المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسماء ماتت ( طفلونه )


طفلة المطر
08-02-2003, 03:46 AM
تعودت كل ليلة أن أمشي قليلاً ، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم أعود.. وفي خط سيري يومياً كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر..
كانت تلاحق فراشاً أجتمع حول إحدى أنوار الإضاءة المعلقة في سور أحد المنازل... لفت انتباهي شكلها وملابسها .. فكانت تلبس فستاناً ممزقاً ولا تنتعل حذاءً وكان شعرها طويلاً وعيناها خضراوان .. كانت في البداية لا تلاحظ مروري .. ولكن مع مرور الأيام .. أصبحت تنظر إلي ثم تبتسم
في أحد الأيام استوقفتها وسألتها عن اسمها فقالت أسماء.. فسألتها أين منزلكم فأشارت إلى غرفة خشبية بجانب سور أحد المنازل .. وقالت هذا هو عالمنا ، أعيش فيه مع أمي وأخي بدر.. وسألتها عن أبيها .. فقالت أبي كان يعمل سائقاً في إحدى الشركات الكبيرة .. ثم توفي في حادث مروري.. ثم انطلقت تجري عندما شاهدت أخيها بدر يخرج راكضاً إلى الشارع ..فمضيت في حال سبيلي.. ويوماً مع يوم.. كنت كلما مررت استوقفها لأجاذبها أطراف الحديث .. سألتها : ماذا تتمنين ؟ قالت كل صباح أخرج إلى نهاية الشارع لأشاهد دخول الطالبات إلى المدرسة .. أشاهدهم يدخلون إلى هذا العالم الصغير..مع باب صغير ويرتدون زياً موحداً ... ولا أعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور.. أمنيتي أن أصحو كل صباح لألبس زيهم .. وأذهب وأدخل مع هذا الباب لأعيش معهم وأتعلم القراءة والكتابة .. لا أعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة .. قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبة .. وقد تكون عينيها .. لا أعلم حتى الآن السبب.. كنت كلما مررت مع هذا الشارع .. احضر لها شيئا معي حذاء .. ملابس العاب.. أكل.. وقالت لي في إحدى المرات .. بأن خادمة تعمل في أحد البيوت القريبة منهم قد علمتها الحياكة والخياطة والتطريز.. وطلبت مني أن احضر لها قماشاً وأدوات خياطة .. فأحضرت لها ما طلبت .. وطلبت مني في أحد الأيام طلباً غريباً.. قالت لي أريدك أن تعلمني كيف اكتب كلمة احبك.. ؟ مباشرة جلست أنا وهي على الأرض وبدأت أخط لها على الرمل كلمة أحبك.. على ضوء عمود أناره في الشارع .. كانت تراقبني وتبتسم .. وهكذا كل ليلة كنت أكتب لها كلمة أحبك.. حتى أجادت كتابتها بشكل رائع .. وفي ليلة غاب قمرها ... حضرت إليها .. وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث .. قالت لي أغمض عينيك .. ولا أعلم لماذا أصرت على ذلك.. فأغمضت عيني .. وفوجئت بها تقبلني ثم تجري راكضه .. وتختفي داخل الغرفة الخشبية .. وفي الغد حصل لي ظرف طارئ استوجب سفري خارج المدينة لأسبوعين متواصلين .. لم أستطع أن أودعها .. فرحلت وكنت أعلم أنها تنتظرني كل ليله .. وعند عودتي .. لم أشتاق لشي في مدينتي .. أكثر من شوقي لأسماء في تلك الليلة خرجت مسرعاً وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الإنارة الذي نجلس تحته لا يضئ.. كان الشارع هادئاً .. أحسست بشيء غريب.. انتظرت كثيراً فلم تحضر فعدت أدراجي .. وهكذا لمدة خمسة أيام .. كنت أحضر كل ليلة فلا أجدها.. عندها صممت على زيارة أمها لسؤالها عنها.. فقد تكون مريضه .. استجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية .. طرقت الباب على استحياء فخرج بدر .. ثم خرجت أمه من بعده.. وقالت عندما شاهدتني.. يا إلهي .. لقد حضرت .. وقد وصفتك كما أنت تماماً.. ثم أجهشت في البكاء.. علمت حينها أن شيئاً قد حصل.. ولكني لا أعلم ما هو؟؟؟؟ وعندما هدأت الأم سألتها ماذا حصل؟؟ أجيبيني أرجوك .. قالت لي لقد ماتت أسماء .. وقبل وفاتها .. قالت لي سيحضر أحدهم للسؤال عني فأعطيه هذا وعندما سألتها من يكون ..قالت أعلم انه سيأتي.. سيأتي لا محالة ليسأل عني؟؟ أعطيه هذه القطعة فسألت أمها ماذا حصل؟؟ فقالت لي توفيت أسماء.. في إحدى الليالي أحست ابنتي بحرارة وإعياء شديدين فخرجت بها إلى أحد المستوصفات الخاصة القريبة .. فطلبوا مني مبلغاً مالياً كبيراً مقابل الكشف والعلاج لا أملكه .. فتركتهم وذهبت إلى أحد المستشفيات العامة .. وكانت حالتها تزداد سوءً..فرفضوا إدخالها بحجة عدم وجود ملف لها بالمستشفى.. فعدت إلى المنزل .. لكي أضع لها الكمادات .. ولكنها كانت تحتضر.. بين يدي.. ثم أجهشت في بكاءٍ مرير.. لقد ماتت .. ماتت أسماء.. لا أعلم ماذا خانتني دموعي.. نعم لقد خانتني .. لأني لم أستطع البكاء.. لم أستطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها لا أعلم كيف أصف شعوري .. لا أستطيع وصفه لا أستطيع .. خرجت مسرعاً ولا أعلم لماذا لم أعد إلى مسكني.بل أخذت أذرع الشارع .. فجأة تذكرت الشي الذي أعطتني إياه أم أسماء فتحته ... فوجدت قطعة قماش صغيرة مربعة.. وقد نقش عليها بشكل رائع كلمة أحبك وامتزجت بقطرات دم متخثرة .. . يا إلهي .. لقد عرفت سر رغبتها في كتابة هذه الكلمة وعرفت الآن لماذا كانت تخفي يديها في آخر لقاء.. كانت أصابعها تعاني من وخز الإبرة التي كانت تستعملها للخياطة والتطريز.. كانت أصدق كلمة حب في حياتي.. لقد كتبتها بدمها .. بجروحها .. بألمها.. كانت تلك الليلة هي آخر ليلة لي في ذلك الشارع .. فلم أرغب في العودة إليه مرة أخرى.. فهو كما يحمل ذكريات جميلة .. يحمل ذكرى ألم وحزن .. يحمل ذكرى أسمـــــــــــــــــــــــــــــــاء احتفظت بقطعة القماش معي.. وكنت احملها معي في كل مكان أذهب إليه .. وبعدها بشهر.. وأثناء تواجدي في إحدى الدول.. وعند ركوبي لأحد المراكب في البحر الأبيض المتوسط.. أخرجت قطعة القماش من جيبي.. وقررت أن أرميها في البحر ..لا أعلم لماذا ؟؟ ولكن لأنها تحمل أقسى ذكرى في حياتي.. وقبل غروب الشمس.. امتزجت دموعي بدم أسماء بكلمة أحبك.. ورفعت يدي عالياً .. ورميتها في البحر وأخذت أرقبها وهي تختفي عن نظري شيئاً فشيئاً .. ودموعي تسألني لماذا ؟؟ ولكنني كنت لا أملك جواب ؟؟ أسماء سامحيني .. فلم أعد أحتمل الذكرى؟؟ أسماء سامحيني.. فقد حملتني أكبر مما أتحمل؟؟ أسماء سامحيني فأنا لا أستحق الكلمات التي نقشتيها .. أسماء سامحيني..
النهــــــــــايــــــــــــــــــــة

