المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصيحة اخويه


أبوعمر الهمداني
04-11-2007, 02:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
كثر في هذا العصر الكلام والجدال والمناظرة والمباحثة والحوار في كثير من المسائل خلاف ما كان عليه الأمر في عهد النبي والصحابة رضي الله عنهم من بعده ، وهكذا كلما بعد الأمر عن عهد النبوة كثر الكلام وقلت البركة وعم الجهل والهوى كما ذكر الحافظ ابن رجب _ رحمه الله _ في رسالته ( فضل علم السلف ) ولهذا أسباب كثيرة منها :
1 – الجهل وذلك أن العلم يجمع أقوال أهله في الجملة وكلما كثر الجهل كثر الخلاف لعدم وجود أمر مشترك يمكن الرجوع إليه وهذا الجهل يشمل :
أ – الجهل بالمسألة العلمية وعدم الإلمام بها إلماماً كاملاً يتصورها تصوراً حقيقياً وشرعياً موافقاً لواقع الحال وبجمع الأقوال والأدلة وتحريرها ، ومعرفة المصطلحات الخاصة وإدراكها وفهمها فهم مدرك متخصص .
ب – الجهل بطريقة المناظرة وشروطها وآدابها وقواعدها .
ج – الجهل بالمصالح والمفاسد الواجب مراعاتها في الكلام على المسائل العلمية ، والمقاصد الشرعية التي يجب النظر فيها ، وما يسوغ الكلام فيه وما لا يسوغ والأماكن التي يمكن طرح المسائل فيها ومعرفة أحوال المخاطبين والقراء ، والعواقب التي يمكن أن تنتج عن الكلام فيها وغير ذلك مما يعرفه أهل العلم ويراعونه حال الدرس أو التأليف أو غير ذلك .
2 – إعجاب كل ذي رأي برأيه والتعالم المذموم .
3 – الهوى وحظوظ النفس من الكبر والحسد والرغبة في الانتصار والمدح والثناء .
4 – الفراغ وعدم معرفة قيمة الوقت والعمر القصير الذي يعيشه المرء ثم ينتقل إلى دار أخرى .
5 – البعد عن منهج السلف في التعامل مع مسائل العلم وقلة الاطلاع في سيرهم وتراجمهم وكيف كانوا يتعاملون بالنظر إلى المسائل وبالنظر إلى المناظر .
6 – قلة التتلمذ على أهل العلم وحضور دروسهم مدة طويلة والتأدب بآدابهم ، والتتلمذ على الأصاغر والتلقي عنهم .
7 – قلة خشية الله والخوف منه وعدم استحضار الوقوف بين يديه وسؤاله عن منطقه ولفظه .
8 – التعصب والتقليد المذموم للشيوخ واتباع زلاتهم حتى وإن تبين الخطأ فيما قالوه .
9 – التأثر بالجلساء والقرناء والخوف من الوقوع في عرضه بالذم لكونه يخالف في هذه المسألة قول شيوخهم أو قول طائفتهم .
10 – الاعتماد على العقول والرأي والظن في تقرير مسائل العلم وحب الفلسفة وإظهار الذكاء والتميز بفهم ما لا يفهمه سائر الخلق .
11 – سوء الظن بالمخالف وتصنيفه والحكم على مقصده ومراده دون النظر في صحة كلامه وموافقته للحق أو لا .
12 – الظروف السياسية والفكرية في بلاد المسلمين والتي نتج عنها ضرب قلوب المسلمين بعضهم ببعض وتفرق كلمتهم وتشتت آرائهم .
13 – طبائع النفس البشرية من الحدة والغضب والشراسة والعجلة ، ودخول هذه الصفات في حال الحوار وعدم قدرة المتكلم على التخلص منها .

