اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الإبداعية > منتدى القصص والروايات
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-2013, 09:05 PM   رقم المشاركة : 11
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

الجزء الثالث
[ الفصل الثاني ]‎‎‎




/
\
/
\





{ .... في حضرة الحياة ..
نعزف لحن التحول ..على اوتار القدر ..
مابين ماضٍ سحيق مؤلم .. وغدٍ مجهول ..
يقودنا نحو سيمفونية الحب من لم يكونو في الحسبان ..



في صالتهم الواسعة اجتمعو قبل العشا .. قهوة وحلا وسوالف .. هدوء يسكن جنبات هالبيت
الا من صوت الاخبار في احدى القنوات الاخبارية .. مناوشات بين رسيل وسما على ابسط
الامور واتفهها .. كان لابس نظارته اللي يستخدمها وقت القراءة .. ويتصفح جريدته كالعادة
لمحهم يتطاقون بالايدي .. سحب نظارته شوي ونزلها على خشمه وناظرهم نظرة قوية ..
التفتو له ثنتينهم وابتسمو له .. قاوم ابتسامته وهو يدعي الجدية : وانتو متى تكبرون وتعقلون ؟
قامت سما من مكانها وجات عنده حبت راسه : كبرنا من زمان .. بس انت دايم تقول مهما
كبرتو وتزوجتو وحتى لو صار عندكم عيال بتظلون بعيوني صغار ..
ضحك على كلامها .. لانها حافظة كلامه اللي دايم يقوله ورددته عليه : ايه عيالي مهما كبرو
في عيني اشوفهم مثل اول يوم شفتهم فيه .. " شاف رسيل تناظره من مكانها واشر لها تجي
جنبه هي بعد " والله مايقدرني بهالبيت الا بناتي .. ولا عيالي ما اشوفهم ابد .. حتى صرت اشك
اني ماجبت الا هالبنتين ..
جاهم صوته الرجولي وهو يتنحنح .. دخل عليه وسلم .. بعدها راح حب راس ابوه وامه
وتجاهل كلام ابوه اللي انقال رغم انه يقلب فيه ومتجاهل نظراتهم اللي تسلطت عليه .. لانه
يبيهم يكملون نقاشهم وكأنه مو موجود .. ورجعو يسولفون عادي ولا كأنه دخوله قطع
سواليفهم .. واكتفى انه يشاركهم اذا حس انه في شي عنده يقوله ... : سامي للحين ماجا ؟
ناظرت سما في رسيل وتأففت وقطع الصمت صوت ابوهم : انا قايل له يجي العشا بس مدري
ليش للحين ماجا .. " والتفت لزوجته " ايه صح ان شاء الله هالخميس بسوي عشا واعزم
معارفنا والأهل ..
ما اعترضت على كلامه لانهم متعودين على استقبال مناسبات كبيرة عندهم في البيت حتى لو
ماكان في لها مبرر : الله يحييهم ان شاء الله ..
لف يدينه حول كتف رسيل : ابو سلطان قال يبيها الخميس على ماتجي لمياء يوم الاربعاء وتريح ..
ابتسم من سمع اسمها والتفت لابوه على طول : ياحبي لها هالبنت .. من زمان عنها ..
ناظرت فيه امه بحنان : وانت الله يهداك تنشاف .. مانشوفك الا وانت جاي من شغلك ولا وانت
قايم رايح لشغلك .. هذا هي كم مرة تجينا وتسأل عنك ..
فهم كلام امه وعتابها الخفيف له واكتفى بالصمت .. ومن تذكر ابو طلال على طول تكلم : ايه
وقبل ما انسى ترى بعد بعزم ابو طارق واهله ..
على طول نطت سما في السالفة : لا وووووووع يبه تكفى فكنا منهم مو ناقصة يجون عندنا
منالوه المغرورة ولا مرو المعقدة وديموه المريضة نفسيا ..
قبل يتكلم طلال مسكها ابوها مع اذنها : لعنبو ابليسك ماتستحين على وجهك .. ولا تحشمين
احد تحشين بخلق الله قدامي وش استفدتي الحين يوم اغتبتيهم ؟
حطت يدها على يد ابوها تبيه يبعدها عنها : آآآآآآي ... والله اني صادقة الجلسة معهم تقصر
العمر " وقامت بسرعة بعدت عنه عشان مايطقها " ولا امهم بعد ياثقل طينتها هي وحنينوه
الخايسة اللي شايفة نفسها ومحد بالدنـ ......... وانقطع كل الكلام اول مالمحت طلال .. نست
وجوده واول مانطقت هالاسم جات عينها بعينه .. توتر الجو وقبل محد يتكلم قام واخذ سويتش
السيارة وجواله وطلع .. كانت تدري هالحين الجو بينقلب كله عليها .. : سووووووري والله
مو قصدي مدري شلون طلع الكلام مني ...
وركضت رايحة لجناحها لانها عارفة الحين الكل بيلقي اللوم عليها
خصوصا انه طلال ومحد يحب يزعل هالانسان .. هي بعد لامت نفسها على لقافتها وتسرعها
بالكلام .. بس كانت مشاعرها اقوى منها .. ماتحبهم وبعد طلاق طلال كرهتهم اكثر يمكن هي
تحس انها ماتحبه لانه يتحكم فيهم .. بس بعد اخوها واللي يجرحه يجرحها .. ومادامه مو قادر
للحين ينسى جرحه .. هي مستحيل تسامحها على هالجرح ابد او تغفر لها اللي سوته في اخوها ..
اما هو فكان خروجه هروب من نظراتهم ومن اي تبريرات كان ممكن تنقال بعد كلام سما ..
كان يكره نظرة الاستعطاف بعيونهم .. هي بالنسبة له جرح وراح تبقى جرح .. وهالشي عمره
ماراح ينكره .. لانها مو مجرد انسانة وانتهت .. بالنسبة له كانت حب من الصغر كبر وكبر
هالحب معاه .. وتوج بزواج وماكان عنده اكبر من هالحلم وتحقق .. لكن الحلم كان اسود ..ابد
ماكان وردي مثل ما هو يشوفه .. اقنعة كثيرة سقطت بعد ايام قليلة من الزواج وظهر الوجه
الآخر اللي ماتخيل ولا في اتعس احلامه انه يشوفه .. كان محتاجه هو الوحيد اللي يحس فيه
بدون مايتكلم .. حتى لو مايشتكي له حتى لو ماقال له وش الي مزعله هو الانسان الوحيد اللي
يقدر يطلعه من حزنه ... بيدين ترتجف دق رقمه وانتظر يسمع رده اللي تأخر والناتج لم يتم
الرد .. رمى الجوال على السيت اللي جنبه .. وزفر بقهر من هاللي يصير معاه .. ثواني وجاه
اتصاله اللي ريحه كثير : هلا ابو ليان ..
من سمع صوته حس انه في شي : هلا بك زود .. شلونك ؟
تجاهل سؤاله وتكلم على طول : فاضي امرك ؟
كان عارف انه ماراح يتكلم .. بس يحتاجه معاه وماحب يرفض له رغبته : نص ساعة بس
وبعدها رجعني للبيت ..
حس بارتياح كبير من رده : ابشر .. ربع ساعة تقريبا وانا عندك .... ساعة اجتمعو فيها
وقضوها سوالف .. كان يدري انه متضايق بس ماحب يضغط عليه .. يعرفه اذا يبي يتكلم
بيقول كل اللي بخاطره .. بس هالحين واضح انه مايبي يتكلم .. يبي شي يشغله وينسيه ...
وماكان هالشي صعب عليه هالدور حيل يتقنه لانه يدري وش كثر طلال يرتاح معاه ويحبه
وصله لبيته ورجع للبيت وهو يدعي ربه مايصادف احد من اهله مو ناقص يشوف بعيونهم
النظرة اللي يكرهها ..حاول يطول المشوار كثر ما يقدر .. واللي رحمه انه رجع وماشاف
الا امه ماسكة التليفون وتكلم .. مشى ولا كأنه يشوفها ورقى لغرفته على طول .. " ليش انا
مو راضي اقتنع انه ماينسيني حبها الا حب جديد .. ؟ ! ليه ابي اكون عمري كله لها وهي
ماتستاهله .. "
دخل يتسبح وهو يجاهد عقله وتفكيره يغيبها هاليوم بس .. مايبي يشغل تفكيره فيها وهو
ماصدق انه مع السوالف انشغل عنها ونسى تفكيره اللي ياخذه لها ..


" الحمدلله في كل الأحوال " قالتها وهي تتأمل آثار الضرب في اماكن مختلفة من جسدها
اكتسبت رضى من هالتجربة الأخيرة فقط لقربها من خالقها .. ادركت انها في كل الحالات
خسرانة .. رضت ام أبت ذاته احساس الخذلان يراودها .. تعودت هالشي من صغرها بعد
ماودعت الراحة يوم ودعت امها .. هي راضية بمصيرها في جناحها او بهالغرفة .. كل
الاثنين بالنسبة لها سجن .. خلف ابوابه الموصدة وحوش كاسرة .. تنتظر اي زلة ولو كانت
غير مقصودة لينقضو عليها .. ويطبقو عليها اقسى العقوبات .. تذكرت مروى ومساعدتها
لها .. لاول مرة من 15 سنة احد يساعدها من اهلها .. من هالبيت القاسي لاول مرة تشوف
بعين واحد فيهم نظرة رحمة ..مازالت غير مستوعبة اللي صار كله .. واوقات تحس انها
مجرد تخيلات سببتها ارتفاع درجة حراراتها .. خلتها تتوهم اشياء مو حقيقية او ماصارت
بالفعل معاها .. للحين ماتذكر تفاصيل هذيك الليلة بوضوح .. مازالت بالنسبة لها لغز مبهم
عجزت تلقى له حل .. اكثر ماكان يتعبها تفكيرها بأنها لو كانت هي ليه مارجعت مرة ثانية
ليه ما اثبتت لها صدق تخيلاتها .. مررت يدها على شعرها بتعب .. برد تخلل جسدها واسرى
قشعريرة فيه .. كان الهدوء قاتل ماتسمع الا صوت حفيف الشجر بفعل الهوا بالخارج ..
قامت وهي تدعي ربها محد يشوفها .. فتحت الباب بهدوء ومشت للمطبخ .. كانت تبي اي
شي تاكله .. شي يقويها وهي تحس بجسدها منهك من الضرب وقلة الأكل .. برغم انه محد
حرمها الأكل .. حست بحركة في الخارج وزادت نبضات قلبها خوف خصوصا ان الصوت
تقريبا جهة مجالس الرجال الخارجية .. تقدمت ببطء شديد وهي خايفة من هالصوت اللي
تسمعه .. فتحت الباب بهدوء ومجرد مافتح منه شي بسيط .. لمحت اللي عمرها ماكانت
تتوقعه .. ركزت نظرها اكثر تبي تتأكد وصعقت انه فعلا كل شي قاعد يصير قدامها ومو
قاعدة تتخيل او تتوهم .. اختها واقفة مع رجل غريب بملابس اقل مايقال عنها انها خليعة
عرفت انهم اكيد كانو من اول بالمجلس .. والحين بيطلع وهي واقفة تودعه .. صدمتها
جرأتها او بالأصح وقاحتها .. ومن حركاتها واضح انها مو اول مرة تقابله او تشوفه ...
الحين هذي هي الملاك الطاهر في نظرهم .. هذي اللي كل ماعلقو عليها قالو لها خليك
مثل منال العاقلة والفاهمة .. هذي هي اللي اذا قالت الكلمة يصدقونها وكأنها كتاب منزل
لايقبل الجدال او النقاش .. تخونهم وفي عقر دارهم .. تبيع عرضها وشرفها في بيت
اهلها اللي أئتمنوها على اسمهم .. تمارس فجورها على بعد خطوات منهم .. وهم غافلين
واثقين انها بفراشها نايمة .. مايدرون انها تقضي الليل باحضان ذئب غريب .. غمضت
عينها ماتبي تدنس نظرها بمشاهد حتى بالأفلام تمقتها .. كان وداعهم حميم تقززت نفسها
منه وهي تشوفه يلتهم وجه اختها بقذارة .. في الثلث الاخير من الليل .. اللي ينزل فيه
الخالق للسماء الدنيا .. ليتقرب فيه العباد اليه .. تمارس هي فجورها بلا استحياء .. كانت
طعنة موجعة .. اقوى من حجم احتمالها .. سكرت الباب ودخلت للغرفة كانت تحس بغثيان
فظيع من هاللي شافته .. حطت يدها على فمها وركضت للحمام ( تكرمون ) وافرغت كل
اللي بداخلها .. حست بجرح بحلقها وقعدت تكح بصوت عالي .. غسلت وجهها وقاومت
دموعها اللي كانت تنزل من صدمتها ومع الكحة .. وينها مرة ابوها تشوف بنتها اللي نامت
وغفلت عنها وينها تشوف بنتها وش قاعدة تسوي من وراهم وببيتهم .. من صغرها كانت
تدنس مسامعها بكلماتها المسمومة " يالصايعة .. يابنت الحرام " رغم انها ماكانت تفهمها
بالأول .. كانت صغيرة وماتدري وش هو جرمها اللي قذفوها فيه .. ليتها تشوف بنتها
اليوم وش سوت في غفلة منهم " استغفر الله .. استغفر الله .. اللهم اني استغفرك يارب
هذي اختي وعرضي .. " استغفرت ربها كثير لانها ماكانت تبي تتشمت في مرة ابوها
مهما كان هذي اختها .. واي شي يمس اختها راح يمسها هي بعد " فوقي لنفسك ياديما
اتركي سذاجتك وغبائك .. هذول ناس مايستحقون المحبة .. " كانت تصارع احاسيس
مختلفة .. شعور بالتشفي احيانا من كل شخص ظلمها وقذفها في عرضها .. وشعور
بالحزن والأسى على غفلتهم وضياع اختها .. حست بصدااااع فظيع يفتك براسها ورجفة
قوية تسري بجسدها .. حست نفسها مثل الطير المذبوح تأن بصمت .. كان يراودها
اوقات شعور بالانتقام بس من بيصدقها .. من بيقتنع بكلام الفاجرة ديما .. مقابل كلام
الملاك منال .. حرب خاسرة من بدايتها .. الافضل لها انها ماتخوض غمارها .. تنهدت
بتعب والم .. وتوضت وصلت كانت تبي ترتاح من هالمشاعر المجنونة اللي تصارعها ..
واحساس العذاب اللي يلاحقها حتى لو ماكانت هي المعنية ..



بجلابية كحلي طويلة باكمامها الطويلة .. وشيلتها اللي لافتها على راسها .. كانت واقفة
تناظر من الشباك الخشبي المتكسر .. من خلف السياج الحديدي شافته واقف يناظرها
صغيرة بس تحمل له اعظم حب في قلبها .. حب بريء ماتعدى نظرات مسترقة بين
لحظة والثانية .. يأسرها برجولته رغم صغر سنه .. هو بعد يحبها بجنون والكل يدري
بحبهم .. كلن يقول لها عيب يابنت اعقلي .. بس هي بريئة تفكيرها بالنسبة له بريء
حب طاهر مايدنسه اي شي .. بدون شعور صوتت له وهو رايح لصلاة المغرب : سعد
التفت لها وغطت وجهها عنه ابتسم على حياها : سمي
حست بخجل كبير بداخلها.. وقالت بصوت خجول بالكاد يطلع : ادعي لي
اتسعت ابتسامته اكثر : ابشري .. من غير ماتوصين بدعي لتس ..
جنون بداخلها بمجرد اختفائه .. مراهقة تحمل قلب عاشق .. من الصغر سموها له ...
كبرت وهي ترسم بعيونها هالانسان زوجها .. حياتهم بسيطة ماكانت تحتمل الكثير من
الاحلام .. حلم وحيد يراود كل فتاة بالديرة وهو الزواج من ولد عمها او ولد خالها على
حسب اللي مسمينه لها .. وهي تعيش هالحلم مثلها مثل اي بنت بسنها درست الى سادس
ابتدائي واكتفت بهالمرحلة .. وبدا بعدها التفكير في المستقبل واللي مايحمل لها اكثر من
زوج فقط ... حست بلمستها على كتفها وفتحت عينها تشوفها .. لمحت اللمعة بعينها ..
وعرفت احساسها هالحين .. رجعت ناظرت من الشباك للبيت المهجور .. ومكانه الخالي
اللي كان دايم يقعد فيه .. شعور مؤلم اعتراها بوقتها .. ضغطت على كم الرسايل اللي
بيدها .. خاينة هي مثل صاحبها كلماتها كلها زيف وكذب .. وعدها بيرجع لها ويتزوجون
والحين راح من 10 سنين وتزوج غيرها .. وتركها لاحزانها وجروحها وحيدة بهالعالم ..
في ديرة فرص الزواج فيها نادرة .. والبنت من صغرها معروفة لمين .. مسحت دموعها
اللي تناثرت من شافت بيتهم الطيني المتهدم اللي يحمل لها اعذب واجمل واوجع الذكريات
ورجعت التفت لها وشافتها تمسح دمعتها بيدها وقبل تقول لها شي بادرتها هي
بالكلام : الى متى ياشيخة بتصيحين على واحد باعتس واختار غيرتس ؟
نزلت راسها مهددة بنزول سيل جديد من الدموع .. : نورة واللي يسلمتس خليني بلحالي ..
مسكت من كتفها وضمتها لصدرها وتركتها تفرغ كل الحزن اللي بقلبها .. كانت تحس
بوجعها وهي تضغط على يدها بقوة .. دخلت موضي وشافتهم وقبل تتكلم اشرت لها نورة
تطلع وطلعت وردت الباب اللي بالكاد يتسكر .. وقت طويل استمرت في مناحتها اللي بدت
فيها من قبل ما يأذن المغرب .. كانت كل ذكرياتها تروح له هذا موعدهم اليومي .. قبل
صلاة المغرب تدخل البيت وتوقف على الشباك تناظره ومن يختفي عن نظرها تبدا بتقليب
رسايله اللي يكتبها لها .. خطه حلو ومرتب .. عكس خطها الركيك واللي بصعوبة ينفهم ...
حست نورة بوجعها اللي كبتته في داخلها من فترة طويلة وتظاهرت لهم بالفرح رغم جرحها
النازف .. وكل يوم تعيشه في وكر العنوسة يذكرها بماضيها معاه .. مسكتها من يدها وقعدت
هي وياها .. حطت وجهها بين يدينها وتأملتها بعيون لامعة : اذكري ربتس ..
تمتمت بصوت غير مفهوم ورجعت تكرر عليها كلمتها : شيخة تعوذي من الشيطان واذكري
ربتس ...
طلعت كلماتها من بين شهقاتها المسموعة : لا إله الا الله ..
مسحت وجهها بيدها .. وحبتها بين عيونها : الله بيعوضتس عنه خير .. والله انه مايستاهلتس
قليل خاتمة .. قبل مايبيعتس باع اهله وناسه .. ياشيخة من عمرنا وش خذينا غير الشقى ...
الى متى وحنا نزرع وفا ونجني تعب .. هقوتس بيجيتس ويقول لتس السموحة كنت ابيتس
وغصبوني على غيرتس .. تراه ماتزوج الا ناسيتس وناسي طوايف اهلن جابوتس .. وربي
ماقلت لتس هالحتسي ابي اضيق صدرتس وازيد اللي فيتس .. بس لاني مابيتس تتحسفين
عليه وهو باعتس ..
بلعت غصتها وهزت راسها برضى من كلام اختها وهي تقاوم دموعها لاتنزل .. ابتسمت
لها نورة ورجعت ضمتها على صدرها اقوى .. : بياخذتس اللي يستاهلتس .. لا تضيعين
عمرتس كله حسوفة .. كلنا ذقنا من شقى هالدنيا الين تعبنا .. بس ماجزعنا والحمدلله على
حالنا .. رضينا بهمنا وفقرنا رضينا نبات ماذقنا الاكل ايام .. رضينا بهموم اكثر وتحملنا
مابتصعب علينا اصغر الهموم .. فكري ببوي اللي خسر ولده وبعدها اخوه وثمن رجليه ..
شوفيه صابر ومحتسب اجره عند الله اللي مايضيع حقه .. اذا مارضينا بالدنيا بنرضى
بالآخرة .. قولي يالله الجنة وانا اختس ..
كان كلامها مثل البلسم اللي يشفي الجراح .. هم كبير وانزاح بعد سيل الدموع اللي ذرفتها
حست بارتياح كبير يسري بجسدها بعد هالفضفضة ولو كانت من غير كلام ... بعدت عن
حضنها ورفعت راسها لها وابتسمت وهي تمسح بقايا دموعها : الله لا يحرمني منتس يارب
ردت لها الابتسامة ومسحت على شعرها الطويل : اللهم آمين .. قومي نصلي المغرب ...
لاتاخذنا السوالف وتفوتنا صلاتنا ... وقامت ومدت يدها لها تبيها تقوم معاها .. وبالفعل
قامو ثنتينهم .. ومن طلعو من الغرفة لمحت نورة نظرات موضي اللي مبين عليها كانت
سامعة كل شي .. وكانت آثار الصياح بادية على وجهها ولو اخفتها بابتسامتها العذبة ....
وطريقتها المجنونة في الكلام : اجل بينكن اسرار من ورانا ؟ ايا قليلات الخاتمة عسى
ماتحبن واحنا ماندري ..
ابتسمت لها نورة واشرت لها بعينها تشكرها .. وقالت تمازحها : ياويلتس من الله وش
اقول بس غير تجيك التهايم وانت نايم .. ضحكت شيخة .. وهالضحكة بعثت الارتياح
بقلوب خواتها اللي كانو يترقبون اي شي يثبت لهم انها تجاوزت حزنها لو شوي بس
جاتهم حصة تركض من برا البيت بجلالها وبرقعها : وخرو بسرعة ابي اتوضا وبدون
ماتسمح لاحد يناقشها دخلت الحمام ( تكرمون ) وهم يناظرون .. وسمعو صوت محمد
يتنحنح يبي يدخل ابوهم للبيت .. ضحكو من قلب يوم عرفو سبب هروب حصة ودخولها
بهالشكل للبيت .... بعد ماتغطو البنات ودخلو محمد ومشعل شايلين عمهم للداخل .. في
ظرف ثواني انقلبت الصالة كلها ضحك وتعليقات بين الخوات ..


يوم الخميس تجهزو بيت ابو طلال لاستقبال ضيوفهم .. كانت هالمناسبة اصلا تغيير
روتين .. ورغبة من ابو طلال في الاجتماع مع معارفه قبل مايسافر بنهاية الاسبوع
اللي بعده لولاية سياتل بامريكا لمدة شهر .. ينهي فيها اعماله اللي تخص شركته ....
وبنفس الوقت يبي يعتبرها كاحتفال لانه واثق من المناقصة اللي اكيد بعد كم يوم راح
ترسي عليهم .. خصوصا انهم الشركة الأقوى بين جميع منافسيهم ..
طلعت من غرفتها ركض لجناح سما : سموووووووي لحقي علي ..
شالت الجوال من اذنها وناظرتها مستفهمة ... : خير وش عندك ؟
ركضت للتسريحة وبدت تفك الادراج وتتعبث فيهم .. سكرت سما من الجوال وجاتها
على طول وسحبتها من كم البيجاما : هيييييييييييييه وش تبين باغراضي ؟
بعدت يدها بسرعة وهي تناثر اكسسواراتها : سموي ابي الحلق الاصفر اللي عندك ..
رجعت سحبتها وبعدتها عن التسريحة : زيييين وخري انتي وانا اجيبه لك ..
بعدت عنها وفتحت وحدة من العلب اللي تحط فيهم اكسسواراتها وطلعته لها : وانتي
للحين حايسة ماخلصتي ..
تأففت وناظرت فيها من فوق لتحت : اجل مثلك انتي تلبسين اي شي وتمشين حالك
ناظرت سما في لبسها الانيق وشعرها المرتب .. واكسسواراتها اللي مختارتها بعناية
والميك اب الخفيف اللي مناسب لعمرها : بالعكس انا انسانة احب اكون انيقة ببساطة
وانتي تحبين تتعبين عمرك بكشختك .. ماكلمت كلامها لانها ماشافت الا يدينها وهي
تلوح لها من بعيد وهي رايحة ... ماكانت تهتم بأمر هاللي جايين لان اغلبهم ماتحبهم
عمانها وبناتهم كبار وماتحب تحتك فيهم .. وزوجات عمانها مو ذاك الزود معهم ..
وخالها الوحيد ببريطانيا من سنين ومايشوفونه الا كل خمس سنوات مرة .. وبناته
بعد ماتحبهم لانهم اصلا بعيدين عنها .. واهل امها مافي الا بنات خالتها الوحيدة
اللي ماتحبهم .. فوزية اللي محد يرتاح لها ولا يحبها من لسانها السليط واسلوبها
المغرور في التعامل مع الناس .. وحنين اللي تحمل نفس صفات اختها السيئة وتزيد
عليها انها طليقة طلال وهالشي يزود حجم كراهيتها بقلبها .. وبنات فوزية وديما
كلهم بالنسبة لها غير مستساغين ابد وماقدرت تتقبلهم خصوصا انها انسانة صريحة
بمشاعرها وماتعرف تجامل فيها .. بعكس رسيل اللي تعلمت تكون واجهة مبتسمة
مثل امها ومثل اغلب نساء الطبقة الارستقراطية .. اشتياقها الوحيد كان للمياء واختها
ميساء تحب هالثنتين من قلب .. فيهم طيبة لو توزعت على العالم كان هالناس عاشو
بخير .. ورغم فارق السن بينها وبينهم الا انها تحب جلستها معاهم وتحب سوالفهم
لانها تحس بالراحة معاهم .. مايعرفون النفاق والكذب والحش بخلق الله .. يعيشون
في سلام مع الكل .. ومحد عمره اشتكى منهم او قال فيهم عيب واحد .. وقفت والقت
على نفسها نظرة اخيرة في المراية .. وطلعت من جناحها .. مرت على رسيل وشافتها
تضبط في شعرها ومادة بوزها شبرين وضحكت من قلب على شكلها .. وقبل تنزل
صادفت طلال وهو واقف مع سامي يزين له شماغه .. وابتسمت في خاطرها عليه
اكيد سامي كالعادة رفض يلبس ثوب .. وخلاه طلال يلبسه بالقوة .. اصلا مو لايق
عليه طالع كأنه اجنبي ولبسوه ثوب وشماغ .. يفرق كثير عن طلال اللي يلفت اي
احد بمجرد مروره .. له حضور وله هيبة تميزه عن كثير من هم بعمره .. رفع عينه
وشافها شاقة الابتسامة من الاذن للاذن وعرف انها تضحك عليه .. كان وده يضمها
ويبوسها .. يموت عليها بشكل جنوني .. اشر لها تجيه وانتبهت من سرحانها وراحت
له على طول .. : هلا ..
ناظرها من فوق لتحت .. وحست بخوف يبدد ابتسامتها اكيد بيقول شي على لبسها
رغم انها كانت لابسة تنورة ميدي الى حد الكاحل تقريبا .. مع توب كمه كت .. لكنه
فاجأها بقوله : وش هالحلاوة كلها ؟
اتسعت عيونها وناظرته متعجبه .. بعدها ابتسمت له وقالت بخجل : مشكور ..
دنق لها وباس خدها : قولي عيونك الحلوة .. الله يحلي ايامك .. اي شي ماتعرفين
تردين .. ناظرته مستغربة حاله اوقات مايعطي مجال لهم يتكلمون معاه ولا يناقشونه
وحتى سؤال عن الحال مايسألهم .. واوقات يرمي عليهم كم كلمة يستغربونها منه
خصوصا ان هالأوقات نادرة ..
حرك يده قدام عيونها : مضيعة شي بوجهي ؟
دوت ضحكة عالية بكل البيت منها .. ومات ضحك سامي اللي من اول يناظرهم
مستغرب هو بعد .. رسيل كانت توها طالعة وقاعدة تضبط ساعتها بيدها .. راحت لها
سما تركض : ريسووووو لا يفوتك طلول ينكت ..
رسيل اللي كانت متضايقة من ساعتها اللي ماعرفت شلون تسكرها حست هالشي
خارق للعادة ومايتفوت .. : والله وش قال ؟
ناظرهم وهو مبتسم بداخله ما استغرب من كلامهم هو يدري انه جاد معاهم وشخصيته
مايتخللها مزح ابد .. رغم انه من وقت لوقت يحاول يكسر هالحاجز اللي بينه
وبينهم رغم فارق العمر .. بس يمكن مو ذنبه .. امه جابته وقعدت بعدها 13 سنة الين
جابت رسيل وبعدها بـ 3 سنوات جابت سامي وبعده بسنتين جابت سما .. عاش طفولته
وحيد ..وعاش مراهقته مايرافقه احد .. وكل ذكريات الطفولة والمراهقة ماتحمل له
وجود اي شخص من هالبيت .. نزل تاركهم يضحكون على هاللحظة اللي اهداها لهم
وراح لابوه اللي ينتظره يوقف جنبه في استقبال ضيوفه اللي بيشرفونهم بهالوقت ..
وبداخله قرار انه يتناسى وجودها بنفس المكان .. ونفس الزمان ..







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:06 PM   رقم المشاركة : 12
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

في مثل هالوقت تضج المجمعات بروادها .. زحمة كبيرة من متسوقين ومن آخرين
جايين بس يقضون وقت فراغهم ويقعدون بأحد الكوفيهات .. او يتعشون باحد المطاعم
المنتشرة بهالمجمعات .. كان واقف يقاوم البرد ببدلته الرسمية والجهاز اللي بيده يناظر
جموع المتسوقين اللي يرتادونها .. اليوم هو اول يوم له في هالدوام المتعب والمضني
صعق من هالمناظر اللي يشوفها .. رغم انه صار له 3 سنين بالرياض الا انه عمره
ماغير روتين حياته .. من الشقة للجامعة منها للشقة .. واذا غير هالروتين راح للديرة
او طلع للبر مع خوياه .. شاف ثلاث بنات نازلين من سيارة السواق كانت اشكالهم ملفتة
لكل اللي عند المجمع .. حجاب سافر نص الوجه طالع .. ومكياج يخيل للي يناظرها
انها بتحضر عرس او مناسبة كبيرة .. وعبايات مخصرة ومفصلة للجسم ومطرزة
بألوان كثيرة وكأنها فستان مو عباية .. والحقيقة انها تحتاج فوقها عباية تسترها .. نزل
عينه على طول لأنه مايبي يدنس نظره بهالمناظر .. " الله يستر على خواتي وبنات
عمي وبنات المسلمين يارب " تهامسو امامه وتغامزو بالكلمات وهو متجاهل مرورهم
اللي عطر المكان كله بروائح عطورهم .. كان يستغفر ربه من هاللي يشوفه .. مايبي
يفتتن فيهم ويناظرهم .. " العين تزني ياراكان وزناها النظر " تأفف بداخله كثير هذا
وهو توه بأولها .. مرت عليه الكثير من المناظر كان اغلب رواد المجمعات والاسواق
حريم وبنات واطفال ..انتظر تمر ساعات هاليوم بسرعة لانه حس بملل فظيع واحساس
البرد يفتك عظامه .. خصوصا ليل الرياض اللي برده يخترق العظم .. شوي شاف من
بعيد بنتين جايين ووراهم شابين مبين انهم قاعدين يعاكسونهم .. دخلو البنات واستوقف
الشابين : وين يالأخو ؟
واحد من الشابين تكلم على طول : وين بعد بندخل السوق ..
قاطعه بحزم : ممنوع يالطيب ..
تكلم الثاني بغرور : وش الممنوع فيه اهلنا داخل وبنروح لهم ..
التفت للبنتين اللي واقفين داخل ويناظرونهم : اهلكم..؟ وليش مادخلتو معاهم ؟
رجع تكلم الشاب المغرور : شلون ندخل يعني وانت موقفنا .. " واشر على البنتين اللي
وقفو ينتظرونهم " هذول هم اهلنا ..
عرف انهم يكذبون لانه شاف البنات يوم نزلو من سيارة غير اللي نزلو منها الشباب ..
ورجع التفت على البنات : يقربون لكم ؟
ردت وحدة من البنات بكل وقاحة وبدون خجل : ايه اخواني ..
قبل مايدخلون الشباب استوقفهم ..لانه حس انه بيخون نفسه قبل مايخون الأمانة لو سمح
لهم يدخلون ويكون شريك لهم بذنبهم اللي بيقترفون بهالمجمع : لحظة شلون خواتك وهذي
سيارتهم وانتو نزلتو من اللكزس السودا ؟
ارتبكو البنات من سؤاله وتكلم الشاب الأول : وانت قاعد تراقبنا ؟ خلاص قلت لك اهلي
وخر بس ..
وقف بطريقه ومارضى يخليهم يدخلون : انا قلت لك ممنوع .. وماراح تدخل لا تحدني
ابلغ عليكم ويجون يسحبونكم ..
رجع الشاب المغرور قرب منه وناظره من فوق لتحت : الحين انت تبي تفرض قوانينك
علينا ؟ انا بدخل وقلتها لك .. واذا فيك خير امنعني .. " والتفت لصاحبه " مابقى الا
هالخمه يتحكمون فينا .. وابتعد عنهم شوي .. وشافه راكان وهو يتصل بجواله ومبين
عليه انه معصب .. دقايق وجاهم واحد من السيكورتي بالسوق وتكلم معاهم بعدها التفت
لراكان : خلهم يدخلون هالمرة وامسحها بوجهي .. هذول معارفي مو مطولين بس يبون
لهم اغراض وطالعين ..
رد عليه بكل حزم : يلاحقون بنات خلق الله وتقول يبون اغراض ؟
مسك دقنه بيده : تكفى ياولد لا تكبرها كل المجمعات مليانة شباب مصدق عاد انهم
بيمنعونهم لا يدخلون ..
كان مصر على موقفه .. رغم ان وظيفته بسيطة بس هو ممكن انه يمنع منكر وهالشي له
اجر فيه بمشيئة الله .. سمع كلمات استحقارهم له ولمكانه ولعمله اللي اجبرته الظروف
انه يكون بهالمكان .. ماكان مثلهم ولدو وفي فهمهم ملاعق من ذهب .. كانت هدية تخرجهم
من الثانوية سيارة آخر موديل .. او مصروف يدفع لهم بمبلغ وقدره .. هو انسان بسيط عاش
وتربى على الفقر .. وبداخله اصرار انه يوجد نفسه ومكانته في هالمجتمع بمجهوده .. مثله
هم من يحسبون في قائمة الذكور رجال .. اما غيرهم اللي جازو الـ 25 وهم يستلمون
مصروفهم من اهاليهم .. اشباه رجال لا يمكن بأي حال من الاحوال انهم يتصفون بالرجولة
الكاملة .. انتهى دوامه ورجع للشقة وهو يراجع يومه الأول وش كثر كان يحمل له مواقف
واحداث .. قدر انه يتجاوزها وهو مدرك ان الأيام القادمة بتحمل له اكثر .. ويمكن مواقف
اصعب .. رجع وشافهم جالسين يسولفون اللي يتفرج على التليفزيون واللي مقضي وقته
على النت .. حمد ربه على كل حال .... " كل مؤمن مبتلى ياراكان .. اللهم لك الحمد كما
ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك الحمدلله .. الحمدلله .. الحمدلله " سلم عليهم واستأذنهم
يروح الغرفة ينام .. من قومته الصباح وهو يكابد في مشقات الحياة .. حتى يوم الخميس
اللي الناس يرتاحون فيه ماعرف طعم الراحة ابد ..


