عرض مشاركة واحدة
قديم 21-12-2005, 01:18 AM   رقم المشاركة : 65
عايض محمد العصيمي
الشيـخ
الملف الشخصي






 
الحالة
عايض محمد العصيمي غير متواجد حالياً

 


 

وأما سؤال الأخ / أبو رائد :

عن معنى حديث : الرسول – صلى الله عليه وسلم - : (( الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة )) ؟!
فهذا الحديث حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال :

(( الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة )).

وقد تكلم الإمام الحافظ ( ابن حجر ) – رحمه الله تعالى – عن روايات : ( الجزء ) وطرقه في هذا الحديث أوصلها إلى خمسة عشر لفظاً . ..وهو أفضل من تكلم في هذا بإسهاب ....( فتح الباري 12/371).

والمشهور في لفظ الحديث ( ستة وأربعين ) في صحيح البخاري , ثم ( خمسة وأربعين ) في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه _ ثم ( سبعين )في صحيح ( مسلم ) كذلك , عن ابن عمر – رضي الله عنه ...كما ذكر هذا الإمام ( النووي ) في شرحه لصحيح مسلم ( 15/ 21).

وأقل هذه الرويات هي ( ستة وعشرين ) , وأكثرها ( سبعون ) وبعض الرويات تتراوح بين هذين العددين .
وقد وقع إشكال وهو :

كيف تكون الرؤيا جزء من النبوة علماً أن النبوة قد إنقطعت بموته – صلى الله عليه وسلم ؟! فما معنى هذا الحديث ؟!

فقيل في هذا معاني كثيرة للحديث منها :
أن بعض أهل العلم ذكر أن الله قد أوحى للنبي – صلى الله عليه وسلم – في المنام ستة أشهر ثم أوحى إليه بعد ذلك في اليقظة بقية مدة حياته ونسبتها من الوحي في المنام جزء من ستة وأربعين جزءاً...فعاش النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد النبوة ثلاثاً وعشرين سنة على الصحيح .

ولكن هذا القول فيه شئ من التحفظ والملاحظة :
أ
ولاً : أنه أختلف في قدر تلك المدة بعد بعثته –صلى الله عليه وسلم – إلى موته.

ثانياً : أن حديث لفظ ( السبعين ) والرويات الأخرى الصحيحة يكون حيئذ ليس لها معنى وهذا غير صحيح .


وبعض العلماء المعتبرين من سلك مسلك الجمع بين هذه الرويات وهذا الإختلاف هو في حقيقة إعتبار مقادير تلك الأجزاء من النبوة وهذا الأقرب للصواب .


وقيل : أن الرؤيا الواقعة للصالح تشبه الرؤيا الواقعة للأنبياء التي هي في حقهم جزء من أجزاء النبوة .


وقيل : أن إختلاف الأجزاء تابع لحال صاحب الرؤيا , فالؤمن الصالح تكون نسبة رؤياه من ستة وأربعين والفاجر من سبعين .


وقيل : المراد أن ثمرة المنامات الخبر بالغيب لا أكثر وإن تبع ذلك إنذارات وبشرات , والإخبار بالغيب أحد ثمرات النبوة وأحد فوائدها وهو بجنب فوائد النبوة والمقصود منها بسير . ( الفتح / ابن حجر) رحمه الله تعالى .


وقيل : يحتمل أن تكون هذه التجزئة في طرق الوحي إذ منه : ما سمع من الله تعالى بلا واسطة ومنه ماجاء بواسطة المللك إلى غير ذلك وهذا القول قد ذكره ( القاضي عياض ) - رحمه الله تعالى – وذكر أن هذا الإختلاف راجع إلى إختلاف حالة الرأي.


وقيل : أن للمنام شبهاً بما حصل للنبي – صلى الله عليه وسلم – وتميز به من غيره بجزء من ستة وأربعين جزءاً.
إذاً : هذا الإختلاف راجع للرأي فكلما كان صالحاً كانت نسبة صدق رؤياه أعلى وهذا القول قول المحدث العلامة ( الألباني )_ رحمه الله تعالى _ في (السلسلة الصحية ) .

والله تعالى أعلم .
وأما سؤالك الثاني :
في صحة أن الرؤيا لأول معبر أو عابر !!
مر معنا هذا وذكرنا قصة تللك المرأة التي كانت تتردد على بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتسأله عن رؤاها في زوجها , فعيرت لها عائشة –رضي الله عنها – مرة رؤياها التي رأت سارية بيتها وقد أنكسرت فعبرت لها عائشة – رضي الله عنها – بموت زوجها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
في أخر الحديث : (( فإن الرؤيا تكون على مايعبرها صاحبها )).
ومعنى هذا : أن الرؤيا تقع على ماتعبر به إن أصاب معبرها التعبير الحقيقي حتى وإن كان وجهها واحد من وجوه التعبير .
والمعبر يصيب ويخطئ التعبير كما مر معنا ..وقد ذكر ( قرة بن خالد ) : أنه كان يحضر مجلس ابن سيرين ويؤسئل عن الرؤيا فكنت أحزره يعبر في كل أربعين واحدة .
فالصحيح أن الحديث لأول مصيب في التعبير وليس أول من اجتهاد في تعبيرها وأخطئ , وتكلم الإمام ( القرطبي ) – رحمه الله تعالى – عن بطلان قول من يقول : الرؤيا لأول معبر وليس لأول من أصاب في التعبير , لقوله تعالى : ( ... أضغاث أحلام ) ولم تقع كذلك , فيوسف –عليه السلام- فسرها بعدهم على شئ من الجدب والخصب . ( جامع الأحكام / 9-204).


وأما سؤالك عن حديث :
(( الرؤيا على جناح طائر فإذا عبرت وقعت )).
فهذا الحديث عند أهل العلم ما بين مصحح ومضعف , والراجح والله تعالى أعلم أنه ( حديث حسن ) فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بنص قوله - صلى الله عليه وسلم- :
(( الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر , فإذا عبرت وقعت )).
وممن صحح هذا الحديث ( الألباني ) - رحمه الله - في ( السلسلة الصحيحة ).
ومعنى هذا الحديث : أن تعبير الرؤيا يقع إذا كان التعبير والتفسير صواباً .
وقد قال عليه ( الصلاة والسلام ): لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه - : (( ... أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً )).
وعلى هذا الحديث بوب البخاري 0 رحمه الله تعالى ) في صحيحه : ( باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصيب ! ).
والله تعالى أعلم .