وقد تكلم أهل العلم كثيراً عن طرق الحوار والمناظرة والمباحثة سواء في كتب الجدل أو كتب أصول الفقه أو كتب السلوك أو غيرها من الكتب ، وليس الأمر مشكلاً في مناظرة أهل الأهواء والبدع ولا في المناظرة في المسائل القطعية اليقينية أو المسائل التي وردت بحقها نصوص صريحة ظاهرة ، وإنما يقع الإشكال كثيرا ً في المناظرة بين أهل السنة في المسائل الاجتهادية الظنية التي تختلف فيها الآراء والعقول فهي أدعى لكثرة الخلاف لما جبل الله عليه الخلق من اختلاف في عقولهم وفهومهم وأذواقهم وأمزجتهم وطبائعهم ولهذا أمثلة كثيرة يكثر الخوض فيها من سنوات في المنتديات والمجالس والدروس والمحاضرات العامة والخاصة ومنها :
1 – الكلام على الجماعات والشخصيات والكتب وكيفية التعامل معها .
2 – الكلام على فقه الواقع والسياسة .
3 – الكلام على منهجية طلب العلم .
4 – الكلام على التعامل مع الحكام .
5 – الكلام على مسائل الجهاد والحكم عليها في بعض البلدان .
وغير ذلك من المسائل .
ولذا فإني أذكر نفسي وإخواني ببعض الأمور التي يحسن بالمسلم مراعاتها حال الحوار والمباحثة والمناظرة في هذا النوع من المسائل :
1 – يجب أن تتقي الله فيما تنطق به وتستحضر الوقوف بين يدي الله وسؤالك عن كلامك وتخيل نفسك وأنت في سكرات الموت وسئلت عن تلك المسألة هل ستجيب بهذا الجواب أو بغيره أو ستسكت فما كان ذاك جوابك فاجعله هنا فالزمن بينهما قريب والموعد واحد .
2 – التفريق بين المسائل القطعية والظنية فما كان يسوغ فيه الخلاف فليسعك وليسع غيرك فلا تلزم غيرك برأيك فما كان راجحاً عندك لا يلزم أن يكون راجحاً عند غيرك ، ولا ينبغي عند معرفة ذلك أن تكون طريقة الطرح لمسألة اجتهادية كمسألة قطعية فإن القراء طبقات مختلفة وربما قلل من شأنك عند العارفين وطلبة العلم أنك تطرح بهذا الشكل وبقوة وكأنها من المسلمات وهي مسألة ظنية اجتهادية ربما لم يرد فيها نصٌ أصلاً .
يقول الإمام أحمد رحمه الله : ( من أفتى الناس ليس ينبغي أن يحمل الناس على مذهبه ويشدد عليهم ) .
3 – حسن الظن بالمتكلم والبعد عن التصنيف المذموم المبني على الظن ، ويقع هذا كثيراً حين يرجح أحد مسألة أو يذكر شخصاً معيناً أو غير ذلك من القرائن التي توجب الحكم المباشر على المتكلم بأنه ينتمي لطائفة كذا وربما كان هذا سبباً في رد كل ما نطق به وغن كان حقاً فمجرد ذكر اسم معين أو كتاب معين تغيرت قوة الاستقبال عند القاريء فأصبح حذراً ويدقق عند كل كلمة ويقلبها ثم يلحقها بالحكم بناء على ما سبق وهكذا ، ولا يقف الأمر عند ذلك الموضوع فحسب بل يستمر في كل موضوعات ذلك الشخص فهو الآن عنده موضع شك في كل ما يطرحه وكأنه أمام يهودي أو نصراني أو رافضي .
4 – البعد عن ذكر الشخصيات أو الكتب أو غيرهما مما يظن الكاتب أنه يوقع في مفسدة أو يكون سبباً في رد ما جاء به من حق وليحرص على الأخذ من أعلى ما أمكن والنقل عن الأشخاص والكتب المتفق عليها والمسلم بها فالقصد هو المسألة والفكرة لا ربطها بأي شخص كان ، والعاقل لا يفسد ما يذكره من مسائل العلم بما يظنه سبباً لذلك ، ونحن حينما نناظر أشعرياً مثلاً يبغض ابن تيمية فلا يلزم أن أذكر ابن تيمية في الكلام وربما أنقل كلامه نصاً أو معنى فيقبل به ، ونحن نعلم أن هناك من الشخصيات الكثيرة في هذا العصر التي لها محبون ولها مبغضون لاسيما في المنتديات المفتوحة التي يدخلها القراء من بلاد مختلفة .
5 – راجع نفسك دوما في هذه المسائل فربما تكون طوال هذه السنوات مخطئاً والمرء يزداد مع طول الوقت عقلاً وعلماً مما يكون سبباً لنظرة أضبط وأتقن وأوسع ، والظروف تختلف والأعراف والمصالح والمفاسد والسياسات كل هذا يتغير وكثير من المسائل الاجتهادية تتبع هذه التغيرات فلا يبقى المرء نائماً على قوله الاجتهادي عشرات السنوات ومتصلباً له .
6 – انظر إلى أقوال المخالفين لما تراه واقرأ في كتبهم قراءة طالب للحق وتفحص المسألة واجمع فيها ولا تستعجل فلست مسئولاً عند الله ولا عند الناس أن تصدر رأيك فيها وأنت لم تصل إلى قول فاصل وجاء عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال : ( إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة ، فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن ) وقال أيضاً : ( ربما وردت عليَّ المسألة فأفكر فيها ليالي ) ، ثم لو وصلت إليه فلا يمنعك تصريحك به أن ترجع إن تبين لك خلافه .
7 – ينبغي أن تكثر السؤال والاستشارة في مثل هذه المسائل ولا تصدر فيها برأيك فهو أبعد عن الخطأ وأسلم لدين المرء وقد كان عمر يجمع لما ينزل به كبار الصحابة وفقهائهم فيستشريهم في الأمر ولذا وضع العقلاء هذه المؤسسات العلمية كهيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية وغيرها لا لقلة علم أعضائها ولكن للبعد عن الخطأ والزلل قدر الإمكان .
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله معلقاً على أهمية ذلك : ( ثم يذكر المسألة ـ أي المفتي ـ لمن بحضرته ممن يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم في الجواب ، ويسأل كل واحد منهم عما عنده ، فإن في ذلك بركة واقتداء بالسلف الصالح ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ) ، وشاور النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع وأشياء وأمر بالمشاورة ، وكانت الصحابة تشاور في الفتاوى والأحكام ) الفقيه والمتفقه ( 2 / 390 )
8 – ينبغي أن تطلب الله عز وجل دوما الهداية للحق والسداد في كل أمورك في صلاتك وفي قيامك وقعودك ودخولك وخروجك .
يقول ابن القيم رحمه الله : ( ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به المسألة أن ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا العلمي المجرد إلى ملهم الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه الصواب ويفتح له طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة ، فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق ، وما أجدر من أمّل فضل ربه أن لا يحرمه إياه ، فإذا وجد في قلبه هذه الهمة فهي طلائع بشرى التوفيق، فعليه أن يوجه وجهه ويحدق نظره إلى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد وهو النصوص من القرآن والسنة وآثار الصحابة ، فيستفرغ وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها ، فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه عليه بادر إلى التوبة والاستغفار والإكثار من ذكر الله ، فإن العلم نور الله يقذفه في قلب عبده ، والهوى والمعصية رياح عاصفة تطفئ لك النور أو تكاد ولا بد أن تضعفه ، وشهدتُ شيخ الإسلام ـ ابن تيمية ـ قدس الله روحه إذا أعيته المسائل واستصعب عليه ، فرّ منها إلى التوبة والاستغفار و الاستغاثة بالله واللجوء إليه ، واستنزال الصواب من عنده والاستفتاح من خزائن رحمته ، فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مداً ، وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ ) أعلام الموقعين ( 4 / 131 – 132 )

