الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، أمابعد:
فالقرآن الكريم كتاب الله تعالى منه بدا وإليه يعود، نزل به الروح الأمينعلى قلب محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، تنزيل من حكيم حميد، تكفل الله بحفظه وتعبدنا الله بتلاوته وتدبر آياتهومعانيه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد.
جمع الله فيه خيري الدنيا والآخرة، من تمسك به نجا ومن أعرض عنهفقد ضل وفاز بالردى.
والذي ينظر إلى أحوالنا يجد أن أثر القرآن في الواقعوفي القلوب يكاد يكون معدوماً إذ أن القرآن الذي كان عند الصحابة هو نفس القرآنالذي بين أيدينا فما هو إذاً الخلل؟.
أسباب هجر القرآن الكريم:
إنالخلل يكمن في أنفسنا، وهذه بعض أسباب ذلكم الخلل فمن تلك الأسباب:
أولاً: الانشغال بغير القرآن عن القرآن: فقد أصبح جل اهتمامنا وشغلنا بغير القرآن الكريممما أدى إلى التشاغل عنه وهجره.
ثانيًا: عدم التهيئة الذهنية والقلبية عندقراءة القرآن الكريم:
فعند قراءتنا للقرآن الكريم لا نختار المكان الهادئ،البعيد عن الضوضاء، إذ أن المكان الهادئ يعين على التركيز وحسن الفهم وسرعة التجاوبمع القراءة، ويسمح لنا كذلك بالتعبير عن مشاعرنا إذا ما استُثيرت بالبكاء والدعاء،وعدم لقائنا بالقرآن في وقت النشاط والتركيز بل في وقت التعب والرغبة فيالنوم.
إلى جانب أننا لم نعمل على استجماع مشاعرنا قبل القراءة، ولم نتخذالوسائل المؤدية لذلك كالدعاء وتذكر الموت، والاستماع إلى المواعظ.
ثالثًا: عدمالقراءة المتأنية والتركيز معها:
فعلينا ونحن نقرأ القرآن أن تكون قراءتُنامتأنيةً، هادئةً، مرسلةً، وهذا يستدعي منا سلامة النطق وحسن الترتيل، كما قالتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (4) سورة المزمل.
وعلى الواحد منا ألايكون همّه عند القراءة نهاية السورة، بل لا ينبغي أن تدفعنا الرغبة في ختم القرآنإلى سرعة القراءة.
رابعاً: عدم التجاوب مع القراءة:
فالقراءة خطاب مباشر منالله عز وجل لجميع البشر، وهو خطاب يشمل أسئلةً وإجاباتٍ ووعدًا ووعيدًا، وأوامرَونواهي، فالتجاوب مع تلك العناصر يساعدنا على زيادة التركيز عند القراءة وعدمالسرحان.
آثار هجر القرآن:
ولنعلم جميعاً أن لهجر القرآن آثاراً سلبية علىالمسلم والمجتمع، فعلى المسلم أن يتنبه لها ومن هذه الآثار:
(1. قسوة القلب: لأنالقرآن الكريم يعمل على ترقيق القلوب المؤمنة فهي تطمئن بذكر الله {أَلاَ بِذِكْرِاللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد، فنعوذ بالله من القلبالقاسي.
(2. تغلب الشيطان وأعوانه من شياطين الجن والإنس: فذكر الله تعالى خيرحافظ للعبد، فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
وقد ورد عن النبي صلى اللهعليه وسلم أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا تأتيه البطلة، وهم شياطينالجن.
(3. حرمان العبد من فضل التلاوة والتعبد بها: فقد فوت العبد على نفسهبهجرانه للقرآن أجراً عظيماً، وفضلاً كبيراً.
4. )الحرمان من شفاعته له يومالقيامة: فقد جاء في الحديث: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعالأصحابه).1
5. )موت السنة وانتشار البدعة بسبب الإعراض عن كتاب الله.
6. )هجرالسنة: فتكثر الأهواء ويقل العلم وينتشر الجهل وكل هذه عوامل على انتشار البدعوتحكيم الهوى.
فالله الله في العناية بكتاب الله تلاوةً وحفظاً وتدبراً، والحرصعلى تعلم القرآن وتعليمه، والإنفاق في سبيل ذلك على حلقات تحفيظ القرآن الكريموالعمل على تشجيع أبنائنا وبناتنا -خاصة - للالتحاق بتلك الحلقات؛ لما في ذلك منخدمة للقرآن وعلومه، والفوز بالخيرية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (خيركم من تعلم القرآنوعلمه)2.3