كانت جلستهم رسمية في اغلب الوقت .. يمكن لأن اغلب الموجوديم قلوبهم مو على
بعض واللي يجمعهم النفاق الاجتماعي فقط .. كانو جالسين بزاوية المجلس ..
سما تناظر منال ومروى وخالتهم حنين وهم يناظرون الناس ومو شايفينهم شي بالنسبة
لهم : وووووع يااااااربي هذول شلون تحملت الليل كله اناظرهم ..
التفتت لمياء للمكان اللي تناظر فيه سما .. : لا تناظرينهم ولا شي .. سولفي وتجاهلي
وجودهم ..
كشرت بوجهها : مغرورات مدري وش عليه .. كلنا عندنا خير اوووف ياثقل طينة
حنينوه ..
حطت يدها على فم سما : سموي كم مرة قلت لك انتبهي من الغيبة حرام مايجوز ..
شالت نظرها عنهم وناظرت رسيل وميساء اللي مبين عليهم يتناقشون في آخر خطوط
الموضة وجديد الماركات العالمية .. ومتى موعد السفرية الجاية .. : طالعي هذول بعد
حياتهم كلها فساتين وعطور وميك اب ..
ابتسمت لها لمياء لانها تذكرها فيها يوم كانت بعمرها : تشوفين انتي الملل بس الله
يعينهم على انفسهم ..
فرقعت باصابعها وكأنها لقت شي تمسكها عليه : انتي بعد تغتابينهم مو بس انا ..
ضحكت عليها من قلب : انا قلته في وجيههم وهم يسمعوني بعد .. واسأليهم ..
التفتت عليهم ميساء : ايه كل يوم اسمع نفس الكلام تعودت خلاص ..
رجعت تتأفف وتناظر بحنين اللي ناظرتها بكل غرور : وجع هالخايسة .. شين وقوي
عين ..جاية ورازة عمرها وكأنها ماسوت شي ..
طقتها لمياء على يدها : ماتتوبين انتي خليك كذا خذي من سيئاتها وابدليها حسنات ..
نثرت شعرها بشكل مجنون وهي تقول من بين اسنانها : اكرررررررهها ليش جاية
اليوم .. ليش نروح كذا مناسبة وتعتذر عنها .. وعندنا احنا مستحيل تغيب ..
كانت تضحك على شكلها وهي متنرفزة وتحس انها شوي وتنفجر خصوصا انها من
اول الليل وهي مو قادرة تتحملها : كلنا مانحبها .. شي طبيعي لأنا نحب طلال ..
عدلت جلستها وناظرتها من بعيد بتهديد : هي تظن انها بتتمسكن عنده عشان يرجعها
بس والله لو تحفر الأرض ماتاخذه ..
ضحكت بصوت عالي وحطت يدها على فمها بعد ما التفو عليها اللي بالمجلس : يعني
ماتعرفين طلال .. لو بيرجعها بيوقف بوجه الكل وياخذها .... انا مدري وش اللي
مخليني اقعد جنب وحدة خبلة مثلك .. جبتي لي المرض وانتي من قعدت تحشين بخلق
الله ..
مسكتها من يدها قبل تقوم : اغتبتيني .. شفتي قاعدة تحشيني ..
فكت يدها عنها وراحت من الجهة الثانية جنب رسيل وقالت لها من بعيد : هذي مو
غيبة . انتي شلون تفهمين ؟ مادرسوك يعني .. ولا تدخلين الفصل وطق حنك وسوالف
مع البنات وماتنتبهين لدروسك ...
كشت عليها من بعيد وهي تضحك : ياشينكم يالمدرسات لا تفلسفتو .. لا تعالي بس حطي
لي قوانين ونقصي من درجاتي ... ضحكت عليها وتجاهلت كلامها .. وكملو جلستهم
اللي ماطولت بعدها ومشو كلن رايح لبيته .. ومابقى الا لمياء اللي تنتظر ابوها وتروح
معاه ... بعدها بدقايق اتصل عليها ابوها تطلع له .. لبست عباتها وسلمت عليهم وطلعت
لمحته واقف مع ابوها وابتسمت من قلب وهي تشوفه .. يالله وش كثر تعشق هالانسان
له معزة خاصة بقلبها .. لمحها وهي جاية لهم من بعيد وابتسم لها .. : السلام عليكم
ردو عليها السلام وقربت من طلال تسلم عليه : اخيرا شفتك .. مابغيت وين الناس
وانت ياكافي ماتنشاف حتى لو جونا اهلك اسأل عنك محد يعرف انت وينك ..
مشى معاها وهي تمشي ورا ابوها : انشغلنا بهالدنيا .. ان شاء الله اجي لك يوم واقعد
معك واخذ علومك ..
مشت عنه تبي تلحق ابوها : ايه ايه اكذب علي مثل كل مرة هذا كلامك وللحين
ماصدقت وعودك .. ضحك بقلبه على كلامها هو مدرك انه مقصر معاهم ومايزورهم
ابد رغم انهم يجون كل شوي عندهم ويسألون عنه ..
اما هي من ركبت مع ابوها وهي تراودها فكرة ممكن تكون فيها مغامرة كبيرة لكن راح
تحاول قدر المستطاع تحققها .. طلال ونورة كل الاثنين بنظرها محرومين .. ومثل
شخصية طلال يحتاج امرأة حنونة تحتويه .. وهي لمحت هالحنان الكبير بشخصية نورة
ونورة تبي لها شخص يسندها ويكون لها عون بحياتها اللي عانت فيها وعاشتها بحرمان
واكيد طلال هو انسب انسان لهالمكان .. مناسبة له في العمر وتحمل مواصفات متأكدة
انها بتعجبه .. رغم انها مدركة انها ممكن تكون معركة خاسرة لان طلال انسان عنيد
ورفض من اول انه يتزوج ماراح تقدر في كلمة انها تغير هالقناعة اللي بداخله .. لكن
راح تحاول بشتى الطرق انها تقنعه .. وبيكون معاها ابوها وعمها ابو طلال .. واكيد
ام طلال .. تبي تعوض طلال بانسانة في نظرها ماراح يكون لها مثيل .. وبتعوضها
هي عن حياتها ومعاناتها بشخص قادر انه يهيء لها كل سبل الراحة .... واكيد راح
يحبها لانها انسانة تدخل القلب .. ولانه هو محتاج اللي تحبه وتكون معاه وله .. ابتسمت
على تفكيرها وين وداها .. لكن من شافتها وهي تتمناها له .. وان شاء الله تقدر تحقق
هالأمنية ..


كانو قاعدات مع حريم الديرة مجتمعين عند باب بيت ام عبيد وسوالف وقهوة ...
كانت جلستهم حميمية تلفها روح المحبة اللي تسكن قلوبهم .. احاديثهم كانت بسيطة ..
واحلامهم اللي يتشاركونها ابسط .. سوالف عن المزارع .. والغنم اللي يشوفونها من
بعيد وعليان جالس عندها .. والعم مرزوق ودكانه اللي عج بالاشياء القديمة والبسيطة
ملامح ارهقها الزمن ومتاعبه .. ارتسمت عليها احلى ابتسامة رغم الألم .. كانت حصة
وعليا بنت ام عبيد قاعدين بطرف الزولية ومعاهم 5 احجار صغيرة ويلعبون السقيطة
( الصقلة ) .. وموضي نحاسة فيهم كل شوي تخرب عليهم اللعب حصة تنرفزت منها
ومسكت يدها بقوة : مويضي انقلعي خلينا نلعب ..
وبالفعل انشغلت عنهم بالسوالف وكل ماشافتهم متحمسين خربت عليه هالمرة صرخت
حصة بأعلى صوتها : يمممممممه فكيني من هالنذلة مويضي ..
قبصتها امها في فخذها وصرخت موضي وضحكو عليها اللي مجتمعين : خلي عنتس
اللقافة لا تزهقين اختس ..
مسكت فخذها مكان القبصة وقعدت تمسح عليه : الله يسامحتس يمه يعور ..
ناظرتها حصه ومدت لها لسانها تقهرها .. وقبل تخرب عليهم مرة ثانية سحبتها نورة
من يدها : موضي اعوذ بالله منتس وش جايتس بعقلتس .. اركدي خلي الحريم يسولفن..
استسلمت لرغبتهم وهي تقاوم انها تخرب عليهم كل شوي .. قبل صلاة الظهر تفرقو
كلن لبيته .. ورجعو البنات ينتظرون صلاة الظهر بيصلون .. قعدت نورة عند ابوها
تسولف له لان امها وخواتها وقفو برا مع خالتهم وبناتها .. ومن سمعو صوت الأذان
دخلو للبيت يصلون .. وكعادتها كل يوم خلصت صلاتها ولبست عباتها وراحت لمدرسة
سلمان يسبقها شوقها له ولهفتها للقائه المرتقب .. مرت على دكان العم مرزوق واشترت
بسكوت ابو ولد لاخوها تبي تفرحه شوي ..ومشت بخطوات سريعة للمدرسة .. حمدت
ربها انها ماتأخرت عليه وقعدت على عتبة احد البيوت المقابلة للمدرسة تنتظره ... بعد
دقايق شافته كالعادة بمكانه اللي كل يوم يوقف فيه .. ماناظرته لانها ماتعودت تكون وقحة
وتقعد تناظره .. بس وجوده يكفيها .. شوي الا جاها سلمان يركض وباين عليه مستانس
مشى لها وهو مبسوط : اليوم جبت العلامة الكاملة عند الاستاذ وقال لي انت احسن طالب
في الفصل ..
ابتسمت وحطت يدها على راسه وقامت .. مدت له الكيس اللي بيدها: اجل خذ هذا هديتك
يوم شاف البسكوت اللي بيدها طار من الفرح ومسك يدها ماشين لمدرسة منيرة : موضي
والله اليوم وناسة كل العيال يصفقون لي ..
كان يمشي وينطط قدامها وناسة وهي تطالع فيه وتضحك .. فجأة تذكر شي : ايه صح
الاستاذ كتب لنا الواجب في الدفتر يقول خل اختك تشوفه ..
وصلو عند مدرسة منيرة وقعدو ينتظرونها وفتحت السجادة اللي فيها دفاتره وقعدت
تفتش بين الدفترين اي واحد فيهم اللي مكتوب فيه .. اول مافتحت الدفتر الأول قعدت
تدور بين الكلام وين الاستاذ كاتب لهم عن الواجبات ..
قعد يقلب في صفحات الدفتر يستعجلها : بآخر صفحة كاتبها .. شوفيها ..
فتحت على آخر صفحة .. ومن اول ماشافت بداية الكلام توقف قلبها عن النبض وحست
الدنيا تدور من تحتها من صدمتها .. ما استوعبت الكلام اللي تشوفه .. ولا قدرت حتى
انها تقراه وتفك حروفه سكرت الدفتر وحطته بيدها وهي مو عارفة وش تقول ..ناظرها
ببراءة : وش الواجب ؟
انتبهت له من بعد صدمتها : بالبيت بعلمك وشو ..
ماصدقت انه منيرة طلعت لهم .. مشو راجعين للبيت ونبضات قلبها تدق بشكل جنوني
اللي صار لها اقوى من تحملها .. وماتخيلت انه بيوم من الأيام ممكن يصير .. كانو
يسولفون لها وهي تهز راسها انها معهم .. وهي مو معهم ابد .. هي بعالم ثاني للحين
ما استوعبته .. تبي بس توصل البيت وتقرا اللي في الدفتر وتفهمه ..




/
\
/
\







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:07 PM   رقم المشاركة : 13
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

الجزء الرابع
[ الفصل الأول ]‎‎‎



/
\
/
\



ودي بك .. وابيك واباك وابغاك .... جمعتها لرضاك واختار فيها
شف ويش منها يتبع احكاك ورضاك .... واللي لك اسقي مسمعك لا ضميها
غديت افر احكاي واساير احكاك .... وانا تشرف لكنتي واهتويها
مضمونها ودي بشوفتك واهواك .... ياللي دروب اهل الردى ما تجيها
صانك ولي امرك وحبك وداراك .... لاقدر ردع الحظوظ ومجيها
نفسك مهذبها وعز الله رباك .... مايدري ان جيش الهيام يغزيها
والله قسم يبلاك بي وانت يبلاك .... باللي سواتي في العرب يرتجيها
محبة ذربه من القلب تكساك .... محبة صدق الهوى يكتسيها
يامرك قلبك بالوفا لي وتنهاك .... ناس على لاماك تفرك يديها
رزين عقل ومن مزايا مزاياك .... نفسك تحب وعفتك تمتطيها
وتطيع عقل ما بعد زل واغواك .... مشاعرك تعصاه وانت تعصيها
ماشفت منك الا عيونك ويمناك .... محبة راع الردى ما يبيها
يقبض فوادي لا تخيلت فرقاك .... ياشف عين ما سواك يعنيها
وياعزوة اخوانك ومطلب هذولاك .... ناس محبة والدك تدعيها
ياجعلها تفدى على الارض ماطاك .... والله بمن هو مثلها يبتليها
لكن لعب في ياوليفي تغلاك .... ونفسي غلاك من الصدود يحديها
تبطي علي وانا هنا واتحراك .... وكبدي لواهيب الصبر تشتويها
اجمع علومك امن هناك وهناك .... والله لو انها تنشرى لا اشتريها
واياك واياني...واياني اياك .... من غيبة من دون عذر يحميها



ارتجفت يدها بلا توقف .. وضربات قلبها تسارعت بشكل جنوني .. حتى انفاسها يهيأ لها من
خوفها انها مسموعة .. تأملت كل حرف مكتوب .. قرأت الابيات اكثر من مرة تحاول تستوعب
فحواها .. هو يبيها بس ماقال شلون يبيها .. اكثر شي اثار الرعب في قلبها اسمها اللي يتصدر
الصفحة .. " ياربي هذا شلون عرف اسمي ؟ " تدري ان سلمان مستحيل يعلمه .. لو يذبحه
ماقال اسم امه او وحدة من خواته .. حست ببرد شديد يخترق عظامها وسحبت اللحاف اللي
مسفط على جنب .. فردته وتلحفت فيه وهي تحاول تسيطر على رجفة جسدها .. شقت الورقة
وسفطتها .. وحطت دفتره على جنب .. وعلى طول خبت الورقة بصدرها .. هي مدركة ان
بيت صغير بهالحجم ماراح يكون فيه خصوصية واكيد الكل الحين يبي يسألها وش فيها .. ما
تنكر انها مجنونة وانه عاجبها .. بس مستحيل تغلط نفس غلطة اختها شيخة .. رغم انه شيخة
كان سعد ولد خالها ..بس محد رحمها يوم راح وتركها .. غمضت عيونها وهي تحاول تسيطر
على انفعالاتها وجاها صوت امها الحنون الدافي : موضي .. عسى ماشر وش فيتس ؟
ماردت عليها لانها تحس بارتباك فظيع .. وماتدري وش الكلام المناسب واللي المفروض تقوله
وقبل ترتب كلام وتنسقه حست بلمستها الحانية على راسها : مصخنة وانا امتس ؟
فتحت عينها وابتسمت لها ابتسامة بسيطة : لا يمه مافيني الا العافية .. بس الظاهر دخلني برد
شوي وابي اتدفا ..
قربت منها وغطتها زين .. وصارت تمسح على ظهرها .. حست بغصة كبيرة بحلقها .. هي
ماخانت اهلها ولا تبي تخونهم .. كانت تحس بمغامرة حلوة تعيشها بجنون بس رسالته فيها شي
صحاها من هالجنون .. تربت على الاصول وتعرف طريق العيب وتدله .. بس مستحيل تمشيه
ولو في يوم قلبها تمرد تنهي هالحب بيدها ولا تنزل راس اهلها وسمعتهم بالارض .. خصوصا
انهم في ديرة وكلن يعرفهم وخطوتهم محسوبة .. : يمه ..
ناظرتها بحنان كبير : هاه يمه ؟
قعدت وسندت نفسها على الجدار اللي وراها : وين خواتي ؟
ماكملت كلمتها الا بجيتهم هم وبنات عمها .. شافتهم يشيلون اغراض بيدينهم وعرفت انه اكيد
العم مساعد جايب لهم من الجمعية مثل كل مرة .. جاتها شيخة تركض : موضي قومي شوفي
وش جبت لتس للعيد ..
سكرو الباب لان العيال جايبين مواد غذائية من اللي جايتهم من الجمعيات الخيرية وقعدت مع
البنات يورونها الملابس اللي خذوها ملابس مستعملة ممكن تكون لبست مرة او اكثر فرحانين
فيها لانهم بيلسبونها في العيد ورغم فرحتها باللي خذتهم مازالت تعيش في صراع مع مشاعرها
وتجهل وش ردة الفعل المناسبة في هاللحظة .. : انا ابي الاحمر ..
سحبته سارة على طول : والله ماتاخذينه انا اخترته بالاول ..
ضحكت نورة عليهم لانها تدري وش كثر هالثنتين دايم يتطاقون على الملابس : للحين ماكبرتو
انتو .. عاد محد يشره على موضي توها بزر .. بس البلا فيتس ياسويرة ..
طقتها موضي على يدها : مانيب بزر وجع .. ومابيه خلاص عفته ابي اللي جابته لي شيخة ..
قربته منها شيخة ومدته لها تبيها تاخذه : يلا قومي قوسيه ..
تلحفت زين وقعدت تطالعهم : بعدييييييين هالحين ذابحني البرد ..
هيا وهي تقعد جنبها وتحط يدها على جبينها : وش برده بهالظهر .. لايكون مصخنة ..
تكلمت امها اللي من اول تطالعها وحاسة فيها شي : لا مافيها الا العافية ان شاء الله .. قومي
يابنيتي قوسي اللي جابته اختس ..
ابتسمت لامها وفزت على طول خذته وقامت تلبسه .. دقايق ووقفت قدام المراية اللي مكسور
نصها وساندينها على الجدار لانه مالها مكان يعلقونها فيه : شرايتس يمه زين ؟
ناظروها كلهم وقعدو يمدحونه عليها .. كانت تضحك معاهم بس بداخلها شعور عجزت تفسره
ماتدري هل هي صدمة او فرح .. او يمكن خوف من المستقبل .. ما احتاجت وقت كثير في
التفكير حتى اتخذت قرارها انها مستحيل ترد عليه او توضح له شي ابد .. اذا هو يبيها مثل
ماكتب لها يجي يطق عليهم الباب .. اما غراميات وخرابيط ماعندها .. مستحيل تنصح شيخة
وتمشي نفس طريقة .. اذا ولد خالها وباعها .. اجل وشلون هذا اللي مايقرب لهم ولا هو من
ثوبهم ولايعرفونه بعد .. رغم انها صغيرة سن الا ان تفكيرها ناضج .. وعرفت انها ماتبي
تكون ضحسية لمشاعرها .. شالته مؤقتا من تفكيرها .. واستمتعت بهاللحظة البسيطة اللي
زرعت فرح كبير بداخلهم ..



سمعت صوته وهو ينادي باسمها .. ارتعدت كل اطرافها خوف توكلت على الله وراحت له
شافته جالس بكل هدوء بدون مايناظرها .. قربت منه وحبت راسه .. كرهت شعورها اللي
بقلبها .. ابوها وماتحس ناحيته اي مشاعر تذكر .. شخص مثله مثل اي شخص ممكن يمر
في حياتها .. مايعني لها اي شي ولحظات كثيرة تحس انها تكرهه .. فاجأها صوته الهادي
وهذا في المرات النادرة فقط : اجلسي ..
جلست بدون ماتناظره .. كانت تناظر كل شي حولها .. وماحبت تبين له ارتباكها .. هي
قررت تتخذ موقف .. يكون لها قرار .. عمرها راح كله خوف وتعب وظلم .. والحياة
ماعادت تستحمل اكثر .. اذا كانت في كل الاحوال خسرانة .. على الاقل يحسب لها شرف
التجربة والمغامرة .. وماراح تغير هالقرار ابد .. حست بسكون غريب والتفتت له .. كان
مركز نظره عليها : كل ماكبرتي صرتي تشبهينها اكثر ..
" لااااااااااا .. لا تتكلم عنها الحين .. لاتعذبني ترى ماعاد بقى فيني صبر " نزلت راسها
ماتبيه يشوف انفعالاتها .. يسمح لنفسه يتكلم عنها ويحرمها مجرد السؤال حتى لو كان
بسيط مايسمح لها تستفسر او تسأل .. رفعت نظرها وقالت برجاء : يبه تكفى ابي اعرف وينها
فيه ؟
قاطعها وكأنها ماسمع سؤالها : اللي ابي اعرفه شي واحد بس .. تعلمتي من درسك .. ؟
ناظرته بملامح خالية من اي انفعالات تذكر .. لا حزن او قهر او غيره .. وجه جامد
خالي من اي علامة من علامات الحياة .. كمل كلامه كتهديد لها : هالبيت ماتطلعين منه
الا بإذني .. حتى لو انك على فراش الموت .. لا بيت عمك ولا عمتك ولا حتى مستشفى
ولو كسرتي كلمتي عند اخواني مرة ثانية والله لاذبحك ..
ماحبت تعانده وتدخل في جدالات معاه .. اختصرت وقتها ومشاعرها وجاوبته باللي
يرضيه : ان شاء الله يبه ..
اللي رحمها هالنقاش كان بينها وبين ابوها يمكن لو كانت مرة ابوها موجودة كانت صارت
مشاحنات اكثر خصوصا انها ماتحب السلام اللي يعم بينهم .. رفعت راسها وناظرته : يبه
شافته للحين مركز نظره عليها .. وفهمت كل اللي بخاطره : نعم ؟
ارتبكت من نظراته ونزلت عيونها على طول : تبي شي ولا اروح ؟
قام هو قبل مايرد عليها طالع من البيت .. وقبل يطلع مع الباب التفت عليها : روحي لجناحك
فوق ..
ابتسامة سخرية اعتلت وجهها .. يعني الحين حن عليها .. بالنسبة لها هالبيت بكبره سجن هنا
او هناك واحد .. مشت للغرفة وخذت عباتها وشنطتها وطلعت رايحة لجناحها .. حلفت بالله
ماعاد تسكت عن حقها .. وراح تحاول توصل لامها بأي طريقة .. تبي اجابة بس تريحها
اتعبتها هالظنون وكثرتها وماعاد قلبها يحتمل اكثر .. فكرت بعمتها هيفا لكن بالاخير استبعدتها
لانها تدري وش السبب بس قالت لها كذا مرة انها حلفت بالله ماتقول هالكلام لها .. وابوها هو
اللي محلفها .. وميساء تخاف تسبب لها مشاكل مع عمها اذا عرف ابوها .. هي حاطة احتمالين
وماعندها غيرهم .. ميساء او اختها .. رغم ان علاقتها في لمياء جدا سطحية بس ممكن تحس
فيها وتحاول تساعدها .. انسدحت على سريرها واستسلمت لافكارها .. سؤال دايم يتردد في
بالها .. مادام ابوها يحب امها ليش يطلقها .. اوقات من كلامه تحس انه كان عاشقها مو بس
يحبها واكيد الحين ينتقم منها في صورة بنتها .. اللي كل ماكبرت صارت تشبهها ..
فزت على طول ووقفت قدام المراية تناظر نفسها .. " لييييييييييييش ما اذكر شكلها " تأملت
صورتها المنعكسة في المراية .. حاولت تذكر شكل امها ماقدرت .. كلهم يقولون انها نسخة
منها .. حتى نظرات ابوها لها فيها الم كبير .. بس هي ماتذكرها .. ماتذكر شكلها ..
حست بألم فظيع يعتصر قلبها .. صرخت بأعلى صوتها ورمت كل العطورات والكريمات اللي
على التسريحة على الارض .. طوفان المشاعر اللي بداخلها تجاوز حدود احتمالها .. الى متى
راح تتقبل ظلمهم واهاناتهم وضربهم ببرود .. صرخات تمرد بداخلها بدت تظهر بصوت عالي
حست بضيق كبير يجتاح صدرها .. شعور الاستسلام بداخلها تمرد بعد ماتركزت صورة منال
في احضان عاشقها الغريب في ذاكرتها .. تمردت على سلبيتها لانها كانت تجهل ماضي امها
بس الحين منال تمشي نفس الطريق اللي تصورت امها كانت تمشيه .. ماعاد صارت تستحق
العقاب وحدها .. او بالاصح تحتمل هالسجن وحدها .. منال لازم تشاركها .. اما هي .. تبيهم
يتركونها .. يطلقون سراحها .. تعيش حياتها اللي فقدتها من زمان .. احساس تحتاجه ومتمسكة
فيه .. وراح تناضل حتى تحصل على حريتها .. رغم كل القيود والعقبات وماراح تيأس..من
اليوم راح تبدأ صفحة جديدة .. بتنسى الماضي كله .. لانها ادركت خطاها .. عرفت ان اللي
كانت تعرفهم اكيد مايبونها لذاتها .. يبونها لاشباع رغباتهم .. ومستحيل تكون سلعة رخيصة
لهم ..انجرفت سنين لهم .. ولكلامهم المعسول .. لكن ماقدرو يوصلون لها .. يمكن لو كان
لسجنها حسنة وحيدة كانت انه منعها انها تتمادى في انحرافها .. ماتدري يمكن في مراهقتها
لو اتيح لها المجال .. ممكن كانت مشت في نفس طريق منال .. تعوذت من الشيطان وهي
تسمع صوت المؤذن يدعو لصلاة العشا .. رجعت تلم اشيائها المتناثرة .. وهي تدعي ربي
يقوي عزيمتها .. ومايحبطها بعد اول محاولة فاشلة ..




زهقت وهي كل شوي تناظر ساعتها بملل .. الوقت مو راضي يعدي وهي تكره الانتظار
بعد نص ساعة موعدهم .. اتفقت معاه يجي عندها في البيت .. وهي تعرف مواعيده جدا
دقيقة ومايحب يتأخر .. بس ماتقدر تخفي لهفتها بداخلها .. تدري انه داخلة حرب ضروس
واقرب التوقعات انها خاسرة .. لكن ماراح تستلم ابد .. مادام هدفها اسعاد قلبين بنظرها
يستحقون انهم يعيشون بسعادة ..
شافت ابوها وسلطان قاعدين يسولفون في مواضيع المال والاعمال انقهرت ليش هي
بهالتفكير لحالها .. رغم انها فاتحتهم بالموضوع قبل .. وكلهم أيدوها بهالاقتراح .. قامت
تشغل نفسها بأي شي واستوقفها صوت سلطان : تعالي وين رايحة ؟
التفتت ماتدري اصلا وين تروح : بروح غرفتي شوي ..
مسكها مع يدها وجلسها : اقول اقعدي مجمعتنا وفي الاخير بتروحين .. وتخرب السالفة كلها
قعدت وهي تتأفف : اولا انا مجمعتكم لاني ابي نجلس كلنا مع بعض من زمان ماشفتكم وسولفنا ..
ثاني شي موضوع طلال لاحد يتكلم فيه .. انا بفاتحه في البداية .. وتركت المجال لابوي وعمي
هم اللي يقنعونه ..
قبل مايرد عليها دخلت عليهم ميساء اللي توها جاية مع اخوها احمد .. سلمت عليهم وقعدت
معاهم .. ومع السوالف انشغلت لمياء وماعاد ناظرت ساعتها .. ماحست الا وهي تشوف طلال
وهو داخل عليهم .. سلم هو بعد وقعد جنب سلطان اللي بنفس عمره ورضع معاه من ام سلطان
في وقت كانت ام طلال تعبانة بعد ولادتها فيه .. كانت رغبتها الاولى انهم يجلسون معاه بحكم
انهم من زمان ما اجتمعو .. حتى اخوانها الكبار سلطان مشغول مع زوجته وعياله وميساء نفس
الشي .. واحمد توه متملك من فترة وللحين ماتزوج واستقر معاهم بهالقصر .. وهي ايام الاسبوع
بالديرة وماترجع الا يوم الاربعاء ..
اجتمعو سوالف وضحك .. الغريب انه طلال في هالبيت غير .. جزء من رسميته يتركها خلفه ...
مع سلطان يتحرر شوي من رسميته وجديته .. لانه انسان مرح ودايم ينكت ويضحك وهالشي
يخلي طلال وهو معاه مبسوط .. كانت تسولف معاه وهي تدعي ربها مايخيب ظنها .. لاول مرة
تتدخل فيه .. دايم كانت تخليه على راحته .. ماتحب تضغط عليه ابد بس هالمرة بتحاول معاه
تبي تقنعه بأي طريقة لانها تبي له السعادة .. بعد العشا استأذنهم سلطان رايح لبيته .. وراحت
معاه ميساء بعد يوصلها لبيتها .. وابوها راح يشوف اشغاله واحمد طلع من البيت .. ويوم قام
طلال يبي يطلع استوقفته .. التفت لها على طول : سمي ؟
حست بارتباك فظيع .. غصب عنها شخصيته تجبر اللي قدامه على الارتباك .. له حضور قوي
ونظراته مربكة بشكل كبير : اقعد شوي ابيك ..
جلس على طول يناظرها .. حست من نظراته وكأنه يقول لها اخلصي .. حاولت ترتب الكلام
قبل تقوله .. بالاخير استجمعت كل قوتها وتكلمت : اول شي مابيك تعصب ولا تتنرفز وتقوم
اسمعني للآخر وبعدها قول اللي عندك ..
من شافت زمة شفايفه عرفت انه مو متقبل الوضع بس ساكت لانه جاي عشانها .. وسكوته
خلاها تتكلم على طول : انا عارفة رأيك في الموضوع من زمان وماعمري تدخلت في
حياتك او جيت قلت لك ..
قاطعها وهو عارف وش اللي بتقوله : لمياء بدون مقدمات رجاء وادخلي في الموضوع على
طول ..
سحبت نفس عميق : في وحدة اعرفها بالقرية اللي ادرس فيها .. تقريبا عمرها 29 وللحين
ماتزوجت .. وجميلة وحسيت انها مناسبة لك ..
قام واقف وقال بنرفزة شوي : ومن قال لك تحسين ؟ واصلا انا قلتها مليون مرة مابي اتزوج
يعني ليش متعبة راسك وجاي تكلميني في الموضوع ..
قامت معاه ومسكت يده : طلال الله يهداك انا الحين قلت شي يعصب ؟ اقعد ناقشني ماجيت
فرضت عليك شي بالقوة .. منت خسران شي ياخي الكلام اخذ وعطا ..
قبض يده بقوة هالموضوع ينرفزه غصب عنه .. ما يأتمن النساء .. في نظره هالفئة مايستحقون
الحب او مجرد التفكير فيهم .. : عندك غير هالكلام ولا امشي ؟
تضايقت من تسرعه وحكمه على الموضوع قبل يسمع التفاصيل : وانا قلت شي اصلا .. خلني
اتكلم واقول كل اللي عندي ..
التفت لها وناظرها فترة مو قصيرة وبعدها تكلم : وانا مابي اسمع شي مادام هذا موضوعك ..
عندك غيره تكلمي .. واذا ماعندك بروح الحين ..
حست ودها تفجر فيه .. عقله متحجر ومايقبل النقاش .. : انت اقعد وانا افهمك كل شي ..
رفع يده واشر لها بتحية : سلام عليكم .. انا ماشي ..
وطلع من عندها بدون حتى مايلتفت .. انقهرررت من قلب من هالتصرف الغريب .. تهربه من
هالموضوع مريب .. فيه شي مو طبيعي .. هي توها ماقالت شي وهذا زعل وتنرفز وطلع حتى
بدون مايناقشها ..
حست بلمسته على كتفها : خليه علي .. انا بتفاهم معاه ..
التفتت له على طول وابتسمت : هو سمع مني اصلا .. على طول قام ..
ابتسم لها بحب : سمعت كل شي من الاول .. واكذب عليك لو قلت لك اني متوقع غير هالشي
ترى عمك شاب راسه منه .. كل ماكلمه في هالموضوع زعل وتضايق وطلع من البيت وعمك
مخليه على راحته .. بس هالمرة انا راح احاول اسعى في هالموضوع .. لاني متأكد انه الرجل
المناسب لها .. ولو بيدي زوجتهم كلهم ماراح اقصر بعد .. عسى الله يعوضهم عن حرمانهم
خير .. ويجزاك كل خير على تعبك معاهم ..
قعدت وهي تطارد كل الافكار اللي تجي براسها : اخاف اجمعهم ويظلمها معاه ...
جلس جنبها ولف يده على كتفها : لا يابنتي .. هو صحيح عنيد وراسه يابس .. بس عمره
ماكان ظالم ابد ..
قامت وحبت راس ابوها واستأذنته طالعة لجناحها ودعت ربها اذا كان في تفكيرها لهم خيرة
انه يجمعهم هالنصيب .. ويحنن قلب طلال ويترك العناد عنه شوي .. ويفكر بعقلانية عشان
يقدر يعيش حياته ..


