عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-2006, 12:27 AM   رقم المشاركة : 1
seeen
رائدي رائع
الملف الشخصي






 
الحالة
seeen غير متواجد حالياً

 


 

هل يموت الحب الأول؟

معانى إنسانية (4)
هل يموت الحب الأول؟
سيد يوسف
قال لى :
لقد كانت التجربة العاطفية في الجامعة أكثر تحديداً من التجربة الطفولية الأولى، فقد كانت هناك أمنيات وأحلام أُجهضت عندما اكتشفت أنَّ المحبوبة على صلة خطبة بقريبها، فانسحبت، لكنها كانت فترة حزينة، وحباً من طرف واحد استمر فترة قصيرة حتى تقابلت مع التجربة الأخيرة الدائمة الناجحة، فولدت قصائد جديدة كلها تعبير عن السعادة الهناء.
وفي هذا المجال أزعم أنَّ نسيان الحب الأول شيء وارد ومؤكد، معترضاً على المثل البراق الذي صاغه صاحبه شعراً فقال:
نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
لأنَّ هذا الزعم يتنافى مع الواقع، ومع حكمة الخالق جلَّ شأنه الذي خلق الحياة وهيأ النفوس لممارستها واستمرارها إلى ما شاء سبحانه.
ولو أنَّ حياة الأفراد ارتبطت بالتجربة العاطفية الأولى الفاشلة بسبب انقطاع الصلة بالهجر أو الموت لأحد الطرفين، ما انتظمت الحياة على الأرض بالنسبة للبشر.
وإذا كان الإنسان قادراً على تجاوز التجارب العاطفية الفاشلة، وما تضمنته من مشاعر السعادة أو الشقاء، فإنَّ تجربتي هذه كانت في نسيانها أسهل؛ لأني ذقت مرارتها ولم أذق حلاوتها، فقد كانت العلاقة أحادية من ناحيتي فقط.
صحيح أنني لم أنس التجربتين المبتورتين السابقتين نسياناً كاملاً، بدليل أني أكتب عنهما الآن بعد عشرات السنين، وإنما بقيتا في الذاكرة نقطتين غير مشعتين فاقدتي التأثير وجدانياً، وما بقي منها مجرَّد خبرة حياتية انضمت إلى ملايين الخبرات التي يحتفظ بها الوعي واللاوعي ليستفيد منها الإنسان عند دراسة المواقف واتخاذ القرارات.
أقول: إنَّ هاتين النقطتين فقدتا التأثير وجدانياً، بمعنى أنه لا يصحب تذكرهما أي نوع من أنواع الألم أو الحسرة أو المعاناة التي كان يشعر بها الإنسان وقت ممارسة التجربة، إنهما نقطتان باردتان برودة الموت، فسبحان الخالق العظيم الذي أراد للإنسان أن تستمر حياته إلى أجل يعرفه سبحانه، فجعله كائناً قابلاً للتأقلم بحسب ظروف حياته، وهو في كل حالاته يبحث عن السعادة والسلوى حتى لو فقد كل شيء عدا نبض القلب فإنه يرغب ويقدر على ممارسة الحياة بشكل آخر.
هذا بالنسبة لكل الناس، أمَّا بالنسبة لي فلم تكن هناك صعوبة تذكر في نسيان هاتين التجربتين اللتين لم أذق حلاوتهما قط حتى تبقى هذه الحلاوة في نفسي فترة ما، اللهم إلا حلاوة الوهم!
وعندما صادفت المرأة المثال، التقية النقية المسئولة المثقفة، كان للسعادة طعم أشهى، وللحياة مذاق حقيقي، وللشعر آفاقا أدفأ وأرق، وذلك واضح في ما أتبناه من معانى فى ما يلى:
أترعي كأسي بالحب وهاتي
إنني حطمت كأس الذكريات
وتعاليْ نزرع الزهر على الدرب
فإنَّ الشوك أدمى خطواتي
وتعال أقرأ الأحلام فى عينيك
أحلامي وأدري سر ذاتي
أترى أأعيش حقيقة
أم تلك أوهام الخيال
أنا لا أصدق أنها لي
يا أعيني هذا الجمال
هذي المحبة والحنان
هذا الأمان من الزمان
أنا لا أصدق........
وتمر السنون سريعة، ونحن ننهل من مواردها الصافية كؤوس السعادة الحلال، ونفسر ـ هي وأنا ـ معنى قول الله الحكيم العليم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فسَّرنا الآية الكريمة بطريقة عملية حياتية يعطي كل طرف ما عنده للآخر سعيداً بلذة العطاء.
