كريم
بسم الله الرحمن الرحيم كريم حتى النهاية مازال أصدقاءه يضحكون عليه ، ويبتزوه ، كلما خرج معهم للرحلة ، أو السوق ، واقتضى المشوار ، بذلا وعطاء، وقد عود نفسه أن لا يقول : لا مطلقا ماحوى جيبه مالا ، إلا أن بطل قصتنا .. قد تعود من جدته العجوز أن تتفقد جيبه ، كلما وجدته فارغا من المصروف ، وضعت له مايغنيه عن الطلب وبسبب مدح زملائه له بالكرم .. يبخل على نفسه ويكرم أصدقاءه بماحوى جيبه من مال جدته العجوز ، واستمر على ذلك زمنا ، وفي يوم من الأيام نسيت العجوز ، وضع ماكانت تضعه بجيبه من نقود . فخرج إلى أصدقائه فدخلوا بوفية للطعام فطلب أصدقاءه فطورا ، وقال أحدهم من يحاسب فقالوا الكريم فلم يعبأ ولم يتذمر لأنه اعتاد أن يدفع عنهم واعتادوا على ابتزازه ، فقال : اطلبوا ماشئتم ، فطلبوا وأكلوا وتركوه بالبوفيه وخرجوا ، فقدم له صاحب البوفيه ورقة الحساب ، فأدخل يده في ذلك الجيب الذى لم يفض قط من مال جدته ، فوجده فارغا ، فقال لعل العجوز ق د أخطأت فوضعت المال في الجيب الثاني ، فأدخل يده فلم يجد شيئا . فاحتار في أمره وجحظت عيناه فنظر إلى زملائه يستنجد بهم فلم ير أحدا منهم .. لقد لاذوا بالفرار ، فنظر إلى صاحب البوفيه ، وقال : لقد نسيت المال . هل تسمح لى آتي به غدا ، فقال : لا أنتم يامعشر الشباب تقولون غدا وتكذبون ، ولاتأتون وقد حدث معي الكثير مثل أشكالك ، لن تغادر المكان حتى تدفع .. أقسم له أنه كريم وليس مثل أولئك ، فقال : صاحب البوفيه لن أقتنع ، فقال الصبى وماهو الحل في رأيك ؟ قال : ابحث لك عن كفيل ، فقال : لا أجد كفيلا .. ولكن خذ هذا الجاكيت حتى أدفع لك ، فقال : لا أريد جا كيتك ولكن بيدك ساعة ذهبية اعطني إياها لحين تدفع لى ، فقال : إنها هدية من أبى وقدمات لاأحب رهنها .. فقال: ليس لك مفر من ذلك ، فدفعها إليه وعاد مسرعا إلى جدته وقال : لها لقد وضعت في موقف محرج ورهنت ساعتى ياجدتى في فطور لى ولأصدقائى فساعدينى ، فأجابته .. يابنى كل مامعى دفعته لك ألم تر؟ أنني تركت جيبك دون مصروف البارحة .. أما آن لك أن تفتش جيبك قبل خروجك ، وتتأكد قبل كرمك من ميزانيتك .. فقال : وساعة أبى قالت .. هي عزيزة على نفسي ولكن ليس بيدي افتداءها ، كان حري بك أن تحافظ عليها . لا أ ن ترهنها في رغيف خبز ملأت به بطنك .. ولم تفكر في قيمتها التذ كارية ، ورائحة أبيك بها .. ولكن اذهب إلى خالتك وقل لها تعطيك الأمانة التى أعطيتها بالأمس فخذها واستخرج ساعة أبيك . فقبل يدها ورأسها وذهب لخالته فكلّمها بما قالت جدته ، فناولته مائة ريال ، فأخذها وركض مسرعا لصاحب البوفيه وطلب ساعة أبيه ، فقال : له لقد تأخرت وتم بيعها وبقى من قيمتها أربعون ريالا .. إذا أردت أخذها فخذها وليس لك شئ عندى .. فقال : له أنا .. رهنتها بمبلغ زهيد لديك .. لا لتبيعها بل لتحتفظ بها حتى أدفع لك مالك عندي .. فقال صاحب البوفيه : لقد بعتها وكفى .. فقال : الفتى لن أخرج من هنا إلا بساعة أبى وإلا سوف أشكوك لمركز الشرط .. ولما حمى الوطيس بينهما قال : صاحب البوفيه لم أبعها هاهي وإنما أردت اختبار صبرك ، وأين هم أصدقاءك ؟ عندما كنت في مث ل هذا الموقف ؟ ولن تدفع قيمة فطورك وفطورهم ، هل تدري لماذا ؟ قال : لماذا؟ قال : لأن رجلا عندما رآك ترهن ساعتك دفع عنك وعن زملائك وادعى أنه يعرفك ، وأمرني أن أعيدها إليك .. |
الساعة الآن 04:26 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.