صار له حول الـ 3 ايام مختفي ماشافوه .. ماكان يعني لهم الكثير اصلا لذلك ماحسو انهم
فقدوه او دورو عليه .. بالنسبة لهم وجوده او عدمه واحد .. بالعكس وجوده بالنسبة لهم رعب
وخوف .. وغيابه اكبر مصدر للأمان في البيت .. كان الهدوء مكتسح هالبيت الكل نايم الا
هي .. بايدها كوب الكوفي وبيدها الثانية كتابها ,, كانت تقاوم نومها وهي تذاكر .. جو الغرفة
جاب لها النوم .. نزلت للصالة وقعدت تذاكر فيها .. كانت منسجمة في مذاكرتها وكل ماخلص
الكوفي قامت تسوي لها كوب جديد ..تمددت على الصوفا الكبيرة في الصالة وصارت تعيد
الكلام اللي حفظته .. كانت كل شوي تغفي وتقوم بالاخير استسلمت للنوم بدون ماتحس ..
كانت غارقة في احلامها وماتحس بأي شي .. فجأة حست باصوات عندها .. وازعجت انفها
رائحة دخان قوية .. ركزت سمعها تبي تتأكد هل هي تحلم او لا .. وتجمد الدم بعروقها وهي
تسمع صوته اللي يثير الرعب بداخلها .. ما استوعبت شي من اللي صار ولا تدري هي وين
الاكيد انها تسمع اصوات كثيرة .. وريحة الدخان مزعجة لدرجة كبيرة .. فتحت عينها وشافته
جالس .. رجعت غمضتها بخوف وهي تدعي ربها " يااااارب طلبتك الخلاص " شعور مؤلم
اعتراها وهي تحس نفسها مذبوحة بهالمكان .. ماعرفت شلون تتصرف هل تقوم وتقاوم او
تتظاهر بالنوم .. فضلت انها تبقى على وضعها لانها ماتدري وش اللي صار لها اصلا ...
ما اطالت التفكير قبل ما تحس بيد تلامس جسدها .. كانت اليد تمتد لتلامس اماكن حساسة
بجسدها .. واول ماحست بهاليد تتمادى وتتحس جسدها كتمت شهقتها وقامت مفزوعة على
طول .. ارعبتها اشكالهم وكأنهم طالعين من مقبرة على هالاشكال المقززة .. : يبـــــــه ..
صرخت فيه تبيه يبعد هالانسان القذر عنها .. شافته مغيب كليا عن الواقع .. وضايع مابين
كاسه وزقارته .. قعدت تصارخ بشكل هستيري وتركض بالمجلس تبي توصل للباب ..
واول مامسكته وفتحته فوجئت انه مقفل والمفتاح ماتدري وينه .. جثت على الارض تبكي
خافت على نفسها وعلى عرضها .. كانو يطالعونها ويضحكون .. حطت يدها على اذانها
تسكرهم بقوة صوت قهقهاتهم مؤذي لحد الغثيان .. حاولت فيه يمكن يحس على دمه وينقذ
بنته من وحل الذئاب اللي رماها فيه قربت منه وهزته من كتفه : يبه تكفى .... " ارتجف
صوتها اكثر " يبه طلعني من هالمكان تكفى ...
هالهزة الخفيفة خلته يترنح ويسقط على الارض .. وصوت ضحكاته تتعالى .. شافتهم هم
بعد يضحكون معاه بهستيرية .. اشر لها وزقارته بيده : محـ ـد بيـسـ ـ ... وكمل ضحكه
قعدت عند رجوله تترجاه يطلعها من هالمكان .. كان مو داري فيها فتشت في مخابي ثوبه
عن المفتاح وماحصلته .. كانت ترتجف خوف وماعاد تقدر تشوف شي قدامها من دموعها
اللي ملت عيونها .. استسلمت بعدها لنوبة بكاء متواصلة وهي تسمع تسكيتهم لها .. " يارب
ارحمني ولا تاخذني بذنبهم يارب " ظلت ماسكة في ثوبه وكأنها تنشد الامان عند هالشخص
اللي رماها بهالمكان .. قعدت تطالعهم بخوف كبير وهي تشوفهم يصبون الخمر في الكاسات
ويلفون الحشيش قدامها .. وقت عصيب مر عليها وهي تشوف عيونهم تلتهمها بشراهة ....
للحظات حست انها ممكن تغيب عن الوعي من هالموقف المخيف .. وبداخلها تمنت هالشي
ارحم لها من مشاعرها الموجعة بهاللحظة .. ارتجف كل جسمها وهي تحس بلمسة واحد فيهم
لكتفها .. صرخت فيه على طول : ابعد عننننننننننني ..
كان اقلهم سكرا .. ونظراته لها بهيمية بحتة لزقت في ابوها اكثر وتمسكت في ثوبه وصارت
تشد عليه تبي تحس انه يحميها .. احساس بشع انك تبحث عن الامان في قلب من القى بك في
هالغابة الموحشة .. مد لها الزقارة ودفت يده بتقزز .. كان يضحك على شكلها .. كرهت فيه
تصرفاته وكأنه شاب مراهق رغم انه بعمر ابوها مسكها من يدها وسحبها لكنها ظلت متمسكة
في ابوها وكأنها طفلة صغيرة وماتبي تبعد عنه جلست تصارخ وسط قهقهاتهم اللي اوجعتها ..
ودها لو بيدها وتذبحهم واحد واحد حتى ابوها .. لمحت المفتاح بين المركى والجدار بس كان
بعيد عنها .. واذا بتوصل له لازم تمر من عندهم كلهم .. وهذا فيه مغامرة كبيرة عليها ..
قرب منها وحست بانفاسه ورائحتها المقززة ملاصقة لرقبتها : تعالي اجلسي معاي محد
بيسوي لك شي .. بس خلينا نفلها ونستانس ..
غمضت عيونها وسحبت نفس عميق وهي تشجع نفسها تكون اقوى منهم .. هي تملك العقل
اللي هم فاقدينه الحين في هاللحظة .. " دانا تحملي .. تحملي ماراح يصير شي .. الله معاي
الله معاي " : زين روح هناك وانا اجي لك .. قالتها بصوت مرتجف وبالكاد تطلع حروفه
وهي تأشر له على المكان اللي تشوف المفتاح فيه ..
اشر لها على اذنه : وشو ؟ عيدي ماسمعت ..
ضغطت على نفسها وقالت بصعوبة : روح اقعد هناك وانا بجي لك ..
ابتسم لها بدناءة وقرب منها يبوسها وبعدت عنه وهي تقاوم خوفها ورعبها منه .. راح لمكان
ماقالت له وقامت راحت له هي بعد .. كان بداخلها خوف من هالخطوة الجريئة .. بس هي
الطريقة الوحيدة لخلاصها .. كانت خطواتها مترددة ومرتبكة ونظراته لها زادتها خوف اكثر
جلست قريب منه وعينها على المفتاح اللي من قربت تأكدت انه هو مفتاح باب المجلس ...
قرب منها وبعدت عنه شوي وضحك لها بغرور .. صب لها كاس ومده لها .. وهي تناظر
فيه بكل خوف .. قربت شوي وسحبت المركى اللي وراه المفتاح .. ماكان مركز بشي كثر
ماكان يطالع في جسدها .. خذت المفتاح بكل هدوء حتى مايطلع صوته ويسمعه .. وقعدت
تناظر الباب من مكانها وهي تحاول تدبر خطتها للهروب .. سمعت صوت اذان الفجر يصدح
بالخارج .. وتأسفت بداخلها على حال ابوها وشلته الفاسدة وهم منغمسين في ملذاتهم ومتناسين
خالقهم .. استغلت انشغاله بلف الزقارة وقامت بكل هدوء للباب .. محد كان يظن ان المفتاح
معها ولاحد اهتم بوقفتها عند الباب .. واول ماشافها تدخل المفتاح في الباب قام لها ركض
يبي يلحقها .. بس هي كانت اسرع وفتحته ركضت لداخل البيت وهي مو قادرة تصدق نفسها
انها خرجت من بين هالوحوش منتصرة .. قفلت الباب الداخلي وركضت لغرفتها .. تدري انه
محد يقدر يدخل البيت الحين .. لكن احساس الخوف اللي اعتراها بوقتها ماخلاها تقدر تركز
في تفكيرها اكثر .. وصلت لغرفتها وقفلت على نفسها الباب وطاحت على الارض تصيح ..
اصعب موقف مر عليها في حياتها .. والى الحين ماتدري شلون ملكت هالشجاعة انها تنقذ
نفسها منهم .. وماتدري شلون جاتها القوة انها تفكر وتخطط وتنفذ .... وهي بين 5 وحوش
والسادس ابوها .. كانت تشم ريحتهم في ملابسها وجسدها .... راحت للحمام ( تكرمون )
وفتحت الدش ودخلت تحته بملابسها .. كانت تحس انها نجسة مدنسة .. لامستها ايدي قذرة
واحالت طهرها الى نجاسة ... كانت تبكي بحرقة تحاول تغسل ذنوب اوهمت نفسها انها
اقترفتها رغم برائتها من هذي الذنوب ...


من بدري وقف مكانه المعتاد اللي دايم يشوفها فيه .. طوال اليومين اللي فاتو وهو يعيش
حالة ندم شديد على خطوته الجريئة معاها .. كان قصده شريف لكن وصل حبه بطريقة
غبية ممكن حتى هي تفهمه خطا .. او ماتستوعب وش هي مشاعره في مجتمع محافظ
على عاداته وتقاليده .. وتصرف مثل تصرفه ممكن يكون مكرر في المدينة هنا يعتبر
طامة كبرى .. كان يبي بس يشوفها .. يبيها تعرف اللي بقلبه وانه انسان مايبيها تسلية او
لعب .. كل اللي بقلبه لها انه يبي يتأكد من مشاعره قبل يخطو خطوته الهامة لها .. كان
يخاف من احساس الفشل او الرفض .. كيف لو كان شعوره مجرد اعجاب .. هو ماشافها
ولاعمره كلمها .. ولايدري اصلا هل عمرها مناسب له او لا .. كل هالتفاصيل يجهلها
ممكن يصدم بواقع غير اللي هو يبيه .. اللي عرفه انها مو متزوجة وبالقوة قدر يستنبط
هالمعلومة من سلمان .. لكن مايدري اذا مخطوبة او مسمينها لاحد .. لام نفسه على غبائه
كان مندفع في ايصال مشاعره .. حس انه يبيها تبادله او على الاقل يبي قبول منها عشان
يعرف اذا يقدر يكمل او لا .. بس بعد هالنقطة تحسب ضده مو معاه .. متعبة هالتفاصيل
الصغيرة اللي ارهقته .. كان تصرفه متسرع وغير مسئول .. هالاحساس راوده بكثرة
في هاليومين المرهقة له فكريا .. ناظر ساعته وهو يحسب وقت قدومها بفارغ الصبر ..
دقائق قليلة مرت شاف سلمان جاي ومبين عليه بردان ويمشي وكأنه مغصوب للمدرسة
ووراه يمشون مشعل ومحمد عيال عمه .. خيبة امل كبيرة انه مايشوفها اليوم .. تأكد
ان فعلته الغبية هي سبب غيابها .. بعد مادخل الفصل انشغل بحصصه ودروسه وغيبها
من افكاره .. مايبي يوهم نفسه بمشاعر الى الآن مو متأكد منها .. يمكن تعلق فيها لانها
البنت الوحيدة اللي يشوفها بهالديرة .. بحكم انه يسكن هو ومجموعة مدرسين على بعد 45
كيلو تقريبا .. يمكن لانه اعجبه احتشامها وحياها وكفاحها .. ويمكن لان عيونها
سحرته بسوادها .. حتى هو مايعرف وش سر انجذابه لها .. انتظر الين انتهى دوامه
ووقف مكانه ينتظرها .. وبعد هالمرة ماجات .. جات بدالها وحدة ثانية .. يمكن تكون
اختها .. على طول رجع مع المدرسين للبيت اللي مستأجرينه ويجمعهم فترة عملهم
بهالمدرسة .. غدا وسوالف وبعدها كلن راح يرتاح .. سحب الدفتر اللي كان يجرب
فيه خطه يوم يكتب لها القصيدة وقعد يقراها .. قراها اكثر من مرة وهو يدعي ربي
ماتفهمه خطا .. تفاوتت مشاعره مابين ابتسامة بسيطة مجرد مايتذكر صوتها وهي
تصوت على سلمان .. ومابين تكشيرة وهو يتذكر غيابها اليوم .. وخوفه كله انها قالت
لاهلها شي ومنعوها تجي للمدرسة " اوووووف لو درو اهلها ... هذا اللي جيت ابكحلها
عميتها " ضحك على نفسه شلون يستنكر شعوره وهي ماخذة كل تفكيره .. بعد ما اخذه
الوقت بدون مايحس .. نوى انه يستخير ويسأل عنها واذا هي مناسبة له يكلم اهله ويتقدم
لها .. خطوة صعبة بس ماراح يندم من استخار الخالق .. وهالشي هو اللي راح يسويه
بس قبل هذا كله .. لازم يقدم على خطوة وحدة بس .. ممكن تكون جريئة بس لازم
يسويها عشان يتخذ القرار الصح .. ذكر ربه قبل مايغفى وقام يضيع وقت شوي على
مايأذن المغرب ....







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:07 PM   رقم المشاركة : 14
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

في صالة جناحهم قعدو يشربون الشاهي .. كان يبي يفاتحها بالموضوع وياخذ رايها فيه
ماحب انه يرتب الكلام وقاله على طول بدون مقدمات : لمياء لقت عروس مناسبة لطلال
وان شاء الله بنروح نخطبها له .. بس ابيك تكلمينه وتحاولين تقنعينه ..
ناظرته وفتحت عيونها متفاجأة كان هالخبر بالنسبة لها شي عظيم وتتمناه .. رغم انهم كل مرة
يشوفون له وحدة ويكلمونه وهو يرفض اختياراتهم بس هالمرة حست الحزم في كلام زوجها
وعلى طول بادرته : من هي ..؟ ومن بنته ؟
ركز نظره عليها يبي يشوف ردة فعلها على كلامه : من القرية اللي تدرس فيها لمياء ..
قامت على طول : انت صاحي ؟ ازوج ولدي وحدة ماهي من ثوبنا ولا نعرفها ..
حاول يمسك اعصابه لانه مايبي يتحول النقاش لمشكلة .. هالمرة بس لان الموضوع يخص
طلال : انتي اللي تقولين هالكلام يالطيفة ؟ اجل وش خليتي لعيالك ..؟
تلعثمت بالكلام وقعدت بتوتر : مساعد الله يهداك وش تقول انت ؟ تبيني ازوجه وحدة تعيش
بقرية .. وماتعرف للحياة شي .. شلون تقابل الناس ومعارفنا .. وش تبي الناس يقولون عنا ..
رفع حاجبه يناظرها : وانتي يهمونك الناس ولا يهمك ولدك ؟
تنرفزت من بروده : الحين لمياء وش لقفها تروح وتدور له .. طول عمرها وهي تقول خلوه
براحته .. متى مابغى العرس بيجيكم .. الحين جاية وفازعة وجايبة لي وحدة ماندري وش
هو اصلها ولا من هي بنته ..
كان يبيها تقول كل اللي في خاطرها وبعدها هو يتكلم ويقول اللي عنده .. بعد ماسكتت وناظرته
عرف انه وقته للكلام : وش اصلها ومن هي بنته هالسوالف كلها عرفتها من ابو سلطان وترى
لعلمك انا عارف من اسبوع .. وطلبت من لمياء تسـأل عنها وتقول لي كل المعلومات اللي ابيها
بنت ناس مايعيبها شي الا انها تعيش بفقر .. وكبرت وهي للحين ماتزوجت .. لطيفة انا ماخبرتك
بهالتفكير .. اعرفك دايم تحبين الخير وتسعين له .. لاتفكرين بالناس وش يقولون .. محد يسمع
للناس ويرتاح .. فكري بولدك واللي يريحه ويسعده .. اذا ربي كاتب له الخيرة معها لا توقفين
نصيبة .. وتأكدي ان الخيرة في ما اختاره الله ..
سكتت تفكر بكلامه هي دايم تروح للجمعيات الخيرية وتحضر الحفلات اللي ينظمونها وحملات
التبرعات .. دايم تخالط الفقراء بهالجميعات .. بس ماعمرها جربت احساس انها ممكن تزوج
ولدها لوحدة فقيرة .. او من قرية : و طلال كلمته ؟
حس هالكلمة بادرة خير انه يضغط عليها بالكلام اكثر واكيد راح تقتنع : لا للحين ماكلمته بس
هالمرة ماراح افكه الين يقنعني انه رافض البنت مو الزواج .. اما رفض للزواج من اصله ماراح
اسمح له ..
نزلت راسها تحاول تجمع كل افكارها في هالموضوع اللي فاجئها .. مد يده ومسك يدها رفعت
نظرها له وطالعته .. و ابتسم لها : لاتفكرين يالطيفة ولا تتعبين راسك .. ادعي ربك اذا كان له
الخيرة في هذا الزواج يجعلها من نصيبه .. واذا كان في قربها شر له يصرفها عنه .. وتذكري
ان الدين مافرق بين الغني والفقير .. ولا بين ولد المدينة والقرية .. وانا اعرفك انسانة مؤمنة
وعاقلة .. خلي الامور تمشي مثل مايكتبها رب العالمين .. اذا كتب له نصيب معها .. بتجي
وتعيش معك وتعلمينها تعيش نفس حياتك .. والانسان ماطلع من بطن امه عالم .. كل واحد فينا
يتعلم من هالدنيا ..
بادلته الابتسامة وضغطت على يده بقوة .. كانت انانية في تسرعها .. رغم انها الى الآن مو
مقتنعة تماما بس متأكدة لو طلال وافق مستحيل توقف في طريقه .. " الخيرة في ما اختاره الله "
رددتها بداخلها .. وهي تقنع نفسها بأن تقدم سعادة ولدها وراحته على راحتها .. راح تترك له
مطلق الحرية في اختياره .. وماراح تتدخل ابد لو حست ان زوجها قاعد يناقشه .. راح تحاول
تقنعه حتى لو بداخلها رافضة هالشي .. ماتدري لعل الله يجعل بينهم نصيب .. وش خذو من
بنات المدينة الا وحدة تاركته طول يومها ورايحة لاهلها ولصديقاتها وما اهتمت فيه او سألت
عنه .. يمكن هالبنت اللي ماعرفت من حياة المدينة شي ولا لها احد بالرياض تعيش له وتكون
معاه بكل وقت يحتاجها ..
شافها غارقة في افكارها وتركها رايح للغرفة .. ماراح يترك طلال الين يقنعه انه يتزوج مو
مهم من هي اللي يختارها .. الاهم انه يتزوج .. حتى لو رفض نورة راح يفتح المجال لامه
تدور له على وحدة تناسبه .. ذكر ربه وتوضا وتمدد بعدها على سريره .. قرأ آية الكرسي
وردد بعدها اذكار ماقبل النوم ..
" اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك, وفوضت أمري إليك, وألجأت ظهري إليك,
رغبة ورهبة إليك, لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك, آمنت بكتابك الذي أنزلت, وبنبيك الذي
أرسلت .
بسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه, إن أمسكت روحي فارحمها, وإن أرسلتها فاحفظها
بما تحفظ به عبادك الصالحين . بإسمك اللهم أموت وأحيا . "





/
\
/
\





كعادته كل يوم مرهق من ضغط المحاضرات والدراسة .. وعمله المضني واللي يكابد فيه
تعبه الجسدي والنفسي في نفس الوقت توه راجع من المجمع بوقت متأخر وراه اختبار وهو
للحين مافتح الكتب او ذاكر منه شي .. وهذا الشي لاول مرة يصير معاه وهو اللي متعود
يخلص المادة قبل الاختبار بيوم او حتى يومين .. ويتفرغ اليوم اللي قبل الاختبار للمراجعة
والتركيز على الاشياء المهمة .. كان مرهق بما فيه الكفاية انه يرمي جسده بأي مكان وينام
لكنه قاوم هالتعب كله وراح يتسبح .. يبي يستمد شوي نشاط وبعدها يقوم يذاكر .. اللي
راحمه محاضراته للظهر وهالشي يخليه يرجع من الجامعة وينام له حول الـ 3 ساعات قبل
مايروح المجمع .. قد لا تكون هالساعات القليلة كافية ولكنها تغني عن الكثير .. تسبح وطلع
للصالة وبيده كتابه .. كانت الجزئية قصيرة وهالشي رحمه .. ولانها مادة كلها حسابات
ماكانت تحتاج للحفظ بقدر ماتحتاج للفهم .. ركز بمذاكرته ونسى كل شي مر في يومه اي
مواقف او مناظر آذته تجاهلها وهو يركز على مستقبله اللي بين يدينه ..
عدا عليه وقت طويل والليل صار بآخره .. حس بارهاق كبير وناظر الساعة المعلقة على
الجدار وشافها تشير لـ 3:45 صباحا ..مازال قدامه الكثير عشان يراجعه .. رغم انه يحس
انه منهك وماعاد يقدر يركز .. بدا التعب يطغى على كل جسده .. وحتى النوم يداهمه من وقت
للثاني ..
حس بحركة جنبه وشاف الوليد جاي ومعاه كوبين كوفي ابتسم له : وش مصحيك الحين ؟
مد له الكوب بيده اليمين وقعد قريب منه : نايم من بدري .. عقب ماصليت العشا على طول
ابتسم له وهو يناظر الاوراق اللي بيده : اجل شبعان نوم ماشاء الله .. ياخي احس انك امي
على هالحنان اللي فيك ..
اطلق ضحكة عالية وشرق بالكوفي وصار يكح بقوة .. قرب منه وطقه على ظهره : وربي
امزح .. لا تموت علي الحين ..
قعد يكح وهو يضحك .. وطلعت الكلمات مخنوقة : الله يقطع سوالفك وربي ضحكتني ..
ياخي انا الكبير فيكم واحس اني ابوكم .. لازم اهتم فيكم واسأل عنكم ..
بعده عنه بيده : اقول وخر بس .. شايفنا بزران عندك انت ووجهك .. وش ابوكم بعد ... ؟
ضحك له وهو يناظر بالاوراق اللي بيده : اجل للحين ماخلصت ؟
قلب القلم بين اصابعه : لا .. احس اني فاهم كل شي بس مابي اروح اختباري وانا مو متأكد
اني فاهم كل شي 100 %
سحب له منديل وقعد يمسح الدموع اللي نزلت وهو يكح : الله يوفقك يارب .. انت ذيب
وماينخاف عليك لا تقعد تضغط على عمرك .. بكرة ماعاد تقدر تتحمل ..
نزل راسه للاوراق وتمتم بتعب : ربك كريم ان شاء الله
هز راسه له وقعد يسولف معاه شوي لانه مايبي يشغله عن مذاكرته .. بس لانه عارف انه
اكيد مرهق وتعبان ويبي له على الاقل من يكون سند له بهالظروف .. هو بعد انسان بنى
نفسه بنفسه .. اهله مو اغنياء بالعكس عائلة متوسطة .. كانو يعيشون على راتب ابوهم
اللي من وظيفته الحكومية .. الين تخرج هو وصار يساعد اهله في مصاريف البيت ..
خصوصا بعد تقاعد ابوه .. ورغم انه قريب من كل العيال بالذات عبدالله ولد عمه اللي
بعمر راكان .. الا ان راكان بالنسبة له حالة خاصة .. لانه شاب مكافح رغم صغر سنه
كان يحس بمعاناته قبل يتكلم .. واوقات كثير كان يشد من أزره ويقوي عزيمته بكلامه
الين ارتاح له راكان وشكى له كل ظروفه .. وصار بالنسبة له سنده في هالدينا بعد الله
عز وجل .. ماكان رجل مثالي بس يحب الخير ويسعى له .. مثل مثل كل مسلم ربي
زرع الخير بقلبه .. مثل هالانسان ربي يسخرهم بس عشان يزرعون الفرح في قلوب
غيرهم ولو كان بابسط الطرق واسهلها .. تركه في مذاكرته ودروسه وقام عنه مايبي يشغله
وقعد راكان مكانه يحاول يركز باللي قدامه وهو يدعي ربي يوفقه بجامعته ويبعده عن
هالوظيفة اللي ما ارتاح لها ابد ..


متمددة على سريرها وبيدها رواية ( جريمة في القصر لاجاثا كريستي ) ومنسجمة حيل
مع احداث هالرواية .. دخلت عليها وهي كاشخة ولابسة تنورة لحد الركبة بيضا مع قميص
سماوي فاتح .. وتاركة ازراره العلوية مفتوحة .. استغربت من دخولها عليها هي ماعمرها
عبرتها او صار اي سوالف بينهم .. فاجأتها وهي تقرب منها : ديمو قومي اكشخك وانزلي
اجلسي معاي بيجون عندي صديقاتي ..
هزت راسها تبي تستوعب اللي سمعته بس ماصدقت .. منال تقول لها هالكلام .. لو مروى
كان ممكن تكون الصدمة اهون على الاقل مروى بس تتأمر عليها .. لكن هذي دايم تهاوشها
وتتطاق معاها .. واليوم جاية لها تتبوسم وتبيها تقابل صديقاتها بعد ..
جلست على طرف سريرها وهي مازالت على ابتسامتها : وش فيك تطالعيني ؟ قومي البسي
وانا بكشخك .. ابيك تكونين حلوة ..
رغم خوفها من هالخطوة الا انها حست انها ممكن تساعدها بقرارها اللي اتخذته .. اذا قدرت
انها تكسر شوكة منال اللي مقويتهم عليها .. قامت على طول وهي مبتسمة لها : وش البس
مادري والله ..
قامت معاها وهي تناظر بملابسها القليلة مقارنة بملابسهم اللي يغيرونها ويشترون كل فترة
آخر صيحات الموضة .. وآخر مانزل بالاسواق .. : هالفستان حلو ..
هزت راسها بلا : لا ماينفع يدي كلها واضح فيها طق ابوي ومابي احد يشوفه ..
سحبت لها برمودا جينز فاتح : هذا ؟
خذته منها وابتسمت : اوكي
دورت بين التي شيرتات شي يناسبه .. ولمحت تي شيرت وردي باكمام طويلة ضيق واكيد
بيكون مفصل لجسمها .. : هذا اكيد بيطلع معاه حلو ..
خذت التي شيرت وراحت تبي تغسل وتلبس ... بعد ماخلصت جاتها وهي لابسة .. شافتها
مجهزة لها صندل ( تكرمون ) : يالله بسرعة البنات جايين في الطريق ..
مازالت الى الآن مو مستوعبة انه منال تعاملها بهالطيبة .. ماتدري ليش تبي صديقاتها
يشوفونها .. استغربت هالشي منها .. هي عمرها ما اعتبرتها اختها ولا عاملتها كأخت
اصلا حتى يوم كانو بمدرسة وحدة .. ماكانت تختلط في صديقاتها ابد ولو ما تشابه الاسمين
محد عرف انها اختها ابد ..
جلستها على السرير وسحبت كرسي التسريحة وبدت تحط لها لمسات خفيفة من الميك اب
لان ملامحها ناعمة ماكانت تحتاج للكثير من المساحيق لانها ممكن تبشعها .. حطت لها
لمسات خفيفة جلوس وشوي ماسكارا وبلاشر ..
ديما كانت مستسلمة لها .. شي بداخلها يمنعها ماتروح معاها .. اصرار منال مريب بالنسبة
لها .. لكنها في الاخير خضعت لسذاجتها اللي اوهمتها انه اكيد منال تبي تحسن علاقتها فيها
وتبي تبدا صفحة جديدة معاها بعد ماساعدتها مروى بذاك اليوم .. يمكن هي بعد تبي تصير
مثل اختها ..
بعد ماخلصت منها ناثرت شعرها ونزلت خصلات على وجهها : تعالي شوفي شكلك ..
قامت ديما وناظرت شكلها في المراية برضى .. : ايه حلو ..
ناظرت ساعتها : يالله اجل بسرعة نختار الاكسسوارات .. وبهالاثناء دق جوالها وناظرت
الرقم وعلى طول استعجلتها : البسي هالحلق ويالله ننزل مايمدينا بنتأخر عليهم ..
خذت الحلق ومشت معاها ولبسته وهي تنزل الدرج وراها .. دخلت منال لمجلس الحريم
ودخلت بعدها بشوي ديما تحاول تلحقها .. كانت ثواني بس مابين دخولها للمجلس .. ومنظر
الجوال بيد منال وصوت تسكيرة الباب وراها ..
التفتت وراها وشافت نفس الشخص اللي كان واقف مع منال قبل كم ليلة .. يناظرها بابتسامة
خبيثة .. ومنال قاعدة تصورها بجوالها .. وهي على بعد خطوات بسيطة منه ..







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:08 PM   رقم المشاركة : 15
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

الجزء الرابع
[ الفصل الثاني ]‎‎‎‎




/
\
/
\



{ ... ورضينا .. !
كيفما تمضي الحياة .. مضينا ..
سنمضي دون احلام .. وسنودع على ارصفة الحياة امانينا ..
فاقدارنا تأبى الا ان تزرع الأحزان فينا ..



الجمها الذهول وضاعت كل الكلمات منها .. تصاعدت انفاسها بشكل جنوني وناظرت اختها
منقهرة منها .. دوار اصابها وكادت تسقط على الارض .. اسندت نفسها على اقرب جدار ..
وقبل تستوعب شي من اللي يصير تناهى لمسامعها صوت ضحكة عالية .. مؤذية للسمع ..
تحمل كل معاني الخبث فيها : متوقعة يعني انك بتمسكين علي شي .. وتعلمينهم ؟ لا ياقلبي
هالصور عندي .. كلمة وحدة تقولينها عني .. راح توصل لابوي وطارق واتوقع انتي عارفة
منال لا قالت كلمة محد يكذبها ..
ركضت لها باندفاع تبي تسحب الجوال منها : انتي حقييييييييييييييرة ..
دفتها بكل برود : وخري زين .. ياحلوة العبي على غيري .. واذا تظنين بتمسكين علي شي
بعرف شلون اوقفك عند حدك .. خليك بحياتك مثل ماكنتي قبل لا تتدخلين بشي احسن لك ..
كان الكلام محبط لها .. قاسي .. كل ما اوجدت بهالدنيا قوتها .. انهكتها اوجاع اقسى من تحملها
احساس مرير بالظلم والاهانة .. رغم كل محاولاتها لمواجهة هالطغاة .. تشوفهم اخبث من كل
تصوراتها وتوقعاتها .. غضب كبير اعتراها بوقتها ..رفعت يدها وقبل توصل لوجه منال مسكتها
وضغطت عليها .. : اووووه وطالت يدك وصايرة بتطقين بعد .. لا ياحلوة .. لا تتمادين لانك انتي
الخسرانة تحركي من قدامي قبل يوصل كل شي الحين لابوي ..
مسكتها من ياقة قميصها وشدتها بقوة : ماراح اتحرك واللي براسك سويه .. تعطيني الجوال الحين
وتمسحين الصور .. وغير هالشي ماراح اتنازل ..
دفتها عنها بقوة وتماسكت ديما بصعوبة عشان تقدر تحفظ توازنها وتثبت نفسها .. وقبل تقرب منها
سمعت صوت ابوها من السبيكر بجوال منال .. فتحت عيونها على اتساعها وتسارعت نبضات
قلبها .. شافت موتها قدامها وهي تتصوره بغضب عمرها ماشافته فيه .. اشرت لها منال بيدها
تطلع من المجلس .. كانت تهددها بنظراتها .. واي مقاومة منها معناها بتفضحها .. بتخلي ابوها
يشوف صورها معاه .. ارتجفت يدينها ووقفت مكانها تناظرها بخوف .. قعدت تقضم اظافرها
وهي تقاوم احساس الرعب اللي بقلبها .. التفتت عليه وشافته مبتسم .. ابتسامة تحمل معنى الازدراء
عينه كانت مركزة على ديما اللي من انتبهت لنظراته وهي تتذكر انه في شخص ثالث معاهم .. اول
شي جا في بالها لو جا احد وشافها معاهم محد بيقول انها مظلومة .. بينحط كل اللوم عليها سحبت
نفسها وطلعت .. وراحت لجناحها ....
" ليش خليتها تسوي اللي براسها ومشيت ؟ ليش ما اعرف اتصرف صح " ماتدري شلون تفكر او
تتصرف في كل الحالات منهزمة .. اول ماتلقى طريق للهروب من سجنها ... ترجع لسجن اقسى
وقضبانه اصمد واعتى ... كان البيت خالي ومحد فيه الا ثلاثتهم .. تعمدت تختار الوقت المناسب
اللي تنفذ فيه مؤامرتها الدنيئة .. صوت ابوها للحين بإذنها .. صوت مخيف يوحي لها بمعاناة
جديدة وحدها هي تحملت كل الألم من صغرها .. اول شي طرى في بالها هاللحظة تطلع من البيت
تروح اي مكان بس ماتقعد بهالبيت .. اطالت التفكير في الهروب وترددت في آخر لحظة وهي
تتخيل شلون تعيش .. على الاقل هنا في نوع من الأمان اكثر من شوارع قد تضيع فيها .. طرت
في بالها فكرة عظيمة .. توكلت على ربها ومشت وهي تدعي ماتشوفها منال او تسمعها .. طلعت
للصالة اللي بالدور الثاني دورت التليفون وماحصلته .. اكيد ام طارق مقفلة عليه بجناحها " على
بالها انا اللي بكلم .. ليتها تجي تشوف بنتها وش مسوية من وراها .. جايبة حبيب القلب للبيت "
ابتسمت بسخرية وهي تنزل مع الدرج .. مشت على اطراف اصابعها وقربت من باب المجلس
الداخلي وسمعت اصواتهم وضحكهم .. كشرت بقرف من هاللي تسمعه وراحت للتليفون على
طول .. دقت الارقام بيدين ترتجف .. وانتظرت الين جاها صوتها : الو ؟
بصوت اقرب للهمس : اسمعيني لآخر كلمة وبعدها بقفل .. انتي عارفة وضعي مايحتاج اشرح
لك .. ابيك ضروري بس مو اليوم .. تعالي بعد يومين .. الموضوع مايتأجل اكثر .. يالله باي ..
سكرت الخط ببطء ورجعت بخطوات حذرة لجناحها .. " يارب انها سمعتني " .. بعد اللي صار
لها اليوم اصرت تلقى امها .. اي شي ممكن يوصلها لها .. مايهم وش هو ماضيها .. او حتى
وش سبب طلاقها .. بس تبي تروح لها وترتاح .. ماتذكر شلون كان تعاملها يوم كانت عندها
تفاصيل غيبت عنها قسريا ولو حاولت تسترجعها .. كانت تنام بحضنها .. بس ماتدري اذا
هالحضن كان حنون او لا .. مجرد انها تخلت عنها كل هالسنوات وما سألت معناها ماتحبها
مثلها مثل ابوها .. كل التفاصيل لها مؤلمة ماضي كانت او حاضر .. معطية لمستقبلها لون
داكن صعب تفسير وش ممكن يصير فيه .. رجائها الوحيد بالله ان يبدل احزانها وهمومها
سعادة هي تستحقها ..


