عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-2003, 10:18 PM   رقم المشاركة : 2
احسـ العالم ـاس
مشرف سابق
الملف الشخصي







 
الحالة
احسـ العالم ـاس غير متواجد حالياً

 


 

تابع >> حق الشعب ان يعرف

في العصر التلفزيوني الحديث، ازدادت قوة حق الشعب في حضور الإجراءات القضائية بفضل تطبيق السماح لآلات التصوير التلفزيوني في تغطية جلسات المحاكمات وهو ما يزداد انتشاره في الولايات المتحدة. ليس هناك في الوقت الحاضر أي حق دستوري تأخذ به المحاكم الأميركية لوجود آلات التصوير في قاعة المحكمة، ولكن مع ذلك سمحت محاكم عديدة، بصورة روتينية، إما استناداً لقانون وضعته الولاية أو إلى قوانين المحاكم المحلية، لآلات التصوير التلفزيونية بتسجيل وبث جلسات المحاكمات. وهناك بالفعل شبكة تلفزيونية كابلية أميركية تُعرف بإسم "تلفزيون المحكمة" تبث جلسات المحاكمات الفعلية كجزء من برنامج عملها الرئيسي، ساعة بعد ساعة، ويوماً بعد يوم. في الوقت الحاضر، في الولايات المتحدة، يُسمح بحق الوصول هذا بصورة شائعة في محاكم الولايات أكثر مما يُسمح به في المحاكم الفدرالية.



لا تسمح المحكمة العليا الأميركية بوضع آلات تصوير تلفزيونية في قاعة محكمتها، أو بالبث الإذاعي المباشر منها. في السنوات الأخيرة، سجلت المحكمة إجراءاتها على أشرطة صوتية ونشرتها في بداية الدورة التالية من اجتماعاتها عبر دائرة الأرشيف القومي. لكنها بتسريعها لهذا التقليد خلال القضية المثيرة للانتخابات الرئاسية لعام 2000، فقد سمحت المحكمة العليا بالفعل لوسائل الإعلام ببث تسجيل صوتي للدعوى القضائية بكاملها فور انتهائها مباشرة، اعترافاً منها بالاهتمام الشعبي الشديد بالقضية. وهكذا تمكن الأميركيون من الاستماع إلى ما جرى في الجلسة التي دامت حوالي 90 دقيقة، بعد دقائق معدودة فقط من انتهاء الجلسة.



في جميع المحاكم التي يُسمح فيها بوجود آلات تصوير أو مسجلات صوت، يمنح للقضاة عادةً حرية كبيرة في وضع قواعد وإجراءات أساسية لتقليل تأثير آلات التصوير ومسجلات الصوت، ولضمان أن لا يؤدي وجودها إلى تقليل الأهمية الحيوية في تأمين محاكمة عادلة.



على المستوى التشريعي، هناك تقليد طويل الأمد في الولايات المتحدة يتعلق بالمداولات المفتوحة للهيئات التشريعية. لا تضمن الوثائق الدستورية هذا التقليد عادةً، ولكن يُترك أمره إلى حرية رأي الهيئات التشريعية. رغم ذلك، واستناداً إلى تقليد قوي، فإن معظم الإجراءات التشريعية في الكونغرس الأميركي وفي المجالس التشريعية في الولايات مفتوحة أمام الشعب. ومؤخراً، أصبح عرض إجراءات الهيئات التشريعية أمراً مألوفاً وروتينياً على شاشات التلفزيون. في الولايات المتحدة تبث شبكة "سي سبان" بانتظام إجراءات الكونغرس، وبشكل أقل أصبحت تبث إجراءات المجالس التشريعية في الولايات.



استجابةً للإدراك بأن اجتماعات الوكالات الفدرالية، وتلك التابعة للولايات، كما الوكالات المحلية هي غالباً ما تكون أكثر أهمية في الإدارة الفعلية للشؤون العامة من مداولات الهيئات التشريعية بالذات، فقد شرّعت الحكومة الفدرالية، وحكومات ولايات عديدة، قوانين تنص على اجتماعات مفتوحة للوكالات، يُشار إليها غالباً بإسم "قوانين أشعة الشمس".



أصدر الكونغرس في عام 1976 القانون الفدرالي للاجتماعات المفتوحة، عرف بإسم "قانون الحكومة تحت أشعة الشمس". ينص القانون على أن تكون اجتماعات الوكالات الفدرالية مفتوحة أمام الشعب. يُعرف القانون "الاجتماع" على أنه ما يشكل "نصاباً قانونياً" لممارسة الشؤون الحكومية، أي مداولات العدد الأدنى من الموظفين الحكوميين اللازمين للقيام بعمل رسمي باسم الوكالة الحكومية. ويصدر القانون أمراً بلغة صارمة وشاملة على أنه لن يحق للموظفين الحكوميين "ممارسة أو تصريف شؤون أعمال الوكالة بصورة مشتركة" إلاّ في مثل هذه الاجتماعات المفتوحة، وينص أيضاً على وجوب "أن يكون كل جزء من كل اجتماع تعقده أي وكالة حكومية مفتوحاً أمام أعين الشعب."



