عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-2008, 09:26 PM   رقم المشاركة : 1
دخــــٌيل
-( شخصية مهمة )-
 
الصورة الرمزية دخــــٌيل
الملف الشخصي







 
الحالة
دخــــٌيل غير متواجد حالياً

 


 

حال إبليس مع آدم .. !

[align=center]قال ابن القيم رحمه الله :

حال إبليس مع آدم .. !

تأمل كيف كتب سبحانه عذر آدم قبل هبوطه إلى الأرض ونبه الملائكة على فضله وشرفه ونوه باسمه قبل إيجاده بقوله‏:‏ ‏ «‏إني جاعل في الأرض خليفة» ‏‏ وتأمل كيف وسمه بالخلافة وتلك ولاية له قبل وجوده، وأقام عذره قبل الهبوط بقوله‏:‏ ‏ «‏في الأرض» ‏‏.‏ والمحب يقيم عذر المحبوب قبل جنايته‏.‏ فلما صوره ألقاه على باب الجنة أربعين سنة لأن دأب المحب الوقوف على باب الحبيب، ورمى به في طريق ذل‏ «‏ ولم يك شيئا» ‏ لئلا يعجب يوم ‏ «‏اسجدوا» ‏‏.‏ وكان إبليس يمر على جسده فيعجب منه ويقول‏:‏ لأمر قد خلقت، ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول‏:‏ لئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي لأعصينك، ولم يعلم أن هلاكه على يده‏.‏ رأى طينا مجموعا فاحتقره، فلما صور الطين صورة دب فيه داء الحسد، فلما نفخ فيه الروح مات الحاسد‏.‏ فلما بسط له بساط العز عرضت عليه المخلوقات فاستحضر مدعى ‏ «‏ونحن نسبح» ‏ إلى حاكم ‏ «‏أنبئوني» ‏‏.‏ وقد أخفى الوكيل عنه بينة ‏ «‏وعلم» ‏ فنكسوا رؤوس الدعاوى على صدور الإقرار‏.‏ فقام منادي التفضيل في أندية الملائكة ينادي‏:‏ ‏ «‏اسجدوا» ‏ فتطهروا من حدث دعوى ‏ «‏ونحن» ‏ بماء العذر في آنية ‏ «‏لا علم لنا» ‏، فسجدوا على طهارة التسليم وقام إبليس ناحية لم يسجد؛ لأنه خبث، وقد تلون بنجاسة الاعتراض‏.‏ وما كانت نجاسته تتلاقى بالتطهير؛ لأنها عينية، فلما تم كمال آدم قيل‏:‏ لا بد من خال جمال على وجه ‏ «‏اسجدوا» ‏، فجرى القدر بالذنب ليتبين أثر العبودية في الذل‏.‏ يا آدم لو عفا لك عن تلك اللقمة لقال الحاسدون‏:‏ كيف فضل ذو شره لم يصبر على شجرة‏.‏ لولا نزولك ما تصاعدت صعداء الأنفاس، ولا نزلت رسائل‏:‏ ‏ «‏ هل من سائل‏؟‏‏» ‏ ولا فاحت روائح‏:‏ ‏ «‏ و لخلوف فم الصائم‏» ‏ ‏‏، فتبين حينئذ أن ذلك التنازل لم يكن عن شَرَهٍ‏.‏

يا آدم، ضحكك في الجنة لك، وبكاؤك في دار التكليف لنا‏.‏
ما ضر من كسره عزى إذا جبره فضلى، إنما تليق خلعة العز ببدن الانكسار‏.‏ أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي‏.‏ ما زالت تلك الأكلة تعاده ‏ حتى استولى داؤه على أولاده، فأرسل إليهم اللطيف الخبير الدواء على أيدي أطباء الوجود‏ «‏ فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى» ‏سورة طه، الآية 123.فحماهم الطبيب بالمتناهي، وحفظ القوة بالأوامر، وأفرغ أخلاطهم الرديئة بالتوبة، فجاءت العافية من كل ناحية‏.‏

فيا من ضيع القوة ولم يحفظها، وخلط في مرضه وما احتمى، ولا صبر على مرارة الاستفراغ لا تنكر قرب الهلاك، فالداء مترام إلى الفساد‏.‏ لو ساعد القدر فأعنت الطبيب على نفسك بالحمية من شهوة خسيسة ظفرت بأنواع اللذات وأصناف المشتهيات‏.‏ ولكن بخار الشهوة غطى عين البصيرة، فظننت أن الحزم بيع الوعد بالنقد‏.‏ يا لها بصيرة عمياء، جزعت من صبر ساعة واحتملت ذل الأبد‏.‏ سافرت في طلب الدنيا وهي عنها زائلة، وقعدت عن السفر إلى الآخرة وهي إليها راحلة‏.‏
إذا رأيت الرجل يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير، فاعلم بأنه سفيه‏.‏





انتهى كلامه رحمه الله .. اسأل الله أن يعيذنا من الشيطان الرجيم

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


:
:

[/align]







رد مع اقتباس