نايمة بحضن امها وكل شوي تصحى مفزوعة وتصارخ مازال موقف ابوها وشلته يتردد
عليها كوابيس مفزعة ماتدري شلون راحت للمجلس اكيد ابوها شافها نايمة بالصالة وشالها
بس شلون ماحست يمكن لانها كانت مواصلة تعمقت في النوم وماحست بأي شي حولها
قعدت تمتم بكلمات غير مفهومة قربت امها اذنها تبي تسمعها ومافهمت وش تقول : دانا ؟
ماجاها اي رد منها كانت غارقة في نومها والاكيد انها قاعدة تشوف كوابيس مبين عليها
من تقطيبة حواجبها قربت منها نجود وهي تناظر اختها بخوف : يمه شلونها ؟
ناظرت رجفة شفايفها واصابعها الضاغطة بقوة على يدين امها واعتصر قلبها الم على
بنتها للحين ماتدري وش اللي صار الا انه دانا اصابتها حالة هستيرية وتتكلم كلام غير
مفهوم : ان شاء الله بخير " ناظرت حواليها وماشافت جوالها " جيبي جوالي اكيد يزيد
جا هالحين ...
ركضت رغد وجابت الجوال لأمها وقعدو حولها دقائق مرت قبل مايتصل يزيد و يقول
لهم انه وصل صحت دانا من نومها ولبسو عباياتهم ونزلو دخل بعدها يزيد وشال باقي
الأغراض اللي ماقدرو عليها ركبت ام عادل قدام والبنات ورائد ورا عيونهم كانت بين كل
لحظة والثانية تروح لها ورائد حاط يده بيدها ولازق فيها ماكانت معاهم ابد مجرد جسد من
غير روح هم اثقلت به في يومين وماتكلمت الى الآن تعيش حالة صدمة كبيرة تذكرت يده وهو
يمررها على جسدها وحست بقشعريرة .. هالحادث بالنسبة لهم نقطة تحول راح يتركون
الرياض وبيتهم وابوهم كان الرحيل موجع رغم انه الحل الوحيد بالنسبة لها قرار قاسي انها
تتخلى عن ماضي وذكريات كانت تحوي لحظات لاتنسى هو غير كان غير طفلة صغيرة
يوم كانت تتمتع بلحظاتها مثل اي طفلة تركض بجنون وترتمي باحضانه .. وكان يستقبلها
بحب ويطلق ضحكة عالية نابعة من اعماق السعادة تذكر يوم كانو البنات يخوفونها بسوالف
الاشباح تقوم بنص الليل وتحشر نفسها بينهم وتنام بين احب اثنين لها بهالدنيا ماكان سيء
بالعكس كان اب كل بنت تتمناه يستغل اي فرصة ويمطرها بكل الهدايا اللي ماتخطر على
بالها تذكر اول يوم شافته سكران يترنح بالصالة ركضت له وازكمت انفها ريحة الخمر
المقززة كان يمشي بلا هدى ناظرت بعيونها البريئة امها وهي تصيح كلمات ترجي خرجت
منها تبي تعرف وش صار فيه وليه هو يتصرف بهالشكل كلمة وحدة ترددت على مسامعها
تلك الليلة والليالي اللي تلتها " ابوتس مريض وبيقوم الصبح زين " ماكان يشرب كل يوم بس
منظره خلق نوع من الاحتقار في قلوبهم صورة تكررت وصارت ابشع وصلت للسب والشتم
ومن ثم الضرب وآخرتها هالموقف اللي صار من يومين غمضت عيونها منذرة بسقوط سيل
من الدموع اللي حبستها صورة بيتهم والشارع وشباكها وكل التفاصيل قاسي حد الألم هذا
الرحيل ودعت كل شي خلفها ومضت لحياة جديدة بعيد عنه هو اللي انتزع السعادة من قلوبهم
واهدا لهم الشقى كانت تسمع سوالف يزيد ولد خالها مع امها تسمعها تضحك عجيب كيف تقدر
توجد ضحكتها بوسط احزانها .. وهي عجزت تتجاوز صدمتها .. طول الطريق وهي تنزف
ذكرياتها وتصاعدت قمة الوجع فيها حتى اصدرت شهقة من اعماق ألمها التفتو كلهم عليها
حتى رائد اللي حاط راسه بحجرها فز على طول ناظرها تجاهلت نظراتهم المتسائلة وركزت
نظرها على المدى البعيد تعودت تكون بهمها لحالها ماتبيهم يتعبون هم اصغر من انهم يحتملون
احزان فوق طاقتهم .. كانت المناظر متحركة تتأمل كل الأماكن .. والشوارع تعودو يمشون
بهالطريق كثير يوم يروحون القصيم بس هالمرة هالطريق موجع وكأنهم يمشون على شريط
العمر ليتلفوه التفتت لهم وشافت رغد تعلق على يزيد وهو يضحك مازالت طفلة وماتغطت
عنه الا من سنتين او ثلاث بعكسها هي ماكانت تكلمه دراسته بالخارج و انقطاعهم عن اهل
امهم مخليته غريب عنهم رغم انه يشتغل ويسكن بالرياض تأملت ملامحه شكله مريح لآخر
درجة هل ممكن تكون الاشكال خداعة .. الزمن وحده كفيل بكشف كل الأقنعة .. كان
الطريق طويل ومؤلم .. كان يعني لها الرحيل بكل صوره .. رغم انها بترجع تكمل دراستها
لكن مغادرتها للبيت معناها انها تركت وراها 22 سنة من عمرها خلفها .. هالاحساس بحد
ذاته كان كفيل انه يألمها ويزيد اوجاعها .. كانت تبكي على ابوها اللي تركوه وراهم ..
مازالت للآن تحمل له صورة حسنة رغم عيوبه .... بعكس خواتها ونادر اللي نبذوه من
حياتهم من زمان وتناسو وجوده .. ماكان يعني لهم اكثر من خوف وألم .. وامها اللي تحس
بجرحها ووجعها .. كانت قوية في احيان كثيرة .. وتحملت حياتها معاه عشانهم .. الى ان
فقدت الامل في صلاحه وفضلت الرحيل ..


التوتر ظاهر على ملامحه ولو حاول يخفيه .. يبي يتهرب من هالموقف لانه يعرف وش
عنه .. اكيد لمياء قايلة لهم شي .. يحس وده يذبحها على تدخلها في هالموضوع .. انتظر
الين انهى مكالمته .. والتفت له بكل هدوء : انت عارف الموضوع بدون مقدمات .. ابي
اعرف الحين رايك ..
قاوم رغبته في الصراخ وقال بصوت هادي : اي موضوع ؟
عرف انه الحين قاعد يضيع السالفة .. بس ماراح تمشي عليه : موضوع البنت اللي
شافتها لك لمياء ..
وقف على طول وقال بعصبية : وهي وش دخلها ؟ .. انا قلت لها لا تتدخل في الموضوع
جاية تقول لك انت بعد ؟
اشر له بيده يبيه يجلس : اقعد انت وتعوذ من الشيطان خلنا نتكلم تونا ماقلنا شي ..
قبض يده بقوة وقال بصوت حاول يظهر هادي رغم عصبيته : ماعندي كلام يبه .. وراي
الحين اشغال ابي اخلصها .. وتحرك من قدامه مايبي يسمع وش يقول له .. بس صدمه
كلام ابوه اللي قاله بلهجة صارمة : لو طلعت من هالباب الحين .. لا عاد ترجع لهالبيت
ابد ..
وقف مكانه مذهول .. لاول مرة بحياته ابوه يفرض عليه شي .. دايم مخليه بكيفه وكلمته
مسموعة وماشية على الكل .. وماعمر احد اعترض على تصرفاته .. حتى يوم اختار حنين
ماشاور احد جا لهم وقال لهم الموضوع كقرار نهائي ورضخو له .. قبل يلتفت سمعه يقول
بصوت اهدا من اللي قبل : ماراح اخليك تطلع من هالبيت الين تعطيني كلمة عن هالموضوع
رجع وهو يحس بقهر كبير بصدره : مابيها ..
ارتاح انه رجع واشر له يجلس : عطني اسباب مقنعة ليش ماتبيها .. وانا اخلي امك الحين
تختار لك وحدة مافيها عيب من اللي تقوله ..
سكت لانه ماعرف وش يقول .. هو اصلا طنش لمياء اول ماتكلمت .. مايدري وش قالت
عنها يعرف انها من القرية اللي تدرس فيها .. بس ماعرف شي عن هالبنت .. ولا سمح
لها اصلا تتكلم او تقول شي .. ماعرف وش يبرر له سبب رفضه ..
من شاف نظرات الحيرة بعيونه عرف انه افحمه ومو عارف شلون يجيب له سبب مقنع
وهذا بالنسبة له بداية الانتصار .. : اجلس وانا بعلمك كل شي عنها .. واذا ما اقتنعت فيها
امك بتشوف لك من بنات معارفنا اللي تناسبك .. وانت تدري وش كثر معارفنا يعني ماراح
نتعب ابد ..
استسلم لرغبة ابوه وجلس يستمع له وهو يقول له عنها .. ابتسم في خاطره " حابكتها زين
لمياء .. ماخلت شي الا قالته " كان ابوه يتكلم عنها وكأنها فرصة نادرة وهالشي بالنسبة
له يقهره .. انتظره الين ماخلص كلامه ومن سكوته عرف انه يبي يعرف رايه : مو متعلمة
بكل برود : انت علمها .. شكلها مثل ماتبي ..
يدري ان ابوه انسان متمكن من النقاشات من صغره وهو يعرفه انسان اذا دخل نقاش مع
احد يكسبه بكل سهولة .. عنده ملكة الاقناع وعارف انه الحين بيستخدمها ضده : قروية
ناظره بتعجب .. ماتوقع طلال يكون هذا تفكيره لكن اصر انه يكمل اقناعه : كلنا بالاصل
لنا ديرة .. بس احنا جينا للمدن وهم قعدو في هالقرى .. يعني كلنا واحد مالنا فضل عنهم..
لام نفسه على كلمته هو يكره التفرقة بين الاشخاص .. بس يبي يرتاح من هالموضوع
يبي يرد بأي رد مقنع : يبه انا احس انها ماتناسبني ومابيها ..
شافه ماسك جواله والظاهر يدق على احد : اجل لحظة ..
ثواني وسمعه يطلب من امه تجيهم المكتب .. ابتسم في سخرية بداخله " اتفقو علي اليوم
لا بارك الله في ابليسك يالمياء .. هين علمك عندي بخليك تتركين هاللقافة عنك "
دخلت عليهم وهي مبتسمة .. باين عليها تخفي ورا هالابتسامة قلق وتوتر واستفهام
سلمت وجلست .. من انشغال عقله بهالموضوع لاول مرة بحياته ماقام حب راس امه
كان ناسي وعقله منشغل بأي سبب مقنع ..ردو السلام وبادرها ابو طلال بالكلام : عندك
من اليوم لبكرة تدورين لطلال عروس مناسبة .. وان شاء الله بنهاية هالاسبوع بنروح
نخطبها له ..
قام على طول قبل ماتعبر هي عن فرحتها : بس يبه انا ماقلت اني موافق ولا ابي اتزوج
الحين ..
هالمرة وقف وحاول يضغط عليه : وانا قلت لك اذا ماعندك سبب لرفض موضوع الزواج
كله راح تتزوج .. وماخبرتك تكسر كلمتي ياطلال .. اجلس مع امك واسمع وش تقول لك
وانت اختار اي وحدة تناسبك .. لا تكون اناني وتفكر بنفسك .. شوف عمري كم .. السنين
تمشي وانا ماشفت عيالكم .. اخاف اموت وانا مافرحت باحفادي .. لمتى بتعاند نفسك
وتعاندنا ؟
هزته كلمات ابوه من الاعماق .. قرب منه وحب راسه : عمرك طويل ان شاء الله انك
بتشوفهم وتزوجهم بعد ..
تنفس بعمق وهو يحس بتناقضات بداخله .. يبي يتخلص من هالكابوس المزعج .. لكن
كلام ابوه بالنسبة له مثل السكين اللي جرحت داخله .. هو اناني وانانيته منعته يفكر بغيره
ويعني يتزوج .. مو لازم يحب ويبذل مشاعر .. مو كل المتزوجين يجمعهم حب .. كثير
اللي تجمعهم عشرة وبيت واطفال .. والحب آخر اهتمامهم .. ناظر في امه وابوه ووزن
كلامه قبل يقوله .. مايبي يندم على خطوة يقدم عليها : زين عطوني مهلة افكر ..
لمس من نبرة صوته انه ممكن يقتنع وهالشي قوا عزيمته : كم تبي يوم ؟
مشى الين وصل للباب : انا لا خلصت تفكير بعلمك بقراري ..
حس باسلوبه فيه نوع من المماطلة وهذي مو عادة طلال اللي قرارته دقيقة ويتخذها
بروية ومايحتاج وقت طويل فيها : نهاية الاسبوع ؟ .. اتوقع انه وقت كافي تفكر وتخطط
واذا ماتبي هالبنت .. تعال لامك وأشر على البيت اللي تبي .. انت تعرف محد يردك ..
ابتسم لابوه وهز راسه واستأذن من عندهم طالع ..

كان النقاش مرهق له .. متعب جدا واستنفذ كل قواه احتاج للشخص اللي دايم يكون معاه
في اي ظرف مهما كان .. يحسه اوقات يشارك زوجته فيه .. لكن محد له بالدنيا غيره
شخص بالنسبة له مثالي عنده قدرة عجيبة على تسكين آلامه مهما كانت قوتها .. وكلامه
بلسم يشفي جراحه رغم نزفها ..مجرد وجوده مريح للاعصاب .. يستمع له ويفهم كل
احاسيسه .. اوقات مايقول الشي يلاقيه هو تكلم وقال له احساسه كله .. يحس بامتنان
عظيم لهالشخص اللي جمعتهم كل سنين الدراسة .. صداقة عمر كامل يعتبره اخوه اللي
ماجابته امه .. اتصل عليه لانه يحتاجه .. ممكن يقدر يقنعه ويريحه من معمعة هالتفكير
ارتاح من قلب يوم قال له يجيه البيت زوجته رايحة عند اهلها عندهم مناسبة وهالشي
ريحه كثير ..مايحب حتى خارج دوام الشركة ياخذه من زوجته وبنته .. توجه له على
طول واول ماوصل له بيته وفتح له الباب سلم عليه ودخل ..
انتبه له رياض وعرف انه مهموم او بخاطره شي .. واضح جدا على ملامحه .. ابتسم
له : عاد اعذرني اليوم عشاك من برا .. ماعرف اطبخ والاهل مو فيه ..
مسكه من يده : تعرف تنطم وتقعد .. احد قايل لك اني ميت جوع وجاي ادور اكل ..
ضحك عليه وعلى اسلوبه : اعوذ بالله منك قافلة الاخلاق .. وجايني هالحزة ..
كان توه فاصخ شماغه وراميه .. واول ماسمع كلامه خذاه وقام يمازحه : مادريت اني
مثقل عليك .. يالله فمان الله ..
مسكه ولف يدينه على رقبته : تعااااااال .. مسوي فيها حساس الأخ .. اقول انثبر بس
قعد وهو مبتسم له : اول شي هات القهوة راسي مصدع وابي اريح شوي .. لعب فيني
ابو طلال اليوم ..
راح يجيب القهوة اللي كانت جاهزة من اول وجا له على طول : اجل مادام فيها ابو
طلال السالفة كايدة ..
جلسو على الارض .. صب له فنجان قهوة ومده له : اسلم .. هات علومك ..
اخذ القهوة منه وحط الفنجان وقعد يطالع فيه : ركب راسه الا يبيني اتزوج .. بالطيب
بالغصب .. ما خلا لي مجال اقول له لا ..
ماكان يبي يضغط عليه .. خصوصا انه ابو طلال مكلمه وقايل له يقنعه بأي طريقة
راح يحاول يبين له وجهة نظر ابوه وبعدها هو يمارس عليه اسلوبه في الاقناع يعرف
طلال يقتنع بكلامه .. : وليش تقول لا ؟ وش قاصرك ياطلال .. ادري بتقول لي
مثل كل مرة كرهت الزواج .. بس اصابعك مو سوا ولا كان محد تزوج بهالدنيا انت
بس اخترت الانسانة الخطا .. استخير اكيد ربي بيعوضك .. وابدا حياتك من جديد
اعتبرها كبوة وقمت بعدها اقوى .. طول عمرك ماتلتفت للماضي .. لا بشغل ولا بحياة
ليش هالموضوع بالذات ماتخلصت منه .. رغم انه ابشع ماضي بالنسبة لك ..
يالله وش كثر هالانسان عجيب .. النقاش معاه مريح بعكس نقاشه مع ابوه مرهق جدا
للأعصاب .. بدون مايناقشه او يجادله كان يحس انه يبي يتخذ قرار بس يبيه هو يقويه
ويشد من عزيمته : شور علي يا ابو ليان .. احس مخي متوقف وماعرفت افكر ..
رغبة كبيرة في داخله للصراخ اعلان للفرح .. اخير طلال استسلم .. اقتنع بس يبي
له كم كلمة تشجعه .. : مايحتاج تفكر وتتعب مخك .. توجه لربك واستخير والحياة
ماتحتمل هالتردد كله .. شوفني انا من عمرك عندي هالبنوتة اللي الله يحفظها لي وان
شاء الله اختها ولا اخوها جاي بالطريق .. وكل اللي كبرنا متزوجين وعندهم عيال
الا انت ..
لاول مرة ينتبه لهالشي فعلا كل اخوياهم عندهم عيال ومستقرين بحياتهم الا هو ترك
هذا كله وانشغل بشركته واعماله .. : بس البنت ماتعلمت .. وطول عمرها بقريتهم
ماطلعت منها يعني اكيد جاهلة بهالدينا وماتعرف شي ..
رغم انه يعرف طلال انسان آخر همه وتفكيره الطبقات والفوارق الاجتماعية او حتى
العلمية واكيد قايل هالكلام يبرر تردده : ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) قالها الرسول
اللهم صلي وسلم عليه .. مادام اختك مدحت دينها واخلاقها لا تفكر بأي شي ثاني كلها
متاع دنيا .. تقدر تكمل تعليمها هنا .. وتقدر تغير من حياتها مع العشرة .. كل شي وله
حل لا تعقد الامور انت ..
مايدري ليه هالانسان يملك قدرة عجيبة انه يسبر في اعماقه وينتشله من حيرته وتفكيره
تناقشو وتكلمو .. مضى عليهم وقت طويل وهم يتكلمون .. كان الكلام شامل في كل
شي .. قدر انه يسد كل الثغرات عليه .. كلامه مقنع بدرجة كبيرة .. ارتياح كبير تغلغل
بداخله .. ماكان يحتاج لاسلوب تعسفي في الاقناع .. محتاج لشخص يفهم احتياجاته
ويدخل له من هالمكان .. ورياض كان الشخص المناسب في المكان المناسب .. يمكن
ما اقتنع بنسبة كاملة الا انه رغبته في الاستخارة معناها انه قطع نص المشوار .. وهذي
نقطة جيدة تحسب له .. كان ممتن له انه عيشه بسلام داخلي مع نفسه .. جاه وهو مثقل
بصراعات كثيرة .. وطلع من عنده وكل اللي في تفكيره انه يستخير وبعدها يقرر مصيره
اذا ما ارتاح لها بيدور اي وحدة غيرها .. الحياة ماتحتمل احزان ووقوف على الاطلال
اتخذ قراره بهاللحظة ومن خطا اول خطوة خارج بيت رياض انه يبدأ حياته من جديد
ويختار انسانة تناسبه وتلبي له احتياجاته .. مايبي يحب لانه مايبي يتعب .. لكن يبي
يرتاح من التفكير في هالموضوع اللي دايم يؤرقه ..


بعد كم يوم من التفكير المتعب والمضني بالنسبة له قرر يخطو خطوة جريئة ويتوكل
على الله .. استغل اجتماع شياب الديرة على دكتهم المعتادة بعد كل صلاة عصر ..
وجا يجلس معاهم .. رحبو فيه وبوجوده بينهم .. غمروه بكم الترحيب اللي تعودته
السنتهم .. هذي مو اول مرة يجلس معاهم .. كان اوقات مايروح الشقة مع العيال
ويجلس مع احد المدرسين اللي مستقر بهالقرية ببيت طيني قريب من المدرسة ..
بس جلسته اليوم لغرض في نفسه ولازم يسوي اللي في باله كان يستغل اي فرصة
ويسأل عن اهل الديرة .. من باب انه يسأل عن طلابه .. ووداه الكلام لاهل سلمان
وهذا هو اللي يبيه .. يبي يعرف عنهم اي شي .. هو لاحظ انه عنده خوات ثنتين
غير موضي .. وحدة تجي اوقات اذا ماجات موضي .. والصغيرة اللي تروح كل
يوم لمدرستها ..
تكلم احد الشياب عن ابو راكان وعيال اخوه : عبدالرحمن الله يعوضه خير والله
انه رجال صابر ومحتسب .. بس الله يعوضه براكان والله انه ونعم رجال ويرفع
الراس عساه بس يتوظف ويعاون اهله ..
مو عارف شلون يستفيد من هالنقاش بالذات في الديرة مايتكلمون عن البنات عند
اي شخص غريب .. بنظرهم هالشي عيب .. راح يحاول يطلع اي معلومة ممكن
تفيده ويستغلها .. حاول يعرف اي شي ولكنه عجز .. كل اللي عرفه من كلامهم انه
للحين مازوج احد .. معناها ماتزوجت .. بس العمر وكل هالاشياء مايقدر يسأل عنها
انتظر الين راحو كلن لبيته وقعد مع واحد من شياب الديرة .. كان ينادونه المطوع ..
وعرف انه هو اللي دايم يستشيرونه في امور دينهم وحياتهم .. : ياعم ابي اسألك
عن شي مهم وابيه بيني وبينك ..
اشر له على خشمه بابتسامة صافية ونيقة : ابشر على هالخشم .. قول وانا عمك ..
صاغ الكلام بأفضل طريقة ممكنة : ابي اخطب من بنات ابو راكان .. بس ابي اسأل
عنهم بالأول .. وماعندي الا انت اسألك قبل اروح لهم واخطب منهم ..
ناظره بتفحص وكأنه يدور ورا معالم هالوجه اي شي يثبت له انه هالانسان مناسب
في هالديرة كل القلوب على بعضها .. وفرح واحد منهم معناه فرح للجميع واي بنت
تنخطب من خارج الديرة لازم كلن يسأل ويشوف .. لانه مو اي بنت تطلع من الديرة
هم يشوفون ان شبابهم اولى من غيرهم .. بس اذا البنت كبرت ومحد جاها وقتها
ممكن تاخذ لها احد من خارج الديرة : كم عمرك انت ؟
حس باسلوبه فيه جلافة شوي .. لكن تحمل هو تعود هالشي منهم .. مايحبون ينمقون
الكلام او يزينونه .. كلمته تطلع صارمة وواضحة وماتحتاج اكثر من جواب : 26 سنة
ان شاء الله بشهر صفر ادخل الـ 27
بعد ماطول بالتفكير وكأنه يستجمع كل المعلومات الممكنة : عنده 3 بنات ما اعرسن
بس الظاهر ثنتين منهن اكبر منك ..
وده يتكلم ويسأل عن موضي .. بس خاف انه يفكر فيها غلط .. او يظن فيها شي وهو
ماحب احد يقول عليها شي مو زين ابد .. : زين شلون اعرف اللي اصغر مني واروح
اطلبها من اهلها ..
سمعو صوت اذان المغرب واشر له يقوم معاه : مشينا وانا عمك .. خلنا بالاول نصلي
وعقب لي قعدة معك ..
قام معاه على طول : يالله مشينا ..
راحو لمسجد القرية وصلو المغرب .. مسجد طيني صغير لكن يعج بكل سكان الديرة
من شيابهم لاطفالهم .. مايخلون احد يتأخر عن صلاته .. حتى الاطفال قبل الصلاة
شافهم يطاردونهم بعصى الخيزرانة عشان يلحقون معاهم الصلاة .. طلعو من المسجد
راجعين لبيت المطوع .. صوت عليهم يشوفون له طريق .. ودخلو كلهم في غرفة
وتركو الغرفة الثانية له هو وضيفه .. قعد يرحب فيه بحفاوة كبيرة .. اعجبه كرم
اهل الديرة ترحابهم للضيف رائع .. ورغم قلة امكانياتهم الا انه يضيفونهم محبة
وترحيب بعد ماشرب قهوته ناظره بتفحص : انت معزم ولا جاي تشاور ؟
كان مرتبك من نظراته مبين عليه ان شخصيته قوية وهالشي اتضح له من خلال جلساته
معاهم كلمته مسموعة واذا تكلم كل اللي معاه سكتو : لا والله ياعم اني معزم .. بس ابي
اعرف من هي اللي تناسبني واروح لهم من بكرة ان شاء الله ..
اعجب بقوته ورجولته .. واستأذنه شوي طالع من الغرفة .. كان رايح يسأل زوجته عن
بنات ابو راكان .. يبي يعرف اعمارهم .. ومن هي فيهم اللي ممكن تكون مناسبة لنايف
وعمره .. رجع بعد دقايق وهو مبتسم .. : تقهو وانا عمك .. لا يردك شي ..
ابتسم له وهو يشوفه يجلس ومد له فنجان القهوة : ماقصرت ياعمي عسى عمرك طويل
بعد اخذ وعطا معاه .. وسؤاله عن اصله وفصله وحياته وكل شي عنه .. يعني باختصار
نشف ريقه باسألته الكثيرة " اوووف هذا وهي بنت واحد من جماعتهم هلكني باسألته
شلون لو كانت وحدة من بناته " .. ابتسم بداخله وهو يحس نفسه في جلسة تحقيق .. اضطر
انه يجيب تاريخ عائلتهم كله عشان يعرف في الاخير من هي اللي تناسب لعمره ...
بعد ماخلص اسألة وتدقيق : وحدة منهم اكبر منك والثانية كبرك واللي اصغر منك اسمها
موضي ..
رقص قلبه فرح .. ماخاب ظنه هو دعا ربه يجمعهم ومايفرقهم .. يبيها هي والحمدلله
ماخاب ظنه .. كانت الدقائق اللي مضت بمثاية تعذيب نفسي له .. خاف انها تكون اكبر
منه وهالشي معناه مستحيل يتزوجها .. وهو كان انسان صادق .. يبيها هي للزواج ومايبي
هالحب تسلية .. قبل مايتكلم ويقول شي فاجأه كلام المطوع : بس بديرتنا محدن يزوج
الصغيرة قبل الكبيرة .. اذا انت مستعجل على العرس الظاهر ان مالك نصيب عندهم ..
يالله وش هالاقدار الموجعة .. واذا الكبيرة عنست ومحد جاها ماتتزوج اللي اصغر منها
عادة غبية ماتراعي ان الزواج نصيب وكل انسان له نصيبه .. معقول تظلم بنت يجيها
خطاب لان خواتها ماتزوجو .. كان هالشي صدمة بالنسبة له .. ماكتب له الفرح على
طول اثبطت معنوياته .. اكبر منه معناها ممكن تكون في الثلاثين او على مشارفها ..
ومادام محد جاها طول هالسنين اكيد ماعاد احد بيجيها شلون يعني مايتزوجها .. رفض
مبطن له .. شكره على كرم ضيافته وقبل يقوم حلف عليه يقعد يتعشى معاهم ماكان
يبي يثقل عليهم لكنه اصر انه يعزمه على عشاهم اللي حاطينه .. وبالأخير استسلم له
ولالحاحه المستميت .. رغم انه يبي يختلي بنفسه ويفكر بهالامور كلها .. " انا استخرت
وراح اتقدم لها .. اذا ربي مو كاتب لي الخيرة معاها .. ماراح اعترض " تعشى معاهم
ورجع بعدها لبيت خويه وافكاره متعبته .. هالمشكلة الجديدة اللي طلعت له راح تخليه
يعيد حساباته ويفكر من جديد ...







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:09 PM   رقم المشاركة : 16
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

من الصباح بدري تجمعو بصالة بيت عمهم يخيطون .. كان يجمعهم حماس غريب
تغيرت حياتهم للأفضل في الفترة الأخيرة .. تحسنت احوالهم ورغم ان مصاريفهم
بسيطة الا انهم قدرو يعيشون بفضل الله .. ومن هالفلوس اللي جاتهم من بيع الثياب ..
كانت توجههم وهم يشوفون شلون تشتغل ويسوون مثلها .. موضي منشغل بالها كثير
اسبوع كامل مر من الموقف اللي صار وماعرفت وش موقفه .. ماراحت للمدرسة
وماتدري وش اللي يدور في باله . هل هو يحبها فعلا ويبيها زوجة له .. او انه كان
يتسلى فترة وجوده بهالديرة .. احتفظت بهالسر بداخلها وماتكلمت لاحد .. صحت من
افكارها على صوت نورة : مويضي وجع وش هاللي تخبصينه ماتعرفين له قومي عنا ..
رفعت راسها لها : وش اللي ما اعرف له مايبي لها شهادة هذاني اسوي مثل ماتسوون
انتو .. ولا انتي تبطرتي علينا يوم بعتيهن وشفتي نفستس علينا ..
ضحكت من قلب عليها : هاااو وش اني قايلة ياحافظ وراتس عصبتي .. انا ابيتس تفتحين
عيونتس زين وتشتغلين .. مو الابرة بيدتس وبالتس مدري وش مشغول فيه ..
ارتبكت من كلامها .. تحس ان عيونها مفضوحة وتبين كل مشاعرها : ماهوب مشغول
ولا شي .. ابي اشتغل بهداوة واخيط بمزاجي ..
قربت منها سارة وهي توريها اللي بيدها : شوفي خياطتي شلون زينة ومثل بعضهن انتي
هالوردات اللي مسويتهن كل وحدة فيهن شكل ..
ناظرت بالثوب اللي بيد سارة ورجعت ناظرت اللي هي تخيطه حست انها ودها تطلق
ضحكة عالية على خياطتها مضحكة الى حد كبير .. بس قاومت هالضحكة وتكلمت بثقة
مصطنعة : انا ابيهن تسذا .. مابيهن مثل اللي انتي مسويته ..
حطت اصبعها على لسانها ومررته على رجلها : استغفر الله منتس يالتسذوب .. ماتخافين
الله انتي ..
ضحكت وهي تستغفر ربها وضحكو كلهم .. كانت نورة تناظرهم وهي تضحك مستحيل
يجتمعون هالثنتين مايكون بينهم مناوشات وطقاق .. وكل وحدة فيهم لسانها اطول من
الثانية والله يعينهم هم على تحمل ازعاجهم وحركاتهم .. رغم ان سارة اكبر من موضي
بس نفس خبالها وحركاتها .. كانو يضحكون وعايشين يومهم بدون مايخططون لمستقبلهم
اللي يجهلونه ومايتعبون نفسهم بإضاعة الوقت بتفكير في شي قد يكون مؤلم بالنسبة لهم ..
نورة اللي ماتدري عن مخطط ابلة لمياء لجمعها مع اخوها من الرضاع .. كانت تبتسم
لهم وتفكيرها مايحمل اكثر من جلستهم واهلها وراكان .. وماتدري انها الآن تشغل تفكير
طلال واهله وصديقه .. وانه اكيد الحين بهاللحظة ممكن يتكلمون عنها او يتناقشون في
امور تخصها .. ماتدري انه يمكن بأشارة من طلال ممكن يجي يوم ويطق بابهم .. متى
هاليوم الله وحده اعلم ..
وموضي اللي تضحك معاهم شوي وتغيب عنهم اكثر .. ماتدري انه من كم يوم بس سأل
عنها وقال انه راح يتقدم لها .. ماتدري انه هالانسان اللي شغل بالها هالفترة الماضية
كلها .. كان يفكر هو بعد فيها ويخطط ويستخير .. ماتدري انه بين لحظة والثانية بيجي
ويتقدم لها وبتنخطب مثلها مثل اي بنت في هالدنيا
كانت جلستهم بسيطة تتخللها ضحكات مسموعة .. احلامهم معلقة حتى اشعار آخر ..
وشيخة اللي تعيش معهم مبتسمة وتخفي في داخلها آلام تقاوم حتى ماتطلع وتفضحها ..
بالضبط مثلهم .. تجهل كل شي يخص مستقبلها .. تجهل من هو الشخص اللي اشغلت
تفكيره من فترة وتتردد في باله كثير رغم انه يقاوم رغبته في السؤال عنها .. ماتعرف
شي الا انها تعيش حياتها تنتظر اي طارق لبابهم يطلبها للزواج .. رغم انها مدركة ان
هالشي مستحيل اذا ماتزوجت نورة ..
مسائل معقدة وعادات كثيرة تحيط فيهم .. عادات قد تكون خاطئة بس تمسكو فيها لانهم
توارثوها من اجدادهم واستمرت معاهم ماعاشو الحضارة اللي غيبت الكثير من العادات
القديمة السيئة منها والحسنة ..
بعد صلاة الظهر جاتهم ام محمد فرحانة وهي تحمل بيدها حافظة كبيرة للأكل نطو كلهم
مستانسين وطقت يدينهم تبعدهم عنها : اركدن يامال الماحي ..
قعدو البنات ينتظرون انها تفتح الحافظة وتشوف وش فيها .. واول ماشافو المرقوق
ناظرو بعضهم بفرحة .. قربت سارة من امها : يااااازين ريحته .. من وين لتس يمه ؟
دفتها موضي : خالتي تكفين حطيه بسرعة .. وربي اني ميتة من الجوع ..
رجعت غطا الحافظة وشالته عنهم: يامال الطيرة اصبرن لين يجون العيال من مدارسهم
قالت هيا بهدوئها المعتاد : من وين لتس هالمرقوق يمه ؟
ام محمد : من عند ام مقرن عسى الله يطول بعمرها ويخلي لها عييلها ..
قعدو كلهم حولها والحافظة بالنص ينتظرون متى مايجون العيال من مدارسهم يبون
ينقضون على هالوجبة المفاجئة اللي جات لهم بوقتها .. بعد مارجعو العيال .. وشيخة
راحت تجيب سلمان ومنيرة .. حطو غداهم وتغدو كلن ببيته ..


