المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموت في أخر الليل _ وليد سيف


أبو زيود
13-02-2003, 12:22 AM
عندما أيقظوني من النوم...
كان القمر

صافياً مثل عين الصبيّة..

حين انثنت كفّها في الوداع الأخير

وكان الشجر

يعبُر الشُرفات الغريبة

كان الزمان

مطراً لاسعاً.. والمكان،

مهرجان..

عندما أيقظوني من النوم..

.. وانغرزت في دمي الخوذة الحاقدة

سألوني عن الغيمة الوافدة

عن الشمس كيف تصير فراشة

والمطر،

حينما يشعل الليل شوقاً

إلى اللغة الواحدة

سألوني عن اسم حبيبي..

وعنوانه..

عن تضاريسه..

عندما أيقظوني من النوم...

كانت رياح الشمال

تستبيح الندى عن رموش حبيبتي..

وكان الخيالُ،

يعبرُ الجرح نحو حدود المحالْ

حيث يلعبُ قطّ مع الفأرِ

والمقصلة،

فجوةٌ نحو دار الحبيب...

وحيثُ عيون الحبيب..

.. انفجارٌ على الواحة الجامدة

عندما أيقظوني من النوم..

كان النهارْ

جمرةً في رماد الخرافة‍‍!

وحريقاً جميلاً وراء الجدار،

كان وجه النهار

فرساً في أغاني الصغار..

وكان حقيبة

ضيّعتها يدٌ في قطار‍!

......

.......

حين أتوني.. وانفتح الباب

كانت أقمارُ الحزن الفضيّة

تنبضُ في القاع

حيثُ عذارى البحر

تضفّرُ إكليلاً من لون الفجر..

وحيثُ حبيبي،

فوق ممرّ البلّور الأخضر

ينقرُ دفّه:

(يا قايله قولي عليه في الحلقة

شواربه خطّ القلم ع الورقة)

كانت فرسٌ ما...

تقفزُ في رؤيا العالم

حين يصيرُ الجمّيز

شجرة الأسطورة والدهشة..

والحزن الغائم

حين أتوني.. وانفتح الباب

فاحت رائحة الأحباب

وتدلّى ثم العنّاب

واقترب البحرُ الواسع مثل عيون حبيبي

كان حبيبي يخطرُ في البال..

وكان

يصعدُ عبر الليل الدمويّ

فوق جسورِ العشبِ الجبليّ..

إلى حيثُ النجمات الحارقة

وحيث الصمت الجارح

كان الحرس اللّيلي..

يتعقّبُ خطوات حبيبي

حين اشتمّ به رائحتي الممنوعة

ورأى اسمي وشماً..

زيّن كفّه.

وحبيبي فوق ممرّ البلّور الأخضر..

.. ينقرُ دفّه:

(يا قايله قولي عليه وشدّي الخلق

وتجمّلي يا دار، خيّالك مرق)

يصبح للأشياء

طعم الفاجعة المرّة

والمطرُ اللاذع والخضرة

كابوسٌ يكتمُ أنفاسُ رجال الشرطة

ويحاصرهم بوجوه الموتى..

حين تصير طيوراً وحشيّة

تتكاثر في كلّ دقيقة

وتجوس الطرقات السريّة


حين أتوني..

وانفتح الباب على مصراعيه

كان الثلجُ الأوّل..

والأفراسُ البريّةُ

تملأ صدري

واندفع حبيبي بين الأشجار الملتفّة

خلف فراشة

وامتلأ رصيف البحر

..بأقدام البحّارة والأطفال

والأمسية غدت دافئة وحميمة

مثل حكايات الجدّات

حين أتوني

كان العالم يركض في دورته اليوميّة.

وحنينٌ نحو حبيبي

يغرقني برذاذ الضوء...

وينذرني بالموت القادم

وصهيلُ حصان دمويّ

يأتي من كلّ الشرفات..

ويتركُ فيّ

طعم الشوك البريّ.

وطعم حريقٍ فاتر

حين أتوني..

واشتعلت في أنفي

رائحة العشب الساخن

(زلقت رجل حبيبي عن درج الدار

ووقعت أنا

"برحم" بالحزن حمامُ الجار.

