عرض مشاركة واحدة
قديم 17-03-2013, 01:18 AM   رقم المشاركة : 3
دانة الكون
مديرة المنتدى

رونق المنتدى
 
الصورة الرمزية دانة الكون
الملف الشخصي






 
الحالة
دانة الكون غير متواجد حالياً

 


 


إن عقل طفلك الصغير الذي يولد معه كالصفحة البيضاء ، أو بالأحرى كالكأس الفارغة إنما ينتظر من يملأ هذه الكأس ، لذلك فإن جميع عناصر البيئة المحيطة بالطفل وأجزاءها تؤثر بشكل أو بآخر في هذه الكأس البريئة ..
لذلك عليك أن تعي مجموعة المؤثرات التي تتكاتف لترسم في النهاية اللوحة الفكرية التي يستضيء بها طفلك في حياته ، والتي تتحدد بها ميول الطفل الفكرية حالا ومستقبلا ..
ومن أهم هذه المؤثرات :
(1) الميول الثقافية للوالدين ، فإن ميول الطفل الثقافية تكون تبعاً لميول والديه غالبا ، فإذا اعتنى الوالدان بثقافتهم الدينية ، وجعلا لها جزءا من وقتهما وجهدهما ، فإن ذلك سينعكس بلا شك على اهتمام الطفل بهذه الناحية ، أما إذا كان الوالدان لا يهتمان إلا بالعلوم الدنيوية البحتة ، وتدبير أمور الشهوات والمصالح العاجلة ، وكان حديثهم ليل نهار يدور حول أنواع السيارات والهواتف ، والعمارات والمنشآت ، والقيل والقال ، أو كان اهتمامهما بالأمور التافهة أو المحرمة - والعياذ بالله - ويعيشان في غفلة عن علوم الآخرة ، كما قال تعالى : { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } ، فإن ذلك سيؤثر سلبا على ميل أبناءهما للناحية الدينية ، فكم من أطفال تعلموا الرذائل وقبائح الأخلاق ، رأوها من والديهم في مرحلة الطفولة – ظناً من أولئك الآباء أن الطفل لا يعي مثل هذه الأمور في هذه المرحلة .
إن ابنك يرى فيك الكمال في كل شيء ، ولا يتوقع منك القصور والتقصير مطلقا ، فأنت في نظره ملاك في هيئة بشر ، هبطت من السماء مبرءا من كل العيوب والنواقص ..
ألا ترى أنه يتفاخر بخصالك ، ويتباهى بسلوكك و( إنجازاتك ) أمام أفراد عائلته وأقرانه ، ويفاخر بك في كل مكان وآن ؟!!
لذلك عليك أن تضع في تصورك دائما أن اهتماماتك الثقافية واهتمامات أم العيال هي العامل الأول والمؤثر الأكبر في الميول الثقافية لطفليكما ..
فليكن لك نصيب من الاهتمام بالثقافة الدينية ، وليرك ابنك حريصا على الاستزادة في تنوير فكرك بهذا النوع من الثقافة ، حتى ينشأ لديه الميل لهذه الناحية ..
(2) إثارة الخلافات العائلية والمشاكل الأسرية أمام الأبناء ، فهذا يعكر صفاء تفكيرهم ، ويشوش صفاء أذهانهم ، وتشتت اهتماماتهم الثقافية ، فيجب إبعاد الطفل عن مثل هذه الأجواء بحيث ينفرد الوالدان في مكان خاص لحل المشاكل التي قد تحدث بينهما .
إن مشاكلك مع ( وزارة الداخلية ) ليس وقتها حين التفاف أطفالكما حولكما ، وهم ينتظرون منكما أن تسقياهما كؤوس الثقافة الصالحة والسلوك الحسن ، فلتكن مناقشة خلافاتكما – نسأل الله قلتها وثمرتها – بمفردكما بمعزل عن هذه العقول البريئة ، وإلا فإنكما ستزرعان التشويش الفكري ، وتجنيان الانفصام السلوكي ، وربما الانحراف والعياذ بالله ..
(3) الإعلام ، وبرامج التلفزة المختلفة ، تزرع في نفس الطفل اتجاهات فكرية متعددة ، فيجب إبعاد الطفل عن البرامج التي تشوش فكره الديني ، وتعكر صفاء عقيدته ، وتغرس فيه نواح فكرية مضادة للسلوك الإسلامي القويم بطريق مباشر أو غير مباشر .
أما أن يكون دورك في تلفاز البيت أن تأتي بخبير الأطباق الفضائية ليزرع سطح بيتك بمجموعة من الأطباق ، ثم تترك الحبل على الغارب ، لا تدري عن سقي ولا ثمرة ، فإنك بهذا – وبلا شك – ستجني ثمارا ثقافية وسلوكية غاية في المرارة ، وربما أطعمت أولادك بهذا فاسد الثمار بيديك ، وهدمت فكرهم من أساسه في الوقت الذي تريدهم أن ينفتحوا فيه على الثقافة ، وأن تتفتح عقولهم على الأفكار النيرة ..
(4) الأصدقاء والأصحاب ، حيث يتأثر الطفل باتجاهاتهم الفكرية تأثرا بالغا ، فيجب اختيار القرين العالي الهمة ، وإبعاد الطفل عن مصاحبة ذوي الاهتمامات التافهة ، ومن هنا تأتي أهمية اختيار الجيران الذين يرتضي الإنسان العيش بقربهم ، ويرتضي لأولاده مخالطة أترابهم من تلك الأسر .
وكما يقول الشاعر :
فيفسد القرين في اليوم كما ** قد يفسد اللعين في الشهر اعلما
فإذا صاحب ابنك أصحاب الهمم العالية ، وطلاب الاهتمامات الثقافية الراقية ، ارتقى فكره بفكرهم ، وسمت همته نحو المعالي ، واتجه بشغف لتزويد عقله الصغير بالثقافة الدينية التي تنير حياته ، أما إذا كان مشرب الأصدقاء فاسدا ، وأجوافهم خواء فإن العدوى ستنتقل إلى ابنك الذي يصاحبهم ..

