عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2007, 07:10 PM   رقم المشاركة : 3
لمفروح
رائدي مهم
الملف الشخصي






 
الحالة
لمفروح غير متواجد حالياً

 


 

فصل‏:‏ في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قطع العروق والكي


ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث إلى أبي بن كعب طبيبًا، فقطع له عرقًا وكواه عليه‏.‏ ولما رمي سعد بن معاذ في أكحله حسمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ورمت، فحسمه الثانية‏.‏ والحسم‏:‏ هو الكي‏.‏
وفي طريق آخر‏:‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كوى سعد بن معاذ في أكحله بمشقص، ثم حسمه سعد بن معاذ أو غيره من أصحابه‏.‏
وفي لفظ آخر‏:‏ أن رجلًا من الأنصار رمي في أكحله بمشقص، فأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به فكوي‏.‏
وقال أبو عبيد‏:‏ وقد أتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ برجل نعت له الكي، فقال‏:‏ ‏(‏اكووه وارضفوه‏)‏‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ الرضف‏:‏ الحجارة تسخن، ثم يكمد بها‏.‏
وقال الفضل بن دكين‏:‏ حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كواه في أكحله‏.‏
وفي صحيح البخاري من حديث أنس، أنه كوي من ذات الجنب والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حي‏.‏
وفي الترمذي، عن أنس، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏كوى أسعد بن زرارة من الشوكة‏)‏، وقد تقدم الحديث المتفق عليه وفيه ‏(‏وما أحب أن أكتوي‏)‏ وفي لفظ آخر‏:‏ ‏(‏وأنا أنهى أمتي عن الكي‏)‏‏.‏
وفي جامع الترمذي وغيره عن عمران بن حصين، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الكي قال‏:‏ فابتلينا فاكتوينا فما أفلحنا، ولا أنجحنا‏.‏ وفي لفظ‏:‏ نهينا عن الكي وقال‏:‏ فما أفلحن ولا أنجحن‏.‏
قال الخطابي‏:‏ إنما كوى سعدًا ليرقأ الدم من جرحه، وخاف عليه أن ينزف فيهلك‏.‏ والكي مستعمل في هذا الباب، كما يكوى من تقطع يده أو رجله‏.‏
وأما النهي عن الكي، فهو أن يكتوي طلبًا للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو، هلك، فنهاهم عنه لأجل هذه النية‏.‏
وقيل‏:‏ إنما نهى عنه عمران بن حصين خاصة، لأنه كان به ناصور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيه، فيشبه أن يكون النهي منصرفًا إلى الموضع المخوف منه، والله أعلم‏.‏
وقال ابن قتيبة‏:‏ الكي جنسان‏:‏ كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه‏:‏ لم يتوكل من اكتوى، لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه‏.‏
والثاني‏:‏ كي الجرح إذا نغل، والعضو إذا قطع، ففي هذا الشفاء‏.‏
وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجع، ويجوز أن لا ينجع، فإنه إلى الكراهة أقرب‏.‏ انتهى‏.‏
وثبت في الصحيح في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ‏(‏أنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون‏)‏‏.‏
فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع، أحدها‏:‏ فعله، والثاني‏:‏ عدم محبته له، والثالث‏:‏ الثناء على من تركه، والرابع‏:‏ النهي عنه، ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى، فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه‏.‏ وأما الثناء على تاركه، فيدل على أن تركه أولى وأفضل‏.‏ وأما النهي عنه، فعلى سبيل الإختيار والكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعل خوفًا من حدوث الداء، والله أعلم‏.‏







رد مع اقتباس