هناك، كما هو متوقع، استثناءات، تماثل إلى حد كبير ما ينص عليه القانون الفدرالي لحرية المعلومات، وقد صممت لإعفاء الإجراءات المتعلقة بالدفاع القومي أو السياسة الخارجية، والقوانين الداخلية للوكالات، وأسرار المهنة، والتحقيقات المتعلقة بتطبيق القانون، وتنظيم المؤسسات المالية، والخصوصية الفردية، وحالات الكشف التي يكون فيها فرد متهماً رسمياً بجريمة أو بعملية استُعمل فيها العنف.



يُشكّل مفهوم "الاجتماع" أساس قانون أشعة الشمس. يسعى القانون في هذا إلى التمييز بين المداولات الرسمية لاجتماع للوكالة له نصاب قانوني حيث يتوقع اتخاذ قرارات فعلية تؤثر على الشعب، وبين المباحثات الأولية غير الرسمية حول سياسة ما والتي تشكل ضرورة طبيعية لا غنى عنها للحكم. ان الكونغرس، في تعريفه لمعنى "إجتماع" في قانون أشعة الشمس اعترف بعدم إمكانية إجراء العملية الإدارية بكاملها تحت أعين الشعب. فالمباحثات السرية غير الرسمية التي توضح المسائل وتعرض وجهات نظر مختلفة هي جزء ضروري في عمل أي وكالة حكومية. وإضعاف مثل هذه المباحثات قد يَكبت الصراحة بين الموظفين، وقد يعمل بمثابة عائق لتصرف الحكومة دون ان يحقق فائدة عامة مهمة. لذا، يعطي القانون حلاً وسطاً، وبحيث يصبح فاعلاً فقط عندما يقوم النصاب القانوني لاجتماع مكون على الأقل من أعضاء الوكالة بإدارة أو تقرير الشؤون الرسمية لأعمال الوكالة.



ومرة أخرى، تضخمت هذه الصورة القانونية بفعل التلفزيون. ففي جميع أنحاء الولايات المتحدة، تقوم أنظمة التلفزيون الكابلي المحلية، نموذجياً بتخصيص قناة واحدة أو قناتين بشكل كامل لبث مداولات الحكومة المحلية بضمنها اجتماعات مثل جلسات حكومة المدينة أو المقاطعة، واجتماعات مجالس إدارة المدارس، أو مجالس تقسيم المناطق.



* الوصول الى الأماكن العامة

إلى أي مدى، في مجتمع حر، يجب أن يكون للموظفين، من ضمنهم العاملين في وسائل الإعلام، حق قانوني بالوصول إلى مرافق عامة كالسجون أو المدارس التي تديرها الحكومة.



قد يكون أحد الردود على مسألة الوصول إلى أماكن تملكها الحكومة القول ببساطة إن ليس للمواطنين أي حق على الإطلاق بالوصول إلى أملاك الحكومة، لأنها بنهاية الأمر هي ملك للحكومة، ويجب أن يكون للحكومة سلطة إدخال إليها أو استثناء منها أي فرد حسب ما ترغب. رفض القانون الأميركي هذه النظرية وأحلّ محلها مجموعة من المبادئ في التعديل الأول للدستور، وهي تُصنّف تحت عنوان "قانون المنتدى العام". تُعتبر أماكن معيّنة، كالحدائق العامة، والساحات الرئيسية، والشوارع، وأرصفة المشاة "منتديات عامة تقليدية"، مساحات من أملاك الحكومة تحتفظ بها "كأمانة" للشعب. أي أنها أماكن حيث يُحتفظ الشعب فيها بحق التجمع للتعبير والتظاهر السلمي طالما تتم المحافظة على النظام العام. حتى لأبعد من أماكن مثل الحدائق والساحات العامة، اعتُبرت المحاكم الأميركية بأن مرافق أخرى معيّنة، مثل قاعات الاستماع، وغرف الاجتماعات، أو القاعات في المباني العامة الكبيرة يجوز أن تصبح "منتديات عامة" يكون فيها لأي فرد حق التكلم أو الاستماع إلى ما يقال.



لكن لا تُعتبر مؤسسات حكومية كثيرة "أماكن مفتوحة" مناسبة للتعبير، بل هي مؤسسات عمل تُجري الحكومة فيها أعمالها اليومية الروتينية. أنا لا أتحدث هنا عن الشؤون التداولية أو صنع القرارات الحكومية، أو موضوع الوصول إلى الإجراءات الرسمية، مثل المحاكم أو اجتماعات الإدارات الإدارية، بل أتحدث عن الوظائف الأخرى غير التداولية للحكومة كتلك التي تؤديها المستشفيات، أو المدارس، أو السجون الحكومية. لا تُعتبر هذه المؤسسات الأخيرة تقليدياً على أنها "منتديات عامة". ولا يوجد، تقليدياً، أي حق قانوني مُعترف به للمواطنين بدخول هذه المؤسسات ويمكن تقييد الدخول إليها بالذين توّكل إليهم مهمة يجب تنفيذها هناك. من الجائز أن تَستثني المدارس، على سبيل المثال، دخول أيٍ كان إليها ما عدا الطلاب والأساتذة والإداريين وأهالي الطلاب، كما يجوز للمستشفيات أن تستثني دخول أيٍ كان إليها، ما عدا المرضى والجسم الطبي والزائرين الحسني النية. كما يجوز للسجون أن تمنع دخول أيٍ كان إليها ما عدا السجناء وموظفي السجن والمحامين.



