عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-2011, 04:12 PM   رقم المشاركة : 10
blackwidow
رائدي مميز
 
الصورة الرمزية blackwidow
الملف الشخصي






 
الحالة
blackwidow غير متواجد حالياً

 


 

فنون في إدارة نظم الذات والصداقات
08-29-2010

في هذه النافذة سأذكر موقفين لفضلاء أحدهما حدث قبل سنوات وآخر قبل أيام :

حدثنا أحد المربين بموقف مر له في بداية انطلاقته العملية حيث تعرض لحادثة نتج عنها قطع جزء من أذنه وتشوه بسيط فيها ،

يقول كلما نظرت إليها بالمرآة تقطع قلبي وزاد ألمي لدرجة أن هذا الوضع سيطر على تفكيري وحياتي أياما وساعات ، عندما أجلس مع أهلي أو مع أصدقائي ، بل وحتى عندما أسير في الشارع أو في أي تجمع أشعر بأن كل نظرة إلي من الغير هي موجهة إلى أذني ، مما جعلني أحرص على ألا يرى مكان القطع والتشوه سواء بتطويل الشعر أو لبس الشماغ أو القبعة أو غير ذلك من الوسائل الممكنة المقبولة ..

وفي ليلة وأثناء جلسة مع أعز أصدقائي نتبادل الحكايات وهموم العمل ، طرحت معاناتي في هذا اليوم وما واجهته من بعض الطلاب من مواقف تعاملية غير جيدة ، ودور إدارة المدرسة السلبي نحوها ؛ قاطعني أقرب أصدقائي إلي بقوله \"هذا جزاء تميزك ومثابرتك في عملك !! ما أقول إلا : دع أذنك تنفعك ....

ذهلت من تعليق صديقي وما كان مني إلا أن رميته بشيء أحمله فدبت مشاجرة لفظية ويدوية ...
حصل الفراق والخصام إثر ذلك ..

وبعد فترة طويلة التقينا في مكان عام فكان الحنين للصداقة القديمة ، ودعاني إلى جلسة خاصة فوافقته .. وبعد أن ارتوت قنوات التواصل بعذوبة وجدانيات ورقي فكر وحوارات .. وصل الحديث إلى موقف النزاع وما دار في تلك الليلة المؤلمة .. فقلت له بأريحية لقد تهجمت علي بلا مبرر أمام الزملاء ..

قال باستغراب : كيف ذلك !

قلت : لقد عيرتني بأذني ..

انفجر ضاحكا وقال : أتذكر ذهابنا قبل تلك الحادثة إلى الرسام والخطاط لإخراج لوحتك التي أعددتها لصفك ..

قلت : نعم .

قال : ما الذي تضمنته ؟

قلت : عرض مصور للحواس الخمس ..

قال: ألم يكن لديك ملاحظات عليها وطلبت من الرسام أن يعدل فيها ؟ هززت رأس بالإيجاب ..

قال : بأي جزء كان ذلك ؟

قلت : في الجزئية التي تتعلق بالسمع وأداتها الأذن ..

قال هذا ما قصدته في تعليقي وليس أذنك التي يحملها رأسك .....


ويذكر آخر موقفا حدث له في الأيام القليلة الماضية مع زميله ورئيسه في العمل الذي تربطه به صداقة ترتقي إلى مرتبة الأخوة الصادقة ( المعروف عنه- كما حال الأول -النزاهة والالتزام بالنظام والعمل ).

يقول : زرته في مكتبه لأقدم له طلبا خاصا بي فسألني عن حيثياته وأسبابه بكل أدب واحترام فوضحت له الموضوع .. فما كان منه إلا أن رد علي بحنكته المعهودة بكلمات وأسئلة ترمي إلى أن هذا الطلب لا يتماشى مع النظام بل هو مخالفة واضحة .. رددت عليه بعبارة واحدة -باعتبار أن المكان لا يسمح بمزيد من الحوارات لحضور آخرين في المكان - : وهو حق كفله لي النظام وليس مخالفة ..

خرجت وأنا حريص على توضيح الأمر للزميل ، كنت متأكد ا بحدوث لبس فيه ، اخترت الوقت المناسب والتقيت بزميلي وبينت له الأمر بهدوء فما كنا منه إلا أن غير رأيه وقال لقد استوعبت الموضوع بطريقة مختلفة... وزال سوء الفهم بين الاثنين ..


أترك لك عزيزي القارئ استنباط الفروق بين الموقفين السابقين لتحقيق فوائد عظيمة بتجولك الفكري في فضاء ذات أنت من يشغله ولن أقيدك بمحاور خاصة ، وسأساعد نفسي وإياك في تسليط الضوء على بؤر مهمة لعلاقات أكثر متانة وسلامة مع الذات ومع الآخرين :

1- انطباعاتنا وأفكارنا وتصوراتنا الخاصة قد لا يكون لها مكان في العالم الفسيح إلا بدواخلنا فقط ومن نسجنا الفكري الخاص بعيدا عن الواقع والحقيقة .. فلنحرص على ضبطها وما يرتبط بها من انفعالات وإدارتها والاستفادة منها كأسس معلوماتية خاضعة للاختبار والتصحيح والتعديل ثم التثبيت والتغذية والتطوير ، لا أن نعتبرها محكات نهائية لا تقبل المناقشة والحوار في كل الأحوال .. لنتأكد أنها صاحبة الأولوية في التمحيص والمراجعة في تعاملاتنا قبل الانطلاق لدراسة ما يصدر من الآخرين ..

2- إدارة الغضب فن بالإمكان اكتسابه واكتساب مهاراته ومن أولويات اكتساب هذا العلم تحصيل المعرفة بمكنوناته وأسبابه وسبل التعامل معه بجوانبه المختلفة سواء كانت شرعية أو نفسية أو فسيولوجية تركيبية أو اجتماعية .. وإيجاد النموذج والقدوة لممارسة على بصيرة ووضوح هدف يرتبط ذلك كله بالصبر والتوكل على الله وطلب الأجر والثواب، ولنتذكر أن عدم القدرة على ضبط انفعالاتنا من أعظم العناصر التي تقيد حريتنا في جمع معلومات أكثر شمولية وإيجاد بدائل واستخدام وسائل بكفاءة أكبر .

3- الصداقة الحقيقية تجسيد للأخلاق والقيم والالتزام بالنظام ودعم للحق وإعلاء له لا تجسير لتحقيق الرغبات والطلبات في كل الحالات .


بقلم : الدكتور عبدالله عواد الرويلي

دكتوراه في علم النفس التربوي
مستشار أسري
ومدرب مدربين معتمد






التوقيع :
لا تأسفن على غدر الزمان

لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب
لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادها
تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
تموت الأسود في الغابات جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب
وذو جهل قد ينام على حرير وذو علم مفارشه التراب

رد مع اقتباس