عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-2013, 01:52 PM   رقم المشاركة : 1
رباب
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية رباب
الملف الشخصي






 
الحالة
رباب غير متواجد حالياً

 


 

الإصــلآح بـيـن الـنـآس مـنـهـج نـبـوي غـفـلـنـا عـنـه

الإصــلآح بـيـن الـنـآس مـنـهـج نـبـوي غـفـلـنـا عـنـه


الإصــلآح بـيـن الـنـآس مـنـهـج نـبـوي غـفـلـنـا عـنـه


الإختلاف بين الناس أمر وارد يحصل بين الأب وإبنه والأخ وأخيه والجار وجاره والزوج والزوجة , والزميل وزميله , فالله خلق الناس مختلفين في
أفكارهم وقدراتهم وآرائهم ورغباتهم العامة والخاصة ,ولذلك لايتصور أن يتفقوا دائماً في كل شيئ , فالأراء تختلف والمقاصد تختلف أيضاً ,
ولذلك كان لابد من الإصلاح بين المتخاصمين ورأب ذلك الصدع وقطع سبل الخلاف والنزاع .





لللإصلاح بين الناس منزلة عظيمة عدها الله عز وجل من خير الأمور بل الخير منحصر فيها وماشابهها في النفع , قال تعالى :
{ لاَخيرَ في كثير من نَجواهُم إلاَّ من أمَـرَ بصدقة أو معرُوف أو إصلاح بين الناس } , بل أكّـد سبحانه وتعالى أن الصلح كله خير :
{ والصُلح خير } , ولما إختلف الصحابة بعد غزوة بـدر في توزيع الأنفال لامهم الله على ذلك وطالبهم بإصلاح ذات بينهم , وقرن
ذلك الأمر بالتقوى , قال تعالى : { يسألونك عن الأنفال قُـل الأنفال لله والرسول فأتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } .
فطالب بإصلاح ذات البين : لإن فساد ذات البين هي الحلقة التي تحلق الدين كما جاء في الأثر . كما طالب الله عز وجل المؤمنين
بالإصلاح بين إخوانهم عندما يقع بينهم خلاف مهما كان نوعه . وهذا من مقتضى الإخوة الإيمانية أن يسعى المسلمون بالإصلاح
بين إخوانهم إذا وقع بينهم خلاف أو خصام أو تكاره وتباغض . يقول الله عز وجل : { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } .
وهذا أمـر . والأمر على إطلاقه للوجوب . فدل ذلك على أن من الواجب على كل مسلم ومسلمة عَلِـم خلافـاً بين إخوانه المسلمين
سواء كانوا أقارب له كالأخوة وأبنائهم والأعمام وأبنائهم . أو أباعد كالجيران وأهل الحي الذي يسكنه أو سائر الزملاء .
فعليه أن يبادر بالإصلاح بينهم ويقدم النية الحسنة , وهو بذلك ساعٍ في خير وسائر في طريق خير طالباً رضى الله أولاً
ثم نفع المسلمين ثانياً . وكل ذلك من أشرف الأعمال وأعظمها , ولقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا سمع خلافاً بين
أصحابه أو أي جماعة من جماعات المسلمين يبادر بنفسه للإصلاح بينهم .


ولحرص الإسلام على هذا الأمر العظيم - الإصلاح بين الناس - فقد عــدّ الرسول عليه الصلاة والسلام الكذب لللإصلاح
من الكذب المباح , فقد روت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - رضي الله عنها , قالت : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً ) متفق عليه .
فأنظر يارعاك الله إلى منهج النبي عليه الصلاة والسلام وكيف سعى لجمع الكلمة ورأب الصدع وإلتفاف القلوب
حول بعضها . فإذا عرفت حال شخصين متخاصمين فذهبت للأول وقلت أن فلاناً يُثني عليك ويذكرك بخير
وإن لم تسمع منه ذلك , وإنما قصدت الإصلاح بينهما وتطييب قلبه نحو صاحبه , ثم تأتي للآخر وتقول له مثلما قلت
للأول لنفس الغرض فإنك قد سعيت بالإصلاح بينهما ونميت الخير الذي هو من أعظم مقاصد الشريعة .







بالإصلاح تزول الأحقاد وتتآلف القلوب وتنتشر المحبة , ويجتمع الناس بقلوبهم وأجسادهم متحابين متآلفين
ساعين لنفع الناس ومايقربهم إلى رضا الله عز وجل , ومايكسبون به الدنيا والآخرة , وأما القطيعة والتباعد
والتشاحن فمن شأنها قسوة القلوب وغضب الله , وهي نتاج الإنقياد خلف الهوى والشيطان .