رغم ذلك، وبالنسبة لكافة هذه المؤسسات ومؤسسات أخرى عديدة يمكننا تصورها، من المحتمل ان تواجه ضغطاً من جانب المواطنين، بضمنهم العاملين في وسائل الإعلام، للسماح لهم بالدخول إليها بغية مراقبة وربما انتقاد ما يحدث فيها. قد يرغب أفراد من عامة الناس أو من وسائل الإعلام تحرير تقارير حول ادعاءات تتعلق بانتهاكات، أو فساد، أو ظروف حياة مزرية، أو غير ذلك من الأمور غير اللائقة التي تحدث داخل هذه المؤسسات. وبما أنه يتم تمويل هذه المؤسسات من أموال الشعب فالحجة هي أن الشعب له حق معرفة ما يجري بداخلها. وعلى الأقل حتى الوقت الحاضر، لم تُظهر المحاكم الأميركية أنها راغبة بالاعتراف بأي حق دستوري يمكن تطبيقه بصورة عامة يسمح بدخول مثل هذه المؤسسات. ان ما أظهرته بعض المحاكم من رغبة في الاعتراف بهذا الحق كان سببه مبدأ منع التمييز. فإذا مَنَحت مؤسسات بعض الحقوق لدخول أفراد الشعب إليها - مثل دورات زيارات عمومية للسجون مثلاً- فلا تستطيع هذه المؤسسات التمييز ضد وسائل الإعلام، أو ضد مواطنين ينضمّون إلى دورة زيارة لغرض مراقبة وجمع معلومات محتمل استعمالها في انتقاد أسلوب العمل في المؤسسة.



* قيمة الانفتاح

تملك جميع الحكومات في كل مكان وزمان في تاريخ العالم ميلاً متأصلاً للحكم السرّي، جزئياً على الأقل. انها غريزة إنسانية طبيعية وغريزة طبيعية في الحكم. لذلك يجب على مجتمع يرغب جدياً باعتبار الانفتاح على أنه قيمة، أن يضع قواعد تميل قصداً لصالح الانفتاح، على أن تميل أكثر مما يبدو معقولاً في بادئ الأمر، وذلك بغية إبطال النزعة المتأصلة للحكومات في ممارسة السيطرة، والرقابة، والسرّية.



تتحدانا في الأزمان الحديثة تطورات مذهلة في حقل الاتصالات، ثورة تكنولوجية كما كانت المطبعة في حينها، وتطورات تعد بالتغيير في أساليب جمع، وخزن، وتنظيم، وإيصال المعلومات. لكن الدولة الملتزمة بثقافة منفتحة سوف تدافع عن التعبير والضمير الإنساني بكافة أشكال تنوعه الرائع، وسوف تؤمن حماية أساسية لحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية المعتقد، وحرية إنشاء الجمعيات، وحرية التجمع، وحرية الاحتجاج السلمي الجماهيري. لن تمتد هذه الحريات إلى النقاش السياسي فحسب بل وأيضاً إلى المدى اللانهائي من البحوث الفنية، والعلمية، والدينية، والفلسفية التي تأسر الخيال الإنساني وتثيره.



إن مجتمعاً يرغب في تبني الانفتاح كقيمة ذات أهمية رئيسية لن يسمح للمواطنين بالتمتع بمدى واسع من حرية التعبير الفردية فحسب، بل سوف يخطو خطوة إضافية إلى الأمام ويفتح بالفعل العمليات التداولية للحكومة بالذات أمام نور شمس التدقيق العام. ففي ثقافة منفتحة حقاً تكون القاعدة الاعتيادية هي عدم معالجة الحكومة لشؤون الشعب خلف أبواب مغلقة. على الإجراءات التشريعية، والإدارية، والقضائية، أن تكون مفتوحة أمام الشعب بشكل تلقائي.

--------------------------------------------------------------------------------

معلومات عن كاتب المقال:

رودني اي سمولا هو أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة ريتشموند بولاية فرجينيا. وهو باحث ومؤلف، ومحام له خبرة في القانون الدستوري.







التوقيع :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي




نصمت أحيانا ليس لضعف فينا..حتى ولو فسره الأخرون ذلك..
..نصمت لأننا نعلم أن الجرح أكبر من كل الكلام الذي يقال..
..نصمت أحيانا لأن خيبتنا كانت أكبر من كل لغات العالم..
..نصمت أحيانا لأن كل شئ إنتهى ولن يعود..

!!فما فائده الحديث لقلوباً صماء لا ترى سوى نفسها فقط..؟..