عرض مشاركة واحدة
قديم 21-12-2005, 12:59 AM   رقم المشاركة : 63
عايض محمد العصيمي
الشيـخ
الملف الشخصي






 
الحالة
عايض محمد العصيمي غير متواجد حالياً

 


 

أما بالنسبة لسؤال الأخ ......سامي ......:

هل يثبت بالرؤيا حكم شرعي ؟

فالجواب : لا لا يثبت بالرؤيا حكم شرعي .. أبداً .. قال تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم ...)) فالدين بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إكتمل بكمال نبوته وبإنتهاء حياته ... - صلى الله عليه وسلم - فلا يحتاج أن يقرر بعده شئ من الشرع لان هذا نقد ونقص في حقه -صلى الله عليه وسلم - وحاشا له ذلك .

فالرؤى إنما هي للإستأناس والبشائر والنذائر هذا في حق غير الأنياء كما مر معنا , فلا يقطع بها حكماً شرعياً وهذا ماحكاه الإمام الشاطبي – رحمه الله – في الإعتصام .

أما رؤى الأنبياء – عليهم السلام – فكلها حق ووحي مقطوع على صحته , فرؤيا ابراهيم الخليل - عليه السلام – في ذبح إبنه إسماعيل – عليه السلام – وحي وأمر من الله - تبارك وتعالى – ولو رأى ذلك غير النبي فأنفذه في اليقظة لكان فاسقاً عابثاً أو مجنوناً ذاهب التميز بلا شك .

ولهذاحكى الإمام ( النووي ) - رحمه الله تعالى –كما في ( المجموع ) إجماع العلماء على انه لا يتقرر بالرؤيا حكم شرعي فقال :
(( لا يقطع بأمر المنام , ولا تبطل به سنة ثبتت , ولا تثبت به سنة مالم تثبت , وهذا بإجماع العلماء )) .


وقد ذكر العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى – أن رؤى غير الأنبياء تعرض على الوحي الصريح , فإن وافقته وإلا لم يعمل بهه .
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : فإن قيل : فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة أو توأطأت ؟ !
قلنا : متى كان كذلك استحال مخالفتها للوحي ، بل تكون موافقة له .....إلى آخر كلامه النفيس الذي ذكره في كتابه القيم : ( مدارج السالكين ).


وأكثر الذين يبنون على رؤاهم أحكام وعقائد شرعية هم المتصوفة فقد جاء عن شيخ الإسلام – ابن تيمية – ر حمه -الله تعالى – في فتاواه ( 11/ 339) ما نصه :
(( وكثير من المتصوفة والفقراء يبني على منامات وأذواق وخيالات يعتقدها كشفاً , وهي خيالات غير مطابقة , وأوهام غير صادقة ( إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) ....)) إنتهى كلامه رحمه الله تعالى .
فلا يستدل بالرؤيا إلا ضعيف المنة وضعيف القوة , إذ : كيف يستدل بمنامات للنائم لا يعرف حاله وقد رفع عنه القلم فصار في نومه ليس أهلاً للتكليف حتى يستيقض هذا خلل في الدين والتفكير .

أما مايقال أن الأذان قد ثبت عن طريق الرؤى والمنامات في حديث رؤيا الأذان ... فيقال له : نعم إن حديث رؤيا الأذان ثبت به حكم شرعي ..لكن ..في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – بتؤاطئ من الصحابة – رضي الله عنه – وإقرار منه – صلوات الله عليه وسلامه- فالعبرة بإقراره عليه الصلاة والسلام لا بالرؤيا في أصلها.

