عرض مشاركة واحدة
قديم 21-10-2010, 10:25 PM   رقم المشاركة : 1
يتيم الامه
ايقاف أسبوع
الملف الشخصي







 
الحالة
يتيم الامه غير متواجد حالياً

 


 

تاريخ البدع والإحداثات في الأذان

الأذان هو أعظم شعائر الإسلام، وبه تميزت أمة الإسلام، وهو دليل الظفر والنصر لهذه الأمة، وبه يجمع المسلمون لأداء أعظم المناسك التعبدية، وبه يعلم إسلام القوم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغير على قوم حتى يسمع بين أظهرهم الأذان وإلا أغار، وعلى قلة ألفاظ الأذان إلا إنه مشتمل على مسائل العقيدة والتوحيد والإيمان والتسليم والطاعة والفلاح في الدنيا والآخرة، لذلك كان فضله عظيم وثوابه جزيل.
والأذان شأنه كشأن سائر الشعائر مبناة على التوقيف وورود النص، ولكنه وللأسف الشديد تعرض لإدخال ما ليس فيه من البدع والإحداثات التي تسللت إليه عبر القرون، حتى ظن الناس أن تلك البدع من جملة الأذان لا يحل تركها بأي حال، وهذه نبذة تاريخية مختصرة عن الأذان وما وقع فيه من الاختلاف.
أول من أذن:
على الرغم من أن صاحب رؤيا الأذان هو الصحابي الجليل عبد الله بن زيد رضي الله عنه إلا أن الصحابي الكبير بلال بن رباح هو أول من نادى بالأذان للصلاة، وذلك بسبب نداوة صوته، وظل بلال بن رباح يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم طوال حياته في حله وترحاله، حيث أنه رضي الله عنه لم يتخلف قط عن غزوة ولا غيرها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن شدة تعلقه برسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أن يؤذن لأحد بعده، وأذن أيضًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ـ عمرو بن قيس ـ رضي الله عنه، وكان خصيصًا بصلاة الفجر، حيث كان يؤذن الأذان الثاني بعد بلال، كما أذن له أيضًا أبو محدورة ـ أوس بن معبر ـ ولكنه لم يؤذن إلا في مكة، وقصة إسلامه وتأذينه قصة طريفة بها من آثار النبوة وروعة الأسلوب النبوي في الدعوة والإرشاد واستخدام المواهب الشيء الكثير.
وبعد اعتزال بلال للأذان تولى الأذان للراشدين سعد القرظ رضي الله عنه، وظل الأذان في عقبه لفترة طويلة.
البدع والحوادث في الأذان:
ظل المسلمون متمسكين بألفاظ الأذان كما وردت في السنة وبصيغها المعروفة والثابتة بأسانيد صحيحة فترة طويلة من الوقت حتى أخذت البدع تعرف طريقها لهذه الشعيرة العظيمة، فأضيفت وأقحمت إقحامًا على ألفاظها العديد من البدع وأخذت العديد من الصور، بعضها يقع في كل الأذانات، وبعضها مختص بأذان الفجر وحده، بعضها له أصل وحرّف حتى صار بدعة، وبعضها قبل الأذان وبعضها بعده ومن صور هذه البدع ما يلي:
الأذان بحي على خير العمل:
هذه البدعة المنكرة ظهرت على يد الشيعة المخالفين لجمهور المسلمين، ولم يستطع أحد من الشيعة الجهر بهذه البدعة حتى ظهرت الدولة العبيدية الخبيثة في بلاد المغرب ثم استولت على بلاد مصر سنة 357هـ، وشرع القائد جوهر الصقلي في بناء القاهرة والجامع الأزهر، وفي يوم الجمعة الموافق 18 جمادى الأولى سنة 359هـ أمر جوهر الصقلي المؤذنين في جامع أحمد بن طولون أكبر جوامع مصر وقتها بالتأذين بحي على خير العمل بعد حي على الفلاح، وذلك إظهارًا لبدع الشيعة ودليلاً على نصر الدولة العبيدية الخبيثة على الدولة العباسية السنية، وبعدها صارت سائر الجوامع والمساجد ببلاد مصر تؤذن بحي على خير العمل.
ظل العمل بتلك البدعة الشيعية حتى سنة 400هـ، وفيها أمر الحاكم بأمر الشيطان! العبيدي بإبطال تلك البدعة، والعودة للأذان على السنة، ثم لم يلبث أن عاد للعمل بالبدعة بعد عدة شهور، والحاكم هذا كان مشهورًا بالتلون والتقلب، يفعل الشيء وضده، وله في ذلك أخبار كثيرة ونوادر عجيبة.
وظلت تلك البدعة في بلاد مصر حتى سقوط الدولة العبيدية الخبيثة سنة 567هـ على يد صلاح الدين الأيوبي الذي أعاد الأذان لصيغته الشرعية.
مقولة «محمد وعلي خير البشر» في أذان الفجر:
وكان أول من أحدثها رجل شيعي اسمه ابن شِكنبه، وشكنبه كلمة أعجمية معناها الكرش، وذلك أيام الدولة الحمدانية بحلب سنة 347هـ، وكانت الدولة الحمدانية شيعية الهوى، وظلت هذه البدعة بحلب حتى ظهور الملك العادل نور الدين محمود الشهيد الذي منعها ومنع معها كثيرًا من بدع الروافض وشعائرهم.
الصلاة والسلام على الرسول بعد الأذان:
وهي من أشهر البدع الحادثة في تاريخ الأذان وأكثر إثارة للجدل بين الناس، وذلك لأن لهذه البدعة أصلاً في الشرع خولف في تطبيقه فصار بدعة إضافية وليست أصلية مثل حي على خير العمل وغيرها، ففي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا...».
أما تاريخ ظهور الجهر بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان فيبدأ منذ سنة 760هـ بالقاهرة بأمر محتسب القاهرة صلاح الدين البرلسي وكان بلال رضي الله عنه يقف على باب رسول الله فيقول: السلام عليك يا رسول الله وربما قال: السلام عليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قاله الواقدي والبلاذري، وقال رواة السيرة: كان يقول السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، حي على الصلاة حي على الفلاح، الصلاة يا رسول الله، فلما ولي أبو بكر الخلافة، كان سعد القرظ المؤذن يقف على بابه فيقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، الصلاة يا خليفة رسول الله، فلما استخلف عمر رضي الله عنه، كان سعد يقف على بابه فيقول: السلام عليك يا خليفة خليفة رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، الصلاة يا خليفة خليفة رسول الله، فاستطال عمر بن الخطاب ذلك وقال للناس: أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فدُعي أمير المؤمنين، وصار المؤذنون بعدها إذا أذنوا سلموا على الخلفاء وأمراء الأعمال ثم يقيمون الصلاة بعد السلام فيخرج الخليفة أو الوالي فيصلي بالناس, وظل ذلك الأمر ساريًا مدة الراشدين، وبني أمية، فلما ولي بنو العباس الأمر قدموا العجم من الترك والفرس على العرب، وترك الخلفاء وولاتهم من العجم الصلاة بالناس، فترك السلام عليهم، أما خلفاء الدولة العبيدية الخبيثة فكان معظمهم لا يصلي أصلاً فضلاً على أن يصلي بالناس، فكان المؤذنون يسلمون على الخليفة العبيدي بعد أذان الفجر فوق المنارات، فملا انقضت أيامهم السوداء وأشرقت شمس السنة غيَّر صلاح الدين الأيوبي رسومهم؛ إلا أن المؤذنين لم يتجاسروا على السلام عليه احترامًا للخليفة العباسي ببغداد، فجعلوا عوض السلام على الخليفة السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر ذلك قبل الأذان للفجر في كل ليلة بمصر والشام والحجاز، وفي سنة 760هـ زيد فيه الصلاة والسلام عليك يا رسول الله بأمر محتسب القاهرة صلاح الدين البرلسي، وذلك في أذان الفجر يوم الجمعة تحديدًا.
ظلت هذه البدعة مقصورة على أذان فجر الجمعة فقط حتى سنة 791هـ، وتحديدًا في شهر شعبان، عندما سمع ذلك السلام مجموعة من الصوفية المجاذيب الذين قدموا على مصر من خارجها، فأعجبهم الأمر بشدة، فقال أحدهم: أتحبون أن يكون هذا السلام في كل أذان؟ فقالوا: نعم، فبات هذا الدعيّ ليلة ثم أصبح وقد افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يأمره فيها بالمضي إلى محتسب القاهرة، وهو يومئذ رجل اسمه نجم الدين محمد الطنبدي وكان شيخًا جهولاً ظلومًا سيء السيرة، مشهورًا بأكل الرشوة والحرام، فلما دخل عليه هذا الصوفي الكاذب صدَّ كذبه وفريته وأمر المؤذنين بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أذان الصلوات كلها واستمر الحال في مصر ثم انتقل إلى الشام وسائر البلاد الإسلامية، وصارت العامة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذي لا يحل تركه، وظلت البدعة سائدة في العالم الإسلامي بأسره حتى ظهرت دعوات الإصلاح ومحاربة البدع وتنقية الدين من الدخائل فأخذت هذه البدعة في الانحسار. يتبع







رد مع اقتباس