كانت جالسة معاهم بمجلس الحريم .. كعادتها في كل مرة تجلس بطرف المجلس وتقضم
اظافرها وهي تناظرهم .. عماتها ومرة ابوها وخواتها وميساء مرة عمها .. كانت تتجاهل
نظرات منال المسلطة عليها وابتسامتها الخبيثة اللي تخفي وراها سيل تهديدات لها ..ماتدري
شلون تستغل الفرصة وتكلمها .. ومثل كل مرة ماتخلو جلستهم من كلماتهم المسمومة ..
واحتجاج هيفا وميساء على كلامهم ومحاولاتهم تهدية الأوضاع قربت من ميساء ناظرتها
وابتسمت وقال من بين ابتسامتها : شلون نروح لحالنا .. ابي اقول لك كل شي بخاطري
تكفين ..
حست ان اللي في قلبها كبير .. او بالاصح شكلها مصيبة .. عمر ديما مالجأت لاحد دايم
تتحمل كل شي يجيها .. دايم تسكت عن الظلم والاهانات ليش هالمرة عندها كلام .. اكيد
فيه شي .. ولو قامت هي وياها بينتبهون لهم وماراح يريحونهم ابد بادلتها الابتسامة وكأنهم
يسولفون عادي : الموضوع خطير لهالدرجة ..
هزت راسها بإيه وهي مازالت تبتسم .. تجاهلت نغزاتهم المستمرة .. بالذات عمتها سعاد
اللي من اول تقط عليها كلام .. ناظرتها ميساء : تدرين عاد قومي انتي زعلانة مثل كل
مرة وانا بلحقك .. محد بيشك فينا يدرون اني ما اعرف شي واكيد ماراح اعلمك ..
بدون تفكير على طول قالت لها : لا لا .. بتعرف والله بتعرف وبتفضحني ..
ناظرتها مستغربة من هالكلام : من هي ؟
ماكانت تبي تحط عينها بعين منال .. ماتبيها تعرف انها تتكلم عنها .. ماتدري شلون
تطلع من هالمكان بدون ماتحس .. تخاف تروح هي وميساء وتقعد تقط كلام وتفضحها
بينهم .. : منال .. بعلمك كل شي وربي تعبت من التفكير ..
هزت راسها لها تطمنها .. وقعدو يناظرونهم وهم يتحينون اي فرصة ممكن تجمعهم مع
بعض تبي تفضفض كل اللي بقلبها وترتاح .. ماطول انتظارهم شافو منال تناظر جوالها
مبتسمة وهي طالعة من عندهم .. ارتاحت ديما لخروجها هالابتسامة معناها اللي متصل
حبيب القلب يعني بتطول وتاخذ راحتها مادام محد يسأل وراها ولا يشك فيها .. : يالله
نروح فوق ..
التفتت لها وشافتها قايمة : روحي انتي شوي وبلحقك ..
ابتسمت بتوتر : اوكي .. ومشت رايحة لجناحها دقايق وجاتها ميساء .. قفلو عليهم باب
الجناح ودخلو الغرفة .. على طول بادرتها ميساء : وشو .. وش الموضوع الضروري
اللي انتي خايفة منه ..
قعدت على طرف السرير وبدون مقدمات قالت لميساء كل شي صار معاها .. من ذيك
الليلة اللي شافتها في احضان حبيبها .. الى يوم تصويرها وتهديدها .. قالت لها كل شي
بالتفصيل .. كانت تتكلم وهي ترتجف ودموعها على خدودها .. ميساء تفاجأت من اللي
سمعته .. هي تربت في بيئة متدينة نوعا ما من صغرها عرفت حدودها اللي المفروض
ما تتعداها .. امها كانت انسانة ملتزمة وحافظة لكتاب الله وداعية للجاليات الاجنبية الغير
مسلمة .. ومثل هالامور معناها مصيبة .. كبيرة من الكبائر استغفرت ربها وهي تحاول
تستوعب صدمتها .. تحس انها دنيئة من زمان من تصرفاتها واسلوبها مع ديما بس
عمرها ماتوقعت انها توصل لهالمستوى من الدناءة .. : اتركي كل شي علي لا تشيلين
هم ولا تفكرين .. والله لاربيها واطلع هالصور من عيونها ..
هزت راسها معترضة : لا لا .. هالموضوع قلته لاني ابي احد يعرف اني مظلومة ..
ماراح تقدر تتكلم وتقول شي .. هي اللي بتنفضح بعدين .. ميسو انا ابي اروح لامي ..
فتحت عيونها متفاجأة من كلامها : وشو ؟
مسحت دموعها : والله مابي شي .. ابي اعرف وينها .. ابي اعرف اذا هي عايشة ولا
ماتت .. ابي اعرف شلون قدرت تعيش من دوني .. وليش تخلت عني .. تكفين مافي
احد غيرك يساعدني .. وربي مالي الا انتي بعد الله ..
بدت تنزل دموعها اكثر .. وتعالى صوت نحيبها : واذا انتي ماسألتي عنها وعرفتي
انا بطلع من هالبيت وادورها بنفسي ..
مسكتها من كتوفها وهزتها كأنها تصحيها : صاحية انتي ؟ وين تدورين عليها ..شايفة
ديرتنا صغيرة عشان تقولين بتطلعين ؟ .. انتي اصلا تدرين هي بأي مدينة ساكنة ؟
تدرين وش هو اسمها الكامل ؟
ركزت نظرها على وجه ميساء وناظرتها بدون ماترمش : لا .. ما اعرف شي محد
قال لي شي اصلا ..
ميساء : اجل شلون بتروحين وتسألين ؟ من بتروحين له ؟ وتظنين انك بتعيشين مستانسة
الذا طلعتي من هالبيت من اللي بيرضى فيك .. بنت وجاتهم من الشوارع .. يمكن حتى
ماتلقين امك .. ووقتها ابوك حتى مايرضى ترجعين لهالبيت ..
ماتنكر ان الكلام كان اقسى كلام تلقته في حياتها .. كل اوجاعها وآلامها اللي قبل اهون
من انها تصطدم بطريق مسدود كانت تقول انها اذا تزوجت بتدور على امها .. بس الحين
حست انها مو موجودة .. غطت وجهها بيدينها وبدت تبكي بشكل هستيري .. كل ماحاولت
تتحرر من هالسجن ترجع له مرغمة انها تقاسي اشد انواع العذاب النفسي والجسدي فيه ..
رحمتها ميساء .. كسرت خاطرها هي تدري انها كانت قاسية معاها بس لازم تنقذها من
نفسها .. ضمتها لصدرها تبي تهديها : اوعدك اني اسأل عنها .. وراح ادور عليها الى
آخر يوم في عمري .. هذا وعد بيني وبينك ويشهد علي ربي ..
بعدت عنها وناظرتها بفرحة : والله ..
نزلت دموعها وهي تتذكر امها اللي فقدوها من كم سنة وماقدرو ينسونها شلون هي اللي
عاشت حياتها بدون امها : ايه والله .. وهذا وعد مني بسوي المستحيل عشان تلقينها ..
بس لاتستعجلين علي ..
ابتسمت لها وضمتها بقوة وبداخلها امتنان كبير لها .. لاول مرة احد يعطيها امل ..حتى
ولو كان مبهم وغير معروف .. حتى ولو كان مصيره مجهول الا انه كان كفيل بزرع
الفرحة بقلبها ..







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:11 PM   رقم المشاركة : 17
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

الجزء الخامس
[ الفصل الأول ]‎‎‎‎

السنين طوال والدنيا عريضه
والحظوظ ارياح والقسمه مهب

والزمن لو تستوي سوده وبيضه
ما تساوى من بقى مع من ذهب

ولو جميع الناس بالدنيا حظيظه
ما انحسد عبدٍ ولا ربٍ وهب

ومن يطيع الناس بالغالي غميضه
الذهب يرخص ولكنه يبقى ذهب

والنصيحه واجبه ماهي فريضه
والضمير الحي قلبه من لهب

ولو يفيد النصح بعقولٍ مريضه
كان ما تبت يدين أبو لهب

مستلقي على ظهره وغارق في تفكيره .. اخيرا قرر بعد تفكير طويل انه يروح يكلم
ابوها .. قبل حتى مايكلم اهله يبي يعرف اذا راح يتقبلون فكرة خطبته .. خصوصا
انه مو من الديرة .. واكيد راح تواجهه صعوبات كثيرة من عاداتهم اللي هو يجهل
اكثرها رغم انه صار له حول الـ 3 سنوات يدرس بهالقرية .." الحين اطلبهم اشوفها
شوفة شرعية ولا شلون ؟ " هز راسه وتأفف من وضعه .. ماسأل عن عاداتهم في
الزواج .. اكيد غير عن العادات اللي يعرفها واللي تعود عليها .. مسح بيده على وجهه
ولمح امه واقفة عند الباب تناظره .. قام على طول لها : هلا يمه ..
ابتسمت له وهو جاي يحب راسها : تو الناس .. صار لي ساعة اسولف مع نفسي وانت
الله يهداك من صليت الجمعة دخلت هالغرفة ولا احد شافك ..
مسك يدها وحبها : شوي مشاغل وقلت اخذ وقتي وافكر فيها ..
حطت يدها على راسه : نقلك بحول الله هالسنة لايشغل بالك شي وانا امك ..
ناظرها بابتسامة مبهمة وهو ماشي معاها للمجلس " ليتك تعرفين اللي بقلبي يمه " : ان
شاء الله تتسهل من رب العالمين .. اخواني جو ؟
هزت راسها وهي رايحة لمجلس الحريم .. ناظر ساعته وشافها 2 ونص .. " اووووف
وانا كل هالوقت افكر " وقبل مايدخل المجلس سمع صوت صراخها عليه وهي جاية
تركض له .. التفت لها وجلس على ركبته وفتح يدينه ونطت بحضنه : وينك انا من اول
ادول وين عمو نايف ..
مسكها من خدودها وقعد يبوسها : ياحبيبة عمك انتي .. شالها ودخل للمجلس .. شاف
ابوه واخوانه الثلاث وزوج اخته الوحيدة .. سلم عليهم وقعد معاهم .. حطو غداهم وتغدا
وبعدها شربو الشاهي واستأذنهم ماشي للقرية .. كعادته كل يوم جمعة يمشي بعد صلاة
العصر مباشرة .. طول الطريق كان تفكيره عليها .. هو شاب مقتدر حاليا خصوصا ان
زواجه من بنت من الديرة معناها مصاريف الزواج راح تكون اقل من لو كانت بنت من
الرياض بيكون لها مهر كبير وقاعة افراح وشبكة ومصاريف كثيرة ممكن يضطر انه يقدم
على طلب قرض لتيسير الزواج .. وكل هالامور في الديرة تكون اقل وابسط .. بالنسبة
له الحياة ما كانت سهلة حتى لاهله .. كانت ظروفهم تتحسن وتسوء حسب ماقدره لهم
رب العالمين .. ابوه كان موظف بسيط في البلدية براتب متواضع قبل ما يتقاعد .. تعود
اوقات على شظف العيش خصوصا في اواخر كل شهر بانتظار الراتب .. ورغم انه
آخر العنقود واللي المفروض يكون مدلل من كل افراد العائلة الا انه تحمل مسئولية نفسه
من تخرج من الثانوي .. وصارت مكافأته الجامعية هي مصروفه الشهري .. والحين
تحسنت الاوضاع كثير بعد ماتوظف وصار يساعد اهله في مصاريفهم .. مع مساعدات
اخوانه اللي مايقصرون .. عائلتهم كانت عائلة متوسطة مثل اغلب العوائل في السعودية ..
وصل للشقة اللي مسـاجرها هو ومجموعة المدرسين خارج القرية وتبعد عن المدرسة
حول الـثلث او الربع ساعة .. وهو مقرر من بكرة يتوجه لاهلها ويكلم ابوها ..

الحين صار لها حول الساعة تدق عليها جوالها مغلق .. والثابت محد يرد عليه .. من امس
وهي تتصل عليها ماترد .. وبالاخير تقفل جوالها وهالشي عمرها ماسوته معاها .. اصلا
عمره ماعدا عليهم يوم ماكلمو بعض فيه .. بس هي صار لها يومين ماكلمتها ولا حتى ردت
على اتصالاتها .. مشت رايحة لغرفة اختها تبي تضيع وقت اكيد هي لاشافات اتصالاتها
بترجع تدق عليها : سموي ..
رفعت راسها لها .. : هلا ..
جلست على سريرها وقعدت تناظر في سما اللي تحط مناكير على اظافر رجلينها : دانا صار
لها يومين مو مكلمتني .. والحين جوالها مغلق .. والثابت ادق محد يشيله اخاف صاير لهم
شي ..
كملت طلاء اظافرها وقالت باسلوب غير مهتم : كلمي نجود .. اي وحدة فيهم ولا حتي امهم
تأففت وصارت تزفر بنرفزة : اتصلت على نجود من شوي ماردت علي وهالشي زود الخوف
بقلبي ..
حطت المناكير على التسريحة وناظرتها متفاجأة وقالت باسلوب درامي : والله جد السالفة خطيرة ..
رمت عليها المخدة وقالت بصوتها الناعم : سموووووي .. وش قاعدة اقول انا من الصباح ..
على بالك استهبل يعني ؟
رتبت خصلات شعرها اللي تناثرت : وجع ماصدقت اسشوره والمه تجين تخربينه علي ..
" وبعد تفكير قالت " يكون ابوهم اسود الوجه مسوي شي هالمرة بعد ؟
هزت كتوفها بمعنى انها ماتدري : هذا اللي انا خايفة منه .. تدرين عاد احس اني بنجن لو
بقعد افكر تعالي نروح نقعد مع امي ..
قامو ثنتينهم ونزلو يقعدون مع امهم وهم بنص الدرج سمعو شي غريب عليهم .. مسكت سما
يد رسيل ووقفتها وحطت اصبعها على فمها : اووووش .. شكله موضوع خطير ...
ضغطت على يدها وقالت بصوت هامس : سموي مايجوز نسمع لها .. يمكن ماتبينا نعرف ..
ونزلت اول درجة وسمعت كلمة وقفتها مكانها ... : والله يا ام رياض مدري شلون اقتنع بس
انا هالمرة متأكدة انه بيوافق .. ابوه امهله لنهاية هالاسبوع وبعدها بيروح يخطبها ...
التفتت ورا وشافت سما ترقص مكانها بدون صوت .. اشرت لها تسكت وقعدو يسمعون كل
المكالمة ...
" ايه والله وانا اختك مدري شلون بيوافق بس هالمرة ابو طلال مايبي يخليه .. وان مارضى
فيها بدور له من هالبنات اللي تناسبه ..., ايه والله مانعرفها بس اذا وافق عليها
والله ما ارده ولا اوقف نصيبه وانا في هذيك الساعة اللي يقول اخطبو لي .. ,
ابشري والله لابشرك من وقتها وانتي تعرفيني مافي شي يصير الا وانتي اول من يدري عنه
... , ان شاء الله وانتي بعد سلمي على ابو رياض والبنات فمان الله .. "
سكرت وقعدت مكانها سرحانة وتفكر قربو منها الثنتين وجلسو .. سما ماقدرت تسكت اكثر
لازم تعرف وش التفاصيل : يمه ..
انتبهت من سرحانها والتفتت عليهم .. شافتهم يناظرونها وكل وحدة فيهم شاقة الابتسامة من
الاذن للاذن .. : اجل سامعين المكالمة وتبون الاخبار ؟
نطت سما على طول وقعدت جنبها : صح عليييييييييييييك يمه .. هاتي الاخبار ..
قالت لهم كل التفاصيل والثنتين يناظرونها متفاجئات فجأة نطت فيهم رسيل : وووووووووع
من جدكم انتو بتزوجونه قروية ؟ قلو بنات الرياض يمه ؟ تكفين انا ادور له بس لا تجيبون
لنا قروية ..
ناظرتها سما وهي تضحك : بالعكس احس حياتنا بيصير فيها اكشن ومغامرات .. يعني انا
بعيش اسعد ايام حياتي وانا اشوف قمة التناقض بينك وبينها .. واااااااو حماس يمه تكفون
زوجوه بسرعة ..
سحبتها تبعدها عن امها وناظرتها تبي تتأكد كلامها جد ولا تمزح معاهم : يمه ناظريني
الحين صدق هالكلام ؟
ناظرتها وهي تخفي ابتسامتها .. رسيل تشبهها نفس تفكيرها .. بس هي فضلت راحة ولدها
على نفسها .. : ايه صدق ولو وافق اخوك بنخطبها له ان شاء الله ..
هزت راسها وكأنها تبي تستوعب الكلام : بس شلوووون ؟ يمه كيف بتزوجينه وحدة ماتعرف
تلبس ولا تعرف شلون تتصرف مثلنا .. وصديقاتك ومعارفنا ؟ وحنينوه وفوزو اختها ؟ عز
الله ضحكتو العالم علينا ..
سما اللي راحت تشرب مويه جاتهم ركض : لاااا .. لاتسمعين كلامها يمه تكفين نفسي اشوف
ناس غير اللي تعودت اشوفهم .. ابي اكشن في هالبيت اقسم بالله ملل خلونا نغير روتين شوي ..
كتمت ام طلال ضحكتها بداخلها هالبنتين نقيضين بكل شي .. رسيل انسانة تهتم بالمظاهر في
المقام الاول .. ومقياسها للاشخاص من خلال لبسهم ومراكزهم الاجتماعية .. عكس سما اللي
تخالط كل فئات المجتمع وماتجامل في علاقاتها ابد رغم انها صغيرة بس ماتعرف تجامل في
مشاعرها .. عشان هالشي ماتروح كثير للحفلات والمناسبات اللي يحضرونها امها ورسيل ..
كانت ساكتة لانها تدري ان هالنقاش ماراح يغير شي .. بالاخير القرار بيد طلال اذا كان يبي
هالزواج محد راح يوقف بوجهه والحين هي وابوه ينتظرون رده عليهم .. ماتنكر انها اوقات
تتمنى يقول لها انه يبي وحدة من معارفهم .. بس بعد راح ترضى بأي اختيار مادام هالشي
راح يسعده ..
طلعت للغرفة اللي تجمعها مع خواتها .. ببيت خالها الكبير شافت دانا على وضعها اللي
هي عليه من وصلو .. ماجلست مع احد ولا تبي تقابل احد .. حتى الكلام ماتبي تتكلم
مع احد او تناقشه .. مسكت جوالها وشافت عدد كبير من الاتصالات .. اغلبها من عادل
ورسيل .. اول شي سوته اتصلت على اخوها .. اكيد من اول يتصل حتى على امه واول
ماجاها صوته الحنون .. ردت عليه : هلا عادل ..
تنفس براحة وبدا هجومة على طول : جودي الله يهداكم هذا كله عشا تردون ؟ ولا واحد
فيكم يرد علي .. وربي تلفت اعصابي ..
شافت دانا تتحرك شوي وطلعت برا الغرفة : شوي شوي كليتني بقشوري .. تعرف تونا
واصلين امس وزحمة مايحتاج اعلمك خوالي وخالاتي وعيالهم ..
سكت شوي وبعدها قال بهدوء : زين ابي دانا .. ضروري لاتقولين لي مثل كل شوي ما
تبي ترد على احد .. حطي الجوال عندها ابي اكلمها الحين ..
قاطعته على طول : الظاهر نايمة .. ماودي ازعجها ..
حس انه وده يطلع من الجوال يكفخها : جودي لا تنرفزيني ابيها الحين .. حتى لو نايمة
قوميها ..
استسلمت لرغبته ودخلت تشوف دانا .. : دنو .. قومي كلمي عادل يبيك ..
ماردت عليها او حتى تحركت .. هزتها شوي من كتفها وقربت منها تشوفها .. شافتها
مغمضة عيونها ودموعها على خدودها : دنو تكفين لا تكلميني انا بس ردي على عادل
كل دقيقة وهو متصل يبي يكلمك ..
وهالمرة بعد مالقت اي جواب او حركة منها .. رفعت الجوال لأذنها : مو راضية ترد علي
جاها صوته القلق : نايمة يعني ولا ماتبي ترد ؟
شافت جسم دانا يرتجف .. الاكيد انها قاعدة تصيح الحين .. قالت بصوت هامس : لا مو
نايمة بس قاعدة تصيح .. وماتبي حتى تكلمني ..
سكتت بعدها وهي تناظرها كان شكلها يقطع القلب .. جاها صوته الهامس : حطي الجوال
عند اذنها بقول لها كم كلمة .. اكيد بتسمعني ..
قربت منها : يالله هذاني بحطه تكلم ..
حطت الجوال عند اذنها وقعدت تطالعها .. شافتها تغمض عيونها بقوة وكأنها ماتبي تسمع
شي .. عادل اللي من قالت له يتكلم وهو يناديها بس هي ساكتة وماتبي ترد عليه : دنو اذا
لي غلا عندك بس كلميني .. ابي اعرف هو سوا لك شي ؟ طمنيني تكفين ..
كان ينتظر منها اي اجابة لكن ماسمع منها الا صوت انفاسها اللي كل ماتكلم صارت اقوى
من قبل .. : تكفيييييييين ردي علي .. انا جاي لكم بعد بكرة .. طلبت اجازة اضطرارية
اسبوع وجايكم .. بس طمنيني ابي اعرف وارتاح .. ابي اعرف انام ذبحني التفكير .. احد
لمسك ؟ احد قرب منك ..
اجابته صوت شهقة حاولت كتمانها .. انتظر منها تتكلم او تقول شي بس ظلت مصرة
على سكوتها .. رفعت نجود الجوال لأذنها : قلت لك ماتبي تكلم احد ..
قال بصوت متنرفز : والله لاطلع الكلام من عيونها عاجبها حالنا الحين ... لاعبة في
اعصابي وانا من اول ابيها تتكلم ..
طلعت ركض من الغرفة : اوووف وانا وش ذنبي الحين تصارخ علي .. خلاص خلوها
براحتها متى ماتبي تتكلم بتقول كل اللي بخاطرها لاحد يضغط عليها اكثر ..
سكت لانه مقهور منها .. هو مايبي اكثر من كلمة بس تطمنه هذي اخته وأي شي يمسها
راح يمسهم كلهم .. : اوكي فمان الله ..
سكر منها وهو يحس بنار تحرق بصدره .. من عرف انه ابوه مسوي لها شي وهو مو
مرتاح ابد .. يبي هاليومين تعدي على خير وبعدها يروح لهم ويحاول يحل كل مشاكلهم
خصوصا انه الحين هو اللي صار مسئول عنهم .. يدري انه هالحمل ثقيل عليه .. من
زمان كان يبيهم يطلعون من البيت لكن امه رفضت .. كان عندها امل انه يتعدل .. لكن
للأسف حالته صارت اردى من اول .. ساءت في الفترة الاخيرة بشكل كبير .. وماعاد
صار هالانسان هو اللي يعرفونه قبل .. للأسف صار شخص غير مسئول جعل هالبيت
بكل من فيه منبوذ حتى لو انهم مالهم ذنب في اللي اقترفه ابوهم .. الا انه اصبح كالوسم
عليهم .. بمجرد حملهم لاسمه ..


من صحت الصباح ونفسيتها مو ذاك الزود .. حاسة نفسها متضايقة وودها تطلع
تغير جو .. سحبت جوالها واتصلت على بنت اختها اللي ردت وصوتها مبين فيه
النوم : هلا ..
انقهرت يوم سمعت صوتها هي بروحها طفشانة : منوووو بسرعة قومي بمرك الحين ..
نطلع اي مكان . وربي زهقانة ..
سمعتها تتأفف وتتمتم بكلام مافهمته .. رجعت اصرت عليها : يالله عاااااد قومي
الحين بلبس وبجي لك .. تجهزي ..
وسكرت على طول بدون ماتنتظر منها جواب او رد لكلامها ..
قامت بعدها وفتحت الدولاب وطلعت لها بنطلون جينز .. وتي شيرت احمر قاني
وحطتهم على السرير .. بعدها راحت عند التسريحة تحط ميك اب .. شوي ماسكارا
وكحل اسود بداخل العين .. وروج احمر .. لبست بعدها وردت على جوالها وهي
تلبس عباتها .. : هلااااا .. صحيتي ؟
جاها صوتها اللي للحين فيه النوم : لا للحين نايمة واحلم اني اكلمك .. شرايك يعني ؟
فقعت عليها ضحك .. اذا صحت من النوم تصير نفسها براس خشمها : زين لا يكثر
اخلصي علي الحين جاية ..
سمعتها تسب في احد يمكن تكون الشغالة .. زييييين بقوم الحين ..
ضحكت على الفاظها اللي تعودوها منها : يالله باي
وسكرت على طول .. لفت الطرحة ولبست اللثمة وتعطرت .. خذت شنطتها وطلعت
شافت امها قاعدة بالصالة ومشت بدون حتى ماتسلم عليها او تقول لها انها طالعة ...
على طول كلمت السواق يشغل السيارة .. وركبت معاه .. : امشي لبيت اختي الكبيرة
هز راسه ومشى على طول .. سحبت جوالها واتصلت على احد الارقام عندها واول
ماسمعت الرد تكلمت بصوت كله دلع : هلا حبيبي ..
جاها صوته الذايب في دلعها ونعومتها : هلا والله بهالصوت .. وش هالصباح الزين
اللي خلاك تدقين علي ..
كشرت بقرف وقالت بلهجة تحاول تخفي احساسها : ابد حبيبي اشتقت لك وقلت اصبح
عليك .. اممم .. مشغول ياقلبي ؟
قاطعها بلهجة ملهوفة : اذا مشغول افضي عمري عشانك آمريني بس ..
ابتسمت بخبث وهي تناظر بالسيارة اللي واقفة جنبهم : خلاص اجل عازمتك الحين
على كوفي ..
حست الفرحة بصوته وهو يقول : الحين جاي لك .. بس العزيمة على حسابي ماراح
تدفعين ريال واحد ..
ابتسمت بخاطرها على غبائه .. هي اصلا ماتحبه ومن زمان تتحاشى اي اتصال معاه
بس جا ببالها اليوم تغير روتين وهو كان اول واحد يجي على بالها .. تواعدت معاه على
المكان ووصلت بيت اختها .. اتصلت على منال اللي على طول جتها وهي لا تقل عنها
سفور .. كل الثنتين كانت روائح عطورهم مالية السيارة وصوت ضحكاتهم يتعالى ...
التفتت عليها وهي تضحك : ترى قلت للغبي فارس يجي ..
صرخت فيها على طول : لااااااااا .. وع وربي ما اطيقه ..
ناظرت جوالها متجاهلتها : عاد انا اللي ميتة عليه .. بس ابيه يجي يدفع الفاتورة تعرفين
الولد كاش .. خليني اطلعها من عيونه ..
سحبت الجوال منها : انا ادفع لك الفاتورة بس فكيني منه .. وافرضي درى عني صلاح
والله ليذبحني ..
طقت على يدها : يالخبلة مليون مرة قلت لك لا تخلينه يمشيك على كيفه .. مالت عليه
وعلى كل الرياجيل بعد ..
وقفو عند الكوفي اللي قالت له عليه وقفو ينتظرونه الين يجي ويدخلون معاه .. تكلمت منال
وهي تقلب في جوالها : زعلان علي من امس .. وربي ماعرفت انام ولا ارتاح ..
كشت على وجهها ورجعت تتصل عليه : ايه خليك كذا احرقي قلبك على واحد مايستاهل
يابنت الاوادم هذول يتسلون فيك وبعدها يرمونك .. العبي عليهم انتي وخذي الدنيا وناسة
تعلمي من خالتك .. كل هالسنين ما اخذتي خبرة من تجاربي .. " التفتت وراها وسكرت
الجوال قبل يكمل الاتصال " هذا هو جا ..
نزلت منال وهي متضايقة منه وراحت تمشي معاهم .. جلسو على احدى الطاولات بقسم
العائلات فكو الثنيتن طرحهم ورموها على كتوفهم وقعدو يسولفون معاه .. طول هالوقت
منال تدق على صلاح اللي سافهها ومايبي يرد عليها .. اما حنين كانت جالسة بكل غرور
وهي تتدلع على فارس اللي ذايب فيها .. حنين اللي من تخرجت من الثانوي تزوجت طلال
وهي بعمر الـ 19 سنة واستمرت معاه الى ان صار عمرها حول الـ 22 وتطلقت منه ...
كان اكبر منها بـ 7 سنوات فارق هالعمر خلاها تنفر منه .. كانت توها تعيش حياتها تبي
تروح وتجي مع صديقاتها .. تبي تطلع وتعيش نفس تجاربهم اللي شافت من زواجها منه
قيد صعب عليها التخلص منه .. ماكانت تحبه ابد .. كانت تدري انه هو ميت عليها ويبيها
ومجرد ماتخرجت تزوجو .. كانت مسيرة في هذا الزواج وماخيرت ابد .. وهالشي ولد
بداخلها نوع من النفور تجاه هالشخص اللي تحس انه يبي يتملكها .. وبعد ماتخرجت من
الجامعة وكبرت .. ومن شافت صديقاتها تزوجو حست بالندم انها فرطت فيه .. مو لانها
تحبه .. بس لانه كان فرصة نادرة اي بنت تتمناها خصوصا بعد مامضى فيها العمر و
صارت بعمر الـ 28 الحين ..