(5) الاهتمامات الفكرية السابقة لأوانها ، فينبغي عدم التحدث عن الأمور العاطفية أو الجنسية ، أو قضايا الشباب والمراهقين ، حتى لا تتولد لدى الطفل أفكار لم يحن أوانها ، تبعده عن الاهتمام بالثقافة الدينية المطلوبة .
(6) المعلمون والمربون في المدارس العامة والخاصة لهم الدور الكبير في الميول الثقافية لأبنائنا ، سيما في مدارس الروضة والمراحل التمهيدية الأولى التي يبنى فيها الفكر ، وتتشكل فيها المساحة الأكبر من قاعدة البيانات الفكرية الموجهة للسلوك المستقبلي ..
فعندما تدخل ابنك في روضة أو مدرسة خاصة عليك أن ترى ما يتعلمه هناك ، وما يلتقطه من أفكار ، فليس كل من سمي معلما إنما هو معلم خير ، فلنكن صرحاء وواقعيين ، فإن من المعلمين من يسقي طلابه السم ، ويظن الآباء أنهم إنما يرتشفون العسل الصافي ، ولربما كان المنهج والخطة سليما غير أن فساد المربي يرتشح – بلا شك – على لسانه ، ويسقيه البراعم الصغيرة بطريقة أو بأخرى ، فالحذر الحذر ..
(7) الاهتمام باللهو والغناء ، فلا بد من إبعاد الطفل عن الاستماع للأغاني وآلات اللهو ، التي تورث فيه الميوعة ، وتغرس فيه بذور العشق والغرام ، وتصده عن ذكر الله ، قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله }
هذه بعض المؤثرات التي يتأثر بها عقل طفلك الصغير من الناحية الثقافية ، وسنبدأ في الحلقة القادمة بالوسائل التي نستطيع بها غرس الثقافة الدينية الصحيحة في نفوس أبنائنا خطوة خطوة – بإذن الله – فكن معنا ..








التوقيع :



اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي







اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
.
.

رد مع اقتباس