتابه الشهير الطريق إلى مكة ، و مراد هوفمان وكتبه ومنها الإسلام كبديل ، و يوميات مسلم ألماني ، وعلي عزت بيغوفيتش وكتابه الإسلام بين الشرق والغرب . حق لنا أن نتعلم منهم كثيراً مما يفيدنا في تجديد حياتنا ومراجعة مواقفنا من كثير من القضايا الهامة .في ديننا أما هذا المقطع الذي أمامنا ، فيسمو بالقارئ إلى معانٍ روحية ثمينة ، فقدنا كثيراً منها عندما صارت العبادة عادةً وفقدت معناها الذي فرضت لأجله ، فعادت حركات آلية لا طعم لها ولا لون ولا رائحة . فلنقرأ ، ولنتأمل في معنى السجود :

" في اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام ، قدّم إليّ إمامُ المسجد كتيباً يشرح كيفية

أداء الصلاة . غير أنّي فوجئتُ بما رأيتـُه من قلق الطلاب المسلمين ، فقد


ألحّوا عليَّ بعباراتٍ مثل:


خذ راحتك


لا تضغط على نفسك كثيراً


من الأفضل أن تأخذ وقتك


ببطء .. شيئاً ، فشيئاً ..


وتساءلتُ في نفسي ، هل الصلاة صعبةٌ إلى هذا الحد ؟


لكنني تجاهلت نصائح الطلاب ، فقررت أن أبدأ فوراً بأداء الصلوات الخمس في


أوقاتها . وفي تلك الليلة ، أمضيت وقتاً طويلاً جالساً على الأريكة في غرفتي


الصغيرة بإضاءتها الخافتة ، حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها ، وكذلك الآيات


القرآنية التي سأتلوها ، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة . وبما أن معظم ما


كنت سأتلوه كان باللغة العربية ، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها العربي ،


وبمعانيها باللغة الانكليزية . وتفحصتُ الكتيّب ساعاتٍ عدة ، قبل أن أجد في


نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى . وكان الوقت قد قارب منتصف الليل ،


لذلك قررت أن أصلّي صلاة العشاء .


دخلت الحمام ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحاً على الصفحة التي تشرح


الوضوء . وتتبعت التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة ، بتأنٍّ ودقة ، مثل طاهٍ


يجرب وصفةً لأول مرة في المطبخ . وعندما انتهيت من الوضوء ، أغلقت الصنبور وعدت


إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي . إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب


ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء .


ووقفت في منتصف الغرفة ، متوجهاً إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة . نظرت إلى


الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتي ، ثم توجهت إلى الأمام ، واعتدلت في وقفتي


، وأخذتُ نفساً عميقاً ، ثم رفعت يديّ ، براحتين مفتوحتين ، ملامساً شحمتي


الأذنين بإبهاميّ . ثم بعد ذلك ، قلت بصوت خافت الله أكبر .


كنت آمل ألا يسمعني أحد . فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال . إذ لم أستطع التخلص


من قلقي من كون أحد يتجسس علي . وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة .


وتساءلت : ماذا لو رآني أحد الجيران ؟


تركتُ ما كنتُ فيه ، وتوجهتُ إلى النافذة . ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من


عدم وجود أحد . وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية ، أحسست بالارتياح . فأغلقت


الستائر ، وعدت إلى منتصف الغرفة .


ومرة أخرى ، توجهت إلى القبلة ، واعتدلت في وقفتي ، ورفعت يدي إلى أن لامس


الإبهامان شحمتي أذنيّ ، ثم همست الله أكبر .


وبصوت خافت لا يكاد يُسمع ، قرأت فاتحة الكتاب ببطء وتلعثم ، ثم أتبعتـُها


بسورة قصيرة باللغة العربية ، وإن كنت أظن أن أي عربي لم يكن ليفهم شيئاً لو


سمع تلاوتي تلك الليلة ! . ثم بعد ذلك تلفظتُ بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت ،


وانحنيت راكعاً حتى صار ظهري متعامداً مع ساقي ، واضعاً كفي على ركبتي . وشعرت


بالإحراج ، إذ لم أنحن لأحد في حياتي . ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة .


.وبينما كنت لا أزال راكعاً ، كررت عبارة سبحان ربي العظيم عدة مرات


.ثم اعتدلت واقفاً وأنا أقرأ سمع الله لمن حمده ، ثم ربنا ولك الحمد


أحسست بقلبي يخفق بشدة ، وتزايد انفعالي عندما كبّرتُ مرةً أخرى بخضوع ، فقد


حان وقت السجود . وتجمدت في مكاني ، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي ، حيث


.كان علي أن أهوي إليها على أطرافي الأربعة وأضع وجهي على الأرض


لم أستطع أن أفعل ذلك ! لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض ، لم أستطع أن أذل


نفسي بوضع أنفي على الأرض ، شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده . لقد خيل لي أن


.ساقي مقيدتان لا تقدران على الانثناء . لقد أحسست بكثير من العار والخزي


وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم ، وهم يراقبونني وأنا أجعل من نفسي


مغفلاً أمامهم . وتخيلتُ كم سأكون مثيراً للشفقة والسخرية بينهم . وكدت أسمعهم


يقولون : مسكين جف ، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو ، أليس كذلك ؟


وأخذت أدعو: أرجوك ، أرجوك أعنّي على هذا .


أخذت نفساً عميقاً ، وأرغمت نفسي على النزول . الآن صرت على أربعتي ، ثم ترددت


لحظات قليلة ، وبعد ذلك ضغطت وجهي على السجادة . أفرغت ذهني من كل الأفكار ،


وتلفظت ثلاث مرات بعبارة سبحان ربي الأعلى .


الله أكبر . قلتها ، ورفعت من السجود جالساً على عقبي . وأبقيت ذهني فارغاً


، رافضاً السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي .


الله أكبر . ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى .


وبينما كان أنفي يلامس الأرض ، رحت أكرر عبارة سبحان ربي الأعلى بصورة آلية


. فقد كنت مصمماً على إنهاء هذا الأمر مهما كلفني ذلك .


الله أكبر . و انتصبت واقفاً ، فيما قلت لنفسي : لا تزال هناك ثلاث جولات


.أمامي


وصارعت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة . لكن الأمر صار أهون في كل


شوط . حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر سجدة . ثم قرأت التشهد في الجلوس


الأخير ، وأخيراً سلـَّمتُ عن يميني وشمالي .


وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه ، بقيت جالساً على الأرض ، وأخذت أراجع المعركة


التي مررت بها . لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك العراك في سبيل


أداء الصلاة إلى آخرها . ودعوت برأس منخفض خجلاً: اغفر لي تكبري وغبائي ، فقد


أتيت من مكان بعيد ، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه .


وفي تلك اللحظة ، شعرت بشيء لم أجربه من قبل ، ولذلك يصعب علي وصفه بالكلمات .


فقد اجتاحتني موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة ، وبدا لي أنها تشع


من نقطة ما في صدري . وكانت موجة عارمة فوجئت بها في البداية ، حتى أنني أذكر


أنني كنت أرتعش . غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي ، فقد أثـّرت في عواطفي


بطريقة غريبة أيضاً . لقد بدا كأن الرحمة قد تجسدت في صورة محسوسة وأخذت تغلفني


وتتغلغل فيّ . ثم بدأت بالبكاء من غير أن أعرف السبب . فقد أخَذَت الدموع تنهمر


على وجهي ، ووجدت نفسي أنتحب بشدة . وكلما ازداد بكائي ، ازداد إحساسي بأن قوة


خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني . ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب ، رغم


أنه يجدر بي ذلك ، ولا بدافع من الخزي أو السرور . لقد بدا كأن سداً قد انفتح


مطِلقاً عنانَ مخزونٍ عظيمٍ من الخوف والغضب بداخلي . وبينما أنا أكتب هذه


السطور ، لا يسعني إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله عز وجل لا تتضمن مجرد


.العفو عن الذنوب ، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضاً


ظللت لبعض الوقت جالساً على ركبتي ، منحنياً إلى الأرض ، منتحباً ورأسي بين كفي


. وعندما توقفت عن البكاء أخيراً ، كنت قد بلغت الغاية في الإرهاق . فقد كانت


تلك التجربة جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات


عقلانية لها . وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها


. أما أهم ما أدركته في ذلك الوقت : فهو أنني في حاجة ماسة إلى الله ، وإلى


.الصلاة


وقبل أن أقوم من مكاني ، دعوت بهذا الدعاء الأخير:


اللهم ، إذا تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى ، فاقتلني قبل ذلك -- خلصني من هذه


الحياة . من الصعب جداً أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب ، لكنني لا


أستطيع أن أعيش يوماً واحداً آخر وأنا أنكر وجودك "

================================================== ==



وهذا هو موقعه

ادخل وتصفح

http://www.meccacentric.com/jeffrey_lang.html

برق الشمال
06-02-2003, 03:28 PM
سبحان الله العظيم القادر على كل شي



يعطيك العافيه ابو سعود


تحياتي

أبو رائد
06-02-2003, 06:17 PM
يعطيك العافية يا بوسعود



لكن لازم الفيلسوف يقرأ الموضوع ...


...
..
.