سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 55
عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله , هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك ? قال :
" نعم هو في ضحضاح من نار ولولا أنا ( أي شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 83 :
رواه مسلم ( 1 / 134 - 135 ) , وأحمد ( 1 / 206 , 207 , 210 ) . وأبو يعلى( 213 / 2 و 313 / 2 ) , وابن عساكر ( 19 / 51 / 1 ) واستقصى طرقه وألفاظه .
فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي عليه الصلاة والسلام , أي شفاعته - كما في الحديث قبله - وليس هو عمل أبي طالب , فلا تعارض حينئذ بين الحديث وبين القاعدة السابقة , ويعود أمر الحديث أخيراً إلى أنه خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم , وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك , مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال عز وجل : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) , ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء , ومن أحق بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء ? عليهم جميعاً صلوات الله .
والجواب الثاني : أننا لو سلمنا جدلاً أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو انتصاره للنبي صلى الله عليه وسلم مع كفره به , فذلك مستثنى من القاعدة ولا يجوز ضربها بهذا الحديث كما هو مقرر في علم أصول الفقه , ولكن الذي نعتمده في الجواب إنما هو الأول لوضوحه . والله أعلم .