من الصباح قال لسلمان انه بيجيهم بعد صلاة العصر .. كان يحس بخوف كبير بداخله
مثل هالخطوة تحتاج منه الشجاعة .. تمنى لو انه طلب من ابوه او احد من اخوانه يكون
معاه بهاليوم .. تجهز وكشخ ومشى لبيت المطوع اللي كلهم يجتمعون بدكته كل يوم ..
سلم عليهم وقعد .. بعد ماسولف معاهم شوي طلب المطوع بكلمة راس لحاله : شلونك
عساك بخير ؟
رد عليه وهو مبتسم .. لانه حس من ارتباكه وش اللي يبيه : انا بخير وانا عمك .. بشر
معزم تروح لهم اليوم ؟
ابتسم بتوتر : ايه والله ياعم .. وودي تروح معاي اذا ماعليك كلافة ..
مسكه من يده وهو يشوف شلون مبين عليه انه يخفي توتره : ابشر وانا عمك " والتفت
للشياب الجالسين " خوذو راحتكم بروح مشيوير قريب ..
ومشى معاه لبيت ابو راكان .. كانت خطواته خليط من لهفة وترقب وقلق كل المشاعر
تساوت بهاللحظة بقلبه .. يبيها تعرف انه انسان صادق بمشاعره واحساسه كان يحبها
ويبيها ماكان يلعب عليها ابد .. يتمنى انه يعرف وش هو احساسها اذا درت انه جاي
ومتقدم لها .. هل ياترى بيكبر بعينها .. بيصير له غلا في قلبها .. واذا فعلا كان له غلا
من قبل هل بيزيد اكثر .. وهل راح توافق عليه ؟ قطب جبينه وهو يكرر هالسؤال في
باله .. " معقولة يعني ماتوافق علي ؟ .. ليش ما جا هالشي في بالي الا الحين ؟ اعوذ
بالله من الشيطان الرجيم " كان يمشي وهو يحس بصراعات كبيرة بداخله .. مو منتبه
للعيون اللي طول الطريق تتابعه كان يشوف فيه حيرة وتوتر بس بنفس الوقت اعجب
كثير بشخصيته .. حس انه انسان مكافح ورجل يعتمد عليه .. وصلو لبيت ابو راكان
اللي من شافوهم البنات من بعيد وسمعو صراخ سلمان عليهم يبيهم يدخلون دخلو سلمو
عليه وقعدو .. تفاجأ نايف اول ماشاف ابو راكان لاول مرة يدري انه انسان مقعد ..
ماعمره عرف هالشي عنه سألو عن الاحوال والاخبار وقعد ابو راكان يسأل عن ولده
ودراسته ومن هالأمور ..
بعد فترة سكوت مو قصيرة تكلم المطوع على طول : اكيد ماتدري وشوله جايينك اليوم
يابو راكان ..
ابتسم له وهز راسه يبيه يكمل كلامه .. حط يده على ظهر نايف وشجعه انه يتكلم ..بعد
تردد طلعت كلماته بصعوبة : والله ياعم اني جايك اليوم ابي اناسبك .. وماجيت الا وانا
سائل عنكم وماخذ علومكم .. واذا حسيت انه ان شاء الله في تقبل للموضوع بجيب اهلي
من الرياض ويجونكم نطلب بنتكم رسمي ..
ابتسم له ابو راكان وهو مايدري كم عمره بالضبط بس توقع كأي اب في الدنيا ان البنت
الكبيرة هي المقصودة : ومن دلك علينا ياوليدي ؟
ماعرف وش يقول حس انه متوتر كثير واللي انقذ الموقف تدخل المطوع في هالوقت
الحاسم : من زمان وهو ينشد عن اهل الديرة .. وعقب ماقعد معي قلت له على موضي
وجاي اليوم يخطبها منك ..
تفاجأ ابو راكان بإسم موضي اللي انذكر رغم انه بالأول توقع انه يبي نورة : بس ياولدي
هذي ماهيب اكبر خواتها .. عندي فوقها ثنتين مابعد اعرسن ..
حس انه بيتنرفز وهو يبي يمسك اعصابه ويوزن كلامه قبل مايقول كلام ممكن مايكون
مكانه : ايه الله يسلمك هي اللي مناسبة لعمري .. الثانيات وحدة كبري والثانية اكبر مني
وان شاء الله بيجي لهم نصيبهم ..
قاطعه على طول : لا ياولدي ماقدر ازوج الصغيرة وخواتها للحين ماجاهن نصيبهن ..
حط المطوع يده على كتف ابو راكان .. ومسك بيده لحيته اللي كساها الشيب : اذكر الله
يا بو راكان .. الولد توه ماقال شي .. وبناتك بيجيهن نصيبهن ان شاء الله بس هالضعيفة
لا تقطع رزقها .. ادري انهم بالديرة بيحتسون وكلن بيجي يقول لك شي بس انت لاتسمع
حتسيهم .. اسأل عن الولد وعن اهله واذا مدحوه زوج بنتك ماتضمن وش بيصير عليك
انت عقب بيقعدن هالبنات برقبة اخوهن .. وهالمسكين من وين له يصرف عليهن وعلى
مرته وعياله ان الله رزقه ..
سكت ابو راكان .. وقعد يفكر بكلام المطوع المنطقي .. كان نايف يحس بامتنان كبير له
يمكن لو كان لحاله ماعرف يتصرف .. ويمكن بعد يستسلم من اول محاولة تكلمو بعدها
في كل الامور .. كان نايف جدا مرتبك في هاللحظات .. احساس غريب يحسه .. وده
يرتاح من هالحمل اللي على كاهله .. صدق احساسه كفيل بإنه يملا هالقلب خوف من
ردة فعل ماتسره .. كان مستمع لابو راكان وهو يحكي له تفاصيل حياته وكفاحه .. احب
فيه طيبة قلبه الغير معهودة .. وخوفه على بناته هالشي اللي مايقدر يلومه عليه في ظل
زمن مايرحم .. قاربت الشمس على الغروب .. واتفق الطرفان على حل يرضي الجميع ..
من جهة ثانية كانو قاعدين البنات في الغرفة اللي ابو راكان وضيوفه قاعدين تحت شباكها
بالخارج وكل شي قاعد ينقال يسمعونه محد فيهم يدري بوقتها وش الصراعات اللي بقلب
موضي كانت تحس بفرحة غامرة انه جاها وتقدم لها وهذا معناه انه فعلا يحبها .. وبنفس
الوقت صدمها كلام ابوها اللي هي عارفته من قبل بس الحين تحس كأنها اول مرة تسمعه ..
النظرات كلها مسلطة عليها .. خواتها وبنات عمها وامها وخالتها .. كانت تحس باحراج
كبير وكأنه قلبها الحين مفتوح لهم وقاعدين يقرونه .. حست مشاعرها مفضوحة والحب
ظاهر بعيونها ارتاحت كثير يوم سمعت ابوها يوعده انهم بيردون عليه بعد اجازة العيد
وهالشي زرع الراحة بقلبها وقلبه .. بعد ماراح بدت التعليقات عليها .. كلن يرمي عليها
كلام انها عروس ويبون يعرفون وش رأيها بالمعرس .. محد كان يدري انه له فترة وهو
شاغل لها بالها .. توردت خدودها من كم التعليقات اللي سمعتها .. بس تجاهلتهم وراحت
للغرفة الثانية في الوقت اللي طلعو كلهم عند ابوهم برا طلعت الورقة من صندوقها الحديدي
الاحمر الصغير .. قعدت تقرا ابياتها وهي تحس بفرحة عظيمة بداخلها .. شي كبير بقلبها
اكبر حتى من انها تفهمه .. كانت تحب تشوفه بس هاللي تعيشه الحين معناها انها تحمل له
مشاعر مثل ماهو يكن لها مشاعر بداخله .. قعدت في هالغرفة تخبي هالورقة وتخبي معاها
ثورة مشاعرها المجنونة ..
اما هو كان ماشي وهو حاس بارتياح كبير من كلام ابو راكان معاه رغم انه احبطه بالاول
بس في الاخير وعده يفكر ويشاور الاهل ويرد له وهذي تعتبر خطوة ايجابية .... مشى
راجع للبيت الطيني اللي يسكنه اوقات وكل تفكيره متوجه مكان ماتكون هي في هاللحظة ..


ارتشف قهوته السادة وهو غارق في افكاره .. كان يناظر من الشباك في المدى حوله
الشوارع والمباني اللي تعج بهالناس كلها .. شلون يختلفون بكل شي .. منهم السعيد و
التعيس .. منهم الناجح والفاشل .. وهكذا هي حياة البشر .. كل انسان وله اهتمامات
ومميزات عن غيره .. هذا ثالث يوم من استخار من بعد كلام اهله ورياض معاه ارهقه
كثير تفكيره .. بالنسبة له ماعاد تفرق معاه هي او غيرها .. مادام انه قال لابوه كلمة
ماراح يتراجع عنها .. كانت الساعة تشير لـ 11 ونص مساء .. صار له فترة مانام
زي الناس هالموضوع اشغل تفكيره .. قراره للزواج هالمرة مو مثل اول مرة في فرق
بين الحالتين وبين الظروف .. المرة الاولى كان هو اللي يبي وهو اللي مختار وهو اللي
مستعجل وهالمرة هم اللي يبيون وهم اللي اختارو وهم بعد اللي مستعجلين .. سكر الملف
اللي قدامه واخذ اغراضه وجواله وطلع .. ركب سيارته واول مامشى اتصل عليه على
طول .. جاه صوته المرح : هلا والله ...
ابتسم من سمع صوته اللي يريحه : السلام عليكم ..
رد السلام وهو مستغرب هدوئه هالمرة : لا تقول تبيني هالحزة .. لو تحب السما ماجيتك
على طول ضحك على كلامه اللي في كل مرة يقوله .. ومجرد مايقول له انه يبيه يجيه
على طول : لا مابيك تجيني .. بس كنت ابي اقول لك على آخر اخباري ..
ضحك معاه وقال وهو يمازحه : بشر وافقت على العروس ؟
ضحك بداخله لانه يدري انه مايقول هالكلام بجدية ولا يتوقعه : ايه خلاص ماباليد حيلة
بروح الحين للوالد واقول له ..
قاطعه وهو متفاجيء .. للحين مو مصدق كلامه اللي سمعه : طلال انت صادق .. ولا
تلعب علي ؟
ضحك باستهزاء وقال بلهجة تهكمية : والعرس ينمزح فيه الله يهداك .. لا والله اني جاد
في كلامي .. ابوي وماراح يفكني الين اقول له تم .. وانا بالنسبة لي مايفرق عندي هاللي
اختاروها او وحدة ثانية .. كلهم واحد .. بالاخير بتزوج عشانهم مو عشاني ..
كان مستانس انه اخيرا اقتنع هو من زمان يتمنى هاليوم رغم انه ما اعجبته لهجة الانهزام
اللي حسها من كلام طلال .. الا انه العشرة كفيلة انها تثبت له ان تجربة واحدة فاشلة مو
معناها بتكون كل التجارب نفسها ..
اما طلال من سكر منه وهو يحس بهم كبير انزاح عن كاهله .. يمكن لانه تعب من التفكير
في هالموضوع .. كان خايف من ردة فعل امه وابوه .. مايبي يرفض لهم طلب وهو اللي
ماتعود بحياته انه يزعلهم ..
للحظة جات في باله حنين .. اللي كل مافكر بهالموضوع شاف صورتها قدامه .. وكل
اللي في باله الحين شلون لا عرفت .. وش راح تكون ردة فعلها على هالخطبة .. وش
اللي راح يجي في تفكيرها .. مايدري ليش بهاللحظة فكر انه يأجل كلامه مع اهله لبكرة
رغم انه اتخذ قراره .. بس في شي بداخله يمنعه وصل للبيت واول مادخل راح للمطبخ
صب له كاس موية وطلع يقعد بالصالة .. فتح التلفزيون وقعد يقلب بالقنوات .. شاف
برنامج معاد محاضرة للشيخ عائض القرني رفع الصوت شوي وقعد يستمع للمحاضرة
غمض عيونه ورجع راسه لورا .. وارهف سمعه لهالكم الهائل من المواعظ حس بعدها
بارتياح كبير .. سكر التلفزيون ورقى لغرفته .. توضى وصلى الوتر وتمدد على فراشه
يحاول انه ينام .


قام لصلاة الفجر باحساس غريب .. رغم انه نام متأخر ويمكن حتى ماشبع نوم بس في
شي بداخله خلاه يقوم يصلي وبعدها يخطو خطوة مهمة بحياته ذكر ربه وقام من سريره
وراح يتوضى .. طلع بعدها ولبس ثوبه وشماغه وطلع من جناحه .. شاف ابوه بالصالة
واقف يسكر ازرار ثوبه .. سلم عليه وحب راسه ومشى معاه للمسجد وبعد الصلاة رجعو
مشي للبيت .. كل ما جا ينطق اللي في خاطره شي غصب عليه يوقفه .. : يبه ..
وقف مكانه وهو يشوفه يفتح له الباب : هلا ..
دخل ابوه ودخل هو بعده وسكر الباب : الموضوع اللي قلت لي عليه " وسكت وهو حاس
انه مو قادر يقوله " ابد الشور شورك .. وتوكل على الله ..
فرحة كبيرة ارتسمت على وجهة شعور غامر بالسعادة اعتمر قلبه .. ورغبة جامحة انه
يحتضن ابنه البكر اللي اخيرا فرحه بهالخبر اللي ينتظره من سنين .. : ماشاء الله تبارك
الله .. الله يفرحك ياطلال مثل مافرحتني اليوم ..
هالفرحة اللي شافها بعيونه .. وهالدعوة الصادقة زرعت نوع من الرضى بداخله رغم
رفضه القاطع لهالزواج .. ابد مو مقتنع بالزواج ولا حتي مقتنع بالعروس .. وكل اللي
سواه ارضاء لامه وابوه بس .. دخلو البيت وجلسو في الصالة هو من الاول ماكان يبي
يطلع غرفته .. الفترة الاخيرة حس نفسه مسجون فيها .. وابوه من الفرحة قعد يسولف
معاه ويخطط على كل الامور .. متى تبينا نروح .. ومتى تبي الزواج ومن هالسوالف ..
هو كان متضايق من اسألته .. بس اضطر انه يجاوبه مايبي يخرب عليه هالفرحة اللي
يعيشها الحين ..
بعدها بفترة نزلت ام طلال وهي ماسكة راسها من الصداع اللي تحسه .. كانت الاضاءة
خافتة .. وشافتهم جالسين بالصالة .. ولعت الانوار وجات عندهم وسلمت .. شافت ابو
طلال مبتسم ابتسامة صافية .. وحست بشعور غريب يراودها هاللحظة " يااااارب انه
اقتنع .. يارب فرح لي قلبي " : ماشاء الله جوكم صافي اليوم ..
ابتسم ابو طلال على طول وناظر بطلال .. اللي نزل راسه عارف وش اللي يبي يقوله
ابوه الحين .. رجع التفت لها وقال بفرحة : ابشرك بتفرحين بطلال قريب ..
هالكلمة بس كانت كفيلة ببث سعادة كبيرة بقلبها .... التفتت له وماشافت اي معالم تذكر
على وجهه .. : الله يبشرك بالخير .. ياجعله على البركة يارب هاه متى نويتو تروحون
لهم ..
ضحك بداخله عليهم لهالدرجة كان زواجه هاجس بالنسبة لهم يبونه يتزوج بأسرع وقت
للحين اصلا مو قادر يستوعب شلون امه راضية انه يتزوج وحدة من قرية .. بطبعها
انسانة لها قيمتها الاجتماعية .. ولها علاقات مع طبقات جدا غنية .. شي غريب انها
رضت بإنسانة تعليمها ابتدائي .. وحالتها المعيشية سيئة .. وبالنسبة لعمرها ممكن تعتبر
عانس .. للحين هو مستغرب ومو عارف وش اسبابها .. " سبحان الله نصيب " ..
كان يسولف مع امه وابوه وللحظة بس تسلل الفرح لقلبه وهو يشوف سعادتهم الواضحة
بملامحهم .. ضحك وهو يسمع صوت رسيل تصوت على الشغالات يحطون لها فطور
جات لهم وسلمت وقعدت .. ومبين على ملامحا الطفش .. : اوف هالاختبارات تضيق
الخلق .. يبه ماتعرف شي عن بيت ابو عادل ؟
ناظرها مستغرب هالسؤال الغريب واللي مو في وقته : لا يابنتي .. لا ابوهم ينشاف ولا
يجينا المسجد الله بس يتوب عليه ..
زفرت هوا من فمها تطير خصلات شعرها اللي نزلت على وجهها : غريبة اتصل عليهم
من يومين محد يرد علي .. حتى اختبار امس ماحضرته دانا .. والبنات بعد ماراحو مع
سما للمدرسة ..
تفاجأو كلهم من كلامها .. رغم انها مو اول مرة تصير .. كذا مرة يروحون لاهل امهم
فجأة واكيد هالشي من معاملة ابو عادل لهم .. تكلمت ام طلال بعدم اهتمام .. اللي هي فيه
اليوم اهم من اي شي ثاني بالنسبة لها : اكيد رايحين القصيم دايم ام عادل تروح اذا كثرت
مشاكلهم .. " التفتت على طلال وبعدها ناظرت رسيل " باركي لطلال اخيرا بيعرس ..
فتحت عيونها متفاجأة : والله .. اخيرااااا مابغيت ياخي ..
ناظرها مستغرب .. كلهم طايرين من الفرح لهالخبر .. حس انه وده يطلق ضحكة عالية
وهو يشوف مشاعرهم اللي ظهرت بهالمناسبة : يعني استانستي ؟
قربت من امها وهي مبتسمة : اكيد طبعا استانست " وللحظة تذكرت انهم بيخطبون وحدة
من القرية لطلال " لحظة الحين وافق يتزوج مين ؟
ضحكت امها على طول لانها تدري وش هي ردة فعلها .. واستغربت اصلا انها فرحت
يوم سمعت الخبر : اللي قلت لك عليها ..
غطت وجهها بيدينها : لاااا تكفووون .. قولو اني احلم .. يااااربي وش هالفشيلة .. طلال
الحين انت من صدقك تبي تاخذ قروية ؟
التفتو لها ابوها وطلال على طول .. وقبل مايقول شي تكلم ابوها وهي يخفي ابتسامته
عنها : ايه بياخذ قروية .. وش فيها يا اخت رسيل ؟
راحت وجلست جنب ابوها وتكلمت بكل هدوء وكأنها تبي تقنعه : يبه وش اللي وش فيها
هذي لا هي من ثوبنا .. ولا لنا علاقة فيها اصلا .. تجينا وحدة ماتعرف تلبس ولا تعرف
شلون تقابل الناس ..
رفع طلال حاجبه وناظرها بعصبية : وانتي هذا اللي يهمك ؟
حست بخوف كبير من نظرته وقالت بصوت هامس بالقوة سمعه : كل الناس مو بس انا
مد ابوها يده ومسك يدها وقال بلهجة ابوية حانية : يابنتي كلنا من آدم .. وآدم من تراب ..
وانتي بتعاشرينها وان شاء الله انها تكون بنت حلال .. " وابتسم لها " وبتعرف تلبس ان
شاء الله ..
سمعو صوت صرخة مدوية بكل الصالة : يسسسسسسس يسسسسسسسس طلال بيتزوج
القروية .. الحمدلله يارب والله اني من عرفت وانا ادعي ربي تكون من نصيبه كللللويش
ضحكو كلهم عليها .. وهو انسحب على طول .. منظر سما وهي فرحانة بهالخبر خلاه
يموت ضحك .. قمة التناقض بين ردة فعلها وردة فعل رسيل .. هالبنت كثير تشبه لمياء
في تصرفاتها وطريقة تعايشها مع كل الناس .. حس بارتياح كبير انه تعدى هالخطوة اللي
كان شايل همها .. وراح يبدأ بعدها الجد ..


قاعد عند التلفزيون وحاط المركى ورى ظهره ويلعب بلاي ستيشن مع صديقه وهم
يشربون الشاهي .. : وربي انها ضايقة فيني بس خلها على ربك ..
كان متحمس باللعب معاه .. من اول وهم يسولفون وحاس فيه قاعد يشكي له من اللي
يصير لعمته وعيالها ماكان يحب يعلق بأي تعليقات قوية لانه مهما كان يعتبر شخص
غريب بالنسبة لهم .. بس يبي يوزن الامور ويوضحها صح له : وانت ليش تتضايق
مو تقول ان عمتك تركت له البيت باللي فيه خلاص يعني ان شاء الله المشكلة انحلت ..
وقف اللعب شوي والتفت له ركز نظره على عيونه العسلية : تدري عاد اني متنرفز
وانت مستغل الفرصة وتسجل علي اهداف .. لا ياخوك ما انحلت هذي مو اول مرة
يتركون له البيت .. دايم وهذا حالهم ومجرد مايجي له ويعتذر ترضى وترجع معه
للرياض .. والله مادري شلون افهمك الوضع .. واذا قلت له ياعمتي ابي ابلغ عليه خل
ياخذ جزاه تحلفني بالله ما اتدخل بالموضوع ابد تقول ابو عياله وماتبيه يدخل سجون ..
حك راسه ورجع ركز نظره عليه : وهي الصادقة .. ماتبي الناس يقولون لعيالها انه
ابوهم خريج سجون ..
اشر له بيده بمعنى انت صاحي : خريج سجون ارحم من حالته الحين .. على الاقل
كثير من اللي طلعو من السجون تغير حالهم .. التزمو وعرفو طريق الحق .. وصارو
احسن من واجد اللي للحين وهم مجرمين ..
اشره له بعينه يرجع القيم : زين خلنا نكمل الحين .. وعمتك الله يهداها ماتدري يمكن
هالمرة تكون صاملة .. وماترجع له ابد .. ولا على الاقل الين يرجع لربه ..
بدا يلعب بحماس وهو يحس القهر يزداد بقلبه : انا مادري كيف ابوي يخليه ترجع معه
والله لو انا مكانه قعدته غصبن عليه .. مادام هالرجال لاخيره ولا كفاية شره ..
شرب الشاهي اللي بالبيالة كله ورجع يكمل له : يالله .. محد مرتاح بهالدنيا خلنا نوسع
صدورنا ابرك .. بكرة ورانا دوامات وضيقة صدر ..
ضحك من قلبه وهو يسجل الهدف الرابع : وانت حياتك كلها ضيقة صدر .. ياخي
نفسي يوم اشوفك مستانس من اوله لآخره حتى لو استانست شوي تجي بعدها ضايق
خلقك وطفشان ..
ضحك على كلمته : وش اسوي يامتعب من المستشفى ومقابل المرضى والله يضيق
الخلق .. بس الحمدلله على نعمة الصحة .. والله انه نعمة عظيمة .. عسى الله يشفيهم
ويشفي مرضى المسلمين ..
كملو نقاشاتهم اللي للحين ما انتهت من موضوع لآخر .. هالاثنين جمعتهم سنين الغربة
رغم اختلاف تخصصاتهم الى انه جمعهم نفس المسكن خلال سنوات دراستهم للماجستير
والدكتوراة في مدينة ليستر ببريطانيا .. بعدها استقرو في الرياض تجمعهم نفس الشقة
بحكم انه اهلهم خارج مدينة الرياض اهل يزيد وساكنين بالقصيم اما اهل متعب ساكنين
بالخبر .. تعودو اغلب اوقاتهم يكونون مع بعض .. مثل اغلب الاصدقاء .. قد يختلفون
احيانا .. لكن غالبا هم متفقون .. شخصية يزيد مزاجية نوعا ما .. يعني ممكن يتغير
مزاجه بأي لحظة الا انه تميزه طيبة قلبه الكبيرة .. عكسه تمام متعب اللي يعتبر انسان
مرح جدا .. ويمكن اللي يجلس معاه يقول هالانسان مايعرف الزعل ابد .. لكن تعود
بروحه الحلوة يقلب كل الامور لصالحه ..
خلص القيم بفوز متعب كالعادة .. لانه انسان بارد الاعصاب يوصل للي يبيه بسهولة
عكس يزيد اللي يعصب ويتنرفز ودايم يخسر بسبة صراخه واعتراضاته .. قامو بعدها
اثنينهم كل واحد رايح لغرفته ينام .. باختلاف مشاعرهم واحاسيسهم .. واختلاف وش
اللي يفكرون فيه بهاللحظة ..
يزيد اول ما استلقى على سريره غرق بتفكيره في حال عمته وبناتها من عرف حياته
وعمته متعذبة مع زوجها .. كان مقهور لانه يوم شافها شاف بعيونها انكسار عظيم ..
شعور مؤلم بالانهزام والهرب .. صحيح انها كذا مرة تركت البيت بس كانت تقول لهم
انها بتربيه .. وفعلا كان يجي لها ويترضاها وترجع له .. هالمرة لا قالت انها ماعاد
بترجع له .. تقول انه قرارها الاخير وماراح تتنازل عنه .. ومن كل قلبه يتمنى لو فعلا
يتخلصون من هالمرض الخبيث اللي لازمهم لسنوات طويلة .. يدري ان عمته قوية ...
تحملت كل الظروف وتقدر تتحمل اكثر .. تعلمت من الدنيا كيف تتسلح بايمانها وتقوي
عزيمتها .. بس بناتها شلون يقدرون يواجهون هالظروف الصعبة اللي عاشو وتربو
فيها .. ورائد الطفل البريء اللي للحين مابعد فهم هالدنيا ماشاف منها الا ايام حزينة
مؤلمة ... فعلا اطفال العوائل المستقرة نفسيا ينشئون اكثر سعادة من اطفال العوائل
المتفككة ويواجهون تشتت اسري نتيجة ظروف خارجية .. او حتى ظروف
معيشتهم اللي تحتم عليهم الابتعاد عن بعضهم .. مو الكل لكن الكثير هالشي هو اللي
تعلمه طوال سنين دراسته .. من بكرة بيروح يدور لهم شقة مناسبة بيقعدون فيها
الين تتخرج دانا من جامعتها وبعدها بينتقلون للقصيم بشكل نهائي انقلب على جنبه
الأيمن وتعوذ من الشيطان .. واستغرق في نوم عميق ..







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:11 PM   رقم المشاركة : 18
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

صار له ساعة من وصل جالس مع خواله وقلبه مشغول .. يبي يروح لها ويجلس معاها
يبي يتكلم ويرتاح .. ويريح قلبه وقلب امه اللي صار لهم حول الـ 5 ايام مشغولة قلوبهم
عليها وعن سبب وضعها اللي تعيشه الحين .. استأذنهم يبي احد يشوف له الطريق يبي
يطلع لها الغرفة اللي هي فيها .. بعد ماشافو له الطريق طلع هو ونجود لغرفتها .. شاف
امه قاعدة عند راسها وتقرا عليها .. اشر لها بعيونه يبي يعرف اذا هي نايمة او لا مدت
يدها له : تعال يمه ..
قرب منهم .. وشافها مغمضة عيونها وماتتحرك ابد .. جلس جنب امه وقلبه يعوره من
شكلها .. ماتبي تاكل ولا تبي تكلم احد .. وهالشي اول مرة يصير لها .. طلب من امه
تبعد عنها شوي ومسك يدها .. حسها مثل قالب ثلج من شدة برودتها .. مسح على شعرها
وناداها باسمها .. انتظر انها تتكلم بس ماتكلمت .. وهالشي اصلا هو متوقعه وعارف
من الاول انها ماراح ترد .. اشر لامه ونجود يطلعون من الغرفة ويخلونه لحالهم وفعلا
طلعو ثنتينهم .. قرب منها اكثر وناداها بصوته الحنون : دنو .. انا داري انك تسمعيني
بس ماتبين تردين .. كذا يعني تزعليني منك ؟ وانتي اللي طول عمرك ترمين همومك
علي .. قولي لي كل شي .. تكلمي وربي لاشيل الحزن منك بس لايضيق صدرك ...
بس تكفين اذا لي غلا وخاطر عندك بس ريحيني .. ترى ورب البيت ماعرفت انام من
يوم قالت لي امي عن اللي صار لك وانا تعبان فهميني بس شلون رحتي عنده .. انتي
كنتي عنده ؟ طقك ؟ فهميني الله يرضى عليك ..
مد يده لها وضغطت عليها بقوة .. قربت منه اكثر وارتمت بحضنه وصاحت .. يمكن
هذي اول مرة من صار لها اللي صار تبكي عند احد .. كانت كاتمة كل شي بقلبها ...
ماتكلمت او شكت اي شي .. ضمها بقوة وخلاها تصيح بحضنه وحس باظافرها تنغرز
بكتفه .. كان يبيها تفرغ كل اللي بقلبها بس تتكلم .. يبي يسمع تفاصيل اللي صار في
هذيك الليلة .. انتظرها تتحرك او تبعد عن حضنه .. بس هي لقت هالحضن اللي كانت
تتمناه من اول .. هالشخص اللي مهما رمت همها عليه يتحمل ومايشكي .. كان موجود
دايم معاها باوقات كان ابوها يغيب عنهم .. وحتى امهم تكون عند اهلها لحد ماغيبه
عمله عنهم من 4 سنوات بعد التحاقه بالجيش وعمله في تبوك ..
مسك كتفها يبي يبعدها عنه شوي لكنها تمسكت اكثر فيه .. تركها براحتها وهو يهمس
لها بحنية : دنو تكفين وربي ماجيت هالمشوار كله الا عشانك وماخذيت هالاجازة الا
بعد حب الخشوم وانتي تعرفين شلون شغلي وارتباطاته ابي بس توعديني انك تقولين
لي اللي صار لك .. وانا ادري بغلاتي عندك وادري انك عمرك مارديتني ..
انتظرها شوي يبي منها اي رد .. بعدت عنه شوي وناظرته .. حس انها مخنوقة ومو
قادرة تتكلم او توصف له مشاعرها اختصر كل شي بسؤال كافي انه يريحه ويريحها
هي بعد من هالضغط النفسي اللي تعيشه : احد لمسك ؟ احد قرب منك .. " ماعرف
شلون يوضح لها سؤاله كان خايف ومتوتر " يعني ..
هزت راسها بسرعة بلا .. ونزلت دموعها على خدودها : لا ما صار شي بس واحد
فيهم .. وبدت تتنهد وهي تحكي تفاصيل تلك الليلة المرعبة بالنسبة لها .. سمعها للآخر
ارتاح كثير انه محد افقدها شرفها .. لكن تضايق من حال اخته .. اخطر الاوقات اللي
ممكن تأثر على الانسان هي لحظة الاستيقاظ من النوم .. هاللحظة الانسان مايكون في
حالة ادراك كلي للي حوله .. واي شي يتعرض له ممكن يأثر عليه بشكل كبير .. وهذا
اللي صار لها .. صحت على عيون قذرة تلتهمها .. ويدين متطاولة تلامس جسدها ..
وهالشي كان كفيل بهالصدمة النفسية اللي هي تعيشها ..
كانت تحكي له كل شي وترتجف .. ومابين كلمة والثانية تتردد الحروف كثير .. كان
واضح تأثير الصدمة عليها .. رحمها كثير هاللي صار لها مو قليل .. ضمها لصدره
وبدا يهديها .. هو بعد يبي من يسكن اوجاعه ... يبي له من يداوي جراحه .. يتحمل
كل شي عنهم بس مايبيهم يتضايقون او تتكدر خواطرهم .. مستعد يشيل هالحمل عنهم
تعود هالشي من صغره .. دايم يكون موجود معاهم ولهم .. الاخ الكبير اللي كل بنت
بهالدنيا تمناه .. : انتي قدها .. تحملي عشان خواتك ونادر .. وعشان امي .. ادري ان
اللي صار لك مو سهل .. بس كنتي قوية وقدرتي تواجهينه .. تحملي عشاني انا ..
مسكت المخده ولمتها بحضنها وضغطت عليها بقوة .. ناظرته وهزت له راسها : ان
شاء الله .. بس ابي ارتاح ..
مسكها من يدها وقام : تعالي معاي بس خلي امي تشوف انك طيبة عشان ترتاح طلبتك
سحبت يدها بكل هدوء : بعدين .. مو الحين عشان خاطري .. انت قول لهم اني طيبة
بس ابي اقعد لحالي ..
ابتسم وهو يحس براحة انه غير من نفسيتها شوي .. اول مادخل لها ماكانت تتحرك او
حتى تنطق بحرف واحد .. كلامه معاها واسلوبه خلاها تفك عقدتها شوي شوي وتقول
له كل شي صار .. احترم رغبتها ودنق عليها حب راسها .. ومشى طالع من عندها ..
قبل مايطلع تذكر انه ببيت خاله .. طلع جواله من مخباة ثوبه واتصل على امه تشوف
له الطريق .. ثواني وجاته واول مافتحت الباب راحت لها عيونها على طول .. واول
ماشافتها قاعدة وتناظر الشباك ارتاح قلبها انها قامت مسكها من يدها وسحبها لخارج
الغرفة : مافيها الا العافية يمه .. بس خلوها ترتاح شوي وهي بتطلع من نفسها .. هي
وعدتني وانا اعرفها ماتخلف بوعدها ابد ..
حطت يدها على راسه : الله يخليك لي ياوليدي ويوفقك ..
ابتسم لها وحب راسها وراح للمجلس يقعد مع خواله ..


كل البنات طالعين من الصباح لبيت خالتهم الا هي كانت تحس انها تبي تختلي بنفسها
شوي .. تبي تعرف شلون تقرر حياتها .. ابوها للحين مافاتحها بالموضوع رغم انه
صار له متقدم لها من كم يوم .. رغم انها سمعته يتناقش مع امها كذا مرة بس للحين
محد جا كلمها وهالشي زاد قلقها وخوفها .. تناهى لمسامعها همسهم في الصالة وهم
يتناقشون في موضوعها .. سمعت صوت ابوها اللي اتعبته سنوات العمر ومشقات
الحياة وصعوباتها : اخوها بيجينا وبشاوره وعقب بحاتسيها وباخذ رايها والله يامريم
ماودي اكسر بخاطر خواتها .. يعني تهقين ماتجي بخواطرهن يوم اختهن اللي دونهن
تعرس قبلهن ؟
اشرت له بعينها تبيه يقصر صوته لا تسمعه موضي : خواتها مايبون يوقفون نصيب
اختهن هن لاجاهن النصيب راحن .. وربعنا بيعذرونك هم يدرون بحالنا كله هالبنات
ملي البيت .. من وين لنا نكسيهن ونطعمهن ؟ انشدو عن الرجال وتسانه رجالن سنع
وراعي دين لاترده ياولد عمي ..
سكت شوي وقعد يفكر بكلامها .. اوقات يقتنع .. واوقات ثانية لاشاف نورة وشيخة
يتردد مايبي يجي بخاطرهم شي لاشافو اختهم اللي اصغر منهم بسنوات تتزوج قبلهم
مايبي يبت في الموضوع الين يجي راكان للديرة بعد اسبوع ونص ويعرف رايه ...
يبي يشاوره هذا ولده الكبير وسنده بهالدنيا ..
من جهتها كانت تسمع كل الحوار .. كلام ابوها فتح جروح بداخلها هي بعد تتألم لهم
تبي تفرح فيهم قبلها .. تتمنى لو ربي يكتب لهم نصيب وتشوف كل وحدة فيهم في
بيت رجلها ومعاها عيالها ..
وبنفس الوقت تحس انها ودها تصرخ وتسمع العالم .. تبي تقول لهم ابيه .. هالانسان
انا احبه وابيه .. ومادام هو اشتراني انا بعد بشتريه ..كبر قدره بقلبها بعد ماتقدم لها
حست انه فعلا شاريها مالتفت ابد لأي فوارق بينهم رغم انه مدرس وهي ماكملت
تعليمها .. مثلها مثل اغلب بنات الديرة .. طوفان مشاعر يجتاح قلبها في هاللحظة
تخاف ينرفض تخاف يقولون له تعال بعد مايتزوجون خواتها ويروح ولا عاد يرجع
لهم ابد .. وهي تحبه وتبيه ومقتنعة فيه ..
تعبت من كثر التفكير وحست انها لو بتقعد في هالدوامة بتتعب اكثر قامت على طول
وراحت عند خواتها اول مادخلت عليهم تركت كل تفكيرها وهمومها وراها ورجعت
لهم بشخصيتها المجنونة : من تحشوووووووون فيه ؟
التفتو كلهم عليها مفزوعين .. ضحكت نورة على شكلها شعرها منتفش ومارتبته اول
ماقامت : كدي شوشتس بالاول وتعالي عقب نعلمتس ..
فطسو كلهم على شكلها وهي ترتب شعرها .. قعدت على طول وفكت جديلتها وبدت
تسويهم من اول .. شعرها متوسط الطول ومو ناعم يعني متوسط .. بس اذا صحت
من النوم ومع الحركة يعتفس كله ويصير شكلها حوسة ومضحك بنفس الوقت مدت
يدها وخذت الابرة والخيط ..
سحبته منها سارة على طول : شيلي يدتس عساها الكسر مانبيتس تخيطين معنا من
زين شغلتس يالرفلا ..
طقتها على يدها بقوة : ضفي وجهتس عني .. بخيط غصبن عليتس .. اعوذ بالله وش
ذا الحسد .. الحمدلله ان رزقي ماهو بيدتس تسان انا ميتة من زمان ..
حطت شيخة يدينها على اذونها وصرخت فيهم : بس اسكتو ادوختونا بهذرتكم لعنبو
ابليسكن وانت ماتجتمعن الا وتطاقن ..
ضحكو ثنتينهم وطنشو كلامها .. واستمرو بمناوشاتهم اللي تصير بينهم في كل مرة
يجتمعون فيها ,, وحاولت موضي بقدر الامكان تترك قلبها الحين .. وتغيب نايف
مؤقتا .. وتتركه خارج حساباتها حتى اشعار آخر .. وتتمتع بتفاصيل وقتها معاهم ..
ماتدري يمكن اذا ربي كتب نصيب بينهم تترك الديرة وتروح معاه للرياض وتبعد
عن خواتها وبنات عمها وبنات الديرة .. وماتشوفهم الا في فترات متباعدة .. مجرد
ماطرى هالشي بداخلها ولد احساس حزن عميق على لحظة راح تفقد فيها هالقلوب
الطيبة ..




