المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين الفرقة والوحدة


سامي العتيبي
05-08-2009, 07:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين كالمبتدعة والمشركين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له إله الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه أجمعين
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد
يقول تعالى(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُون) قال الحافظ ابن كثير والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفًا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه { وَكَانُوا شِيَعًا } أي: فرقًا كأهل الملل والنحل -وهي الأهواء والضلالات -فالله قد بَرَّأ رسوله مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ] الآية[الشورى :13] ، وفي الحديث: "نحن معاشر الأنبياء أولاد عَلات، ديننا واحد".
فهذا هو الصراط المستقيم، وهو ما جاءت به الرسل، من عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات وآراء وأهواء، الرسل بُرآء منها، كما قال: { لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }اهـ

أيها الإخوة لقد جاء دين الإسلام بشرائع متكاملة لا نقص فيه قال - عز وجل - (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِْنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) قال العلامة السعدي - رحمه الله - (يخبر الله تعالى عن عظمة القرآن، وجلالته، وعمومه، وأنه صرف فيه من كل مثل، أي: من كل طريق موصل إلى العلوم النافعة، والسعادة الأبدية، وكل طريق يعصم من الشر والهلاك، ففيه أمثال الحلال والحرام، وجزاء الأعمال، والترغيب والترهيب، والأخبار الصادقة النافعة للقلوب، اعتقادا، وطمأنينة، ونورا، وهذا مما يوجب التسليم لهذا القرآن وتلقيه بالانقياد والطاعة، وعدم المنازعة له في أمر من الأمور، ومع ذلك، كان كثير من الناس يجادلون في الحق بعد ما تبين، ويجادلون بالباطل { لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } ولهذا قال: { وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا } أي: مجادلة ومنازعة فيه، مع أن ذلك، غير لائق بهم، ولا عدل منهم، والذي أوجب له ذلك وعدم الإيمان بالله، إنما هو الظلم والعناد، لا لقصور في بيانه وحجته، وبرهانه، وإلا فلو جاءهم العذاب، وجاءهم ما جاء قبلهم، لم تكن هذه حالهم...).اهـ
وإن مما يلاحظ ويدمي قلب كل مسلم غيور هذا التناحر الذي ظهر بين أهل الخير وتفرقهم لجمعات وتمسك كل حزب بجانب من الدين وترك الآخر (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ )قال العز ابن عبد السلام - رحمه الله - (أُوْلِى الأَمْرِ : العلماء ، أو الأمراء ، أو أمراء السرايا )اهـ.
تجد ثلة من الناس يتخاصمون في أمر لو طاروا بهذا الأمر للعلماء لوجدوا ما يشفي الصدور ولكن كل منهم رأى أنه هو العالم الرباني وغيره المنافق الشيطاني.
السؤال الكبير الذي يجب أن نعي جوابه هو ما هو سبب الخلاف أو التحزب الذي ظهر بين المسلمين ؟
الجواب قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )
قال القطان في تفسيره { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بالسوء والفحشآء } فهو يزين لكم ماهو سيء في ذاته ، وتسلط عليكم كأنه آمر مطاع يدفعكم لأن تفعلوا ما يسوؤكم في دنياكم ويخرب عليكم آخرتكم . وهو يأمركم ان تقولوا على الله في دينه ما لا تعلمون ، فتحرّمون ما أباح الله ، وتحللون ما حرّم . وفي ذلك كله اعتداء على حق الربوبية بالتشريع ، وهذا اقبح ما يأمر به الشيطان )اهـ.

فالشهوات والقول على الله بلا علم من سبل الشيطان فإذا علم هذا فترك الشهوات وعدم الإقتراب منها والقول بدين الله بعلم من أعظم سبل القضاء على التفرقة.
أيها الإخوة إن الأخذ من كتاب الله وسنة رسول الله والعمل من أجل رضا الله هو سبيل وحدة المسلمين .
إن العقيدة الصحيحة المستمدة من قال الله وما صح من السنة هي سبيلنا للرقي والتقدم لا التشرذم والتناحر.
لا يمكن للمسلمين أن يتقدموا إلا إذا صحت العقيدة وتوحدت قلوبهم حول كلمة لاإله إلا الله محمد رسول الله يصحب ذلك عقل سليم وأناس مخلصين عندها يمكن القول أننا بدأنا نتقدم .
هذه مقومات التقدم والمسلمين اليوم بين مكثر منها ومقل.
إن هذا الموضوع طويل ولا يمكن الإحاطة به بكتابة بعض الأسطر ولكن هذا ماتكمنت من تسطيره عسى أن ينتفع الكاتب قبل القارئ وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والحمدلله رب العالمين.

فتى التحفيظ
06-08-2009, 06:18 PM
جزاااااااااك الله خيررررررررررررر.,,