المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( مصعب ابن عمير من الترف إلى الشظف)


مشعل الشمري
13-06-2004, 11:10 PM
( مصعب ابن عمير من الترف إلى الشظف)
كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - أول سفير يبعث من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ليعلم أهلها الإسلام ويدعوهم إلى الإيمان.
يروي ابن إسحاق أنه بعد بيعة العقبة الأولى، وانصراف الأنصار، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين فعن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: "أول من قدم علينا مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، وكانوا يقرئُون الناس، فقدم علينا بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر ابن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي( ص) ، ثم قدم النبي( ص) ، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قدم حتى قرأت: "سبح اسم ربك الأعلى" .. في سور من المفصل (1).
ونزل مصعب على أسعد بن زراره، فكان يُسمى بالمدينة المقرئ، وكان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمّوا بعضاً رضي الله عنهم أجمعين ..

نموذج لصدق الداعية وحكمته

===================
عن ابن إسحاق أن أسعد بن زراره خرج بمصعب بن عمير، يريد به دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر، وكان سعد بن معاذ ابن خالة أسعد بن زرارة، فدخل به حائطاً من حوائط بني ظفر، على بئر يقال له: بئر مرق، فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجال ممن أسلموا، وسعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، وكلاهما مشرك على دين قومه، فلما سمعا به، قال سعد لأسيد، لا أبالك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا؛ ليسفها ضعفاءنا فازجرهما، وانههما أن يأتيا دارينا، فإنه لولا أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت، كفيتك ذلك، هو ابن خالتي، ولا أجد عليه مقدماً.
قال فأخذ أسيد بن حضير حربته، ثم أقبل إليهما، فلما رآه أسعد بن زرارة، قال لمصعب: هذا سيد قومه، وقد جاءك، فاصدق الله فيه، قال مصعب: إن يجلس أكلمه.
قال: فوقف عليهما متشتماً، فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة. وقال موسى بن عقبة: فقال له غلام: أتيتنا في دارنا بهذا الغريب الطريد، ليتسفه ضعفاءنا بالباطل، ويدعوهم إليه. فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمراً قبلته، وإن كرهته كُفّ عنك ما تكره؟
قال: أنصفت، قال: ثم ركز حربته، وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالإسلام، وقرأ عليه القرآن، قالا فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم، في إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر، وتطهر ثوبك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي، فقام فاغتسل، وطهر ثوبيه، وتشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما، لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن. سعد بن معاذ. ثم أخذ حربته، وانصرف إلى سعد وقومه، وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد ابن معاذ مقبلاً. قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد: ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأساً، وقد نهيتهما، فقالا: نفعل ما أحببت، وقد حدثت أن بني حارثة، خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك. قال: فقام سعد بن معاذ مغضباً مبادراً مخوفاً، للذي ذكر له من بني حارثة، وأخذ الحربة في يده، ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئاً، ثم خرج إليهما سعد، فلما رآهما مطمئنين، عرف أن أسيداً إنما أراد أن يسمع منهما، فوقف متشتماً، ثم قال لأسعد بن زرارة: والله يا أبا أمامة، والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت "بلغت" هذا مني، أتغشانا في دارنا بما نكره؟ قال: وقد قال أسعد لمصعب: جاءك والله سيد من ورائه قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان. قال: فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع، فإن رضيت أمراً رغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة، وجلس فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن.
وذكر موسى بن عقبة: أنه قرأ عليه أول الزخرف. قال: فعرفنا والله في وجهه الإسلام، قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم، ودخلتم في هذا الدين؟ قالا تغتسل فتطهر، وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي ركعتين. قال: فقام فاغتسل، وطهر ثوبيه، وشهد شهادة الحق، ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته، فأقبل عائداً إلى نادي قومه، ومعه أسيد بن حضير. فلما رآه قومه مقبلاً قالوا: نحلف بالله، لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم، قالوا: سيدنا وأفضلنا رأياً، وأيمننا نقيبه، قال فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام، حتى تؤمنوا بالله ورسوله.
قال: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة، ورجع سعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة، فأقاما عنده يدعوان الناس إلى الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار، إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد، وخطمة، ووائل، وواقف، وتلك أوس وهم من الأوس بن حارثة، وذلك أنهم كان فيهم أبو قيس بن الأسلت، وكان شاعراً قائداً لهم، يستمعون منه ويطيعونه، فوقف بهم عن الإسلام حتى كان بعد الخندق(2).
الدروس والعبر

============
مصعب بن عمير نموذج للداعية المخلص الصادق الذي تفتقر إليه مجتمعاتنا التي ملئت بدعاة فقراء من كل مقومات الداعية الناجح، ومن حياته نستخلص بعض الدروس والعبر وفي مقدمتها:

1- بالإخلاص والتضحية تنتشر الدعوات
:إن إخلاص الداعية وصدقه، وحبه لدعوته وشغفه بها وتضحيته العزيزة الغالية في سبيلها لهما من أهم عوامل النجاح، وإقبال الناس على دعوته.
وما أقبل الناس على الإسلام في صدره الأول، ودخلوا فيه أفواجاً إلا لتضحيات الصحابة والتابعين بكل غال ورخيص في سبيل تبليغ دعوتهم.
وما انصرف الناس عن الإسلام، وما ضعف ووهن في قلوب معتنقيه، إلا بإخلاد دعاته إلى الراحة والدعة، والإقبال على الترف الزائد، والنعيم المترف، الذي أقعدهم عن تحمل الصعاب، وحال بينهم وبين تكبد المشاق، وأفقدهم صدق كلماتهم عن الجهاد والتضحية، فلم تجد آذاناً صاغية، ولا قلوباً واعية..
2- ولعل هذا هو السر في إقبال الناس على كل داعية مخلص في عصرنا
وكل عصر، وكيف لا وليس لهم من زاد في دعوتهم التي ينطلقون بها، إلا الإخلاص والوفاء والصدق والتضحية الغالية، التي لا تقف عند حد.
إن صدى الكلمات المخلصة الصادقة يجوب الأرجاء ويعم الأنحاء، حتى إنه ليصل إلى كل مكان على سطح المعمورة قال تعالى: ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (التوبة:32).
2- نبع القلب يفيض على القلوب:

إن الدعوة النابعة من القلب تجد طريقها إلى قلوب الناس ميسرة، وقد قال ابن عطاء: "كل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه برز". إن لهذه الجملة من حكم ابن عطاء، لدلالات يجب أن يفطن لها الدعاة إلى الله الذين يرشدون الخلق إلى خالقهم، ويعرفونهم على طريق الهدى، الذي جاءنا به الرسول ص، وليعلم هؤلاء الدعاة أنهم بقدر ما يتمكن الإيمان في قلوبهم بقدر ما يكون تأثير حديثهم في هداية الناس وإرشادهم، ولقد جاء في الحكم أيضاً: "تسبق أنوار الحكماء أقوالهم، فحيثما صار التنوير وصل التعبير". وعلامة الكلام الذي يسبقه التنوير، تأثيره في القلوب وتهييجه الأرواح، وتشويقه الأسرار، فإذا سمعه الغافل تنبه، وإذا سمعه العاصي انزجر، وإذا سمعه الطائع زاد نشاطه، وعظم شوقه، وإذا سمعه السائر طوى عنه تعب سيره، وإذا سمعه الواصل تمكن من حاله، فالكلام صفة المتكلم، فإذا كان المتكلم ذا تنوير وقع في قلوب السامعين، وإذا كان ذا تكدير فَحَدُّ كلامه آذان المستمعين، فكل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه برز، لذلك قال سيدنا علي كرم الله وجهه: "من تكلم عرفناه من ساعته، ومن لم يتكلم عرفناه من يومه".
3- الحلم والصفح:
على الداعية أن يقبل السيئة بالإحسان، وأن يكون متصفاً بالحلم والصفح، وأن يعلم أن الطريق لكسب القلوب المعادية للدعوة إنما يكون بالإحسان إلى من أساء، وتذكُّر قول الله تعالى دائماً: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (فصلت:34).
ألا ترى إلى مصعب وقد جاءه أسيد، ثم سعد، وكل منهما وقف عليه متشتماً، فما غضب ولا ثار ولا تأثر، ولكنه رد عليهم الرد الجميل، وهدأ من غضبهم، حتى أجلسهم للاستماع للحق الذي يغزو القلوب، ويأسرها حين تتجرد، وتسمعه من قلب صادق متجرد .. ألا تسمع لقول أسعد لمصعب: "هذا سيد قومه وقد جاءك فاصدق الله فيه"؟
4- إشراقة الإيمان تظهر في الوجه:
الإيمان حين يتسرب إلى القلوب وتتشربه الأفئدة تبدو آثاره منذ اللحظة الأولى على محيا صاحبه؛ ألا تتأمل في قوله: "والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله .. وحين نظر سعد بن معاذ إلى أسيد وقد أقبل يكسو نور الإيمان وجهه، فقال سعد: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم..
وهذا الأمر نفسه يتكرر مع سعد بن معاذ حين يؤمن .. نعم شتان بين وجه مظلم بظلمة قلب صاحبه لكفره أو لاستغراقه في المعاصي، ووجه مضيء منير بقلب صاحبه الذي مُليء بنور الإيمان والطاعة .. فالوجه مرآة: إما أن تعكس نور القلب وسناه، وإما أن تعكس ظلمته وقسوته.
وما أجمل قول الشاعر: تريك أعينهم ما في صدورهم إن العيون يؤدّي سرَّها النظر وقال الحكماء: العينان أنمّ من اللسان. وقال بعض البلغاء: الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا (4).

5- أثر السيد في قومه عظيم:
إن الرجل الذي يكون سيداً في قومه تتطلع إليه الأنظار، ويكون قدوة لمن خلفه من الأتباع، ومن ثم تكون كلمته فيهم مسموعة، وأثره فيهم كبيراً، وهو إما أن يقودهم إلى الحق، ويرشدهم إلى الخير، أو يحول بينهم وبين الهداية، فسعد بن معاذ رضي الله عنه حين يشرق الإيمان على فؤاده، ويحل نور الإسلام في قلبه، يتوجه إلى قومه، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً ومسلمة .. بينما أبو قيس بن الأسلت، يحول بين قومه وبين نور الهداية سنين، ولله في خلقه شؤون.. إن هذا يجعل المسلم الداعية يحرص على أن يتوجه بدعوته أيضاً إلى كبار القوم، ولا ييأس من أن يهدي الله منهم رجلاً واحداً فيهدي الله به خلقاً كثيراً، فيعظم الأجر، ويعم النفع والخير.

وشكراااااااااااااااااا

اخوكم

مشعل الشمري

برق الشمال
14-06-2004, 12:48 AM
الله يجزاك الف خير اخوي مشعل


تحياتي لك

مشعل الشمري
16-06-2004, 11:20 PM
الاخ برق الشمال


الف الف الف الف شكرررر انك رديت على موضوعي


الموضوع حاطه صارلي مده مدري خاف ما عجبكم ولا شيء



اشوف محد رد علي؟؟؟؟؟؟؟؟


ويعطيكم العافيه على العموم

اخوك

مشعل الشمري