البرواز المكســـــــــــــور.. رسالة إلى كل أم .. تصحو صباحاً .. لتوقظ أطفالها .. فتغسل وجه أمل .. وتجدل ظفائرها.. وتضع فطيرتين في حقيبتها المدرسية ؟؟ وتودعها بابتسامة عريضة ؟؟ ألا تستحق أسماء الحياة؟؟؟ رسالة إلى كل رجل أعمال .. يشتري الحذاء من الشرق أشياء بثمن بخس.. ليبيعه هنا بأضعاف أضعاف ثمنه ؟؟ ألا تستحق أسماء الحياة؟؟ رسالة إلى كل صاحب مستشفى خاص.. هل أصبح هدفكم المتاجرة بأرواح الناس؟؟ ألا تستحق أسماء الحياة؟؟ رسالة إلى كل طبيب في مستشفى حكومي عام.. هل تناسيتم هدفكم النبيل في مساعدة الناس للشفاء من الأمراض بعد إذن الله .. ألا تستحق أسماء الحياة..؟؟ رسالة إلى كل من مر بالشارع الذي تقيم فيه أسماء.. ونظر إلى غرفتهم الخشبية وابتسم .. ألا تستحق أسماء الحياة؟؟
رسالة إلى كل من دفع الملايين .. لشراء أشياء سخيفة .. كنظارة فنانة .. وغيرها الكثير.. ألا تستحق أسماء الحياة ؟؟
رسالة إلى البرواز المكسور..... ألا تستحق أسماء الحياة؟؟ رسالة إلى كل من يقرأ هذه القصة .. ألا تستحق أسماء الحياة ؟؟
رسالة إلى الجميع : أسماء ماتت ؟؟ ولكن هناك آلاف كأسماء.. أعطوهم الفرصة ليعيشوا حياة البشر؟؟

طفلونه الاموره

أبو رائد
17-02-2003, 04:17 PM
قصة .. حزيـــــــنـــــــة .. ومؤثــــــرة








يعطيك العافية طفلووووونة

دمشقية
17-02-2003, 09:11 PM
قصة رائعة جداً يا طفلة المطر وانا اشعر ان من خطها لديه أنامل تستحق الحرير
اتمنى معرفة ما إذا كانت هذه القصة من انتاجك الأدبي او منقوله

لانها تستحق التقدير

وشكراً

Power Speak
18-02-2003, 08:49 AM
حاالتي الحين



نفس الصوره اللي بتوقيع دمشقيه





مشكوره طفله على القصه الحزينه :(

طفلة المطر
26-02-2003, 02:50 AM
العفو كل ابوكم

ومشكورين على الردود

دمشقيه انا قريت القصه وعجبتني وحطيتها يعني مالي دخل


طفلونه الاموره

عــازف الكيبورد
29-01-2005, 12:55 AM
فعلاً قصه مؤثره جداً



والله يعطيك العافيه يا طف طف

طفلة المطر
29-01-2005, 03:17 AM
يعافيك عازف الكيبورد

وتسلم على مرورك

طفلونه