ومن عجائب بعض الناس أنهم صاروا يبنون أحكام وتشريعات وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان من تسبيحات وصلوات وإستفار أناء الليل وأطراف النهار .. كوصية الدجل : من حامل مفاتيح حرم الرسول – صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في منام رآه وذكر أرزاق و موت وقطع أرزاق وخزعبلات يصدقا ضعف النفوس ... والعجيب أن هذه الرؤيا والوصية قديمة ومع هذا تتجدد عند العوام ويتواصون بها حتى أنها جأتني رسائل عبر جوالي يسأل الناس عنها .... فسبحانك ربي هذا بهتاناً وظلال عظيم .... .. وقد تصدى لهذه الخرفة أئمة أعلام فبينو لناس حقيقتها حسن البيان وأفصحه .

ومن الطرائف التي يحسن ذكره في هذا المقام مما يدل على سذاجة بعض العقول ما ذكره الإمام ( القرافي ) بقوله :
(( من رآى النبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام يأمره ويقول له : امرأتك طالق عليك فلا طلاق يلزمه )).
وأيضاً مما ذكره وقاله الإمام ( النووي ) رحمه الله تعالى في ( المجموع ):
لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ولم ير الناس الهلال , فرأى إنسان النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له :
الليلة أول رمضان لم يصح الصوم بهذا .. أي بهذا المنام ... لا لصاحب المنام و لا لغيره ..... أذ أن الذي رأيته في المنام رؤي في اليقظة وهو يقول لإصاحبه : (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )).


إذاً : الرؤيا إن خالفت الشرع ترد ... فهي من أجزاء النبوة ولست من أجزاء الرسالة ..... والله تعالى أعلم .



وأما سؤالك الثاني :

عن صفة النبي – صلى الله عليه وسلم – التي ثبتت في السنة النبوية حتى يعرف الرائي أن ما رأى هو الرسول – عليه الصلاة والسلام – فهذا حسن للغاية ...إذ ينبغي للمسلم أن يتعرف على ذلك ,وقد افتى ( النووي ) – رحمه الله تعالى- بأن رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم- في المنام تكون للصالحين ولغيرهم. ( فتاوى النوووي : ص : 275).


وقد ثبت عن ابن سيرين – رحمه الله – أنه إذا قال له رجل :
إني رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم- قال له:
صف لي الذي رأيته ، فإن وصف صفة لا يعرفها ، قال :
لم تره . ( فتح الباري : 12/ 384).


فإليك صفته – عليه الصلاة والسلام – كما ثبتت في النة النبوية ..بإختصار :

فقد كان – عليه الصلاة والسلام- ربعة من الرجال ( أي مربوعاً وهو بين الطويل والقصير ), بعيد ما بين المنكبين , ليس بالطويل البائن ولا بالقصير , ولا الأبيض الأمهق ( الكريه البياض كلون الجص ) , ولا الأدم ( شديد السمرة ) , أزهر اللون , مشرباً بحمرة في بياض ساطع , كأن وجهه القمر ليلة البدر حسنا وتلألؤاًً , وفي وجه تدوير , ضخم الكراديس ( رؤؤس العظام , أو ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين ) , أوطف الأشفار ( أي طويل أهدب العينين ) , أدعج العينين ( أي شديد سواد العينين ) في بياضهما عروق حمر رقاق , حسن الثغر , واسع الفم , مفلج الأسنان ( أي له فرجة ما بين الثنايا والرباعيات ) , براق الثنايا , حسن الأنف ، ضخم اليدين , لينهما قليل لحم العقبين , وكان سواء الصدر والبطن , كث اللحية , واسعها , أسود الشعر , ليس بالجعد القطط , ولا بالبسط ( أي شعره ليس متكسراً , ولا مسترسلاً بل بينهما ) , له شعر يبلغ شحمة أذنيه , لم يبلغ شيب رأسه ولحيته عشرون شيبة , وكان حسن الصوت , وكان يكتحل بالإثمد كل ليلة في كل عين ثلاثة أطراف عند النوم... إلى غير ذلك مما ثبت في الصحاح والسنن وامسانيد والمعاجم .
ومن أراد منا الزيادة في ذلك فليرجع مثلاً ( صحيحي البخاري ومسلم ) في المناقب : باب صفته – صلى الله عليه وسلم ...............والله تعالى أعلم .