أجمل الأوقات ما أقضيها في شريك الحياة والحب وقد ضننت بها أن تقبل وظيفة خارج البيت، وكانت مؤهلة ومرشحة لذلك، واكتفينا برزقنا الحلال الذي أحصل عليه من عملي، والذي باركه الله، فكان كافياً لحاجاتنا، فإذا خرجتُ صباحاً إلى عملي كانت الجملة الأخيرة بيننا قولها "لا إله إلا الله"، وردي "محمد رسول الله" ثمَّ وصيتها لي بألا أتأخر، وبقولها لى ( خلى بالك من نفسك)
تلك الوصية التي صارت عنواناً لقصيدة
في كل صباح ترجوني "لا تتأخر"
يا ساحرتي
هل يملك موج في بحر يزخر أن يتأخر
أو يتوانى يوماً عن حضن الشطآن؟
أو يملك جفن أن يتأخر في
الإطباق من العينين على الإنسان؟
أو تملك هذي الكرة الأرضية
أن تتأخَّر في الدوران؟
أو يملك نسرٌ أن يمتنع عن الطيران؟
يا شاطئ موجي
يا إنسان العين
ويا سر الجذب لأرضي
يا نبض القلب العاشق
لن أتأخر
ونتعرض في حياتنا لبعض المشكلات كما يتعرَّض الناس جميعاً، فينتاب الحبيبة مرض طارئ لكنه شديد، وأشعر بالخطر الداهم الذي يهدد أغلى وأعزّ ما في حياتي،يهدد الرئة الأخرى فى صدرى، يهدد الصورة المحفورة على وجه القمر، يهدد حبيبتى.....
وتنتهي الأزمة بلطف الله بعد أن يملي القلب على قلمي
هذى المعانى
بدونك لا الشمس دفء
ولا الظل فيء
ولا باقة الورد تغمرني بالعبير
ولا بسمة البدر في الليل تهنئنى
باقتراب الأمل
ولا همسة الماء أغنية الخصب في الحقل
تسري بغصن الزهور
فلا تذبلي
يا حبيبتى
أنتِ شمسي ودفئي
وزهري وفيئي
وأحلام عمري
وقيثار شعري
وفي الليل نجمي
وبدرُ البدور
ومعانى أخرى تتدفق على خيالى إشفاقا عليك حبيبتى
لا تسرعي قبلي الخطا نحو الجنان
فلن تطيب قطوفها إلا معي
يا جنَّة الدنيا وأنسي
في الروح الأخرى
وعيني فيهما ومسامعي
ما زال في قلبي غصونٌ حولها
يا بلبلي رفرف وغرد واسجع
الكون وإياك ألوف الأذرع
وقد تحدث جفوة مؤقتة كما يحدث بين الناس جميعاً، ويكون العتاب حاراً، وبعد ساعات قليلة يتدفق نهر الحنان والهناءة كما هو واضح من أبيات القصيدة التي بدأت بالتساؤل العاتب:
ما بيننا بالأمس هل كان الجسد؟
أم كان بركاناً طغى ثمَّ خمدْ؟
ألقى شواظ الرغبة الهوجاء في
مخدعنا عمراً مديداً وهمدْ؟
واحسرتا فلم يعد نهر الحنان
دافقاً في جنتينا لم يعد
ولم نعد نخطر في شطآنه
وفوق مائه اللعوب نبترد
ولم تلبث اللهجة أن تلين وترق ويعود الصفاء،
حبيبتي ولم أزل أقولها
ففي لظاها شبَّ قلبي واتَّقد
حبيبتي وعندما أقولها
في عرض نهر حبنا ينهار سدْ
وتجرف الأمواه في طريقها
كل الذي بالأمس قد كان ركدْ

لم يكن ما بيننا أمس ولا
اليوم ولا غدا تراباً أو جسد
وإذا كان "حافظ إبراهيم" شاعر النيل يقول في إحدى قصائده:
الناس هذا حظه مال وذا
علم وذاك مكارم الأخلاق
فإذا رزقت خليقة محمودة
فقد اصطفاك مقسم الأرزاق
فأنا أعتبر أنَّ الرزاق الحكيم قد أجزل لي عطاءه حين وهبني هذا الحب الطاهر العفيف بفضل هذه االحبيبة التي ينقسم وقتها بين رعاية حبيبها وأسرتها وقراءة القرآن ليلاً ونهاراً وأداء العبادات ...

ملحوظة/ هذه معانى إنسانية عامة تتعلق بالحب بين إنسانين
اشتركا فى الحب وتطلعا إلى حياة إنسانية يسود فيها التفاهم والمودة والرحمة...ويفسر ما ورد فيها من خلال الحب الذى يجمع بين زوجين التقيا على سنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
سيد يوسف







التوقيع :
سيد يوسف

رد مع اقتباس