لاشك أن هناك وسائل معينة ينبغي أن يفيد منها مُـريد الإصلاح , لربما كانت رافداً له في مسيرته الإصلاحية.
1 = إخلاص النية في هذا العمل : فإن المرء إذا أخلص النية وصدق فيها يُوفّق بإذن الله لما أراد .
فإذا صدق المصلح في إصلاحه وأراد الخير وفقه الله إلى الخير , ولذلك قال الله في حق الحكمين اللذين
يختارهما الزوجان عند الإختلاف بينهما : { إن يُريدا إصلاحاً يُوفق الله بينهما } . ولذا جاء في الأثر أن
أحد الخلفاء الراشدين لما عرض عليه أمر شخصين حكما في قضية زوجين ولم يتفقا , جــلـدهـمـا
وأستدل بقوله تعالى : { إن يُريدا إصلاحاً يُوفق الله بينهما } , فقال إنكما لا تريدا الإصلاح ولو
أردتماه لتحقق لكما ذلك أو كما قال - رضي الله عنه - .

2 = إحتساب الأجر عند الله عز وجل : وهذا الأمر إذا ترسخ في قلب المصلح سهل عليه مهمة
الإصلاح من جهة وأحس بطعم السعادة من جهة رغم الجهد والعناء الذي يلاقيه , وفوق ذلك
هيّـأ نفسه وكان مستعداً لكل مشكلة قد ترد عليه أو تنبني على مشواره الإصلاحي , أما إذا كان
هدف المرء الثناء والمديح من هذا وكسب رضا ذلك أو عرضاً في الدنيا , فسرعان ماينثني
ويتراجع لأي عارض يعرض له , فالدافع الوهمي سرعان مايزول ويضمحل .

3 = أن يستحضر كل الوسائل المعنية له في مهمته , فإذا كان المختلفان اللذان يُـراد الإصلاح
بينهما ممن يرغبون في الـمــال قدّم المصلح لهما المال , ولذلك جعل الشارع من مصارف الزكاة
الغارمين , وهم الذين يغرمون من مالهم للإصلاح بين الناس .
وإن كان المتخاصمان ممن يحبون الجاه فعلى المصلح بينهما أن يصطحب معه شخص من ذوي الجاه
الذين يرى أن بوجودهم مساعدة له في تحقيق هذا الصلح وإتمامه .
وإن كانا ممن يحبان الثناء والمديح أثنى عليهما في حدود المشروع أي أنه يستغل كل فرصة لزرع
الصلح وإعادة الأمور في نصابها حتى لو أدّى الأمر إلى الكذب لللإصلاح , فلا بأس بذلك ,
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ) .
فلو جاء لأحد المتخاصمين وقال أن فلاناً - وهو خصمه - يمدحك ويثني عليك , وحاول أن يذكر
مايمتاز به هذا الشخص من خصال , وقال أن فلاناً يثني عليك ويقول كذا وكذا , ثم يأتي للآخر
ويقول له مثلما قال للأول من عبارات الثناء من الأول فله ذلك وإن كان كاذباً . وهما لم يقولا ذلك
فهذا من الكذب المباح الذي يُــراد منه الإصلاح بين الناس .
وإن كان المتخاصمان ممن يحبون الهدية حمل الـمُـصلح معه من الهدايا مايطمع أن يحقق المصلحة .

4 = لابأس أن يشترك في هذا العمل النبيل أكثر من شخص . هذا بماله وهذا بجاهه وهذا بلباقته
وحُـسن عباراته , وهذا لقرابته من الإثنين مثلاً . المهم الوصول إلى الهدف الأسمى وهو الإصلاح
بين المتخاصمين وتطييب القلوب وإزالة الضغائن والأحقاد منها .






أن من الواجب أن يفطن العارفون ومحبو الخير إلى التأسيس لهذا المنهج العظيم , وهو الإصلاح ,
وذلك بأن تقوم كل أسرة أو قبيلة بـإختيار مجموعة من الأشخاص ليكونوا بمثابة لجنة إصلاحية
لفض المنازعات التي تحصل داخل هذة الأسرة أو تلك القبيلة , ومن الممكن عمل مثل ذلك في
الأحياء السكنية يستفيد منها أهل الحي في الإصلاح . فيما قد يحصل بين بعضهم من مشاكل
أو تنافر . ويستفيد منها غيرهم أيضاً في هذا الشأن . وهو باب عظيم نافع للمسلمين , ولمن يقوم به
في الدنيا والآخرة .






التوقيع :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
آخر تعديل دانة الكون يوم 16-02-2013 في 11:11 PM.

رد مع اقتباس