سلسلة الأحاديث الصحيحة ــ المجلد الأول
للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
الحديث رقم 278
" خصلتان لا تجتمعان في منافق : حسن سمت , ولا فقه في الدين " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 499 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 114 ) : حدثنا أبو كريب حدثنا خلف بن أيوب العامري عن عوف عن ابن سيرين عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
وقال : " هذا حديث غريب , ولا نعرف هذا الحديث من حديث عوف إلا من حديث هذا الشيخ خلف ابن أيوب العامري , ولم أر أحداً يروي عنه غير أبي كريب محمد بن العلاء , ولا أدري كيف هو ? " .
قلت : ومن هذا الوجه أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 153 ) وأبو بكر ابن لال في " أحاديث أبي عمران الفراء " ( ق 1 / 2 ) والهروي في " ذم الكلام " ( 1 / 14 / 2 ) وقال : " قال الجارودي : تفرد به أبو كريب " .
قلت : هو ثقة من رجال الشيخين , وإنما العلة في شيخه خلف , فقد جهله الترمذي كما عرفت , وروى عنه غير أبي كريب جماعة , مثل الإمام أحمد وأبي معمر القطيعي ومحمد بن مقاتل المروزي , فليس بمجهول , وروى العقيلي عن ابن معين أنه قال فيه : " بلخي ضعيف " . ثم قال العقيلي عقب حديثه هذا : " ليس له أصل من حديث عوف , وإنما يروى هذا عن أنس , بإسناد لا يثبت " .
وقال ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 370 - 371 ) : " وسألت أبي عنه ? فقال : يروى عنه " .
وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : " كان مرجئاً غالياً , استحب مجانبة حديثه لتعصبه وبغضه من ينتحل السنن " .
وقال الخليلي : " صدوق مشهور , كان يوصف بالستر والصلاح , والزهد , وكان فقيهاً على رأي الكوفيين " .
وأورده الذهبي في " الميزان " وقال : " أبو سعيد أحد الفقهاء الأعلام ببلخ " . ثم ذكر بعض ما قيل فيه مما سبق , ثم قال : قلت : كان ذا علم وعمل وتأله , زاره سلطان بلخ , فأعرض عنه " .
وقال في " الضعفاء " : " مفتي بلخ , ضعفه ابن معين " .
ونحوه في " التقريب " للحافظ العسقلاني .
قلت : ولم تطمئن نفسي لجرح هذا الرجل , لأنه جرح غير مفسر , اللهم إلا في كلام ابن حبان , ولكنه صريح في أنه لم يجد فيه ما يجرحه إلا كونه مرجئاً , وهذا لا يصح أن يعتبر جرحاً عند المحققين من أهل الحديث , ولذلك رأينا البخاري يحتج في صحيحه ببعض الخوارج والشيعة والقدرية وغيرهم من أهل الأهواء , لأن العبرة في رواية الحديث إنما هو الثقة والضبط , وكأنه لذلك لم يجزم الحافظ بتضعيف الرجل وإنما اكتفى على حكايته عن ابن معين كما فعل الذهبي , وهذا وإن كان يشعرنا بأنه ينبىء بضعفه إلا أنه ليس كما لو قال فيه " ضعيف " جازماً به .
والذي أراه أن الرجل وسط أو على الأقل مستور , لأن الجرح فيه لم يثبت , كما أنه لم يوثق من موثوق بتوثيقه , وفي قول الخليلي المتقدم ما يؤيد الذي رأيت .
وهو لم يرو شيئاً منكراً , وغاية ما ذكر له العقيلي حديثان .
أحدهما هذا . والآخر حديثه بسنده الصحيح عن أبي هريرة مرفوعاً : " لا عدوى ولا صفر ولا هامة " .
وقال العقيلي فيه : " إسناده مستقيم " .
وأما هذا الحديث فلم يتفرد به البلخي , فقد جاء من طريقين آخرين :
أحدهما : عن أنس . وقد أشار إليه العقيلي نفسه .
والآخر يرويه عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( ق 175 / 1 - كواكب 575 ) : أنبأ معمر عن محمد بن حمزة بن عبد الله بن سلام مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد مرسل صحيح , محمد بن حمزة , هو ابن يوسف بن عبد الله ابن عبد الله بن سلام , روى عن أبيه عن جده عبد الله بن سلام .
قال أبو حاتم : لا بأس به . وذكره ابن حبان في " الثقات " .
وقد رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 24 / 2 ) من طريقين آخرين , عن معمر عن محمد بن حمزة عن عبد الله بن سلام , فجعله من مسند جده عبد الله , فإن صح هذا , ولم يكن في الرواية خطأ , أو في النسخة تحريف , فهو مسند , لكنه منقطع بين محمد بن حمزة وجده عبد الله بن سلام .
وبالجملة فالحديث عندي صحيح بمجموع هذه الطرق , وقد أشار إلى صحته عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام الكبرى " رقم 63 - نسختي بسكوته عنه كما نص عليه في المقدمة . والله أعلم .