عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2010, 06:46 PM   رقم المشاركة : 4
أبو رائد
المدير العام
 
الصورة الرمزية أبو رائد
الملف الشخصي







 
الحالة
أبو رائد غير متواجد حالياً

 


 

الصورة و الأخيلة : الصورة والأخيلة عنصر في الصياغة الشعرية يعتمد عليها الشاعر في التعبير عن تجرته تعبيرا حيا مؤثرا .
ومن الخيال ما هو جزئي في العبارة أو الصورة البيانية ومنه ما هو كلي في الرؤيا تلوح كخيال الشاعر ، فيرسمه أو يؤديها بالألفاظ ، والخيال الجزئي شائع في الشعر قلما تتجرد منه ألفاظه و عباراته ؛ تشبيها و استعارة و مجازا و كناية ، أما الخيال الكلي فتتفاوت فنون الشعر في حظها منه كما يتفاوت الشعراء أنفسهم ، فهو عند شعراء الجديد بوجه عام أكثر منه عند الشعراء القدامى .
و في النصوص التي ندرسها أمثلة كثيرة للتشبيه و الاستعارة و الكناية و ألوان المجاز ، تتبين منها أنها طريقة من طرق التصوير و إن لها قيمتها في جلاء المعاني و المشاعر و قوة تأثيرها إذا جاءت طبيعية غير متكلفة و لا مصطنعة لغرض شكلي لا يؤثر في المعنى و الأخيلة .
و الصور الإيحائية أقوى فنيا من الصور الوصفية المباشرة و أليق بالشعر و أبسط مظاهر الايحاء أن يوحي بالجو الانفعالي للشاعر كما نرى في كثير من النصوص كما هو الحال عند الشابي ، والرصافي وغيرهما من الشعراء.
موسيقى الشعر : الموسيقى عنصر جوهري في الشعر ، لا قوام له بدونها و هي أقوى عناصر الأيحائية فيه ، حتى لقد قيل أن الشعر موسيقى ذات أفكار .
و موسيقى الشعر ترجع أساسا إلى الوزن و القافية إذ ينشأ عنهما وحدة النغم و الإيقاع ( المراد بالنغم الوزن الذي تسير عليه القصيدة و المراد بالايقاع وحدة هذا النغم أي التفعيلة .
فالوزن ( البحر) الذي تسير عليها القصيدة يوفر لها توازنا في جميع العناصر الموسيقية عن طريق نظام محكم في التفاعيل و الحركات و السكنات فتكون تموجات النغم منتظمة متسلسلة ليس فيها اضطراب و لا نشاز و تمضي محتفظة بالرنين نفسه إلى نهاية القصيدة فكأننا حين نسمع إلى موسيقى منتظمة في اهتزازاتها وموجاتها الصوتية يضاف إلى ذلك أن انسجام الألفاظ بعضها مع بعض و دقة اجتماعها بعضها إلى بعض و يمنحها قوة ذاتية و يجعل لها من الإيحاء و التأثير ما لا يكون لها في الكلام غير الموزون .
إننا نتأثر بالموسيقى و نستجيب لها ، و الشعر تنظيم موسيقي للكلام ، فإذا سمعته الأذن شعرت بالطرب الذي تشعر به حين تسمع الموسيقى .
أما القافية فهي توضيح للإيقاع ، وتكرارها يزيد وحدة النغم ظهورا في الأذن فهي تثبيت للوزن بضرباتها المنتظمة ، والقافية هي اتحاد أواخر الأبيات في الحروف و الحركات .
و قد نشأ الشعر العربي منذ القديم ملتزما وحدة النغم و الايقاع إذ تشترك أبيات القصيدة في وزن واحد وقافية واحدة من مبدئها إلى نهايتها .
و قد رأينا الشعراء المجيدين تأتي قصائدهم على قافية تعطي رنيانا موسيقيا مناسبا لجو القصيدة و لعاطفة الشاعر وذلك لا يأتي عمدا ، وإنما يختار الشاعر بحاسته فنجد مثلا قصائد الرثاء تنتهي بحرف الدال المكسورة لأنها تعطي رنينا موسيقيا حزينا مثل قصيدة أبي العلاء المعري و قصيدة ابن الرومي ، وسار على ذلك الشاعر حافظ ابراهيم في قصيدته – في رثاء البارودي - وكذلك البارودي في رثاء زوجته يقول البارودي :
لا لوعتي تدع الفؤاد و لا يدي ***** تقوى على رد الحبيب الغادي
ويقول حافظ:
ردوا علي بياني بعد محمود ***** إني أعييت و أعيا الشعر مجهودي
و يقول المعري :
غير مجد في ملتي و اعتقادي ***** نوح بـــاك و لاترنم شــادي
و يقول ابن الرومي :
بكاؤكما يشفي و إن كان لا يجدي ***** فجودا فقد أودى نظيركما عندي
وقد ساعد العرب على وحدة القافية ما تتمتع به لغتنا من ثروة لغوية و اتحاد في صيغ الاشتقاق
و لقد كان لوحدة القافية أثر في بناء القصيدة إذ صار كل بيت له معنى مستقل عابوا الشاعر الذي يجعل البيت محتاجا لما بعده ليكمل معناه .
وقد خرجت على هذا النظام الموشحات في الأندلس ، لأنها كانت مطبوعة بطابع إقليمي ينزع إلى ثقافة أهل الأندلس و لأنها كانت تنظم للغناء بواسطة فرق غنائية يقوم المغني فيها بأداء فقرة ثم تتابعه المجموعة فقرة أخرى ، ولذلك اتخذت القافية في كل مقطع منها ، ولهذا لم تسر على نسق خاص و إنما تتبع طريقة الآداء ، وحينما ظهرت حركة التجديد في الشعر ثار الشعراء على وحدة القافية خوفا من تكلف كلمة لا تتماشى مع السياق أو الفكرة أو العاطفة .
و قد حاول بعض الباحثين أن يربط في الشعر بين موضوع القصيدة و بين الوزن الذي تنظم فيه فقالوا أن البحور ذات التفعيلات الكثيرة كالطويل و الكامل و البسيط و الوافر تتناسب بموسيقاها الممتدة الموضوعات الجدية كالفخر و المحاسمة و الدعوة إلى القتال وما إلى ذلك و لهذا كثر شعر القدماء على هذه البحور ، و أن البحور المجزوءة أو القصيرة تناسب الأغراض الخفيفة كالغزل و بعض الوصف و الموضوعات التي يتغنى فيها ، ولكن هذه الملاحظات جزئية و عامة على أن اختيار الشاعر البحر الذي ينشئ فيه قصيدته قد يصدر عنه تلقائيا ودون معاناة في أثناء عملية الخلق الفني .
و كذلك لاحظ بعض الباحثين نوعا من الارتباط بين حروف تجود في الشدة و الحرب وطلب الثأر و الدال في الرثاء و الفخر و الحماسة والباء في الغزل و الغناء و المدح و لكن هذه أيضا من قبيل الملاحظات الجزئية و لا تكفي لتحديد علاقة ثابتة بين الموضوع و القافية شأنها في ذلك شأن العلاقة بين البحور وموضوعات القصائد .







التوقيع :
عِشْ عفويتك تاركــًا للناس إثم الظنون
فــَ لك أجرهم ، ولهم ذنب ما يعتقدون
.
.
.
.
.
.
.
الرائدية ليس مجرد منتدى


رد مع اقتباس