/
\
/
\





قاعد بغرفته قبال المراية يناظر كشخته .. فرحته لاتقاوم اليوم وهو رايح يتقدم لها
كان يعد الدقايق والثواني يبي هالوقت يمر بسرعة ويطير لها .. فرحة لاتوصف
بعد ما اعطي له الضوء الاخضر انه يتقدم لها هاليوم .. اليوم هذا اللي انتظره من
زمان وتمناه والحين قدره له رب العالمين .. ناظر في نفسه بالمراية كان راضي
عن شكله يحس ان فرحته والحب اللي بعيونه يجمله اكثر .. ابتسامته تزين وجهه
وتزيده جاذبية على جاذبيته .. احساسه يقول له انها راح توافق عليه .. هالشي
هو متأكد منه بعد ماجس النبض .. ماراح يطول بالملكة وامور الخطبة .. فترة
بسيطة ويتزوج على طول .. شهرين او ثلاث بالكثير يكفيه هالسنين اللي قضاها
في انتظارها .. مايبي يضيع يوم واحد بعيد عنها .. تفكيره كله يروح لها مايقدر
يقاوم احساسه الجارف اللي يحبها بجنون .. سمع صوت ابوه يستعجله .. التفت
له على طول وابتسم على مضض .. هالصوت صحاه من ذكرياته المريرة وخلاه
يستوعب واقعه ... هالمرة غير كل التفاصيل تختلف .. ولا
شي مثل قبل .. لا احساس اندفاع وحب جارف يسبقه ولا لهفة وانتظار وترقب
لهاليوم .. ولا اي اشعور آخر .. مجرد شخص مسير على كيف مايرضي ابوه
وخلاص .. رايح معاه ارضاء له ورغبة منه يفرحه ويحسسه بالسعادة اللي هو
يتمناها .. فرق كبير بين خطبته الأولى والحين .. برود بداخله واحساس بتبلد
يلف مشاعره .. يمكن لانه رضى بالامر الواقع واستسلم لهم بالآخر .. هم يمشونه
على كيفهم وين مايبونه يروح هو معاهم .. بيروحون للمياء اللي قالت لهم انها
بتكلم نورة يوم السبت او الاحد وهم يجون يوم الاثنين يتقدمون بشكل رسمي
وبعدها ترجع معاهم للرياض الى بعد العيد .. ووقتها يتلقون جواب اهل نورة
على خطبتهم ..
نزل وشاف امه وخواته قاعدين هم بعد ساحبين على الدوام كعادة اغلب الطلاب
في المدارس والجامعات آخر يومين او ثلاثة قبل الاجازة يعطون انفسهم اجازة
مسبقة .. رسيل مبوزة ومو عاجبها الوضع ابد وتناظر فيه بنظرة رجاء انه يغير
رايه في آخر لحظة .. اما سما كان الحماس ظاهر عليها .. قرب من امه وحب
راسها ويدها : ادعي لي يمه تكفين ..
رفعت يدها للسماء ورفعت صوتها وهي تدعي له : الله يوفقك ياوليدي ويسهل لك
دربك ويسخر لك بنت الحلال وتوافق عليك ويتمم عرسك على خير يارب ..
ناظرها ابو طلال بنص عين : الدعاوي كلها راحت لحبيب القلب والمسكين اللي
رايح معاه بنفس الخط ماجاه شي .. حتى لو انها دعوة بالغلط ..
ابتسمت على كلامه : الله يوفقك ويوفقه بس هو معرس وابي افرح فيه لا تسوي
فيها الحين تغار من ولدك ..
كان واقف مكانه يناظرهم واضحة الفرحة عليهم ناظر سما وهو يشوفها مطلعة
عيونها فيه حس انه وده يبوسها .. فيها شقاوة حلوة تبين على نظراتها وحركاتها
شافته يناظرها واستغلت الفرصة شوي : طلال تكفى بروح معاكم .. كلهم حالفين
علي ما اروح .. واللي يسلمك طلبتك ..
ناظرها مستغرب .. هذي تتكلم جد ولا تمزح .. بس اللي اكد له كلامها رد رسيل
عليها بعصبية : اوووه ترى قلبتي روسنا بحنتك .. وين تروحين له .. على بالك
يعني تمشية ووناسة ..
التفت لها ابوها وقال بصوت حازم : وانتي للحين على هالموال .. قلت لك لا من
الاول لا تقعدين تغثين اخوك بعد .. ان شاء الله اذا ربي كتب نصيب بينهم تروحون
معنا ..
قامت رسيل بترقى لجناحها وقالت بلا مبالاة : وع .. وين نروح له اصلا .. عني
انا متنازلة والله لو تحبون السما مارحت لهم .. هذا اللي ناقص بعد ..
ماردو عليها لانهم من فتحو هالسالفة وهذا موالها بعكس حماس سما الغريب سلمو
عليهم واستأذنوهم طالعين .. ركب طلال سيارته وركب معاه ابوه .. ورددو دعاء
السفر
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا
إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ )
" اللهم إنا نسألُكَ في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا
سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني
أعوذ بك من وعْثاءِ السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل" .. وتوجهو
لقرية العتيق .. مكان مايسكنون بيت ابو راكان ..







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:13 PM   رقم المشاركة : 19
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

الجزء الخامس
[ الفصل الثاني ]‎‎‎‎



/
\
/
\



{ .... يـآ الله اي جنون يعتريني لانسلخ مني ..
واي غباء يكاد يفقدني ذاتي ..
بل اي حنين بات يسلبني لحظات الفرح ..
واصبحت انزفك جرحاً .. حتى آخر قطرة ندم ..
هل بات حبك وصمة ألم .. اتعايش معها ماتبقى من العمر ؟
رحماك ربي فما عدت احتمل هذا العذاب ..



طريق جديد لأول مرة يسلكه .. غريب عليه هذا الطريق .. والأغرب ثورة مشاعر
متناقضة بداخله .. مابين احساس الاندفاع لتجربة جديدة قد تحمل الفرح او الحزن
ومابين التفكير بالماضي .. كان اغلب الطريق ساكت واذا تكلم قال جمل مقتضبة
ناظر لمفرق في الطريق وماعرف وين يروح بالضبط وهدا شوي : هالحين شلون
اكمل طريقي ولا اروح يمين ؟
التفت ابوه يناظر اللي حوله .. : امش قدام اسأل الراعي اللي قاعد تحت الشجرة ..
راح له وكلمه من شباك السيارة .. اخذ منه الوصف بالضبط وتحركو اول مادخلو
القرية ذهل من اللي يشوفه .. اطفال في عمر الزهور بثياب ممزقة الا القليل منهم
يلعبون بطرف القرية بأقدام حافية .. وبيوت طينية جدا صغيرة دخلو للداخل اكثر
وكل ماتعمق في القرية زاد تفاجأه .. التفت لابوه وشاف نفس علامات الدهشة على
وجهه تجمعو حوله اطفال الديرة اول مرة يشوفون سيارة بهالفخامة اغلب السيارات
عندهم وانيتات .. حتى المدرسين سياراتهم عادية او حتى سيارات قديمة لمثل هالطرق
نزل قزاز الشباك واشر لواحد من العيال يجي له .. كان مستانس حيل انه ناداه وراح
له ركض .. وجو معاه باقي العيال يبون يشوفون هالانسان اللي عمرهم ماصادفوه ..
ابتسم له ابتسامة بريئة وانتظره يتكلم .. : وين بيت ابو راكان ؟
قرب منه ولد كبير شوي ومبين انه في المتوسط .. : بيت عمي عبدالرحمن بعيد مو
هنيا .. " حك راسه وهو يناظر في البيوت وماعرف شلون يوصف له " امش وراي
وانا اعلمك ...
وقبل يتكلم طلال تكلم ابوه يخاطب الولد : اركب وانا عمك ..
استحى الولد وبانت علامات الخجل .. على وجهه قرب من السيارة وركب في السيت
الخلفي وعيونه على كل العيال اللي يناظرونه وبداخلهم يتمنون لو كانو مكانه .. كانت
لمعة الفرحة بادية في عيونه وهو يتأمل داخل السيارة .. التفت له ابو طلال وابتسم
له : يقرب لك ابو راكان ؟
نزل عيونه وتكلم بخجل : ايه عمي اخو ابوي الله يرحمه ..
هز له راسه : الله يرحمه يارب ...
كان يدلهم الطريق الين وصلو بيت طيني صغير بجانبه عدد من البيوت وامامه امتداد
لارض مافيها بناء .. شاف مجموعة رجال قاعدين .. اكيد انهم رجال القبيلة مجتمعين
عند ابو راكان .. على طول نزل مشعل يركض ووقفو الرجال الا رجال واحد فيهم
ظل قاعد مكانه .. نزل ابو طلال ونزل بعده طلال اللي للحين مو قادر يستوعب اللي
هو يشوفه .. ومابين احساس الشفقة بداخله على هالناس وطبيعة معيشتهم تولد بداخله
احساس آخر انه بزواجه بينتشل انسانة من صميم الفقر .. سلمو على الرجال وقعدو..
انصدم يوم شاف ابو راكان وهالشي خلا احساس الشفقة يكبر اكثر من قبل حس انه
بهالزواج راح ينقذ عائلة كاملة من الفقر والألم .. ورسم بداخله نوع من الرضى انه
يعمل هالخير لهم .. الموضوع كان ممهد مسبقا .. واليوم هم يتقدمون بشكل رسمي ..
تكلم ابو طلال كرجل محنك واستمعو له باصغاء تام اما هو فضل صمت يوم تكلمو
الشياب .. اعجب في رجال القبيلة .. اللي يجمعهم مع بيت ابو راكان اواصر معرفة
وتقارب حتى لو من بعيد لكنهم جو اليوم يشاركونه هالفرحة : وابد والله يا ابو راكان
ان شاء الله اذا ربي كتب نصيب نعرفكم اكثر .. واي شي تبي تعرفه انا حاضر
هذا هو ولدي رجال كلن يشهد له بالصلاح .. ومو لأنه ولدي قاعد امدحه .. هذي
شهادة كل من يعرفه ..
بانت معالم الفرحة على وجه ابو راكان .. كان مستانس اليوم بخطبة نورة اللي من
اول والكل يدعي لها ربي يرزقها بالزوج الصالح تكلم بعد ما اطال التفكير : والنعم
والله يا ابو طلال .. رجالن طيب ومن نسلن طيب .. واحنا ياخوك نشري الرجال
ومانبي لبناتنا الا الستر ..
استمر النقاش والحوار بينهم قرابة الساعتين .. حتى صدح صوت الحق معلن دخول
وقت صلاة المغرب .. قامو بعدها كلهم للمسجد القريب .. وقعد ابو راكان يصلي
مكانه ..
رجع من الصلاة ومشى معاهم يلتمس الطريق .. بدا الظلام يحل .. والانوار قليلة
في هالمكان والبيوت فيها مكتفين بانوار عند الباب الخارجي بعضها مكسر والبعض
الآخر معطل .. جلس وهو ينتظر ردهم على كلام ابوه .. ومايدري ليش حس انه
يبيها يمكن احساس الشفقة اللي كبر بداخله خلاه يتحمس انه يعوضها عن هالحرمان
اللي تعيشه ..او يمكن لانه حس انها ممكن تكون مختلفة تناقض تمرد وشراسة حنين
اللي اتعبته تكلم مع ابو راكان بكل راحة وهو يحس هالانسان يدخل القلب من اوسع
ابوابه .. راحو الكل لبيوتهم وبقو هم وابو راكان وعيال اخوه بدون اي تعقيد للأمور
ابتسم بوجهه السمح لابو طلال وتكلم بكل حب : على بركة الله يابو طلال ..
ناظرو بعضهم مستغربين .. وتكلم ابو طلال يستفسر : يعني شلون تم الموضوع ؟
ابتسم له على طول : تم وانا اخوك .. ومتى ماتبون العرس والله مانردكم ..
هز راسه يبي يستوعب اللي ينقال .. هو توه مقرر يخطب وهذول وافقو ويتكلمون
عن العرس بعد .. : بس ياعمي الله يهداك شاور الأهل بالأول .. وبعد ابي اعرف
راي البنت ..
اشر له بيده بمعنى لا : بنتي رايها من رايي ماعمرها عصتني.. وانا قلت كلمتي والله
ما اردها ولا ابدلها ..
قبل يتكلم اشر له ابوه بيده يسكته : اجل توكلنا على الله .. وخير البر عاجله بس خلنا
نروح نبلغ الاهل وبعد العيد ان شاء الله نجي لكم بالمهر ونحدد العرس ..
تبادول هالاثنين الابتسامات وجلس هو بينهم مذهول .. ابد ماكان يتوقع يصير هالشي
يعرف الابو يشاور اهله ويسأل البنت عن رأيها ويردون عقب اسبوع او اثنين او حتى
يمكن اكثر .. توه مابعد استوعب وضعه الجديد .. حددو الملكة بنفس يوم الزواج حسب
عادات اهل هالديرة .. كان يقاوم كل الصراعات اللي بداخله .. صراخ من الاعماق
" يااارب هذا كله حلم " فتح عيونه وشاف كل شي قدامه .. سمع كل الكلام اللي مايبيه
شاف ابوه يطالعه .. وابتسم لابو راكان مجاملة .. استأذنوه ومشو راجعين للرياض
بعد ماطلعت لهم لمياء من بيت ام محمد اللي كانو مجتمعين فيه الحريم ..


قبلها بوقت وقبل مايجي طلال وابوه كانو البنات مجتمعين .. نورة ركبت راسها
ماتبي هالعرس ابد .. رغم كل محاولات اقناعها الا انها رافضة كليا لهالموضوع
وماتبي حتى النقاش فيه : يمه واللي يسلمتس مابي اطلع من الديرة .. لاحد يغثني
تسانه يبي العرس ياخذ شيخه ..
شهقت شيخة على طول وقالت باعتراض : يقال لي الحين بايرة يومتس تنازلتي
عنه .. حلال عليتس مابيه ولا ابي العرس ..
قربت منها خالتها ومسكتها مع يدها : هذا كلامتس ؟ وانا اقول نورة العادزل اللي
كلن يشاورها وياخذ رايها وشوله تركبين راستس وماتبين العرس يابنيتي اذا ماهوب
عشانتس عشان خواتس اللي ينتظرن نصيبهن يجيهن لا اعرستي .. هماه ابوتس
مايبي يزوج موضي الا عقب ماتعرسن انتي وشيخه .. كبري عقلتس ولا تظلمين
خواتس وانا خالتس ..
مسحت دمعة وحيدة نزلت من عينها وناظرت خواتها اللي يناظرونها : خواتي على
عيني وراسي بس عرس مابي .. انا من عرفت الدنيا وانا ماشوف الا هالديرة شلون
تبوني اروح لمتسان ما اعرفه .. ولا اعرف اهله .. وهاللي جايني وش اللي يدريني
تسانه صاحي ولا علومه شينة ..
ناظرتها امها بنظرة حانية .. وربتت على كتفها : اخوتس بينشد عنه .. وعن اصله
وفصله .. لاتكسرين بخاطر ابوتس ماشفتي فرحته يوم درا باللي جايينتس ..
سمعو صوت الباب وعرفو انها لمياء جايتهم ركضت نورة للحمام ( تكرمون) تبي
تغسل وجهها .. سحبت نفس عميق ومسحت وجهها بطرف كمها .. رتبت شعرها
ورسمت ابتسامة مغصوبة على شفايفها وطلعت سلمت عليها تكلمت معاهم وسولفت
كانت تشوف الفرحة بعيونها بس ماقدرت تتقبل هالفكرة ابد من امس وهي تعارض
وترفض ومحد سمع لها .. يشوفون في رفضها رفس للنعمة اللي المفروض تحمد
ربها عليها رغم انهم مايعرفون وضعه المادي ولايدرون مستوى الثراء اللي يعيشه
الا انه رجل عازب من المدينة معناها فرصة ذهبية يحسدونها عليها كل بنات ديرتها
بعد نص ساعة من جلستها معاهم استأذنتهم انها تبي نورة على انفراد ودخلت معاها
بالغرفة وسكرو الباب .. كانت نورة مبتسمة في داخلها لانها تدري انه كل شي بينقال
راح يسمعونه .. لانه البيت صغير والغرف متلاصقة .. جلست هي وياها بينهم دلة
القهوة .. بطبعها خجولة ماتعرف شلون تتكلم مع اي ناس من غير ديرتها .. لاحظت
لمياء ارتباكها وحيرتها .. مبين من حركة عيونها مو عارفة تركز نظرها على شي
معين : اليوم جيتك ابي اعرف رايك .. ادري انه صعب تفكرين وتقررين بيوم بس
ابي اعرف وش اللي جا في بالك ؟
حست بحرارة بوجهها .. اللي صار احمر من هالموقف .. : والله مدري وش اقول
لتس يا ابلة ..
مسكت يدها وظغطت عليها تبي تهدي رجفتها : ناديني لمياء .. مالها داعي الرسمية
رفعت راسها وابتسمت لها وحاولت توصل لها رفضها بافضل طريقة : انا مابي
ابعد عن اهلي وعن الديرة .. ماتعودت اعيش الا مع جماعتي وبديرتنا .. واخوتس
بيلقى اللي تسعده ان شاء الله .. " وترددت الحروف بداخلها .. كانت تحاول تقاوم
رجفة يدها .. وحرارة وجهها اللي تصاعدت " تكفين لا تحرجيني ..
احترمت رغبتها في الرفض .. شي طبيعي لانسانة عاشت 29 سنة من عمرها في
قرية كل من حولها بالنسبة لها اهل .. خصوصا انها لاحظت ان هالبنت محبوبة عند
كل اللي حولها : نورة انا مابي اجبرك على شي .. انتي فكري واستخيري وان شاء
بتلقين الخيرة في اللي كتبه لك رب العالمين ..
حاولت تعترض بس اشرت لها تسكت : لاتقولين شي الحين ولا ابي اسمع اي كلام
لافكرتي واستخرتي ردي لي .. واي قرار تتخذينه راح يرضي الكل ويرضيني حتى
لو رفضتي ..
نزلت راسها تفكر بكلامها ..بالاخير استسلمت لها كنوع من رد الجميل للإنسانة اللي
وقفت معها في اصعب ظروفها : ان شاء الله ..
كان كل شي بداخلها رافض لهذا الزواج بكل صوره .. هي تشوف ان العريس مو
مناسب لها .. او بالأصح هي مو مناسبة له .. ومنظورهم لها منظور شفقة مو اكثر
وماتبي تبني حياتها على اساس شفقة قد يتصدع او حتى ينهدم هذا الاساس اذا حست
انها بلا كرامة في زواج غير متكافيء بنظرها .. رجعو يجلسون معاهم بالصالة ...
كانت كل النظرات مصوبة عليها .. شافت بعيون موضي ترقب وهالشي زود الإلم
بداخلها " اعذريني ياموضي .. هالمرة بخيب رجاتس " غمضت عيونها وهي تسمع
سوالفهم .. وبداخلها دعاء يتردد انه ربي يصرفه عنها ..



بعد مامشو رجعو لبيتهم كانو رايحين بقلوب كلها فرح وترقب الا هي .. تمشي
وكأنها تساق الى موتها .. تدري انه مستبشر خير من كلامه امس .. بس هي الحين
بتخذله .. اول شخص يتقدم لها بحياتها بكل سهولة ماتبيه .. رغم انها بنظر الكل
عانس وهذي فرصتها الوحيدة الا انها رافضة هالفرصة مهما كانت النتائج .. دخلت
تصلي العشا .. وتمددت بالغرفة تبي ترتاح ارهقت نفسيا وجسديا هاليومين .. وماتبي
تتعب نفسها اكثر ..
سمعت صوته يناديها من الصالة وفزت على طول رايحة له .. شافت امها وخواتها
وسلمان قاعدين حوله .. جلست وهي تتجاهل نظراتهم لها .. : سم يبه ؟
اشر لها تجي جنبه : تعالي عندي وانا ابوتس ..
قربت منه وهي تحس قلبها يضرب طبول ماتدري شلون تقول له انها ماتبي هالعرس
نزلت راسها وناظرها ابوها .. شوي وتكلم : مثل ماتعرفين يابنيتي اليوم جاتس ناس
يخطبونتس .. وانا عطيتهم ..
فتحت عيونها على اتساعها تبي تتأكد وش اللي سمعته : وش عطيتهم ؟ " للحظة بس
استوعبت معنى كلامه وتساقطت دموعها على طول " شلون يعني ؟ الحين انت خلاص
موافق وقاضي وحتسيي مايغير شي ؟
ناظر زوجته مستغرب ردة فعل نورة هو كان يتوقع انه همها تتزوج مثلها مثل اي
بنت بس الحين تفاجأ بهالرد : انا عطيت الرياجيل كلمة .. وهقوتي فيتس ماتكسرين
كلمة ابوتس ..
التفت على امها وخواتها .. تبي احد يتكلم يقنعه يفهمه انها ماتبي تروح عنهم او تبعد
ماتبي هالعرس مادامه بيعيشها بعيد عنهم قالت بصوت مكسور : بس انا مابي هالعرس
يبه ..
ضغط على نفسه وحاول لأول مرة يكون صارم معاها بكلامه : نورة .. انا قلت كلمتي
وما اعيدها .. انا ابوتس واعرف مصلحتس اكثر من نفستس ..
قامت واقفة وهي مو مصدقة انه هذا كلام ابوها او تفكيره : بعتني يبه ؟ يوم شفت المال
والجاه اللي بيجي لك من هالعرس بعتني رميتني لهم انا نورة الغالية ترميني لهم عشان
وصخ دنيا ؟
قاطعها بلهجة حازمة : انا مابعتس ولا رميتس .. انا شريت الرجال اللي جاين عشانتس
وماقلت كلمتي الا وانا عارف ان الله مايخيبني ..
شافت شيخة تقوم وتدخل الغرفة .. بدت دموعها تغرق خدودها وهي تحاول تستوعب
اللي يصير .. مجرد اجبارها على الزواج اهون مليون مرة من فكرة انهم باعوها بدون
حتى مايشاورونها .. : يبه انتو حتى مانشدتو عنه .. ماتدرون هو صاحي ولا مجنون
ارخصتني وانا اللي كنت اظن اني غالية عندك .. شلون تبيه يقدرني اذا اهلي ماقدروني
تسنكم ماصدقتو احد يطق الباب ورميتوني عليه ونزلت راسها وبدت تنشج نشيج يقطع
القلب .. غطت وجهها وراحت للغرفة بعد ما التزم الجميع الصمت كان كلامها موجع
مؤلم .. ابوها كان يبي يسعدها مادرى انه بيشوف دموعها بس هو ما ارخصها .. يبي
لها السعادة ورضى بالانسان اللي توسم فيه الخير جاتها امها وشافتها قاعدة بركن الغرفة
الصغيرة حاطة راسها على رجلينها وتصيح .. : بس يانورة .. بس وانا امتس لاتقطعين
قليبي والله انه مايهون علي صياحتس .. يابنيتي محد ارخصتس الشاهد الله كلنا نحبتس
ونغليتس .. وابوتس ما رضى باللي جاتس الا وهو عارف انه رجال ..
رفعت راسها لامها .. كان خشمها احمر من الصياح .. ناظرت دمعة بعين امها : ياليته
غصبني عقب مانشد عنه .. وربي ارحم علي من هاللي يصير الحين .. تهقين وش قال
الرجال علي ؟ طايحة بتسبودهم .. ماصدقو يجيهم اول معرس ورموها عليه ..
مسحت على شعرها الطويل وسكتت ماتدري وش تقول لها .. كلامها جدا في الصميم
رجعت نورة دفنت راسها بين يدينها وقعدت تصيح احساس مقيت اللي يراودها بهاللحظة
هي طول عمرها تتمنى تتزوج مثلها مثل كل اللي بعمرها واللي الحين عندهم عيال بعد
بس ماكانت تبي تتزوج بهالطريقة المهينة .. حست بأنها كانت عبء ثقيل على اهلها
هم ماصدقو حصلو اول فرصة وتخلصو منها .. تجاهلت كل اصوات التهدئة حولها
ماكانت تبي احد يخرجها من دوامة معاتبتهم حتى ولو كانت بداخلها .. كل تفكيرها راح
له هو .. ماتلومه ابد لو ظن انها انسانة رخيصة مالها اي قيمة تذكر .. تسائلت بداخلها
كيف ممكن هالشخص يقدرها ويحترمها وهو يشوفها بضاعة بيعت له بثمن بخس ..
وقت طويل مضى عليها وهي في مناحتها .. حست بصدرها يألمها من كثر النحيب ..
رفعت راسها ومسحت وجهها بظهر كفها .. شافت موضي قاعدة جنبها ويدها على
راسها .. حاولت تبتسم لها بصعوبة وماقدرت .. رمت نفسها بحضنها ورجعت لها
نوبة الصياح من جديد تكلمت بصوت متقطع من بين شهقاتها : يبون يبعدوني عنكم
ياموضي .. والله مابي اروح انا شلون اقوم الصبح وما اشوف امي وابوي بالصالة
من اللي يكد لمنيرة شعرها ؟ من اللي يحنيكن ويخيط لكن هدومكن ؟ علميني ياموضي
شلون لا جا المطر ما اطلع معكن نتمشى بالمزارع .. و .. و وضاع منها الكلام بوسط
شهقاتها ..
ضمتها بقوة وهي تمسح على ظهرها : كلنا بنعرس وبنروح يانورة ..
قاطعتها بسرعة : بس انا مابي اروح .. الله يخليتس قولي لهم ابي اقعد معكم .. تكفين
ياوخيتي .. ورجعت تبكي بصوت اعلى .. ماكانت تحس باللي حولها .. حزنها اكبر
واعظم من مقدار تحملها ..
نزلت دموع موضي عليها .. وحولها خواتها يناظرونها .. كلهم ساكتين ودموعهم
على خدودهم .. تلاشى صوت بكائها .. وهدت انفاسها عرفت انها اكيد الحين نامت
اشرت لشيخة تقرب منها .. مسكتها شيخة ومددتها على الارض ولحفتها ..
ليلة كان المفروض تحمل لهم الفرح .. باتت واحدة من اتعس الليالي اللي مرت عليهم
بحياتهم احساس حسرة كبير بداخل ابو راكان من سمع كلام بنته .. يمكن هو تسرع
بس كان هدفه انه يسعدها ويعوضها عن حرمانها ليلة كئيبة مرت ببطء شديد عليهم
رغم محاولتهم انها تمضي مثلها مثل كل ليلة ..



كانت ساكتة طول الطريق من ركبت معاهم .. رغم انها حست بداخلها كلام كثير
ودها تقوله .. ودها تعرف وش انطباعهم عن اهل القرية وحياتهم .. متأكدة انهم
انصدمو مثلها اول ماجات لهالمكان .. ماكانت تظن ابد انه في اماكن تعيش بفقر
وحاجة مثل اللي شافتهم .. تجربة غيرت بداخلها الكثير وجعلت منها انسانة تحب
العطاء بغير حدود .. كانت ترد على تساؤلات ابو طلال باختصار .. تعتبره مثل
ابوها .. شخصيته مشابهة لشخصية ابوها الشيء الكثير .. جبلو على حب الخير
والتفاني والعطاء الدائم .. وانزرع هالشي بداخلها من الصغر .. ونما هالاحساس
وكبر بعد ماكانت تروح مع امها للجمعيات الخيرية وتحضر الندوات فيها .. لكن
تعيينها في هالقرية خلاها تتعايش مع هالواقع وتفهم احتياجاتهم ومشاعرهم وكل
اللي يفكرون فيه .. احبت القناعة والرضى بالقضاء والقدر هالصفتين يملكونها
وكأنهم ملكو كنوز الارض ..لاحظت صمته من اول مامشو غارق في دوامة من
الافكار .. هالشي مبين على ملامحه تبي تجلس معاه وتوصل له رد نورة اللي
قالته لها .. تبيه يتقبل الرفض لو صار بأي وقت .. ماتنكر انها صدمت برفض
نورة القاطع .. خيل لها انها بهالعمر راح تتحين اي فرصة وترضى .. لكن كان
تفكيرها مغاير لتوقعاتها ...وصلو الرياض وتوجه للبيت ونزلت معاهم .. كانت
تبيه .. تبي تعرف وش اللي دار في باله .. اي شي ممكن يقوله لها عن هاليوم
من حياته دخلت وتوقعت تلقى احد من البنات او خالتها ام طلال بس مالقت احد
قعدت بالصالة اللي فوق تنتظره دخل غرفته على طول وابو طلال دخل جناحه
اكيد بينام بعد هالمشوار المرهق شخص عملي الى ابعد درجة .. طال انتظارها
وهو بعده ماطلع مشت رايحة لجناحه وطقت الباب بهدوء انتظرته يرد بس ماسمعت
شي .. طقت اقوى من اول وفتح الباب على طول : اووووه عسى بس ما ازعجتك؟
رفع حاجبه وناظرها : يمكن 3 ساعات الا ربع رايح .. وكثرهم راجع وماشي حول
الـ 700 كيلو ابي ارتاح جايتني الحين وش تبين ؟ قولي لي بعد تبين العرس باكر ؟
زمت شفايفها وحاولت تخفي ابتسامتها : بتنام يعني ؟
زفر بغضب وهو يحاول يضبط اعصابه ماينفجر فيها :لا ابي منك الإذن لو سمحتي
خير وش عندك ؟
لفت بتروح عنه مبين مزاجه مو متقبل شي .. هذا لو قالت له انها رافضته وش يقول
لها : سلامتك روح نام بس ..
مسكها من يدها قبل تبعد : لمياء عندك شي تكلمي ترى مزاجي مقفل وواصلة معاي
لاتخليني احط حرتي فيك ..
فكت يدها وقعدت تفرك مكان مسكته : مافي احد بالبيت مادري وينهم .. قلت اقعد
معاك نسولف ونتناقش بالموضوع .. ابي اعرف رايك ..
طلع يمشي قدامها رايح للصالة يقعد فيها .. وانتظرها تجية وراه : رايي ؟ يابنت الناس
حيل الله اقوى .. وش اقول بس كله من تحت راسك يالسوسة ..
قعدت قباله وقالت ببراءة : وش مسوية انا عاد يقولون يابخت من جمع راسين بالحلال
وانا البنت معجبتني من زمان وماعندي اغلى من اخوي اتمناها له ..
رجع راسه على ورى ومسك جواله يناظره : سويتي اللي براسك وخلصتي ؟ جاية
تغثيني اليوم بعد .. ليش ماتروحين بيتكم تشوفين ابوك واخوانك تقابلينهم وتقعدين معهم
اطلقت ضحكة عالية على اسلوبه .. وناظرها بتعجب : قايل شي يضحك ؟
تجاهلت نظرته وهي تضحك : انا مادري انتي ليش معقد حياتك ياخي عيش ببساطة
اضحك فرفش شوي .. كل شي ماخذه بجدية ..
ابتسم نصف ابتسامة وهو يناظرها : نفس كلام سما .. تشبه لك كثير هالبنت .. احس
انك انتي اللي اختها مو رسيل ..
ضحكت على كلامه : حتى خالتي تقوله .. وميساء بعد تقول انه رسيل اختها وسموي
اختي ..
حط الجوال على الطاولة ومسح وجهه بيده : لا رسيل مغرورة شوي .. يمكن بينهم
نفس الاهتمامات بس الشخصية فيها اختلاف ..
استغلت فرصة انه رايق وبدا ياخذ ويعطي معاها بالكلام وحاولت تجس نبضه شوي
بطريقتها : اليوم تكلمت مع نورة ..
ناظرها مستفهم : من نورة ؟
كشت على وجهه وهي مبتسمة : رايح هالمشوار كله وتخطب ماتدري وش اسم اللي
متقدم لها ..
ضحك بصوت عالي وهو يحس بغبائه : الا اعرف اسمها بس ماجت على بالي ابد ..
" وحاول يبين عدم اهتمامه " امممم .. وش فيها ؟
رتبت الكلام قبل تقوله وتكلمت : تبي الجد تفاجأت انها رفضت الكلام في هالموضوع
" لمحت نظرته المصدومة هو بعد .. بس كملت كلامها " لكن جلست معاها لحالنا و
حاولت اقنعها .. ومارضيت الا وانا ماخذة كلمة منها انها تفكر وتستخير ..
ركز في كلامها وهو يحاول يستوعب انه رايح يخطبها وهي ترفضه : ترفضني ؟
حاولت تفهمه الموضوع شوي شوي : مو ترفضك بس بعدها مو متقبلة فكرة انها تبعد
عن ديرتهم ومحتاجة وقت تفكر فيه وتستخير ربها ..
ركز نظره على عيونها يبي يتأكد اذا هي فعلا صادقة بكلامها ولا بس تقول هالكلام
تجس نبضه : وهي عندها غير هالخيار عشان ترفض ؟ .. ومن قال انه بكيفها اصلا
ابوها تكلم وتفاهم معانا وانتهى الموضوع .. وبعد العيد بنروح لهم نحدد موعد العرس
قاطعته قبل يكمل كلامه : طلال وانت كل شي بالدنيا بتاخذه عناد .. قلنا لك اخطب
قلت ماتبي .. والحين اقول لك البنت مو مقتنعة تقول مو بكيفها ..
وقف وهو متنرفز من اللي سمعه آخر شي توقع انها ممكن حتى تتردد مو عاد ترفضه
يحس انها بتلقاها فرصة وجتها من الله ولازم تستغلها ولا ضاعت عليها : مو عناد
يابنت الناس .. بس احنا اتفقنا وانتهى الموضوع ورفضها او موافقتها ماتغير شي ...
بعدين تحمد ربها اللي جاها واحد مثلي .. وهي بهذيك الديرة من اللي بيعرفها ولا
بيدري عن بنت اسمها نورة .. وقال ايش مو مقتنعة ..؟ استغفر الله بس
ومشى نازل مع الدرج ..
قامت وراه تبي تلحقه : طلاااال .. وين رايح انت ؟ الحين هي ترفض وتعصب علي
انا .. " شافته ماشي ولا يلتفت لها ابد صرخت بأعلى صوتها " يااامغرور ..
وقفت مكانها وهي مقهورة منه .. الحين خلاها بالبيت لحالها ومحد فيه .. لو طلع ابو
طلال ولا جا سامي وهي بصالتهم .. مسكت الجوال بتدق على احمد اخوها يجي
يمرها بس نزلت الجوال يوم شافت ام طلال وبناتها داخلين البيت .. على طول نزلت
لهم وراحت تستقبلهم : ياهلا والله ومسهلا ..
طنشتها رسيل وهي تفصخ صندلها العالي ( تكرمون ) وراحت لها سما ركض : لمو
يالله حيها .. قولي انك بتنامين عندنا اليوم ..
ابتسمت لها ام طلال وقربت منها تسلم عليها : اجل قاعدة لحالك بالبيت ؟
ضحكت لها : ايه ولدك قليل الخاتمة حطني وراح وخلاني ..
سحبتها سما من يدها وبدت سيل الاسألة اللي ماينتهي عن تفاصيل يومهم وردة فعل
طلال .. وشلون العروس وهالتفاصيل اللي تصير بكل خطبة .. وجاوبتها لكل شي
الا انها ماعلمتهم برفض نورة لطلال .. ولفكرة الزواج من خارج الديرة ..
لاحظت عدم اهتمام ام طلال بالموضوع وكأنها رضت انه يبي يتزوج بس مو مقتنعة
بالعروس .. اما رسيل تركت الجلسة كلها لان السوالف بالنسبة لها ضيقة صدر ..
الوحيدة اللي كانت مستمتعة بهالتفاصيل هي سما .. تحس انهم على مشارف تجربة
جديدة يعيشونها بهالبيت ..
طلال اللي من طلع وهو يحس بنار تغلي بصدره .. جرح لكبريائه ترفضه وحدة اقل
منه بكافة المستويات .. لا في تعليم او مادة او حتى مستوى اجتماعي وهذا بحد ذاته
اعتبره اكبر اهانة له تلقاها بحياته .. صحيح هو ماكان يبيها وماحس انها مناسبة له
بس في الاخير هالزواج كله مايفرق عنده لكن انها ترفضه هذا شي ثاني .. ماكان حاط
في باله ابد انها تتردد بالموضوع .. لكن بالنسبة له كون انها رفضت هذا شي كفيل انه
يشعل كل مشاعر الغضب والتمرد بداخله .. مايتوقع ابوها يغير رأيه بعد ما اعطاهم
كلمة .. البدو معروفين كلمتهم وحدة ومستحيل يغيرونها .. وكلام لمياء خلق بداخله
نوع من التحدي .. اللي ماراح يخسره ابد ..