وأجبتُ أنا

صبّت في قلبي كلّ الأنهار

وبكيتُ أنا)....

حين استيقظت من النوم الباهت

وأطلّت عبر الليل

وجوههم القاحلة الجدباء

(مثل صحارى فقدت معنى اللون..

ومعنى الماء‍ !

وأطلّت سُتراتهم الخشنة

كقلوب رجال الشرطة والحرس اللّيليّ

كانت خضرة

تولدُ في رأسي..

وعلى كفيّها نجمة دمْ.

كي أصبح بعد قليل

غصناً في هذي الغابة

(الممتدة من نهر الأردن

إلى غرناطة)

عبر عيون الأطفال..

وعبر حدود الأسطورة

حين أتوني

واستيقظت من النوم.

كانت كلّ نساء الدنيا أمّي

وامرأتي..

وانفلتت كلّ الأشياء

في صدر الكون المفتوح

كجرح حبيبي

صارت رمزاً في بحر النار

حيث اللغة الصافية العذراء

تتوالدُ كالحزن الوحشي

كان حبيبي في تلك الساعة

يشبه وجه الوطن...

حين امتدّت في كلّ جهات الدنيا

.. أذرع خضرة

تترقّب يقظتي الأخرى

.. بين يديها

مبتلاّ برذاذ البحر

ملتهباً بالرائحة المرّة

حين أتوني...

واقتادوني في تلك الليلة

كان القمر الريفيّ

مكتملاً مثل جبين حبيبي

وحنينٌ نحو حبيبي يُشعلني..

ينذرني بالموت القادم

يمطرُني برذاذ الشهوة

وأنا أزداد فتوةً

حين أداروا ظهري بنذالة

كانت خضرة

تسلخُ عن وجهي

.. أعشاب الزمن البائت

وقباب المدن المأفونة

وعن الجسد الريّان الأخضر

تخلعُ لي أقنعة الصمت الفائت

وبكلّ فتون العزم العاشق

كشفت لي كلّ الأسرار

سقطت جمرة

واشتعلت في صحن الدار

حين أداروا ظهري..

وقبيل مروق النار

كنتُ هنالك أدخلُ فيها

عبر تضاريس الجسد الفائر

أتوحّدُ فيها...

دون هويّة أسفار.

وليد سيف

(من مواليد 1948)

شاعر وكاتب قصة قصيرة وكاتب دراما ومؤلف مسرحي وناقد وباحث مرموق، يعيش في عمان.

ولد وليد سيف في طولكرم في الضفة الغربية وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة والأدب من الجامعة الأردنية؛ كما حصل على شهادة الدكتوراه في اللغويات من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن عام 1975.

وقد عمل بعد هذا التاريخ محاضراً في قسم اللغة العربية في الجامعة الأردنية مدة ثلاث سنوات قبل أن يترك القسم ليعمل في كاتباً متفرغاً للدراما التلفزيونية.

عمل منذ عام 1987 مديراً للإنتاج التعليمي في جامعة القدس المفتوحة التي ساعد في إعداد برامجها التحضيرية.

وتنهل الدراما التلفزيونية التي يكتبها من التراث العربي الشديد الغنى، وهو يكتب أيضاً مسرحيات ومقالات تتناول المأساة الراهنة التي يعانيها الشعب الفلسطيني.

كتب عملاً بعنوان "الدرب الطويل"، وهو دراما تلفزيونية مسلسلة تحكي حياة أجيال متعددة لعائلة فلاحية فلسطينية.

يلفت شعر وليد سيف الانتباه بجدة موضوعه الشعري وأصالة تناوله، ويعترف الكثير من الشعراء في الأردن بتأثير شعره عليهم.

نشر حتى الآن ثلاث مجموعات شعرية: "قصائد في زمن الفتح" (1969) و"وشم على ذراع خضرة" (1971)، و"تغريبة بني فلسطين" (1980).

ابو بندر الثقفي
15-02-2003, 01:59 AM
ونتمنى المزيد


ولك تحياتي

وكل عام وانت بخير

الملك
19-02-2003, 02:49 PM
الله يعطيك الف عااااافيه


...
..
.
.
..
...


ننتظر مشاركاتك