هذه بعض الأمور التي أحببت أن أذكر بها نفسي وإخواني وكنت أحب كتابتها منذ زمن فاختصرت ما كنت أريد كتابته بهذه الأمور وإلا فالموضوع طويل وهي لا تخص موضوعاً معيناً او شخصاً معيناً في هذا الموقع وأبرأ إلى الله من ذلك ، وأعرف أنها اجتهاد قابل للصواب والخطأ فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وأسأل الله العفو والغفران .
والله أعلم

اخوكم / ابوعمر الهمداني

حنين
04-11-2007, 05:45 PM
http://www.alraidiah.com/vb/uploaded/mals.gif



3 – حسن الظن بالمتكلم والبعد عن التصنيف المذموم المبني على الظن

8 – ينبغي أن تطلب الله عز وجل دوما الهداية للحق والسداد في كل أمورك في صلاتك وفي قيامك وقعودك ودخولك وخروجك .

جزاك الله خير على هالنصائح الرائعه






http://www.alraidiah.com/vb/uploaded/mals2.gif

نجمة السهيل
04-11-2007, 05:48 PM
مشكور ابو عمير على النصائح

دمت بخير
نجمة السهيل

جومارو
06-11-2007, 01:06 PM
سلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم والله

أبوعمر الهمداني
30-08-2008, 11:18 PM
بارك الله فيكم

ونفع بكم الامة

أبو الوليد
01-09-2008, 01:25 PM
http://www.alraidiah.org/up/up/19626102320071128.gif





موضوع قيم ومفيد




بارك الله فيك وفي نقلك



سلمت يمناك ، وجعل الله ما كتبته في ميزان حسناتك


لا حرمك الله الأجر والثواب ولا حرمنا النفع والفائدة


بانتظار الجديد من مواضيعك المفيدة



اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما


اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه واجعلنا فيه من المقبولين .


:101:~~ وفقك الباري ~~:101:

http://www.alraidiah.org/up/up/19626104920071128.gif

:101: .. .. ومضـــــــــــــــــــــة .. .. :101:

• دافع الخطرة ,فإن لم تفعل صارت فكرة.
فدافع الفكرة, فإن لم تفعل صارت شهوة. فحاربها,
فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة, فإن لم تدافعها صارت فعلا,
فإن لم تتداركه بضدّه صارت عادة فيصعب عليك الانتقال عنها.

آكاي
01-09-2008, 02:53 PM
الله يجرك خير على هالدرر

واسئل الله ان ينفعنا بها

كثر الله من امثالك يا بو عمر

للحديث بقيهـ
02-09-2008, 01:17 AM
جزاك الله خير ابوعمر

منحوسه
06-09-2009, 11:40 AM
جزاااك الله الف خير وجعله بمووازين حسنااتك
مووضع حلووو سلمت يداااكـ
ننتظر جديدكـ

تقبل مرووري..

فللك
06-09-2009, 12:23 PM
بارك الله لك

موضوع رائع

فللك
06-09-2009, 12:24 PM
جزاك الله خيرا

موضوع رائع

عسوووووووووووله
06-09-2009, 02:35 PM
راجع نفسك دوما في هذه المسائل فربما تكون طوال هذه السنوات مخطئاً

والمرء يزداد مع طول الوقت عقلاً وعلماً مما يكون سبباً لنظرة أضبط وأتقن وأوسع والظروف تختلف


جزاك الله خيرا على النصيحه

امور يجب علينا مراعتها . . . وياكثر حاجتنا لها ولتطبيقها

بارك الله فيك اخوى أبوعمر الهمداني