لمت شعرها القصير ومسكته بشباصة وهي ترتب بادراح الدولاب .. سحبت دفترها
الوردي اللي كانت تكتب فيه كل مذكراتها قبل ماتكبر وتترك هالدفتر للذكريات ..
قلبت في اوراقه وهي تسترجع آلامها .. هذا الشي الوحيد اللي كانت تشكي له بلا
توقف ..
" يمه اليوم حرقو بنتك .. وينك تشوفين شلون شوهوها ؟ "
التاريخ ١٢ - ٥ - ١٤٢٠ هـ
قبل ١٠ سنوات وكم شهر كانت بعمر الـ ١٣ وقتها ولانها رفضت تدخل غرفتها قبل
يجون ضيوفهم .. اوسمت جسدها بملعقة سخنتها على النار لحد ماتغير لونها .. ابدا
ماشفع لها صراخها وترجيها .. كانت قاسية قلبها جامد لايعرف الرحمة .. تلذذت في
تعذيبها وسماع تأوهاتها كانت تستمتع وهي تشم رائحة جسدها المحترق .. غمضت
عيونها وهي تكتم آهة بصدرها .. قلبت الأوراق بسرعة وفتحت على صفحة فاضية ..
دورت بين اغراضها على اي قلم راحت لدرج الكومدينة واخذت القلم وتركت المجال
لقلبها ينزف حروف نثرتها على هالصفحة ..

" امي ..
يا اعذب كلمة حرمت منها منذ الصغر .. استفيقي من سبات الماضي ..
دعي الأقدار تهديني حضورك ذات ألم ..
وازرعي الأحلام فيني جدديها .. ايقظي فيها الحياة بعد
ان تمادو بتعذيبي وابادوها ..

امي ..
وخالق السماء قتلوني .. قتلو طفولتي وصباي في مهدها ..
اوجعوني حد احتراق الجسد والقلب معا ..
وبت انزف اوجاعي قطرة .. قطرة .. وانزف معها بقايا الأمل ..
فما عادت الأحلام تهبني وجهك ذات اغفاءه ..
وما عادت الذاكرة قادرة على استرجاع
ملامحك المنسية ..

امي ..
ورب المصحف الشريف .. وأدوا صغيرتك حين غرة
والقوا بها في غياهب بئر الحياة ..
بلا طوق نجاة .. او حتى بصيص أمل "


رفعت نظرها وشافته جاي لها .. خبت الدفتر تحت المخدة وكأنها تخبي آثار جريمة بشعة ..
وقف عند باب الغرفة وركز نظره عليها : تعالي وراي للصالة ..
هالطلب كان كفيل انه يزرع بداخلها خوف عظيم منه " يااااارب اكفيني شر منال " تسارعت
نبضات قلبها وهي تمشي وراه كانت تحس انها تساق لموتها .. جلس على الصوفا الطويلة
باللون العنابي الفخم وانتظرها هي تجلس بعد .. وقفت مكانها وهي تدعي ربي بداخلها يهديها
الأمان .. رفع راسه وناظرها : اجلسي ..
ارتبكت وقعدت على طول .. كانت مركزة نظرها عليه تبيه يقول لها كل شي ثواني الانتظار
كفيلة انها تقتلها شوي وشافته يطلع من جيبه جوال ومده لها .. برودة سرت بجسدها وعجزت
حتى انها تمد يدها تاخذه " صوري .. شاف صوري معاه يارب خذ عمري قبل لايعذبني "
صحاها من مخاوفها صوته الهادي : هذا جوالك .. خذيه ..
ما استوعبت كلامه بعده الخوف مزروع بقلبها .. رفع صوته اكثر : ديما خذي الجوال ..
مدت يدينها المرتجفة وهي تصارع خوفها منه كمل كلامه بلهجته الصارمة .. : لا تمسحين
السجل ابد .. كل يوم باخذه واراجع سجل مكالمات اليوم كله ..
ابتسامة سخرية ارتسمت على شفايفها " يا الله وش هالغباء اللي تعيشون فيه .. راقبو اللي
تستحق المراقبة "
هزت له راسها وقالت بصوت اقرب للهمس : ان شاء الله ..
ثواني صمت وتكلم بعدها : انتبهي لنفسك يابنتي .. ترى البنت اهم ماعليها سمعتها ..
" بنتك ؟ .. بنتك .. لاتمثل الدور مو لايق عليك دور الأبوة .. بنتك اللي انت تقصدها تلعب من
وراك .. " نزلت راسها وهي تسمع باقي كلامه .. وبعد دقائق مشى طالع من البيت .. هذا
هو ابوها من عرفته ظالم اغلب حياته .. مع لحظات تحس بداخله ندم وهاللحظات ماتكون
الا اذا صارت مرة ابوها مو فيه .. فتحت جوالها المغلق من فترة طويلة .. وقعدت تقلب
فيه .. اول شي جا على بالها انها تكلم عمتها .. على طول اتصلت عليها وسمعت صوتها
اللي تحبه .. بعد ماسكرت منها رجعت لغرفتها سحبت الدفتر من تحت المخدة واعادت
قراءة اللي كتبته تساقطت دموعها على خدودها بغزارة .. كان الحنين يقتلها يمكن لو تعرف
انها ميتة ارحم ..على الاقل تفقد الامل .. لكن هي تجهل كل شي ودوامة التساؤلات انهكتها
عاشت هالعمر كله صراعات .. كان التعذيب الجسدي بالنسبة لها ارحم من احساس الفقد
اللي تعيشه .. وملامح الضياع اللي تعتريها .. رجعت الدفتر مكانه بآخر درج بالدولاب تحت
كل اغراضها القديمة واللي مازالت تحتفظ فيها سحبت من بين هالاغراض .. قلادة صغيرة
دائرية من الخشب .. مربوطة بحبل جلد ومحفور عليها بخط ركيك اسمها ابتسمت وغمضت
عيونها وهي تسترجع ذاك اليوم بصعوبة .. لانها ضاعت منهم على البحر وقعدو تقريبا حول
الساعتين يدورونها .. اهدى لها هذي القلادة بعدها بكم يوم .. ضحكت على تفكيرهم بذاك
الوقت .. يتخيلون من ابسط واتفه الامور انهم يقدرون يحلون اصعب المشاكل .. وهو كان
بالنسبة لها حلال كل المشاكل .. رجعت للواقع بخليط مشاعر مختلفة .. حنين وامل وخوف
وترقب حست ان رضى ابوها عليها اليوم حافز لها انها تدلع نفسها مادام محد اصلا يذكرها
اتصلت على احد المطاعم وطلبت لها وجبة عشا .. حطت جوالها على السرير وقفلت عليها
الجناح ودخلت تتسبح ...




/
\
/
\




اول ايام شهر ذي الحجة .. توه واصل الديرة عند اهله اللي كانو صايمين التطوع ..
سلم عليهم واستقبلوه كعادتهم بفرح .. لاحظ هدوء نورة الغير معتاد يعني فرحتها
هالمرة اقل من العادة وهي اللي دايم تستقبله بفرح كبير .. جلس معاهم وانتظرو اذان
المغرب وافطرو على قهوة وتمر .. وبدت السوالف تاخذ مجراها الطبيعي قال له ابوه
على خطبة خواته الثنتين وبلا شعور منه راحت عينه لشيخة .. رغم احساس السعادة
الكبير بقلبه بس يبي يتطمن عليها وعلى مشاعرها .. شافها ماسكة طرف
شيلتها وتلفها على اصبعها : تبيني اقول بعد حتسي المطوع شي يبه .. وهو الصادز
لاترد نصيبها .. وهذا هي نورة جاها نصيبها .. وشيخة ان شاء الله بتلحقهن ..
ابتسم ابو راكان على كلامه .. رغم انه بعده صغير الا انه يحب يحسسه باهميته
بهالبيت وانه رأيه لازم يأخذه بعين الاعتبار التفت على بناته وركز نظره على موضي
اللي ذابت مكانها من الخجل .. : موضي ..
مارفعت عينها له لانها تدري وش بيقول لها .. وانتظرته هو يتكلم ويقول لها كل
اللي يبي : مثل ماتعرفين المدرس اللي جا خطبتس من اسبوع .. وهالحين ابي اعرف
رايتس ؟
صرخة تمرد بداخل نورة " وتثبتها قدامي يبه ؟ تسألها هي وانا محد شاورني " حست
بألم كبير بداخلها .. لان موضي صغيرة والعمر قدامها شاوروها اما هي ماصدقو احد
يتقدم لها ووافقو على طول .. بدون مايحسبون لمشاعرها وكلامها اي حساب ناظرت
وجه موضي المستحية وللحظة بس حسدتها على موقفها اللي هي فيه .. تمنت انها
مثلها تخير وتوافق بكل فرحة طلعت كلمة موضي اللي الكل متوقعها : الشور شورك
يبه ..
ماكانت محتاجة انها تنطق لهم موافقتها .. الفرح كان مبين على وجهها من يوم جا
وتقدم لها .. التفت ابو راكان على ولده : بس ياوليدي نبي ننشد عن الرجال واهله ..
رفعت نظرها وطالعت ابوها بتعجب " يبه خلاص .. الحين تأكدت انك مرخصني "
كانت تقاوم غصة مريرة بحلقها .. لامت نفسها ليش زعلانة عليه هو معاه حق كل
هالسنين وهي في مجتمعها وديرتها عانس .. يكفي لاقابلت حريم الديرة كلهم تشوف
بعيونهم نظرة الشفقة وكلمة وحدة دايم يرددونها لها " الله يرزقتس بالزوج الصالح "
هالكلمة يقولونها حتى قبل مايسألونها عن اخبارها او وش مسوية ..
قامو البنات وراحو للغرفة ووقفت موضي ترقص من الوناسة وقامت تتكلم بصوت
هامس : بعرس ياناس بعرس " ورفعت يدها للسماء " يالله لك الحمد والشكر .. يارب
لاتخيب رجاي ولا تنكد علي فرحتي ..
منيرة ضحكت بصوت عالي .. وحصة ترقص معاها .. نطت شيخة وسكرت فم
منيرة لايطلع صوتها ويعرفون ان موضي انهبلت عليهم ..
للحظة بس ابتسمت غصب عنها .. الفرحة بعيون موضي كانت كفيلة انها تنتشلها
شوي من احزانها وتشاركها فرحتها .. حطت يدها على فمها وهي تناظر موضي
اللي فلت شعرها وقامت تلفح به وهي تغني : مباركين عرس الاثنين .. ليلة ربيع
وقمرا ..
سكتو كلهم يوم شافو راكان واقف على الباب ميت ضحك على شكلها .. اما هي
كانت مستمرة في اعلان فرحتها .. انتبهت لهدوئهم ورفعت راسها وهي تبعد شعرها
اللي انتفش كالعادة .. ويوم شافت راكان حست بالفشيلة وقعدت مكانها ضحك على
شكلها بصوت عالي وحب يمازحها : والله لو يشوف شوشتس ليهون ..
حطت يدها على وجهها تغطيه من الفشلة وضحكو عليها خواتها .. طلعت منيرة من
من البيت رايحة لبيت خالتها تعلمهم بهالخبر الحلو ..
وبعد صلاة العشا على طول تعشو وقعدو بالصالة .. الا نورة اللي كانت تبي تقعد
لحالها بالغرفة .. اما هو كعادته كل مايجي للديرة لازم يسأل عنها وعن اخبارها
واكيد خواته مايقصرون يقولون له كل سوالفهم ..
من بكرة بعد صلاة الظهر راح لابو مساعد اللي يعتبر صلة الوصل بين اهل القرية
والرياض .. كان توه جاي ماخذ حمولة حطب يبي يروح يبيعها لاهل الديرة بالرياض
قرب منه وسلم عليه .. وبعد السؤال عن الاخبار والاحوال مد له ورقة : شوف ياعم
هذا رقم خويي ابيك تدق عليه وتقول له ينشد لنا عن هالرجال وعن اهله .. وانت لا
جيت ليلة العيد ابي اخذ منك العلم كله ..
ابتسم له مساعد واشر له على خشمه : ابشر على هالخشم .. ان شاء الله انه رجلن
صالح .. وعسى الله يكتبه من نصيب وخيتك ..
ابتسم له بامتنان : يالله يارب ..
رجع لبيتهم وهو يمني النفس انه يلمحها لو شوي .. بس للأسف كان الباب مسكر دخل
للبيت وفتش اغراضه وطلع من بينهم خاتم حلو شافه بالسوق واعجبه .. كان اكسسوار
لانه ابد مايقدر يشتري ذهب .. بس من شافه وهو يتمنى تزين به يدها .. لفه بقطعة
قماش مرمية من بقايا قصاصات القماش اللي يخيطونه خواته .. وصوت على سلمان
يجيه .. على طول جا له ركض وهو فرحان .. ابتسم على شكله وحاول يعيش معاه
دور الاخ الكبير وتكلم بجدية اصطنعها : ليش ماجيت الصلاة ؟
ارتبك وقعد مكانه : والله اني بلحقكم بس يوم توضيت ولا هو بآخر ركعة وصليت
بالبيت ..
سحبه من يده وقعده جنبه .. : لو اعلمك سر ماتقول لاحد ؟
هز راسه فرحان : لا والله ما اعلم احد ..
ناظره يبي يتأكد : اكيد ؟
لحس اصبعه ومرره على رقبته بحماس : ورب الكعبة ما اعلم احد .. وعساني اموت
مسك يده وهو يضحك : بس .. بس صدقتك ..
مد له اللي بيده وعطاه : روح بيت خالتي ولا تكلم احد ابد واذا شفت هيا عطها هاللي
بيدك .. ولا سألت من وين لك .. قول لها من راكان ..
فتح عيونه متفاجيء وقبل يستفسر كمل راكان : اصه .. لا تقول شي هالحين روح
وانت ساكت ولا قالت لك شي علمني .. ايه واذا لقيت عندها احد نادها بلحالها ..
هز راسه له .. ويوم حس انه مو فاهمه رجع يعيد له الكلام : فهمت علي زين ؟
مسك اللي بيده وقعد يردد الكلام يبي يتأكد انه فاهم : اروح لبيت خالتي واعطيه لهيا
واقول لها من راكان .. وما اعطيها الا لاصارات بلحالها .. وما اعلم احد عشان ربي
مايحطني بالنار ..
ضحك عليه وعلى تفكيره .. وهز له راسه : اجل يالله روح ..
وعلى طول قام من مكانه ركض على بيت خالته .. وهو يحس انه فرحان بهالثقة
اللي عطاها له راكان ..







رد مع اقتباس
قديم 22-01-2013, 09:14 PM   رقم المشاركة : 20
زورق الندى
رائدي فـعـّـال
 
الصورة الرمزية زورق الندى
الملف الشخصي






 
الحالة
زورق الندى غير متواجد حالياً

 


 

بيدها مصحفها وتقرأ ماتيسر من القرآن .. وهي تسمع صراخ سارة اختها على
محمد ومشعل اللي يلعبون كورة بالبيت .. بعدها سمعت صوت سلمان وهو يدور
عليها سكرت المصحف ورفعت راسها تناظره وهو واقف عندها : خير وش تبي
تلفت حوله وهو خايف احد يشوفه وجا قعد جنبها ومد لها الخاتم بكل هدوء ..
اخذته منه ورفعته تناظره : وش ذا ؟
نزل يدها يبيها تخبيه لا يجي احد ويشوفهم : لاحد يشوفه .. هذا " وبعد تفكير "
مدري وشو بس عطاني اياه راكان ..
من سمعت الاسم تسارعت نبضات قلبها وضغطت على اللي بين يدينها وهي تقاوم
رجفة يدينها .. رفعت نظرها له تبي تتأكد من اللي سمعته .. : وش قال لك ؟
قرب وجهه منها وقال بصوت هامس : والله قال لي وده لهيا ولا تعلم احد ولانشدتك
من وين لك قول لها من عند راكان ..
اتسعت ابتسامتها وزادت فرحتها باللي سمعته .. اشرت له يروح خلاص بس هو
وقف مكانه : هو يقول علمني وش تقول لك ؟
ضحكت من قلب وطنشته : اقول توكل بس ..
برطم على طول وطلع وهو زعلان عليها راجع لبيتهم .. اما هي قامت وسكرت
باب الغرفة وفتحت الخرقة اللي ملفوف فيها الخاتم .. اول ماشافته فرحت فيه ..
يمكن هي ماتعرف وش قيمته بالضبط او بالاصح مايهمها .. الاهم انه من حبيب
قلبها لبسته في يدها وضحكت على طول .. كان واسع شوي حتى بأصبعها الاوسط
هي معروفة انها شديدة النحافة .. واكيد هو يعرف هالشي بس بعد وش اللي يعرفه
وش هو مقاس اصبعها ..
سعادتها بهالخاتم لانه ذكرها .. ولانها بباله ومانساها .. مانسى هيا اللي من صغرهم
وهم يحبون بعض .. وهي تنتظر بس متى يتخرج ويتزوجون .. بطبعهم وعاداتهم
الملكة تصير بنفس يوم الزواج ماعندهم فترة ملكة او فترة يتعارفون فيها المخطوبين
او غيره .. هالعادات مابعد صارت عندهم ولا حتى يقتنعون فيها زواج تقليدي على
الطراز القديم نفس ابائهم واجدادهم ..
فتحت سارة الباب بقوة وهي متنرفزة وواصلة حدها على طول خبت يدها بحجرها
وهي تتجاهل نظراتها : وش يبي منتس سلمان ؟
مسكت المصحف ورجعت فتحته وهي تحاول ماتركز نظرها فيه : ابد جاي يسولف
لي عن راكان مثل دايم ..
جلست وهي ترتب خصلات شعرها الطايرة : قولي يا الله اني اعرس على واحدن من
الرياض مثل بنات عمي .. وياخذني من هالفقر ورداة الحظ واطلع واشوف الدنيا
والناس شلون عايشين ..
ناظرتها بتعجب وقالت باستفهام : وش فيها ديرتنا ؟ عسى ماهيب عاجبتس ؟
تجاهلت نبرتها المستهزأة وتكلمت بكل اندفاع : لا ماتعجبني وابي الفكة منها اليوم
قبل باتسر .. ياعساني اغمض عين وافتحها ولا انا بالرياض ومطلقة هالفقر ..والله
لو اعرست على واحد من الرياض يا هالديرة ماعاد اطبها ولا اجيها ..
تكلمت بنرفزة وهي تحاول تدافع عن ديرتها : انتي مغسول مختس .. مدري من اللي
لاعبن عليتس وقايلن لتس بتلقين السعادة لا رحتي هناك ..
قالت بحماس : ايه .. لاصارن الفلوس بيدي والعب بهن على كيفي بحس السعادة ..
قامت وحطت المصحف على التجوري اللي بطرف الغرفة .. وقعدت جنبها تبي
تقنعها بكلامها : سويرة ومن قال لتس ان السعادة بالفلوس ؟ هذانا مستانسين واحنا
اللي مانلقى شي ناكله بالايام ..
هزت راسها مو مقتنعة بكلامها :وش وناسته ياحسرة وانا اسمعتس كل ليلة تصيحين
واخواني وامي وعيال عمي .. لا تنصبين على نفستس ياهيا .. محدن يعيش بالفقر
مبسوط .. ماغير ضيقة وهم وكدر ..
ولمحت الخاتم اللي بيدها .. هيا اول مانتبهت لنظرتها خبت يدها ورى ظهرها وهي
مو عارفة وش تقول لها .. سحبت يدها وشافت الخاتم : هيا ؟ من وين لتس هالخاتم ؟
نزلت راسها مستحية وعرفت على طول سارة انه من راكان .. : ذهب ؟
هزت لها كتوفها : مدري ..
كشت على وجهها على طول وتكلمت بغرور : قلت لتس وجيه فقر .. حتى الذهب
مانعرف له .. " طلعته من اصبعها وقعدت تطالعه " والله ماهقيت راكان يجيب لتس
ذهب .. من وين له ياحسرة ..
سحبت الخاتم من يدها وقامت على طول : وانتي وش عليتس مني ومنه .. يجيب لي
اللي يبي انا راضية فيه ومعجبني ..
خذت الخرقة المرمية ولفت الخاتم فيها وخبتها مع باقي اغراضها وطلعت للصالة مع
امها .. وهي تشوف اخوانها يشوتون الكورة في صالتهم الصغيرة ..



/
\
/
\



مضت الايام واقبل عيد الاضحى يحمل معاه تباشير الفرح وصول العم مساعد بعد
المغرب يحمل لهم اخبار سعيدة انتظروها من اسبوع .. وصلهم كل كلام الوليد عن
نايف واهله .. كلن يمدحهم ويشكر فيهم .. تهلل وجه ابو راكان بعد ما ارتاح من
حمل ثقيل كان على صدره .. اي ابو في الدنيا همه يزوج بناته بالأخص لانه يبي
من يسترهم ويكون لهم سند بالدنيا .. قعدو برا وكل من مر من عندهم بارك لهم
بالعيد كانت موضي تعيش اسعد ايام حياتها بعد ماحمل لها هاليوم اجمل خبر كانت
تنتظر سماعه من ايام .. جاهم سلمان يركض من بعيد وبيده سلك مواعين مولع
باطرافه نار ويلعب فيه .. : يبه باتسر العيد .. ؟
ابتسم له ابوه : ايه ان شاء الله .. ياولدي لا تلعب هالنار لا تحرقك ..
قامت له امه واخذته منه : منت صاحي انت ورا ماتركد وتلزم ارضك مثل الاوادم
وانت من اذن العصر ماشفناك ..
قعد معاهم وهو يصيح : الحين ليش ماتبوني العب .. محدن قاعد ببيته كل العيال
طلعو .. هااا اسمعي حسهم ..
قبصته مع فخذه وسحبته جنبها : والله ماتسير .. هذا هم عيال عمك قاعدين ببيتهم
ماطلعو ..
غمض عيونه وهو يحس بالألم في فخذه : والله ان مشعل يلعب معهم انا شايفه وهو
اللي عطاني هالسلك وقال روح العب بعيد عنا ..
ضحك ابوه عليه وهو يصيح : قوم وانا ابوك روح مع ولد عمك .. ولا تبطي ولا
تقعد تصيح مثل الحريم ..
فز على طول فرحان وهو يمسح دموعه : انا ما اصيح بس قبصة امي عورتني ..
ضحكو كلهم عليه وعلى كلامه .. فرحة العيد كانت تبان عليهم .. بساطتهم تخليهم
يحسون بالسعادة لمجرد مرور طاري فرح .. هالعيد غير حمل معاه اجمل البشائر
لهم .. موضي ونورة اللي جاهم نصيبهم رغم ان نورة للحين تعيش بعذاب تفكيرها
بمصيرها المجهول اللي رموها فيه الا انه اهلها وجماعتها فرحانين لها .. بعد ماقرر
ابوها يخلي زواجها في غضون شهر .. ماتحتاج وقت اكثر عشان تجهز نفسها ..
ومتى ما جو لهم اهل طلال بلغوهم بالموعد ويتركون عليهم باقي التفاصيل .. دخلو
الحريم بعد صلاة العشا في بيت ام محمد ودخلو معهم البنات يتحنون .. كلهم تحنو
قبضة .. وزادو عليهم الحريم بحنا رجليهم .. نامت ام راكان ببيت اختها والبنات
رجعو لبيتهم ينامون وكل وحدة حاطة الحنا بيدها وقابضة عليه .. قبل صلاة الفجر
قامو على صوت امهم تقومهم لصلاة الفجر وصلاة العيد .. وتسابقو على الحمام
( تكرمون ) كل وحدة فيهم تبي تغسل يدينها وتشوف الحنا وشلون .. وكل ماطلعت
وحدة فيهم قامت توري امها وخواتها .. وقفت منيرة مقربة يدينها من وجهها وتشم
ريحة يدينها : ياااازين ريحة الحنا يمه ..
قعدت امها وهي تقرب ثوب لابو راكان : ايه والله يازين ريحته .. وين راكان ؟
طلع لهم وهو يحك راسه وبالقوة يفتح عيونه .. نطو عليه خواته كل وحدة تبيه
يشوف حناها لاحظ من بين حركاتهم وفرحتهم .. نورة اللي من وصل وهو يحس انها
مكسورة .. شي بداخلها انكسر وماقدر انه يصلحه .. رغم انه تكلم معاها وحاول
يقنعها ان الامر خيرة من رب العالمين ... الا انه كان عاجز انه ينتشلها من دوامة
احزانها .. طلعو بعد طلعة النور لصلاة العيد بالمصلى اللي باطراف الديرة كانو
كل اهل الديرة طالعين .. وكل جماعتهم واقاربهم .. البنات تملا قلوبهم الفرحة
بفساتينهم اللي لاول مرة يلبسونها .. رغم بساطتها ورغم انها حملت لهم من ضمن
قائمة التبرعات .. والعيال يركضون وهم لابسين الشمغ وكاشخين فيها .. سلمان
كل شوي يروح لراكان يضبط له التشخيصة .. صلو صلاة العيد وقعدو يستمعون
للخطبة .. موضي كانت تعيش ايام بالنسبة لها قمة السعادة وقمة تحقيق الحلم ..
تنتظر اليوم اللي يجي فيه نايف ويعرف خبر موافقة اهلها .. بهالايام القليلة زاد
حبه بقلبها .. حست انه هالحب اكبر من انها توصفه او تشرحه لاحد .. بطبعها ابد
ماكانت خجولة .. وكل اللي حولها عرفو بفرحتها .. هم يدرون انها مطيورة وتبي
العرس من زمان .. وهذا كفيل انه يفسر لهم سبب فرحتها .. اما هي كانت تعيش
احساس الحب والفرح بنفس الوقت ..
بعد ما انتهت الخطبة توجهو لبيت ابو مقرن اللي متعودين كل يوم عيد تنذبح الذبايح
وكلهم يفطرون ببيته .. بحكم انه راعي حلال ويذبح عدد من الذبايح ويوزع لحمها
على كل بيت في هالديرة اما الفطور بعد مايتم الذبح ويغلسون الذبايح يبدون يسوون
لهم المقلقل اللي يعتبر فطور تقليدي في العيد .. قبل صلاة الظهر بدو شباب القبيلة
يطبخون الغدا .. وبعد ماحطو لهم الغدا .. تغدو كلهم ورجعو كلن لبيته شايلين معاهم
الاكياس اللي فيها نصيبهم من اللحم الموزع .. طبعا بعض اهل الديرة المقتدرين
يذبحون ذبيحة وحدة .. ولو ان عددهم قليل جدا ومايقارن بالفقراء بينهم ..




مجتمعين ببيت خالهم الكبير يبون يتعشون اول ايام العيد ببيته ..دانا مازالت للحين
بعزلتها ورغم انها تكلم امها وخواتها الا انها تتحاشى تختلط مع بنات خوالها او
حتى خالاتها ربي سهل امورهم واستأجر لهم عادل شقة متواضعة تناسب امكانياتهم
المادية بايجار يقدر هو يدفعه ويصرف عليهم بنفس الوقت وراح يحاولون بالفلوس
اللي كانو يودعونها من فترة لفترة انهم يأثثون هالشقة ويستفيدون منها في مواجهة
ظروف حياتهم الصعبة ..
من فترة ارسلت لرسيل انها تعبانة شوي وماتبي تكلم احد بهالفترة بعد ماشافت كثرة
اتصالاتها عليها .. ماحبت انها تقلق او تفكر انه شي صار لها .. حبت بس تطمنها
وتترك الحديث بكل الامور الجديدة اللي طرت عليهم بعدين لاستقرت نفسيتها جلست
معاها رغد شوي .. قبل ماتنزل وتروح تقضي اول ليالي العيد مع بنات خوالها
وخالاتها ..
بمجلس الرجال تجمعو الكل باستثناء عادل اللي ماقدر يجيهم بهالعيد بعد ما استنفذ
كل اجازاته .. وهو توه راجع لتبوك من اسبوع وشوي .. بعد العشا قعدو الشياب
يتناقشون .. والشباب كانو بطرف المجلس .. لهم سوالفهم واهتماماتهم الخاصة ...
قضو هالليلة كلها سهر ووناسة .. ومن تأخر الوقت مشو كلن رايح لبيته .. وقبل
يطلع ابو ناصر لغرفته صوت على يزيد يجي له .. جا عند ابوه وقعد معاه وراحو
باقي اخوانه .. انتظره يبدا كلامه .. وبعد تفكير فاتحه بالموضوع : مثل ماتعرف
هالحين وضع عمتك وبناته ونبي نستر عليهن ونخطب لك دانا بنت عمتك الكبيرة
والعرس لا تخرجت ان شاء الله .. واذا عمتك وده تعرسون قبل ماعندي مانع ..
طالع في ابوه مو مصدق .. هذا مجتمع مع عمانه ومقررين وخالصين ماعليه الا
ينتظر المملك يجي ويكتبون العقد .. : بس يبه انا ابي اختار زوجتي بنفسي ..
ناظره بعصبية قبل يكمل كلامه : وبنت عمتك وش فيه ؟ وش قاصره عن غيره ؟
تنفس بعمق وهو يحاول يركز بكلامه : ماقاصره شي يالغالي .. بس هذا عرس مو
لعب بزران خذن وجيتك .. ابي انا اكون مقتنع واختار الانسانة اللي احسه تناسبن
ماحط في باله كلام ولده ولا اهتم فيه اصلا : انا مكلم عمانك وعمتك تدري من اول
اذا انت ماخذيت بنته من بياخذه ويستر عليه ؟
كان وده يصرخ فيه .. ماعجبه اسلوب ابوه معاه كان طريقته في فرض الامر عليه
تعسفيه ومافكر يسأله .. يمكن لو جا شاوره وترك له المجال انه يفكر .. ممكن كان
يستخير ويقتنع .. بس الحين جاي له بكل سهولة ويقول له قررت انا وعمانك وبعد
عمته تدري .. : بس مابيه .. البنت معقدة نفسيا وطول وقته حابسة نفسه بحجرته
ما اهتم لكلامه ابد هو قرر وكلم اخوانه .. وموافقة يزيد بالأخير شكلية طال النقاش
بينهم وهو يحاول يقتنع بوجهة نظر ابوه .. يمكن لو ترك له الخيار انه يختار ماكان
راح يختار غيرها .. لانها الانسب لعمره ولانه يبي يساعد عمته بظروفها .. لكن
طريقة ابوه في اجباره .. ووضعه امام الامر الواقع كان يقهر .. قام من عنده وطلع
للملحق ينام لان الدور الثاني بنات عمته فيه ومايبي يضايقهم بوجوده .. سكر الباب
بكل قوته وهو يردد كلام ابوه براسه ..







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



الساعة الآن 03:11 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت