اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات العامة > المنتدى الإسلامي
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-10-2007, 08:18 PM   رقم المشاركة : 11
ســـــوار
ياسمينة الرائدية
 
الصورة الرمزية ســـــوار
الملف الشخصي







 
الحالة
ســـــوار غير متواجد حالياً

 


 

اللهم اني اعوذ بك من عذاب النار







رد مع اقتباس
قديم 19-10-2007, 08:57 PM   رقم المشاركة : 12
ريمـوـو
رائدي رائع
 
الصورة الرمزية ريمـوـو
الملف الشخصي







 
الحالة
ريمـوـو غير متواجد حالياً

 


 

اللهـ يرحمـنا برحمــتــهـ

يعطيكـــ، العافيهــ، الأسيــر ..

دمـتــ، بحفظـ، الرحمنـ،







التوقيع :

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي



( لاإله إلآ الله عدد مآكآن وعدد مآسيكوٍن وعدد الحرٍكآت وٍـآلسكوٍن )

رد مع اقتباس
قديم 20-10-2007, 06:37 PM   رقم المشاركة : 13
الأسير999
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية الأسير999
الملف الشخصي







 
الحالة
الأسير999 غير متواجد حالياً

 


 

سوار ..

الله يتقبل منا ومنكم الدعاء وصالح الأعمال ....

.................................................. .....................

ريموـو ..

الله يعافيك ويجزاك كل خير ..

الله يحفظنا ويحفظك ..







التوقيع :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

رد مع اقتباس
قديم 20-10-2007, 10:24 PM   رقم المشاركة : 14
مهرة
رائدي مهم
الملف الشخصي







 
الحالة
مهرة غير متواجد حالياً

 


 

اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن فتنة القبر ومن عذاب القبر ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر . اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيخ الدجال .


بارك الله فيك







رد مع اقتباس
قديم 21-10-2007, 12:38 AM   رقم المشاركة : 15
الأسير999
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية الأسير999
الملف الشخصي







 
الحالة
الأسير999 غير متواجد حالياً

 


 

مهرة ..

الله يبارك فيك ...

مشكور أختِ والله يعطيكِ العافية .. على المرور ..







رد مع اقتباس
قديم 24-10-2007, 08:29 PM   رقم المشاركة : 16
هشام المهدي
رائدي جديد
الملف الشخصي






 
الحالة
هشام المهدي غير متواجد حالياً

 


 

اخر رسالة أسأل الله العظيم لنا الخير من كل الدور.

آراء الترابي.. من غير تكفير ولا تشهير
07-6-2006

ولو سلك الترابي وخصومُه مسلك العلم والعدل، وتحلَّوْا بأدب الخلاف، وتجردوا من صراع السياسة وأهواء التحيز، والتزموا البرهان والدليل المجرد، لكان الجدل الحالي مثمرا، يستفيد منه المسلمون تحريرا لمسائل شرعية على قدر من الأهمية، وحفْزًا لطلاب العلم على مزيد من البحث والتنقيب، وأخذا للمسائل الشرعية بقوة، وعدم استسهال الخوض فيها من غير دليل وتأصيل
قدس الله ارواحكم احباب سيدنا إماما العالمين مقرء الكتاب مكتب القراء سيدنا جدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة السلام.
بقلم محمد المختار الشنقطي.

لا تزال الآراء التي أفصح عنها الدكتور حسن الترابي مؤخرا تثير عاصفة من الردود. وقد وجدت من خلال تتبعي للجدل الدائر حولها شيئا من التساهل في النقل، والتسرع في الحكم، واتهام النوايا، ونقص الاستقراء، وصياغة المسائل الفرعية صياغة اعتقادية، والظاهرية التجزيئية في التعامل مع النصوص، وتداخل الأهواء الشخصية والسياسية مع الآراء الشرعية.
وهذه نظرات على معظم آراء الترابي المثيرة للجدل، نضع من خلالها هذه الآراء ضمن سياق التراث الإسلامي، آملين من خلال ذلك أن يرتفع الحوار حول آراء الترابي إلى مستوى الحوار المعرفي، بديلا عن خطاب التكفير والتشهير. فلست أشك أن لدى كل من الترابي ومخالفيه من أهل العلم ما يثري الحوار وينفع الأمة، إذا ساد الجِدُّ العلمي وخلصت النية لله رب العالمين..
ولست بالذي يفاجأ إذا أحاط بآراء الترابي الكثير من اللبس وسوء الفهم، فقد كنت أشرت في مقدمة كتابي عن "الحركة الإسلامية في السودان: مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي" إلى ما اتسمت به كتابات الترابي من "التجريد في الأفكار والمصطلحات"، مؤكدا أنه "ليس من السهل على شباب الصحوة الإسلامية غير المتمكنين من ناصية اللغة العربية، المتمرسين بالمفاهيم الفلسفية والأصولية، أن يستوعبوا جميع كتابات الترابي بعمق، وهي كتابات تجمع بين تجريدات (هيجلْ) الفلسفية ولغة الشاطبي الأصولية".
ومما يحسن بيانه هنا أيضا أن هدف هذه الملاحظات ليس الدفاع عن شخص الترابي، فأنا –بنعمة من الله- ممن يؤمنون بقدسية المبادئ وأرجحيتها على مكانة الأشخاص، بمن فيهم الصحب الكرام رضي الله عنهم، وكتابي المعنون: "الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" رسالة تأصيلية في هذا السبيل نسأل الله قبولها ووصولها.. كما يحسن التأكيد على أني لم ألتق الدكتور الترابي قط، ولا وطئت قدمي أرض السودان الطيبة. ويوم كان الترابي ذا جاذبية سياسية عظيمة وحضور وطني ودولي لم أحضر مؤتمراته، ولا اشتركت في "مؤتمره الشعبي العربي الإسلامي".. أما اليوم فإن الترابي فقدَ الكثير من بريقه السياسي الذي اكتسب به أنصارا وأتباعا في الماضي، ولم يعد ممن يخشى الناس لهبَه أو يرجون ذهبَه كما يقال.
فلست إذنْ بالذي تجمعه مع الترابي علائق شخصية أو سياسية تؤثر سلبا أو إيجابا على رأيي فيه وفيما يطرحه من آراء مثيرة، وإنما أنا طالب علم أهتم بتجارب الحركات الإسلامية وفكر قادتها وعلمائها، وقد دفعني البحث في تجربة الحركة الإسلامية في السودان إلى تتبع فقه الترابي عن كثَب، والبحث في سياق أقواله ضمن رؤيته الفكرية العامة.
فهدف هذه الملاحظات حصرا هو دفع داء التكفير والتشهير الذي يستسهله البعض اليوم، والحث على أخذ المسائل الشرعية بمأخذ الجد دون تعجل، والعودة إلى منهج العلم والعدل وحسن الظن بأهل العلم، مهما أغربوا أو خالفوا المتعارف عليه من النقول والفهوم، كما أوصى فقيه الأندلس أبي بكر بن عاصم في "مرتقى الوصول":
وواجبٌ في مشكلات الحكمِ *** تحسيننا الظن بأهل العلمِ
وأرجو من الله عز وجل أن تعين هذه الملاحظات على تبصرٍ أكثر بالمسائل المطروحة، وعدمِ استسهال البتِّ فيها بتسرع، وإمساكِ أهل العلم والعدل بزمام المبادرة فيها، وهم الذين يستطيعون أن يقدموا للأمة ما يفيدها في هذه المسائل، بدلا من تركها منبرا مفتوحا لمتتبعي العورات، المسترخصين تكفيرَ أهل التوحيد وتضليلَهم وتبديعَهم. ورحم الله إمام الحرمين الجويني إذ يقول: " فإن قيل: فَصِّلُوا ما يقتضي التكفير وما يوجب التبديع والتضليل. قلنا: هذا طمع في غير مطمع، فإن هذا بعيد المدرَك ومتوعر المسلك"[1].
*****
لقد وجدت قسما كبيرا مما أنكر على الترابي أمورا اعتقادية أو فقهية منسوبة إليه تحاملا أو سوء فهم، وهي: القول بالفناء الحلولي في ذات الله، وإيمان أهل الكتاب، وإباحة الردة والخمر، وإسقاط الخمار. فلنستعرض هذه الأمور بإيجاز:
الفناء في ذات الله
قال بمقولة الفناء الحلولي في ذات الله بعض ملاحدة المتصوفة والفلاسفة في الماضي والحاضر. ولم أجد في موضع من مؤلفات الترابي –على مراسي بها وطول اصطحابي لها- استعمال مصطلح "الفناء في الله" ولا "الفناء في ذات الله"، وإنما وجدته يستعمل مصطلح "الفناء في سبيل الله"[2]وأحيانا يستعمل مصطلح "الفناء في أمر الله" فيقول مثلا إن التوحيد "يحرر المؤمن من كل ما يستعبده في النفس والمجتمع ويخلصه لربه، فيلتزم من تلقاء نفسه بأمر الله ويتحد به ويفنى فيه، ولا يستشعر مجانبة ولا حرجا"[3]. وهو قطعا لا يقصد باستعمال هاذين المصطلحين أكثر من استهلاك النفس والمال في نصرة الإسلام، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ورجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"[4]. كما وجدت الترابي يتحدث عن "مرحلة الفناء" ضمن حديثه عن التطور التنظيمي للحركة الإسلامية، ويقصد به فناء الحركة في المجتمع وذوبانها فيه بعد نضجها وصلابة عودها، مقابل مرحلة التمايز والانحياز عن المجتمع التي تصاحب فترة التأسيس.
وإحسانا للظن بخصوم الترابي أرى أن اللبس قد دخل عليهم من شَبَه الاصطلاح هذا، وهم لا يدركون –على ما يبدو- أن استعمال مصطلحات الحلولية الملحدة ليس مرادفا للإيمان بمضمونها، وأن لا مشاحة في الاصطلاح ابتداء، فهذه ألفاظ عربية كانت موجودة قبل أن تظهر عقيدة الفناء الحلولي في الثقافة الإسلامية. ولغة الصوفية واصطلاحاتها سائدة في السودان وغيره من البلدان التي دخلها الإسلام على أيدي المتصوفة، فالدكتور حسن مكي مثلا يتحدث عن "فناء" الجيوش المعاصرة في الدولة[5].
فاستعمال اصطلاحات "القوم" من طرف الترابي أو غيره لا يعني بالضرورة إيمانا بمدلولها عند غلاتهم. وحتى الصوفية الذين يستعملون مصطلح "الفناء في الله" لا يقصد أغلبهم به الحلول، وإنما استعار أغلبهم هذا التعبير المنحرف من فلسفة الأوائل ودرجوا على استعماله من غير علم بمدلوله الأصلي، ولو سألت أغلبهم اليوم عن معناه لما استطاعوا جوابا.
وقلَّ أن يطلع الباحث على تشخيص أدق لانحرافات بعض المتصوفة أو تعبير أعمق عنها مثل تشخيص الترابي وتعبيره وهو يصف ما في "واقع الصوفية من بدعيات وجهالة في الاعتقاد والعمل، ومن كثافة طقوس تكاد تستنزف طاقات التدين في المراسم والأشكال، ومن رخاوة شرعية تقعد بصاحبها ساكنا عاجزا، ومن فرْط ولاء واتباع يكاد يحجب عن الله..."[6].
إيمان أهل الكتاب
ومن أكثر الأمور إثارة قول خصوم الترابي إنه يقول بإيمان أهل الكتاب، مما يوحي بأنه يسوي بين المسلمين وأهل الكتاب في الاعتقاد، وهذا مثال آخر على التحامل وسوء الفهم. فلم يقصد الترابي يوما أن دين أهل الكتاب في حالته الراهنة صحيح مقبول عند الله تعالى، ولا أنهم غير مطالبين باعتناق الإسلام، ولا هو يسوي بين توحيدنا وتثليثهم، كيف وهو الذي كتب أحد أعمق الكتب وأجملها عن "الإيمان: أثره في حياة الإنسان"، وبين فيه بمنهجه التركيبي البديع أنواع الانحرافات التاريخية التي دخلت على منهاج التوحيد. وهو يُرجع أغلب أمراض التدين لدى المسلمين إلى اتباعهم سنن أهل الكتاب في فهم النصوص وفي تنزيلها على الوقائع.
لقد وصف القرآن الكريم أهل الكتاب بالكفر في آيات عديدة يعسر حصرها. كما وصفهم بالشرك في بضع آيات، منها قوله تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون"[7]وقوله تعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار"[8].
وكلام الترابي صريح بكفر أهل الكتاب وبشركهم. والذين يظنون أن الترابي المتضلع بمعاني القرآن الكريم يجهل ذلك أو لا يقول به مخطئون من دون ريب. ففي كتابه: "السياسة والحكم" وهو آخر ما كتبه من كتب (صدرت طبعته الأولى عن دار الساقي عام 2003) يصم الترابي أهل الكتاب بوصمة الشرك ثلاث مرات في صفحة واحدة، مستشهدا بنصوص القرآن الكريم، فيقول: "فقد كان الكتابيون بعد الدين الحق قد ارتدوا إلى إشراك... وكانوا يحملون على دين التوحيد المتجدد وهم مشركون... وفي شمال الجزيرة العربية تحالف الإشراك كافة كتابيا وعربيا، وأخذ يعدو على المسلمين"[9]. كما وصم الترابي أهل الكتاب بوصمة الكفر أكثر من مرة في نفس الكتاب فتحدث عن "الكفر الكتابي"[10]ضمن وصفه لحال يهود المدينة أيام النبوة.
أما تمييز الترابي لأهل الكتاب عن المشركين أحيانا فهو تمييز اصطلاحي، وله أصل في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين..."[11]. قال ابن تيمية: "إن الشرك المطلق في القرآن لا يدخل فيه أهل الكتاب وإنما يدخلون في الشرك المقيد قال الله تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين) فجعل المشركين قسما غير أهل الكتاب"[12]. وقال: "فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تمييزهم عن المشركين، لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك"[13].
وكذلك تمييز الترابي بين أهل الكتاب والكفار تمييز اصطلاحي، وله أيضا أصل في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا"[14]. وإذا كان كثيرون لا يرون التباسا في التمييز الاصطلاحي بين أهل الكتاب والمشركين، لكثرة ما تردد في القرآن الكريم، فإن بعضهم يستشكل التمييز الاصطلاحي بين أهل الكتاب والكفار. لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ممن انتبهوا إلى وجود هذا التمييز في الكتاب العزيز، فقال: "مع أن الكفار قد يُميَّزون من أهل الكتاب أيضا في بعض المواضع كقوله: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) فإن أصل دينهم هو الإيمان، ولكن هم كفروا مبتدعين الكفر"[15].
ومما يثير الإشكال لدى خصوم الترابي استعماله مصطلحات غربية لم يعتدها جل الدارسين بالجامعات الإسلامية، مثل مصطلح Monotheistic Religionsالذي يترجم عادة بعبارة "الديانات التوحيدية"، ومصطلحAbrahamic faithsويترجم عادة بعبارة "الديانات الإبراهيمية" ويراد بهاذين المصطلحين في الجامعات الغربية اليهودية والمسيحية والإسلام. وهي ترجمة غير دقيقة، لأن اليهودية والمسيحية لم تعودا ديانتين توحيديتين ولا ملتين إبراهيميتين، ولكن الترابي ومالك بن نبي وغيرهما من كتاب الإسلام المتضلعين بالثقافة الغربية يستعملونها اصطلاحا، وإن لم يعنوا معناها المتبادر في أصل الوضع اللغوي العربي، أو في الاصطلاح الشرعي الإسلامي. وقد رأينا كيف ميزت آيات من القرآن الكريم بين أهل الكتاب والمشركين وبين أهل الكتاب والكفار تمييزا اصطلاحيا، دون أن ينفي ذلك صفة الشرك والكفر عن أهل الكتاب.
ويتحدث الترابي أحيانا عن التراث المشترك بين المسلمين والمسيحيين. وقد أثار هذا النوع من أحاديث الترابي حفيظة البعض، رغم أنه كلام لا غبار عليه، ففي الإسلام والمسيحية –رغم الخلاف في مسائل أساسية من العقيدة- مشتركات كثيرة، اعتقادية وأخلاقية وعملية. ويكفي تصفح العهد القديم (التوراة) والعهد الجديد (الإنجيل) الموجودان الآن –على تحريفهما- لترى أوجه الشبه الكثيرة مع النص القرآني. فقصة آدم ونوح ويوسف وعدد آخر من الأنبياء عليهم السلام تتشابه كثيرا في القرآن الكريم وفي العهد القديم وأحيانا بنسبة لا تقل عن السبعين بالمائة. وهنالك مشتركات كثيرة في مجال الإيمان بالمعاد والجزاء. كما أن الدعوة إلى فضائل الأخلاق من الصدق والأمانة والإنصاف وحسن الجوار...الخ متشابهة في القرآن الكريم وفي "العهد الجديد".
لكن الترابي لم يقصد في يوم من الأيام مساواة بين الإسلام وديانات أهل الكتاب الحاليين في التوحيدية أو في الإبراهيمية، بل تواتر كلامه نافيا لذلك. فهو يقول مثلا نافيا عن النصارى صفة التوحيدية: "انقطع النصارى عن الرب الواحد بالواسطات الكنسية، وعن أصل دينهم بالمقولات العقدية لمؤتمرات القديسين"[16]. ويؤكد أن اليهود والنصارى "أشد كفرا بالرسالة المحمدية، غيرة من أصالتها الإبراهيمية"[17]. فهل يقول منصف بعد هذا أن الترابي يسوي بين الوحي الإسلامي الأصيل والمحرَّف الكتابي الدخيل؟!
لقد جاء القرآن الكريم مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل، وهو ما يقتضي بقاء شيء من الحق يصدقه القرآن، ولكنه جاء أيضا مهيمنا عليهما، وهو ما يستلزم رد ما يخالف القرآن في نصوصهما المحرفة الحالية. وثنائية التصديق والهيمنة هذه تختصر العلاقة الدينية بين المسلمين وأهل الكتاب. وقد تحدث ابن القيم عن المشتركات مع أهل الكتاب، فقال: "قالوا [أي العلماء الذين يخصون أهل الكتاب بدفع الجزية دون غيرهم من الكفار]: ولا يصح إلحاق عبدة الأوثان بأهل الكتاب، لأن كفر المشركين أغلظ من كفر أهل الكتاب. فإن أهل الكتاب معهم من التوحيد وبعض آثار الأنبياء ما ليس مع عباد الأصنام ويؤمنون بالمعاد والجزاء والنبوات، بخلاف عبدة الأصنام. فعبدة الأصنام حرب لجميع الرسل وأممهم من عهد نوح إلى خاتم الأنبياء والمرسلين. ولهذا أثر هذا التفاوت الذي بين الفريقين في حِلِّ الذبائح وجواز المناكحة من أهل الكتاب دون عباد الأصنام"[18].
وماذا سيكون يا ترى رد فعل المنكرين على الترابي هنا إذا قرأوا هذا الكلام لابن القيم، وهو يعزو فيه إلى "طائفة من أئمة الحديث والفقه والكلام" منهم الإمام البخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الرازي قولهم بأن التوراة الموجودة في أيدي اليهود اليوم غير محرفة أصلا، وأن التحريف وقع في تأويل النص، لا في النص ذاته. قال ابن القيم: "فصل: وقد اختلفت أقوال الناس في التوراة التي بأيديهم هل هي مبدلة، أم التبديل والتحريف وقع في التأويل دون التنزيل على ثلاثة أقوال: طرفين ووسط. فأفرطت طائفة وزعمت أنها كلها أو أكثرها مبدلة مغيرة، ليست التوراة التي أنزلها الله تعالى على موسى عليه السلام، وتعرض هؤلاء لتناقضها وتكذيب بعضها لبعض، وغلا بعضهم فجوز الاستجمار بها من البول. وقابلهم طائفة أخرى من أئمة الحديث والفقه والكلام فقالوا: بل التبديل وقع في التأويل لا في التنزيل، وهذا مذهب أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال في صحيحه: (يحرفون: يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله تعالى، ولكنهم يحرفونه، يتأولونه على غير تأويله). وهذا اختيار الرازي في تفسيره. وسمعت شيخنا [ابن تيمية] يقول: وقع النزاع في هذه المسألة بين بعض الفضلاء فاختار هذا المذهب ووهَّن غيره، فأُنكِر عليه، فأحضر لهم خمسة عشر نقلا به... وتوسطت طائفة ثالثة، وقالوا: قد زيد فيها وغُيِّر ألفاظٌ يسيرة، ولكن أكثرها باق على ما أنزل عليه، والتبديل في يسير منها جدا. وممن اختار هذا القول شيخنا [ابن تيمية] في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)... ونحن نذكر السبب الموجب لتغيير ما غير منها، والحق أحق ما اتبع. فلا نغلو غلو المستهينين بها المتمسخرين بها، بل معاذ الله من ذلك، ولا نقول إنها باقية كما أنزلت من كل وجه كالقرآن"[19].







رد مع اقتباس
قديم 24-10-2007, 08:32 PM   رقم المشاركة : 17
هشام المهدي
رائدي جديد
الملف الشخصي






 
الحالة
هشام المهدي غير متواجد حالياً

 


 

والتوراة الموجودة في أيدي اليهود منذ مجيء الإسلام إلى اليوم هي الأسفار الخمسة الأولى مما يعرف اليوم بالعهد القديم (أسفار: التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية) وليس من ريب أن العلماء القائلين إنها لم تنلها يد التغيير والتبديل قد أخطأوا خطأ جسيما، إذ يكفي تصفح سريع لتلك الأسفار للتوصل إلى استنتاج قاطع بتحريفها. ولو كان الترابي اليوم يقول إن التوراة الحالية لا تزال طرية كما أنزلت من عند الله لاستبيح دمه. رغم أن هذا الخطأ الفادح وقع فيه في الماضي علماء أعلام من حجم الإمام البخاري والإمام الرازي. ورغم ذلك فلا تزال الأمة تجلُّهم، وحق لها ذلك، فهم أهل للإجلال والإكبار.
والخلاصة أن ما قيل من قول الترابي بإيمان أهل الكتاب مجرد سوء فهم لتمييزات اصطلاحية يستخدمها أحيانا لدواع لغوية أو لمناورات سياسية. وأن تكفيره والتشهير به بسبب ذلك ينافي العلم والعدل الواجبان في مواطن الخلاف.
إباحة الردة والخمر
ومما نسبه إلى الترابي خصومه تحاملا أو سوء فهم قولهم إنه يبيح الردة، وهو لم يبحها قط وما يستطيع مسلم أن يبيحها، وإنما يقول الترابي – شأن العديد من العلماء المعاصرين وبعض المتقدمين- إنه لا عقوبة دنيوية قانونية على الردة ما لم تتحول إلى خروج سياسي وعسكري على الجماعة. فالردة تبقى أعظم الذنوب في الإسلام، لأنها هدم لأساس الدين، ولا ينكر الترابي ولا غيره من المسلمين ذلك، لما ورد فيه من آيات محكمات، مثل قوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"[20].
وغاية ما يقول به الترابي إن عقوبة الردة –إذا لم يصحبها خروج على الجماعة- محصورة في العقوبة الأخروية، وفي ذلك يقول: "وللمجتمع بمشيئته أن يؤمن أو يكفر بالرسالة الحاملة للشريعة، متروكا لأجَل القيامة وحسابها في مواقفه"[21]"ويخلِّي الشرع للإنسان أن يصرف رأيه تثبتا أو تعديلا أو تبديلا، ولو في أصل مذهبه مؤمنا، قد يؤاخَذ على ذلك غيبا في الآخرة، ولكن لا يؤذيه أحد في الدنيا بأمر السلطان"[22]. فالذي يدعي أن الترابي بهذا يبيح الردة، كالذي يدعي أن القرآن يبيح الردة بقوله تعالى: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"[23]وما أفدحه من خطإ وأعرجَه من فهم!!
إن هنالك فرقا شاسعا بين الذنب الواقع بين العبد وربه، وبين الجريمة بالمعنى الجنائي الذي يعاقب عليه الشرع عقوبة قانونية دنيوية، فعدد الكبائر في الإسلام حسب ما يروى عن ابن عباس يناهز السبعين، والشرع لم يجعل لأكثرها عقوبة قانونية دنيوية، ولم يقصد الترابي في حديثه عن الردة أكثر من ذلك.. لكن الذين لا يميزون بين القانون الخلُقي (حق الله) والقانون الحقوقي (حق العباد) في الإسلام يخلطون في هذا الأمر خلطا عظيما. وسنتحدث عن قول الترابي في عقوبة المرتد لا حقا في هذه الملاحظات، لأن ما يهمنا في هذه الفقرة هو بيان التحامل والتأويل السيء الذي لابس الجدل بين الترابي وخصومه.
وفي إطار التحامل وسوء الفهم يأتي اتهامهم للترابي بإباحة الخمر، وهو لم يبح الخمر قط، بل جاهد عقودا من الزمن لمحو الخمر من المجتمع السوداني المسلم الذي ابتلي بهذا الداء العضال منتصف القرن العشرين، حتى تحدث الدكتور عبد الوهاب الأفندي عن أن "ثقافة الجيش [السوداني]... كانت محكومة بقواعدها الخاصة التي تعتبر تعاطي الخمر وممارسة الزنا عنوانا للرجولة"[24].
ومرد سوء الفهم هنا هو الخلط بين القانون الخلُقي والقانون الحقوقي في الإسلام مرة أخرى. وهو لبس حاول الترابي في كثير من كتاباته إزالته، وبين أن تعاليم الإسلام أوسع كثيرا من أحكام الشريعة بالمعنى القانوني، فهي تشمل سلطة الضمير، وسلطة المجتمع، وسلطة القانون، أو بحسب تعبيره: "الوجداني الخاص للفرد، والاجتماعي الأخلاقي للمجتمع، والقطعي السلطاني للشريعة"[25]. وهو يؤكد ضمن هذه الرؤية أن القانون لا يطال شارب الخمر إلا إذا بلغت فعلته السلطان، فأصبحت بذلك أمرا عاما. وهذا قول صحيح، ولا يقصد به الترابي أكثر من كون استتار المذنب يجنبه العقوبة القانونية، وهو لم يقل إن ما فعله ذلك المذنب مباحا عند الله عز وجل. فعدم وجود عقوبة دنيوية على الذنب أو عدم إيقاعها لا يجعل الفعل مباحا، وكم من معصية شرعية نصبت لها الشريعة عقوبة أخروية، لكنها لم تعتبرها جريمة جنائية ولم ترسم لها عقوبة قانونية دنيوية. ومن المعلوم أن الشرع يأمر بالستر، ولا يبيح للحاكم التجسس على الناس وتتبع عوراتهم وذنوبهم، وإنما يأمره أن يأخذهم بما يجاهرون به. وقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل، فإنه من يبد لنا صفحته نُقمْ عليه كتاب الله"[26] وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: " إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم"[27].
إسقاط الخمار عن المرأة
ومن هذا الصنف القول بأن الترابي لا يرى وجوب الحجاب (بمعنى غطاء الرأس)، في حين أن الرجل لم يقل سوى أن القرآن الكريم لا يستعمل لفظ الحجاب بمعنى الخمار، وهو يقصد أن الواجب على عامة المؤمنات هو الخمار أي غطاء الرأس، وليس الحجاب بالمصطلح القرآني الذي يراد به الساتر المادي بين الرجال والنساء، وقد استُعمل في القرآن الكريم ضمن الحديث عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. فكان كلام الترابي في هذه المسألة تحليلا لغويا لا فتيا شرعية، وهو كلام صحيح ودقيق. لكن المتحفزين لتتبع عورات الرجل حملوا كلامه على أنه إسقاط لوجوب الخمار، وكلام الرجل صريح بأنه لا يقصد ذلك ولا يؤمن به. فكتاب الترابي عن "المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع" طافح بالدعوة إلى العفاف والستر بما في ذلك الخمار، وفيه يقول الترابي: "وهديُ النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يبدو من المرأة إلا الوجه والكفان"[28]. وقد بين الترابي المحامل السيئة التي حمل عليها خصومه كلامه عن الحجاب والخمار، فقد سألته صحيفة الشرق الأوسط يوم21/4/2006: "أثار حديثكم عن الحجاب جدلا واسعا، باعتبار أنه تغطية الصدر من دون الرأس.. فما حقيقة هذا الأمر؟" فرد الترابي: "هذه أكاذيب بعض الصحافيين الذين لم يحضروا الندوة التي تحدثت فيها عن بعض قضايا المرأة المسلمة. فهناك كلمات كُتبتْ لم أقلها، فبعض الصحافيين يستهويهم اسم الترابي فينسبون إلي ما لم أقله. فأنا في تلك الندوة ما كنت أتحدث عن أحكام أصلا، بل كنت أتحدث عن أن لغة القرآن نفسها اختلفت جدا في مصطلحات الناس.
فالقرآن تحدث عن الحجاب أنه في حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نساء الرسول عليهن أحكام خاصة عن غير النساء وعلى الرسول نفسه أحكام خاصة من دون الرجال المؤمنين... فالحجاب هو ستار عام ليس هو زي في لبس المرأة. فهو حجاب عام قد يتخذ استعارة في اللغة كأن تصف أن بين الناس وبين القرآن حجابا... قلت في المحاضرة إذا تحدثنا عن زي المرأة لا تتحدثوا عن حجاب والمعركة حول الحجاب والمحتجبة، لكن تحدثوا عن الخمار، تحدثت هكذا بيانا للغة لا الأحكام... ولكن يطير بعض الناسب الأخبار (الترابي أنكر الحجاب) (الترابي يقول إن الحجاب للصدور فقط) كأني أريد أنيكون كل ما تحت الصدر أي من البطن كله يكون كاشفا!! ولكن هذا غباء عظيم وتزوير في الروايات عن الناس. ليت الصحافيين فقط يأخذون سماعة الهاتف ويسألونني ليتثبتوا من مثل هذه الأخبار... أنا لا أسميه أصلا حجابا، أسميه خمارا، لأن القرآن سماه لنا خمارا وسمى لنا الستار في الغرفة حجابا"[29]. ولولا ولع الترابي بالتدقيق اللغوي والاصطلاحي لما اهتم أحد بهذا الأمر أصلا. وعموما فهو لم يفعل هنا سوى أنه آثر استعمال الاصطلاح القرآني على الاصطلاح الفقهي السائد.
*****
القسم الثاني من المآخذ على الترابي قضايا فقهية فروعية يصلح الاختلاف فيها، وفيها خلاف قديم طمره تراكم الجهل وطول العهد وانبتات الأمة عن تراثها الزاخر، مثل قتل المرتد، وإمامة المرأة الرجال، وبقاء المسلمة في عصمة زوجها المسيحي، وتنصيف شهادة المرأة بشهادة الرجل في الأموال. وآراء الترابي فيها –في تقديري- منها ما هو مقبول ومستنده قوي رغم إغرابه وقلة القائلين به اليوم، مثل رفضه لقتل المرتد المسالم، وتسويته بين الرجل والمرأة في الشهادة، ومنها ما هو ضعيف المستند، لكنه يبقى من موارد الاجتهاد، وقد قال به علماء أعلام من قبل، فلم يجعلهم ذلك كفارا، ولا حتى أخرجهم شذوذهم عن دائرة "السنة والجماعة"، وهي دائرة أضيق كثيرا من دائرة الإسلام الواسعة. فتحويل هذا الأمر اليوم إلى قضية كفر وإيمان غلو وتهويل، وهو يدل على الروح السياسية والطائفية التي سادت هذا الجدل أكثر من الروح العلمية النزيهة.
إمامة المرأة الرجال
وخذ مثلا قضية إمامة المرأة الرجال. فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية ينسب إلى الإمام أحمد بن حنبل جوازها في بعض الظروف فيقول: "جوَّز أحمد في المشهور عنه أن المرأة تؤم الرجال لحاجة، مثل أن تكون قارئة وهم غير قارئين، فتصلي بهم التراويح، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأم ورقة أن تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذنا. وتتأخر خلفهم وإن كانوا مأمومين بها للحاجة. وهو حجة لمن يجوز تقدم المأموم لحاجة"[30] ويقول ابن تيمية: "قلت: ائتمام الرجال الأميين بالمرأة القارئة في قيام رمضان يجوز في المشهور عن أحمد. وفي سائر التطوعات روايتان"[31]. وهذا الإمام النووي يقول: "قال أبو ثور والمزني وابن جرير تصح صلاة الرجال وراءها حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري"[32]. وهذا ابن رشد يقول: "اختلفوا في إمامة المرأة، فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال، واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك. وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق"[33]. فحديث قول الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان عن"إجماع الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أن المرأة لا تؤم الرجال" تعميم لا يصلح، وتجاهل لقول الإمام أحمد وغيره في هذا الباب.
لقد تمنيت لو أن خصوم الترابي تحدثوا في هذا الأمر بلغة فقهية مثل لغة ابن رشد إذ يقول: "وشذ أبو ثور والطبري، فأجازا إمامتها على الإطلاق". فلم لا نقول: "شذ الترابي فقال بإمامتها على الإطلاق"، بديلا عن لغة التكفير والتشهير؟!؟ فليس من علماء الإسلام المعتبَرين إلا وله أقوال شاذة وغرائب، والشذوذ يسمى شذوذا ولا يسمى كفرا أو فسوقا. وكم من رأي فقهي كان شاذا في عصر ثم تلقاه الناس بالقبول في عصر آخر، فابن تيمية رحمه الله لقي عنَتا كثيرا من علماء عصره والعصور الخالفة من بعدهم، لقوله بعدم إيقاع الطلاق ثلاثا في لفظ واحد، لكن أغلب الفقهاء اليوم يقولون بقوله هذا.
وبالطبع فإن مستند الترابي في قوله بإمامة المرأة، هو ذاته مستند أبي ثور والطبري والمزني ممن قالوا بإمامة المرأة الرجال في الفرائض، ومستند الإمام أحمد في قوله بإمامتها في التراويح، وهو حديث أم ورقة رضي الله عنها أنها "كانت قد جمعت القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن، وكانت تؤم أهل دارها"[34]وفي رواية: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها"[35] وفي رواية ثالثة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة. وأذِن لها أن يُؤذَّن لها، وأنتؤم أهل دارها في الفريضة، وكانت قد جمعت القرآن"[36].
وقد تضمن حديث أم ورقة تعيين مؤذن لها مما يرجح صلاة رجل واحد على الأقل خلفها.. كما أن رواية ابن خزيمة تتحدث عن كونها " تؤم أهل دارها في الفريضة" وهو ما ينفي حصر إمامة المرأة الرجال في النوافل أو التراويح فقط.
فالذي أراه في هذا الأمر -والله أعلم بالصواب- أن إمامة المرأة الرجال في صلاة الفريضة بالمساجد لا تجوز قطعا، إذ الأصل في الشعائر التوقف، ولم يرد نص بإمامة المرأة الرجال في الفريضة بالمسجد، فيجب القول بتحريمه رغم أنف القائلين بالإطلاق، مثل أبي ثور والطبري والترابي.. وكل ما سوى ذلك -مثل إمامتها أهل بيتها رجالا ونساء في الفريضة، وإمامتها غير أهل بيتها من الأميين وهي قارئة في النوافل والتراويح- فهو من موارد الاجتهاد التي لا ينبغي التحريج فيها، فضلا عن التكفير والتشهير..
وقد بين الفقهاء القائلون بإمامة المرأة الرجال أنها إذا أمتهم فلا تكون أمامهم، بل خلفهم أو محاذية لهم، بل حتى لو أمت المرأة النساء فإنما تقف وسطهن لا أمامهن. وهذا الذي يدل عليه فعل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن: ففي الحديث أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أمَّتا نساء فقامت أوسطهن[37].
وقد احتجت "الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان" على الترابي بضعف حديث أم ورقة، وهو احتجاج في غير محله. فقد حسن الألباني هذا الحديث كما رأينا، واعتبره ابن القيم مثالا على "السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في استحباب صلاة النساء جماعة لا منفردات"[38]. كما احتج مفتي المملكة العربية السعودية على الترابي بحديث "ألا لا تؤمَّنَّ امرأة رجلا"، وهو احتجاج غريب منه، لأن جمعا من جهابذة علم الحديث صرحوا بضعف هذا الحديث، منهم البيهقي[39] والنووي[40] والمزي[41] والذهبي[42] وابن الملقن[43] وابن القيم[44] وابن كثير[45] وابن حجر[46] والشوكاني[47] والألباني[48]... وآخرون غيرهم.
قتل المرتد وقتاله
مثال آخر من مسائل هذا القسم من المآخذ التي أُخذت على الترابي، هو رفضه قتل المرتد. ومن حق الترابي أن يجتهد في موضوع عقوبة القتل على الردة، وله في ذلك مستند من آيات القرآن الكريم، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين. فقد أجمع الصحابة على قتل المرتد المحارب، كما هو واضح من حروب الردة التي قادها الصديق ضد المرتدين عن الإسلام الخارجين على سلطة الخلافة الراشدة. أما المرتد غير المحارب، فقد صح عن بعض الصحابة منهم أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما ما يفيد قتل المرتد المسالم. ففي البخاري:"... زار معاذ أبا موسى، فإذا رجل مُوثَق، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلمثمارتد، فقال معاذ: لأضربن عنقه"[49].
وفي المقابل صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يفيد عدم قتل المرتد المسالم، وهو واضح من قول عمر عن رهط من بني بكر بن وائل ارتدوا والتحقوا بالمشركين وقتلهم المسلمون في المعركة: "لأن أكون أخذتهم سِلْما كان أحب إليَّ مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء، قال:[أنس بن مالك]فقلت: وما كان سبيلهم لو أخذتَهم سلما؟ قال [عمر]: كنت أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه، فإن أبوا استودعتهم السجن"[50]..والسؤال هنا هو: هل من الوارد أن يتأسف عمر على قتل مرتدين لو كان يؤمن بأن قتل المرتد حد من حدود الله؟ وهل سيتحدث عن إيداعهم السجن لو كان يؤمن بأن حد الردة القتل وهو من هو في الشدة والصرامة في الحق؟!؟ وهل يدرك المسارعون إلى المناداة بإهدار دم المرتد مغزى قول عمر: "لأن أكون أخذتهم سلما كان أحب إليَّ مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء"؟!؟
فإذا أضفنا إلى ذلك أن اثنين من أعلام التابعين هما الثوري والنخعي أنكرا حد الردة وقالا بالاستتابة أبدا.. وأن بعض علماء الأحناف لا يرون قتل المرأة بالردة لأنها ليست محاربة.. ترجح لدينا ما يقول به الترابي وغيره من المعاصرين من التمييز بين الردة الفكرية، والردة السياسية-العسكرية، فالأولى لا عقوبة عليها في القانون الجنائي الإسلامي، والثانية لها عقوبة تعزيرية تترواح ما بين القتل والسجن وغير ذلك مما تقدره السلطة الشرعية العادلة. وعلة العقوبة هنا تفريق صف الجماعة والخروج على نظامها الشرعي، فهي عقوبة على الجريمة المصاحبة لتغيير الدين لا على تغيير الدين. أما تغيير الدين فعقوبته عقوبة أخروية عند الله تعالى، وهي أغلظ من أي عقوبة دنيوية يتخليها البشر. ومما يرجح التمييز بين الردة الفكرية والردة السياسية-العسكرية أن لفظ الردة في عهد النبوة كان يستخدم استخداما واسعا لا يقتصر على معناها الاعتقادي الذي شاع في كتب الفقه فيما بعد، ومن ذلك: "قال رجل أما سلمة فقد ارتدعن هجرته"[51].







رد مع اقتباس
قديم 24-10-2007, 08:34 PM   رقم المشاركة : 18
هشام المهدي
رائدي جديد
الملف الشخصي






 
الحالة
هشام المهدي غير متواجد حالياً

 


 

والتمييز بين قتال المرتد المحارب وقتل المرتد المسالم ليس بجديد، فقد عزاه ابن حزم إلى طائفة من أهل العلم، وشرحه بموضوعية فقال: "ومنهم من قال‏‏ بالاستتابة أبدا وإيداع السجن فقط،‏ كما قد صح عن عمر مما قد أوردنا قبل‏.‏ ووجوب القتال‏‏ هو حكم آخر غير وجوب القتل بعد القدرة‏,‏ فان قتال من بغى على المسلم‏,‏ أو منع حقا قِبَله‏‏ وحارب دونه،‏ فرض واجب بلا خلاف، ولا حجة في قتال أبي بكر رضي الله عنه أهل الردة‏,‏ لأنه حق بلا شك‏,‏ ولم نخالفكم في هذا‏,‏ ولا يصح أصلا عن أبي بكر أنه ظفر بمرتد عن الإسلام غير ممتنع باستتابة‏ فتاب‏ فتركه‏,‏ أو لم يتب فقتله، هذا ما لا يجدونه‏"[52].
وغاية ما يقال في موضوع قتل المرتد المسالم أن فيه تعارضا لظواهر النصوص، وتباينا في فعل الصحابة رضي الله عنهم، فالذين يتمسكون به من العلماء مستمسكون بظواهر أحاديث صحيحة تأمر بقتل المرتد، مثل قوله صلى الله عليه عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"[53]والذين يرفضون قتل المرتد مستمسكون بظواهر آيات محكمات تنهى عن الإكراه في الدين، ومنها قوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"[54]وقوله تعالى: "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"[55]. أما القول بأن الإكراه المنهي عنه في الآية محصور في الإكراه على دخول الدين ابتداء، وأن الإكراه على الرجوع إلى الدين تحت طائلة السيف غير داخل في عموم الآية.. فهذا تكلف بارد، خصوصا وأن الآية وردت بصيغة من أقوى صيغ العموم في اللغة العربية وهي النكرة في سياق النفي والنهي: "لا إكراه".
وأما قول ابن حزم: "لم يختلف مسلمان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل من الوثنيين من العرب إلا الاسلام أو السيف الى أن مات عليه السلام فهو إكراه في الدين"[56] فهذا تعميم بعيد عن الدقة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الجزية من مجوس هجر، وهم عرب وثنيون يعبدون النار. كما وادع النبي صلى الله عليه وسلم قبائل عربية كثيرة، وتوفي صلى الله عليه وسلم وبعضها لمَّا يدخل الإسلام بعد[57].
فإذا كان للمتمسك بأحديث آحاد ظنية الورود والدلالة في موضوع الردة عذرُه الشرعي وثوابه على اجتهاده، فالمتمسك بنصوص القرآن المحكمة أوْلى بالعذر وأحق بالأجر. وإذا كان لنا أن نستسيغ تأويل الآيات المحكمات لتتوافق مع أحاديث الآحاد، أفليس الأوْلى أن نستسيغ تأويل أحاديث الآحاد لتتواءم مع نصوص الآيات؟ لقد تمسك الترابي –ومثله في ذلك كثيرون- بمنطوق الآيات الناهية عن الإكراه في الدين، فقال: "من ارتد عن دينه فلا إكراه في الدين، ولا استتابة أو عقوبة بالسلطان، وإنما التكليف على المؤمنين أن يلاحقوا المرتد بالدعوة والمجادلة، حتى يتوب ويستقر أشد إيمانا، ويخلص صدقا لا مراءاة وخوفا من العقاب العاجل"[58]. وتأولوا الأحاديث الواردة في ذلك بأن المقصود بها فقط الردة الحربية.
ويبقى للقاضي المسلم النزيه أن يوازن هذا الخلاف في عقوبة الردة، ويعتبره شبهة كافية لدرء العقوبة كما يراه الترابي ونؤيده فيه، أو يلغي الخلاف ويتمسك بالنظرة الفقهية السائدة دون تدقيق.
تنصيف شهادة المرأة
ومن مسائل هذا الباب تسوية الترابي بين شهادة الرجل وشهادة المرأة مطلق،خلافا لما يدل عليهظاهر آية الدَّين في سورة البقرة من التمييز بين شهادتيْهما في المال: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، أن تضل إحداهما فتُذكِّر إحداهما الأخرى"[59]. لكن وضع الآية ضمن سياق أعمَّ يظهر أن الأمر من موارد الاجتهاد. فالقول بأن تنصيف الشهادة حكم مُعلَّل بظروف الزمان والمكان في عصر النبوة، يوم كانت المرأة عديمة الخبرة في عالم التجارة والمال قولٌ وجيه.
وقد نقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية كلاما يميل فيه إلى هذا التعليل، إذ قال: إن"استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى إذا ضلت، وهذاإنما يكون فيما فيه الضلال فى العادة، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان منالشهادات لا يُخافُ فيه الضلال فى العادة لم تكن فيه على نصف الرجل"[60]. صحيح أن ابن تيمية لم يسوِّ شهادة المرأة بشهادة الرجل في الأموال فيما نعلم عنه، لكنه فتح الباب للاجتهاد في ذلك إن دعت لذلك مصلحة أو اقتضته ظروف الزمان المتبدلة، إذ يقضي كلامه هنا أن زوال الخوف من النسيان وعدم الضبط -كما هو الحال في شهادة امرأة خبيرة بالمحاسبة وإدارة الأعمال مثلا- يجعل شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل أو تفوقها.
وقد رفض الإمام محمد عبده ما ذهب إليه أكثر المفسرين الأقدمين من القول بالنقص في خِلقة المرأة ذهنيا وعاطفيا، وأن ذلك هو السبب في تنصيف شهادتها، فقال: "تكلم المفسرون فى هذا، وجعلوا سببه المزاج، فقالوا: إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان، وهذا غير متحقق، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات"[61]. فالشيخ عبده ربط الحكم بالظروف الاجتماعية المتغيرة، ولم يجعل علته أبدية.
والذي يتتبع أبواب الشهادة في الفقه الإسلامي باستقراءٍ متوسِّعٍ، يجد أن مدار الأمر كله على حفظ الحقوق، وآية ذلك عدالة الشهود وخبرتهم، دون اعتبار لذكورة أو أنوثة. لاحظْ مثلا قبول شهادة الصبيان فيما يقع بينهم من جراح في المذهب المالكي، رغم أن الأصل رفض شهادة الصبي. ولاحظ قبول شهادة القابلة في قضية استهلال الوليد الدالة على ولادته حيا، حتى قال الإمام أبو حنيفة فيما نقله عنه ابن القيم: "تجوز شهادة القابلة وحدها، وإن كانت يهودية أو نصرانية"[62].
وقد سوَّى القرآن الكريم بين شهادة الرجل والمرأة في اللعان، فطالب أن يشهد كل منهما خمس شهادات تثبت صدقه وكذب خصمه، ولم يجعل على المرأة ضعف ما على الرجل من شهادات، ولا جعل شهادتها نصف شهادة الرجل. فتخصيص المال بتنصيف الشهادة في القرآن الكريم إذن مما قد يكون معللا. كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة المرضعة الواحدة: "عن عقبة بن الحارث: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل. ففارقها عقبة، ونكحت زوجا غيره"[63]. وقد علق ابن القيم على هذا الحديث بالقول: "ففي هذا قبول شهادة المرأة الواحدة وإن كانت أمَة"[64].
وقد تواتر قبول علماء الحديث رواية المرأة الواحدة للحديث النبوي، سواء بسواء مع الرجل. وما من ريب أن الشهادة على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (كذا) أهم وأعمق أثرا على الملة والأمة من الشهادة على أن فلانا استدان من فلان بضعة دراهم أو دنانير.
فما ذهب إليه الترابي من أن تنصيف شهادة المرأة في آية الدَّين حكم معلَّل بعدم خبرة النساء حينها بالتجارة والتوثيق، وأنه يزول بزوال علته حينما يتعلم النساء ويتمرسن بالتجارة قول وجيه واجتهاد مُعتَبر، وليس هو مما يُنكَر. وكم من حكم معلل غير هذا في الكتاب والسنة زال بزوال علته، مثل أمر القرآن الكريم للمسلمين بإعداد الخيل لمواجهة عدوهم لما كانت الحرب على ظهور الخيل هي السائدة، وقد زال الحكم وأصبح إعداد الصناعات الحربية الحديثة هو المطلوب. ومنها أحكام كثيرة في باب الرق والحرب زالت بزوال موضوعها.
فلا أحد من علماء الإسلام اليوم يقول بأن أسرى الحروب يمكن استرقاقهم وبيعهم، واستحلال نسائهم سبايا، وغير ذلك من تقاليد الحروب القديمة التي كانت سائدة قبل الإسلام وفي صدر الإسلام. وإنما يتفق الجميع على أن تلك الأمور محدودة بحدود زمانها. فليس في القول بزوال الحكم بزوال علته نقض للنص الشرعي ولا خروج عليه، لأن الذي تغير هو موضوع الحكم وواقع الحال، وليس الحكم الشرعي ذاته. ومثل هذا النوع من الاجتهاد هو اجتهاد في النص، وليس اجتهادا في محل النص.
زواج المسلمة من الكتابي
ولعل المسألة الوحيدة التي أغرب فيها الترابي جدا هي قوله بزواج المسلمة من الكتابي ابتداء. وهو هنا يتعلق بأدلة نفي أكثر من تعلقه بأدلة إثبات، ويرى أن آية سورة البقرة التي تحرم تزويج المشركين والزواج منهم: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ... ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا..."[65] لا تنطبق على أهل الكتاب، لأن القرآن الكريم لا يسمي أهل الكتاب "مشركين" في الغالب. كما يرى أن آية الممتحنة: "فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن"[66]من العام الذي أريد به الخصوص لأنها جاءت في سياق الحديث عن الكفار الوثنيين من أهل مكة، ولا يدخل أهل الكتاب في مدلولها.
ولم أجد للترابي مستندا قويا في هذه المسألة تبرر مخالفته الفهم المتعارف عليه بين أهل العلم في هذا الباب. بل لا أشك في خطئه في استدلاليْه كليهما: فتعلقه بالتمييز في الاصطلاح القرآني بين المشركين وأهل الكتاب، وبين الكفار وأهل الكتاب لا يسعفه هنا، لأنه تمييز اصطلاحي فقط، والأصل اشتراكهم في صفة الشرك والكفر كما يقرُّ الترابي بذلك. وكذلك اشتراكهم فيما يترتب على ذلك من أحكام، إلا ما دل الدليل على اختلافهما فيه، مثل زواج الرجل المسلم من المرأة الكتابية. وقصر "الكفار" في آية الممتحنة على كفار قريش أو غيرهم من غير أهل الكتاب ادعاء يحتاج إلى برهان، وهو يقتضي أن تكون "ال" في لفظ "الكفار" هنا عهدية لا استغراقية، ولا دليل على ذلك من اللغة حسب ما أعلم.
ولا أعلم خلافا بين أهل العلم في تعميم قوله تعالى :"لا هن لهم ولا هم يحلون لهن" على جميع الكفار من وثنيين وأهل كتاب. وهو تعميم جدير أن يؤخذ به، خصوصا وأن الآية كررت التحريم مبالغة وتأكيدا. قال البيضاوي: "والتكرير للمطابقة والمبالغة، أو الأُولى لحصول الفُرقة والثانية للمنع عن الاستئناف"[67]. ومثله قول الألوسي: "قوله تعالى: (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن)... تعليل للنهي عن رجْعهن إليهم. والجملة الأولى لبيان الفرقة الثابتة وتحقق زوال النكاح الأول، والثانية لبيان امتناع ما يُستأنَف ويُستقبَل من النكاح"[68]. ولم تعلل الآية التفريق باحتمال الاضطهاد والفتنة في الدين، رغم أنه احتمال شبه متحقق. وهذا ما يؤكد عموم الآية في كل الكفار، وثنيين وأهل كتاب، محاربين ومسالمين.
فمجمل القول هنا أن ظواهر القرآن تقضي بتحريم زواج المسلمة من الكافر عموما، والتمسك بظواهر النصوص حتى تدل القرائن على صرفها عنها أمر لا زم شرعا، دفعا للتسيب ومنعا للقول في دين الله بالأمزجة والأذواق. والذي أراه وجوب التمسك بظواهر هذه الآيات المانعة من زواج المسلمة من الكتابي ابتداء، حتى ولو اعتبرنا بقاءها مع الكتابي الذي تزوجته قبل إسلامها من موارد الاجتهاد، لأنه ورد عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وبه يقول الشيخ القرضاوي الآن، عملا بأنه "يغتفر انتهاء ما لا يغتفر ابتداء".
ولست أشك في أن الترابي مخطئ خطأ جسيما في فهم آية الممتحنة، وهو خطأ تترتب عليه أمور جسام لها صلة بالأسرة المسلمة، وتربية النشء على الإسلام. لكن تبقى هذه الفروع فروعا، فمخالفة الفقيه الفقهاء السابقين في فرع من الفروع، تأولا منه للنصوص، لا يخرجه من ربقة الإسلام، بل لا يجعله مذنبا وهو يقول ما يدين الله تعالى به مما أدى إليه جهده واجتهاده، بل يبقى مجتهدا مأجورا في حال الخطإ والصواب كليهما. وأغلب ما نظن أنه مخالف للإجماع ليس فيه إجماع أصلا، وإنما نحن نجهل الأقوال المخالفة فيه. وقد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "سمعت أبي يقول: من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ما يدريه ولم ينته إليه، فليقل لا نعلم الناس اختلفوا"[69]. وهذا كلام أهل التحقيق والتدقيق، أما أهل التعميم والتهويل فلا يترددون في نقل الإجماع فيما لم يعلموا فيه مخالفا، فيضيقون واسعا من دين الله.
أما محاولة الترابي تبرير زواج المسلمة من الكتابيّ بالمصلحة في قوله: "علينا أن نترك للأقليات المسلمة التي تعيش مع الكتابيين، والذين تهمهم هذه القضية أن يقدِّروا الأمر حق قدره، وأن يزوجوا بناتهم للكتابيين، لعل هؤلاء البنات يأتين بالكتابيين من خلال العلاقة الزوجية إلى الإسلام"[70] فالوقائع لا تعضّده كذلك. ولأني أقمت ولا أزال أقيم في الولايات المتحدة منذ أعوام مديدة، فقد عرفت عن كثب ما يعرفه كل المسلمين في هذه البلاد من أن المصلحة تكمن في منع زواج المسلمة من الكتابي. فقد رأينا رجالا كتابيين كثرا دخلوا الإسلام بإقناع من نساء مسلمات عزيزات الأنفس، رفضن الزواج منهن من دون ذلك. وقد أسلم في مركزنا الإسلامي بولاية تكساس الأميركية صحفي أميركي شاب منذ شهور، بعد أن أقنعته بذلك فتاة تركية مسلمة أراد الزواج منها. أما المسلمات اللاتي تزوجن كتابيين من غير أن يسلموا –وهي حالات نادرة جدا- فقد ضيعن دينهن وأطفالهن، وذُبْن في الثقافة السائدة ذوبان الجليد في النار.
رد الأحاديث الصحيحة
ومما أثار حفيظة البعض على الترابي رده بضعة أحاديث في البخاري ومسلم، وأكثر هؤلاء ممن اعتادوا الأجوبة السهلة على الأسئلة الصعبة، فأغلب أحكام الشريعة عندهم معلومة من الدين بالضرورة، وجلُّ النصوص محكمة، وجميع أحاديث الصحيحين ثابتة، ولم يترك المتقدمون للمتأخرين من قول. ولقد سمعت أحد هؤلاء يرد على الترابي قائلا: "إذا قال مسلم إن الماء حرام فهو كافر، لأن ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة"، فتعجبت من البون الشاسع بين هذا القول وبين قول الله تعالى: "ولكن من شرح بالكفر صدرا"[71]. كما سمعت آخر يقول: "إن من رد حديثا واحدا صحيحا فهو كافر" وهو لا يدري –على ما يبدو- أن العلامة ابن دقيق العيد جمع مجلدا من الأحاديث الصحيحة، التي لم يعمل بها هذا الإمام أو ذاك من أئمة المذاهب الأربعة.
فليس رد حديث آحاد صحيح لاعتقاد مخالفته القرآن، أو مخالفته ما هو أصح منه من الأحاديث، بكفر ولا ذنب، بل هو عمل اجتهادي يلجأ إليه كل المجتهدين في معرض تعارض الأدلة وتواردها على نفس المحل. كما أن هناك فرقا شاسعا بين راد الحديث النبوي إنكارا للرسالة وتكذيبا بحاملها، وبين راد الأحاديث اعتقادا بانتحالها وضعف نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس من ريب أن صحيحي البخاري ومسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل، وأن مجمل أحاديثهما صحيحة النسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال صحة كل حديث أخرجاه، فقد رد عدد من الحفاظ أحاديث في صحيحيْ البخاري ومسلم، منهم أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبو داود، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والترمذي، والعقيلي، والنسائي، وأبو نعيم، والدارقطني، وابن منده، والبيهقي، وابن الجوزي، وابن حزم، وابن عبد البر، وابن تيمية، وابن القيم، والألباني..الخ. وقد ضعَّف البخاري نفسه أواحدا أو اثنين من الأحاديث الواردة في صحيح مسلم.
وفي البخاري ومسلم حوالي أربعين حديثا ردها هذا العالم أو ذاك من هؤلاء الجهابذة. وأكتفي هنا ببضعة أمثلة منها:
حديث أبي الزبير في صحيح البخاري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار البيت ليلا"ً. قال الذهبي: "هو عندي منقطع"[72]. وقال ابن القيم: "وهذا الحديث غَلَط بيِّنٌ، خلاف المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم الذي لا يشك فيه أهل العلم"[73].
حديث أبي سفيان في صحيح مسلم الذي طلب فيه من النبي صلى الله عليه الزواج من ابنته أم حبيبة رضي الله عنها. قال ابن القيم بعد مناقشة ضافية: "فالصواب أن الحديث غير محفوظ، بل وقع فيه تخليط والله أعلم". ونقل عن ابن حزم قوله: "هذا حديث موضوع لا شك في وضعه"[74]. وقال ابن تيمية: " "غلَّطه [أيْ مسلماً] في ذلك طائفة من الحفاظ"[75].
حديث مسلم حول صلاة الكسوف ثمان ركعات. قال الألباني: "ضعيف، وإن أخرجه مسلم"[76] وقال ابن تيمية: "ضعّفه حُذّاق أهل العلم"[77].
حديث مسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة". قال الألباني: "كان الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة"[78].
وقد أفرد بعض علماء الحديث كتبا لنقد أحاديثَ في البخاري ومسلم وبيان عللها في السند أو في المتن، أشهرها كتابا الدارقطني: "الإلزامات" و"التتبع". ومنها كتاب:"غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأسانيد المقطوعة" للعطار، وكتاب :"علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم" لأبي الفضل بن عمار. وضعَّف العلامة ناصر الدين الألباني -وهو شيخ علوم الحديث والأثر في عصرنا- عشرات الأحاديث الواردة في أحد الصحيحين. ولا غرابة أن كان أكثر المطعون فيه من صحيح مسلم لا صحيح البخاري. قال ابن تيمية: "جمهور ما أُنكر على البخاري مما صحّحه، يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه، بخلاف مسلم بن الحجّاج، فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها، وكان الصواب فيها مع من نازعه"[79]. وعموما فإن التعميم والتهويل حول صحة كل حديث في الصحيحين ونقل الإجماع على ذلك إنما شاع حينما انحطت علوم الحديث، وساد فيها التقليد.
لقد رد الترابي بضعة أحاديث مما أخرجه البخاري ومسلم، استنادا إلى فهمه من تعارضها مع نصوص القرآن، لا تشكيكا في السنة ولا طعنا في حجيتها. ولأهل العلم أن يناقشوه في ذلك، وأن يطالبوه بالدليل فيما ادعاه من انتحال تلك الأحاديث، لكن الأمر كله يجب أن يظل نقاشا علميا من غير تكفير أو تشهير من جهتهم، ومن غير تبجح أو استهتار من جهته.
رجوع المسيح وظهور الدجال
القسم الثالث قضايا اعتقادية خالف فيها الترابي الفهم المتعارف عليه، وأهمها إنكاره رجوع المسيح عليه السلام وظهور الدجال، وكلامه في عصمة الأنبياء. أما مسألة رجوع المسيح فإنكار الترابي لها تعلق منه بظواهر آيات قرآنية مثل قوله تعالى على لسان المسيح عليه السلام: "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"[80]فهو يرى أن البعدية المذكورة في هذه الآية تنفي ما ذهب إليه الجمهور من أن عيسى بن مريم لا يزال حيا، وسيرجع في آخر الزمان. كما أن قوله تعالى على لسان عيسى: "وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا"[81]يثير إشكالا حول دفعه للزكاة إذا كان حيا يرزق في السماء اليوم!!
واعتمادا على ظواهر الآيات رد الترابي أحاديث البخاري ومسلم حول عودة المسيح وظهور الدجال، وألح على أن هذه الأحاديث أثر من آثار الثقافة المسيحية على التراث الإسلامي، تسربت إلى كتب الحديث دون وعي من أهلها، فقال في مقابلته مع الشرق الأوسط يوم21/4/2006: "الأحاديث تقول يوشك أن ينزل عليكم عيسى ويفعل كذا، فأنا أصرف هذه الروايات إلى أثر الثقافة النصرانية، وأنها نسبت خطأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم". وبمثل ما يقول الترابي قال العلامة المجدد محمد رشيد رضا من قبل، وكان أكثر تحديدا وتفصيلا فقال: "فنزول عيسى عقيدة أكثر النصارى وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهر الإسلام بثها في المسلمين، وممن حاولوا ذلك بإدخالها في التفسير وهب بن منبه الركن الثاني بعد كعب الأحبار في تشويه تفسير القرآن بما بثه من الخرافات"(اللهم قدس ارواحهم جميعا لكن هذه المسالة لم تكن قديمة بل حديثة علماء المسلمين الاول لم يقولوا بها فما بالك بمن كان بين ظهراني سيد الاولين والاخرين الذي انزل عليه القران الكريم وهو خاتم المرسلين فلا نبي ولا متبوع بعده فهذه إدخالات جديدة على دين الله العظيم دين الإسلام اللهم كل اهلنا العلماء الاجلاء براء من هذه العقيدة التي ادخلت على رسالة الله العظيم بل العقيدة الصحيحة هدي سيدنا محمد عليه الصلاة السلام ورسالة الله العظيم انه يكون في اخر الزمن مهدي وهو انا هشام المهدي المنتظر اخرج الله العظيم اياته لها واهلها المسلمين اللهم اغفر لهم اجمعين واجعلهم من المقربين) وزاد: "ونحن نعلم أن أبا هريرة روى عن كعب وكان يصدقه... ومثل هذا يقال في ابن عباس وغيره ممن روى عن كعب ، وكان يصدقه"[82]. وبمثل ذلك قال من المعاصرين محمد أبو زهرة ومحمود شلتوت والشيخ المراغي من علماء الأزهر. أما محمد الغزالي فقد نبه إلى نقطة مهمة، وهي أن القول بأن عيسى عليه السلام لا يزال حيا في السماء، تحمل شيئا من "شوائب الألوهية" في المسيحية[83].
وقد توصل الشيخ رشيد رضا إلى أنه "ليس في الكتاب والسنة نص قطعي الثبوت والدلالة على نزول المسيح يوجب على المسلمين الاعتقاد بذلك، وإنما ورد في نزوله أحاديث اشتهرت لغرابة موضوعها وتخريج الشيخين لها، وأكثرها عن أبي هريرة، وهذه المسألة من المسائل الاعتقادية التي يُطلب فيها النص القطعي المتواتر"[84].







رد مع اقتباس
قديم 24-10-2007, 08:35 PM   رقم المشاركة : 19
هشام المهدي
رائدي جديد
الملف الشخصي






 
الحالة
هشام المهدي غير متواجد حالياً

 


 

أما كعب الأحبار الذي يتحدث عنه رشيد رضا هو الذي قال فيه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في صحيح البخاري: "إن كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب"[85](قدس الله ارواحهم اجمعين لكن الإمام كعب صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في سبب نزول سورة البينة أنه ابلغه سلام جبريل من الله العظيم له وهذا يطرد على ابي هريرة ابن عباس وابن منبه غيرهم من الصحابة الكمل الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فقد كذب عليهم كذلك ووالله ما هولاء حفدة الصحابة الكرام من الاشياخ قصرا لا حصرا الشيخ محمد المختار كاتب هذا المقال العقدي والشيخ رشيد رضاء والشيخ شلتوت والشيخ الغزالي والشيخ المراغي والشيخ ابي زهرة غيرهم من اشياخ السعودية ممن صدعوا بهذه العقيدة الصافية والشيخ احمد عالم إيراني وغيرهم ليسوا ببعيد عن هولاء الرعيل الاول بل قد اقاموا اطناب الإسلام وهدي سيد الانام فرضي الله العظيم عنهم ورضوا عنه لكن تضل المسالة تطلب بيان وإيضاح علني رسمي كيف لا والامة في ضلال عن هذه الحقائق التي ادخلت عليها ودين الله العظيم الذي ارتضاه بري منها أسال الله العظيم أن يظهر كل الحقائق طوبى لسالكين طريقه قولا وعملا). ونقلُ أبي هريرة عن كعب معروف في الأخبار الصحيحة، ومنها الحديث التالي: "عن أبي هريرة أنه قال: خرجت إلى الطور، فلقيت كعب الأحبار، فجلست معه، فحدثني عن التوراة، وحدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"[86].
وأقل ما يقال في أحاديث البخاري ومسلم حول عودة المسيح ابن مريم وظهور المسيح الدجال أنها غريبة ومثيرة للريبة، وقد أشكلت على علماء أعلام في الماضي، منهم البيهقي وابن حجر وغيرهما، لمعارضة بعضها ليقينيات الوقائع، ومناقضة بعضها لبعض. ففي صحيح البخاري أحاديث توحي بأن الدجال هو الشاب اليهودي الغريب الأطوار صاف بن صياد الذي عاش في المدينة على عهد النبوة. فقد أخرج البخاري "عن محمد بن المنكدر: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد الدجال، قلت: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم"[87]. وورد عن ابن عمر وأبي ذر بأسانيد صحيحة أنهما كانا يحلفان على ذلك[88]. كما ورد في صحيح مسلم عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما شكهما في أن ابن صياد هو الدجال[89]. وقد حاول ابن حجر بتكلف شديد أن يتغلب على الإشكال بالقول إن "ابن صياد هو شيطان تبدّى في صورة الدجال في تلك المدة"[90] وليس هو بالدجال الحقيقي الذي يأتي في آخر الزمان، ونسي أن أحاديث البخاري تدل على شك النبي صلى الله عليه وسلم في أن ابن صياد هو الدجال الحقيقي، ولذلك قال لعمر: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله"[91]. فهل استيقن ابن حجر أن ابن صياد مجرد شيطان وليس هو الدجال الأكبر، وغاب ذلك عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب وحفصة بنت عمر وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبي ذر الغفاري وأبي سعيد الخدري!؟
ومن أمثلة هذا الاضطراب في أحاديث المسيح ابن مريم والمسيح الدجال حديث في صحيح مسلم يصرح بأن ظهور الدجال ونزول المسيح يكون بعد رجوع الجيش الإسلامي إلى الشام من فتح القسطنطينية مباشرة: "...فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون، وذلك باطل. فإذا جاءوا الشام خرج. فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة. فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فأمهم. فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء. فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريهم دمه في حربته"[92]. والمشكلة في هذا الحديث أن القسطنطينية تم فتحها منذ أكثر من خمسة قرون، وعادت منها الجيوش الإسلامية ظافرة، فما وجدت المسيح ولا الدجال!!!
إن أحاديث رجوع المسيح ابن مريم وظهور المسيح الدجال فيها اضطراب وتناقض كبير، أثارا حيرة العلماء الأعلام على مر العصور. فلم يك الترابي أول من شك في صحتها ولن يكون آخرهم. فطالب الثانوية المسلم اليوم يدرك أنه أن الإنسان المعاصر قد وصل إلى كل موطئ قدم من اليابسة، بل اطلع على الكثير مما في باطن الأرض، وصوَّر طبقاتِها الجيولوجية ومعادنَها وكنوزَها، ورحل إلى القمر، وهو الآن يخطط للرحيل إلى المريخ.(قلت من قبل انا على يقين بأن المؤلف الفذ يعلم أن حضارة الإسلام كان لها الاثر البالغ في كل علم ادبي او علمي من قبل ومن بعد فاافادت منها الحضارات الاخر) فهل نلزم هذا الشاب المسلم أن يؤمن بما رواه لنا مسلم في حديث تميم الداري الطويل المشهور أن الدجال موثق بالحديد في جزيرة وصل إليها بحارة عرب ضلوا طريقهم، تحرسه دابة عجيبة الخلق تتحدث اللغة العربية بطلاقة!! قال تميم الداري ضمن خبره الطويل الذي ينسب الإمام مسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصديقه فيه: "...حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد.قلنا: ويلك! ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا:نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية. فصادفنا البحر حين اغتلم، فلعب بناالموج شهرا، ثم أرفأَنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر، لا يُدري ما قبُله من دبُره من كثرة الشعر، فقلنا:ويلك! ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا وما الجساسة؟ قالت: اعمَدوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق... قال....إني مخبركم عني، إني أنا المسيح [الدجال]، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج. فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما، استقبلني ملك بيده السيف صلتا"!![93] .
وهذه الغرائب غيض من فيض مما ورد في نزول المسيح وظهور الدجال. ويبقى السؤال: أين تلك الجزيرة اليوم بعد أن مسح الإنسان سطح الأرض مسحا؟! وأين الدجال الموثق فيها بالحديد؟! وهل هو الشاب اليهودي ابن صياد الذي عاش في المدينة وحج أو اعتمر إلى مكة كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري[94]؟ أم هو ذلك الرجل الموثَق في تلك الجزيرة النائية الذي تمنعه الملائكة من دخول المدينة ومكة كلتيهما كما في صحيح مسلم أيضا من حديث تميم الداري!؟
ليس مما يخدم الإسلام في شيء –وهو دين العلم والبرهان- أن يتم إلزام الناس بالإيمان بمنقولات مضطربة فيما بينها، مناقضة لبدائه العقل ومدرَكات الحس، بل ذلك فتنة للمسلمين عن دينهم الحق، كما فتنت الكنيسة أتباع المسيح عليه السلام، بتحريفاتها وتأويلاتها المناقضة للعلم والعقل. وليس من العلم والعدل النكير على المشككين في تلك الأخبار المضطربة، مثل الشيخ رشيد رضا ومحمود شلتوت ومحمد الغزالي وحسن الترابي. أما تكفيرهم بذلك فلا يستساغ أصلا، خصوصا عند المطلعين على جملة تلك الأحاديث، وما ذكره فيها أهل العلم من الغرابة والإشكالات. ولولا تكلف التأويل ونقص الاستقراء لدى هؤلاء المكفِّرة لما كفَّروا أحدا بهذا، ولسلكوا سبيل العلم والتحقيق.
ومما يحسن التذكير به مقارنةً في هذا المقام أن الإمام البخاري نفسه أنكر حديث مسلم عن أبي هريرة حول الخلق في سبعة أيام، وردَّه إلى مصدره المسيحي، كعب الأحبار. ففي صحيح مسلم "عن أبي هريرة رضي الله عنه: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل"[95]. قال ابن تيمية: "وهذا [الحديث] طعَنَ فيه من هو أعلمُ من مسلم، مثل يحيى بن معين، ومثل البخارى وغيرهما، وذكر البخارى أن هذا من كلام كعب الأحبار"[96]. ثم أيد ابن تيمية ذلك الطعن "لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام"[97].
فإذا كان الإمام البخاري قد رد هذا الحديث الذي رفعه الإمام مسلم –أو أحد رواته- خطأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واكتشف البخاري أنه من كلام كعب الأحبار، فهل يُستغرَب –بعد تراكم المعرفة الشرعية والإنسانية أكثر من ألف عام على عصر البخاري- أن يرد علماء مسلمون بضعة أحاديث أخرى وجدوا بالدليل أن البخاري أو مسلم رفعها خطأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويكتشفوا أنها من كلام تميم الداري الذي "كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم"[98]كما في صحيح مسلم، أو من كلام كعب الأحبار وهو نصراني آخر أسلم؟!؟
أليس أقل ما يقال في هذا السياق هو قول شيخ الأزهر السابق علي جاد الحق رحمه الله: "ولما كانت أسس العقيدة الإسلامية إنما تثبت بالدليل القطعي الثبوت والدلالة من القرآن والسُّنَّة، فإن مَن جَحد نزول عيسى عليه السلام وعوْدتَه إلى الأرض لا يخرُج عن الإسلام، ولا يُعتبر كافرًا، لأن ما جَحده غير ثابت بدليلٍ قطعيٍّ مِن القرآن أو السنة"[99]؟
عصمة الأنبياء عليهم السلام
ويدخل في هذا الباب كلام الترابي عن عصمة الأنبياء، فالذين يردون على الرجل لا يبدو أنهم يفرقون بين "عصمة البلاغ" و"عصمة التأسي"، ولا يميزون بين العصمة من الكبائر والعصمة من الصغائر. فلا ريب أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله عز وجل، وبدون اعتقاد ذلك تسقط الثقة في الوحي، وعلى هذا القدر من العصمة لم يختلف اثنان من علماء الأمة، ولم يثر الترابي يوما كلمة حول هذا الأمر. وأما عصمة التأسي، أي هل هم معصومون من فعل الذنب ابتداء، أم معصومون من الإقرار عليه فقط، فهذا فيه جدل قديم منذ صدر الإسلام بسبب ظواهر الآيات الدالة على أن بعض الأنبياء ارتبكوا أخطاء أو أصابوا ذنوبا. قال الشوكاني: "وكلام أهل العلم في عصمة الأنبياء واختلاف مذاهبهم في ذلك مدون في مواطنه"[100].
والقدر المتفق عليه من عصمة التأسي أنه لا يتم إقرار الأنبياء على الذنب. قال ابن تيمية: "إن الله سبحانه وتعالى لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر توبته منه، ولهذا كان الناس في عصمة الأنبياء على قولين: إما أن يقولوا بالعصمة من فعلها [أي الذنوب]، وإما أن يقولوا بالعصمة من الإقرار عليها، لا سيما فيما يتعلق بتبليغ الرسالة، فإن الأمة متفقة على أن ذلك معصوم أن يُقرَّ فيه على خطأ، فإن ذلك يناقض مقصد الرسالة ومدلول المعجزة"[101].
ويرى الباقلاني من الأشاعرة، وبعض علماء المعتزلة، أن الأنبياء غير معصومين، لا من الصغائر ولا من الكبائر، بينما يرجِّح ابن تيمية أنهم معصومون من الكبائر لا من الصغائر، ويقول إن ذلك ما يقول به جلُّ علماء المسلمين من مختلف المشارب والمذاهب. قال ابن تيمية: "القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام... وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء يقولون أن الأنبياء ليسوا معصومين من الصغائر، بل هو لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول" وزاد ابن تيمية أن "أول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقا وأعظمهم قولا لذلك الرافضة [يقصد الشيعة]"[102].
وقد رد ابن تيمية على المتكلفين في القول بعصمة الأنبياء من كافة الذنوب صغيرِها وكبيرِها، واتهمهم بتحريف كلام الله عز وجل، فقال: "وإن كان كثير من الناس المتكلمين فى العلم يزعم أن هذا ليس بذنب وأن آدم تأول... وهذا القول يقوله طوائف من أهل البدع والكلام والشيعة وكثير من المعتزلة وبعض الأشعرية وغيرهم ممن يوجب عصمة الأنبياء من الصغائر، وهؤلاء فروا من شيء ووقعوا فيما هو أعظم منه في تحريف كلام الله عن مواضعه. وأما السلف قاطبة من القرون الثلاثة الذين هم خير قرون الأمة، وأهل الحديث والتفسير، وأهل كتب قصص الأنبياء والمبتدأ، وجمهور الفقهاء والصوفية، وكثير من أهل الكلام، كجمهور الأشعرية وغيرهم وعموم المؤمنين، فعلى ما دل عليه الكتاب والسنة مثل قوله تعالى: (وعصى آدم ربه فغوى) وقوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)... وهذه نصوص لا تُردُّ إلا بنوع من تحريف الكلم عن مواضعه"[103].
فقول أحد الرادين على الترابي: "في شرعنا ـ عند أهل السنة ـ الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله، وعن الشرك، والكبائر، والصغائر، قبل وبعد البعثة" تعميم وتهويل في غير محله. وليت الذين يكفِّرون الترابي بقوله في عصمة الأنبياء يقرأون ما كتبه ابن تيمية: "إن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات... اتفق علماء المسلمين أنه لا يُكفَّر أحد من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء""[104]. أما قول "الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان" إن الترابي ينكر عصمة البلاغ، فكلام الترابي صريح بعكسه، بما في ذلك الكلام الذي نقلته عنه الرابطة في بيانها. فهي إذن دعوى من خصم على خصمه دون دليل، وتعميم في موطن يحتاج إلى تدقيق وتفصيل.
ومهما يكن من أمر، فليست أي من أقوال الترابي هذه بأشد مخالفة لظواهر النصوص وما تعارف عليه أهل العلم، من أقوال شاذة قال بها علماء أعلام في الماضي، فخرجوا بها عن القول السائد. وكم من علمائنا الأقدمين خالفوا ما اعتقد أنه إجماع، ليس في الفروع فقط، بل في العقائد، وتعرضوا للمحن بسبب ذلك، ومع ذلك انتشر قولهم واشتهر بعد ذلك وأصبح مقبولا، بعد أن تكشفت مداركه من النصوص وسوابقه في تراث الأمة، أو تم عذرهم فيه لما يُعلَم من عمق إيمانهم وحبهم لله ورسوله. وقول ابن تيمية وابن القيم بفناء النار في الآخرة، وهو ما يترتب عليه عدم خلود الكفار في العذاب، يدخل في هذا الباب. وقد رد عليهما بعض العلماء الأقدمين مثل تاج الدين السبكي في كتابه: "الاعتبار ببقاء الجنة والنار"، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني في كتابه: "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار"، واتهموهما بمخالفة الإجماع. وبسبب اجتهاداتهما المخالفة لما تعارف عليه فقهاء عصرهم "نودي بدمشق من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله، خصوصاً الحنابلة. فنودي بذلك وقرئ المرسوم"[105]. ولم يكن الخطأ خطأ ابن تيمية أو ابن القيم رحمهما الله، فهما من أعلام الإسلام، وقد قالا بما أداهما إليه اجتهادهما واطلاعهما الواسع. بل كان ثمرة مريرة من ثمار التعصب المذهبي وضيق الأفق عند الطرف الآخر، واستخدام السلطة القاهرة في صراع الأفكار. فما أشبه الليلة بالبارحة، ونحن نقرأ بيان مجمع الفقه التابع لرئاسة الجمهورية السودانية حول الترابي!!
ورغم أن مسألة القول بفناء النار قضية كبيرة وخطيرة، حتى قال ابن القيم في "حادي الأرواح" إنها أكبر من الدنيا وما فيها بأضعاف مضاعفة، ورغم أنها تخالف ظواهر آيات عديدة من القرآن الكريم، فقد قال الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي في فتوى له إن كلا من القائلين بخلود النار أو بفنائها مجتهد مأجور: "لا يُنكر عليه ولا يضلَّل ولا يبدَّع، لأن السب والتجريح و تضليل الآخرين وهم ليسوا كذلكفيه إثم ومعصية ويترتب عليه الاختلاف والفرقة التي نهى الله عباده عنها". واعتبر العلامة المحدث ناصر الدين الألباني ابنَ تيمية وابنَ القيم مجتهدين مأجورين في ذلك رغم خطئهما، وهذا الذي يجب القول به. بل دافع عن القول بفناء النار أحد المعاصرين في كتيب بعنوان: "القول المختار لبيان فناء النار".
نحو التثبت والتأصيل
(اكثر ما حصل من قبل لإالائمة من امثال شيخنا مقبل واشياخنا الإئمة اسحار من من يهود اثرت عليهم لكن ثبت الله العظيم اهله وخاصته المسلمين)
في عام 1998 أصدر محدِّث اليمن الشيخ العلامة مقبل الوادعي رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته محاضرة في شريطيْ كاسيت بعنوان: "البركان لنسف جامعة الإيمان"، يهاجم فيه جامعة الإيمان في اليمن، وهي صرح من صروح العلم والتقوى والدعوة. وكان الشريط صدمة لرئيس الجامعة، الشيخ العلامة الورع عبد المجيد الزنداني، كما كان صدمة لجميع مدرسي الجامعة وطلابها، ولأغلب العاملين للإسلام في اليمن. ولم يكن مصدر الصدمة محصورا في التحامل الذي بلغ حدا عجيبا، بل في التساهل في الرواية من شيخ محدث متمكن. فقد قال الشيخ مقبل رحمه الله في إحدى شريطيه: "أخبرتني أم مالك وهي أوثق عندي من جميع الإخوان المفلسين" (يقصد الإخوان المسلمين).. ثم أورد قصة عن أم مالك مفادها أن الشيخ الزنداني تحرسه النساء.
تعجبت غاية العجب لما أعلمه من حياة الورع والحيطة السائدة في جامعة الإيمان، والفصل الصارم بين الرجال والنساء، إلى حد منع الأساتذة من دخول قاعات طالباتهم، ونقل الدرس بالبث التلفزيوني إلى قاعات الطالبات.. ومع ذلك يأخذ شيخ محدث برواية كذابة حول أمر على هذا القدر من الخطورة، ويطعن في أعراض أئمة المسلمين ومنابرهم العلمية بناء على تلك الرواية المنحولة.
بل كان عجبي أكثر وأنا أعرف أن الشيخ مقبل رحمه الله عالم مبرَّز في علم الجرح والتعديل. فتساءلت بألم: هل يعجز من أفنى حياته منقِّبا في علم الرجال وتوثيق الرواة وتضعيفهم عن الاتصال بالهاتف على جامعة الإيمان أو على الشيخ الزنداني للاستبيان عن صحة ما قالته الكذابة "أم مالك"؟ وهل الشيخ الذي طالما حدَّث طلابه عن الرحلة في طلب الحديث، عاجزا عن السفر بضعة عشرات من الأميال إلى مقر الجامعة، أو التعريج عليها في إحدى زياراته لصنعاء، ليتحقق بنفسه مما نقل إليه عن جامعة الإيمان ورئيسها ومدرسيها. وكان من طرائف ما ورد في الشريطين هجوم الشيخ مقبل رحمه الله على المدرسين الموريتانين في جامعة الإيمان، وقوله إن منهم "الرافضي والأشعري والمعتزلي والمرجئ...الخ" ولأني كنت أحد أولئك المدرسين يومذاك، وأعرف المدرسين الآخرين حق المعرفة، فقد كانت دهشتي عظيمة.
تذكرت شريط" البركان لنسف جامعة الإيمان" وأنا أتابع بحزن ما آل إليه الخطاب الشرعي في التعاطي مع قضية الترابي وآرائه المثيرة، وآلمني حقا أن يتحول الحوار في قضايا شرعية على هذا القدر من الخطورة والأهمية إلى تراشق بالكلام، وولوغ في الأعراض، ومحاكمة للضمائر والسرائر، وتعجل في إصدار الأحكام دون تثبت في النقل أو تأصيل للرأي. لقد ورد في بيان مجمع الفقه في السودان ردا على الترابي: "إن كفر اليهود والنصارى يعد من الأمور المعلومة بالضرورة من دين الاسلام، فمن أنكر كفر اليهود والنصارى أو شك في ذلك فهو كافر". وهذا غلو في الصياغة، لأن لازم القول ليس منه، وقائل الكفر ليس بالضرورة كافر. فضلا عن أن الترابي لم يقل كفرا، ولم يتجاوز أن ميز تمييزا اصطلاحيا بين أهل الكتاب والمشركين، وبين أهل الكتاب والكفار، له أصل في القرآن الكريم، وكلامه متواتر بكفر وشرك أهل الكتاب، كما بينا من قبل. لكن المجلس الموقر لم يكلف نفسه عبء التثبت في ذلك. كما وصف بعض المنتسبين إلى العلم الشرعي ومنهج السلف في السودان الترابيَّ بالدجل والكفر والردة والنفاق والزندقة والضلال... وغير ذلك من ألفاظ قاموس التكفير والتشهير.
وقد ارتكب الترابي نفس الخطإ فجاءت لغته استفزازية مستهتِرة، ومن ذلك قوله مبررا فتواه بزواج المسلمة من الكتابي: "منع التزاوج بين المسلمات والكتابيين أقاويل لا أساس لها من الدين، ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف، إنما هي أوهام، وتضليل، وتجهيل، وإغلاق، وتحنيط، وخداع للعقول.. والإسلام منها براء". وقوله عن تنصيف شهادة المرأة في الأموال: "ليس ذلك من الدين أو الإسلام، بل هي مجرد أوهام، وأباطيل، وتدليس، أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء..." وهذا إطلاق لا مبرر له، وتنكر لآراء سائدة وفهومٍ فقهية متراكمة للنص الشرعي، وحشد لألفاظ مستهجَنة لا يصلح استخدامها من طرف أهل العلم وهم يتحدثون في دين الله. وكان الأوْلى بمن استشكلوا أقوالا للترابي أن يردوها إلى سياقها في فكره وكتبه، أو يستفسروا منه عن مقصوده بها، ومصادر رأيه التي اعتمد عليها. كما كان الأوْلى بالترابي أن يسلك سبيل الحكمة والتأصيل وتقديم الدليل، ويترفع عن والمراء.







رد مع اقتباس
قديم 24-10-2007, 08:38 PM   رقم المشاركة : 20
هشام المهدي
رائدي جديد
الملف الشخصي






 
الحالة
هشام المهدي غير متواجد حالياً

 


 

مجيء النار يوم القيامة وخروج عنق منها يتكلم
قال الله عز وجل " عليه وآله وسلم قال "يؤتى يومئذ بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" خرجه مسلم من طريق حفص بن غياث عن العلاء به وخرجه الترمذي من طريق سفيان عن العلاء موقوفا على ابن مسعود ورجح وقفه العقيلي والدارقطني وخرج ابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال تغير لون النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرف ذلك في وجهه حتى اشتد ذلك على أصحابه فسألوه فقال "إنه جاءني جبريل فأقرآني هذه الآية" قال كيف يجاء بها قال "يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام تشرد مرة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ومن عليه ثم تعرض جهنم فتقول مالي ومالك يا محمد لقد حرم الله لحمتك علي فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول أمتي أمتي" الوصافي شيخ صالح لا يحفظ فكثرت المناكير في حديثه وخرج أبو يعلى الموصلي من حديث أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "إذا جمع الله الناس في صعيد واحد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول وعزة ربي لتخلن بيني وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا فيقولون من أزواجك فتقول كل متكبر جبار" وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج يوم القيامة عنق من النار لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق تقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين" وصححه الترمذي وقد قيل إنه ليس بمحفوظ بهذا الإسناد وإنما يرويه الأعمش عن عطية عن أبي سعيد فقد روى الأعمش وغير واحد عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا بغير نفس فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات جهنم" خرجه الامام أحمد وخرجه البزار ولفظه "يخرج عنق من النار يتكلم بلسان طلق ذلق لها عينان تبصر بهما ولها لسان تتكلم به فتقول إني أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبكل نفس بغير نفس قتل من فتنطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام" وقد روي عن عطية عن أبي سعيد موقوفا وروى ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج عنق من النار فتنطوي عليهم وتتغيظ عليهم ويقول ذلك العنق وكلت بثلاثة وكلت بثلاثة وكلت بثلاثة وكلت بمن دعا مع الله إلها آخر ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب ووكلت بكل جبار عنيد فتنطوي عليهم فتطرحهم في غمرات جهنم" خرجه الامام أحمد وروي عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "يخرج عنق من النار فيظل الخلائق كلهم فيقول أمرت بكل جبار عنيد ومن زعم أنه عزيز كريم ومن دعا مع الله إلها آخر" ورواه أبو المنهال سيار بن سلامة عن شهر بن حوشب عن ابن عباس موقوفا قال إذا كان يوم القيامة خرج عنق من النار فأشرفت على الخلائق لها عينان تبصران ولسان فصيح تقول إني وكلت بكل جبار عنيد فتلقطهم من الصفوف فتحبسهم في نار جهنم ثم تخرج ثانيا فتقول إني وكلت بمن آذى الله ورسوله فتلقطهم من الصفوف فتحبسهم في نار جهنم ثم تخرج ثالثة قال أبو المنهال أحسب أنها قالت إني وكلت اليوم بأصحاب التصاوير فتلقطهم من الصفوف فتحبسهم في نار جهنم وفي حديث الصور الطويل الذي خرجه اسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي وغيرهما بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يأمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطعة مظلمة فيقول "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" إلى قوله "أفلم تكونوا تعقلون" يس وخرج ابن أبي الدنيا من طريق الشعبي عن أبي هريرة قال "يؤتى بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام آخذ بكل زمام سبعون ألف ملك وهي تمايل عليهم حتى توقف عن يمين العرش ويلقي الله عليها الذل يومئذ فيوحي الله إليها ما هذا الذل فتقول يا رب أخاف أن يكون لك في نقمة فيوحي الله إليها إنما خلقتك نقمة وليس لي فيك نقمة ويوحي الله إليها فتزفر زفرة لا تبقي دمعة في عين إلا جرت ثم تزفر أخرى فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق إلا نبيكم نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا رب أمتي أمتي"



اضف مشاركتك هنا
________________________________________
الإسم (ضروري)

البريد الإلكتروني(ضروري)

عنوان المشاركة (ضروري)

مشاركتك (ضروري)






حقوق النشر محفوظة
تصميم و برمجة وإنتاج سمارت انفو
شبهات حول أحاديث الدجال
ومع ذلك لم تسلم هذه الأحاديث - الثابتة في الصحيحين وغيرهما - من الاعتراض والاستنكار والتأويل مصداقاً لما أخبر به - صلى الله عليه وسلم – من أنه سيأتي من ينكر ظهور الدجال وغيره من الأمور الثابتة بصريح الكتاب وصحيح السنة وذلك في قوله : ( ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم ، وبالدجال ، وبالشفاعة ، وبعذاب القبر ، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا ) رواه أحمد بسند صحيح .
فقد ذهب الشيخ محمد عبده – كما نقل عنه صاحب تفسير المنار (3/317) - إلى أن الدجال رمز للخرافات والدجل والقبائح ، التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها ، والأخذ بأسرارها وحكمها .
وتبعه أبو عبيه في تعليقه على كتاب النهاية في الفتن والملاحم للإمام ابن كثير حيث ذهب إلى أن الدجال رمز للشر ، واستعلائه وصولة جبروته ، واستشراء خطره ، واستفحال ضرره في بعض الأزمنة ، وتطاير أذاه في كثير من الأمكنة ، بما يتيسر له من وسائل التمكن والانتشار ، والفتنة في بعض الوقت ، إلى أن تنطفئ جذوته وتموت جمرته بسلطان الحق .
وأما أبو ريه فقد عرض لأحاديث الدجال - في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " صـ213- وطعن فيها معتبراً ظهور الدجال في آخر الزمان خرافة . ثم استشهد على تعارض أحاديث الدجال بأنه ورد في بعض الروايات أن معه جبال الخبز وأنهار الماء والعسل ، وأن معه جنة وناراً . . . . . إلى غير ذلك ، وقال إن هذا يتعارض مع الحديث الذي في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة قال : ما سأل أحدٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدجال أكثر مما سألته ، وإنه قال لي : ما يضرك منه ؟ قلت : إنهم يزعمون أن معه أنهار الماء وجبال الخبز ، قال : هو أهون على الله من ذلك " ( تفسير المنار 9/490) .
وإذا كانت فتنة الدجال بهذه الخطورة ، فلماذا لم يذكر في القرآن ، مع عظم فتنته وتحذير جميع الأنبياء منه ، والأمر بالاستعاذة منه في كل صلاة .
من جهة الرواية
ونحن لا ننكر أنه قد وضعت أحاديث مكذوبة في الدجال وصفته وزمان ومكان خروجه،
عـيسي عـليه السلام في الحديث!!

د. عـبدالحكيم الفيتوري
قال أبو هريرة رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا،وإماما مقسطا،يكسر الصليب، ويقتل الخنزير،ويضع الجزية،ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.(متفق عليه)وقد أخرج هذا الحديث بطرق مختلفة جلها عن أبي هريرة رضي الله عنه،كلا من الترمذي،وابن ماجة،والموطأ،وأحمد،وأبو داود ،ومشكل الآثار،وابن عبدالبر في تمهيده،والمصنف وغير ذلك من المصادر الحديثية.علما بأن أسانيد هذا الحديث على الرغم من تنوعها إلا أنها تدور على راوى واحد؛وهو أبو هريرة راوية الإسلام.فالحديث إذن يصنف ضمن أحاديث الأحاد كما هو معلوم عند أهل الفن وإن تواترت حلقات الاسناد بعد حلقة الصحابي.ولا يخفى أن هنالك جدل واسع بين مذاهب أهل السنة والشيعة والخوراج والمعتزلة في مدى حجية خبر الآحاد في المسائل الاعتقادية؛وهل يفيد العلم والعمل،أم يفيد العمل فقط ،وبعبارة أخرى:هل يفيد القطع أم الظن؟ لذلك ينبغي علينا أن نتناول هذا الموضوع بشيء من التحليل والفك والتركيب ضمن إطار المقالين السابقين،وذلك من خلال النقاط التالية،أولا:الآحاد وإشكالية الاحتجاج به في الاعتقاد.ثانيا:إشكالية الخلط بين إنسانية الصحابي والترضي عليه.ثالثا:منهجية نقد متن الحديث عند الصحابة.رابعا:نقد متن حديث نزول عيسى آخر الزمان.

النقطة الأولى : الآحاد وإشكالية الاحتجاج به في مسائل الاعتقاد :
هذه المسألة يتجاذبها فريقان،فريق يقول بحجية خبر الأحاد في الاعتقاد والسلوك(=العلم والعمل)=(إفادة القطع)، وعلى رأس هؤلاء ابن حزم وابن القيم وجمهور أهل الحديث،وبعض الفقهاء .أما الفريق الثاني فأنه يرى أن حجية خبر الأحاد تفيد الظن لا القطع ومن ثم فلا يحتج به في مسائل الاعتقاد البتة،وعلى رأس هؤلاء جل أهل العلم من الأئمة والفقهاء والأصوليين وأهل التفسير ،والمتكلمين والمعتزلة والشيعة والخوارج .
- القائلين بحجية بخبر الأحاد :
نذكر منهم ابن حزم،فقد قال:(إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله يوجب العلم والعمل معا).(الإحكام في أصول الأحكام)أما ابن القيم فقد بالغ حين صرح بأن حجية الأحاد في العلم والعمل قولا مجمعا عليه،ولم يخرقه إلا الشواذ وبعض المتأخرين!!فقال:(فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة،وإجماع التابعين،وإجماع أئمة الإسلام،ووافقوا به المعتزلة والجهمية والرافضة والخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة،وتبعهم بعض الأصوليين والفقهاء،لا يعرف لهم سلف من الأئمة بذلك..).(مختصر الصواعق المرسلة)

- القائلين بعدم حجية خبر الأحاد في المسائل الاعتقاد : نذكر منهم الشاشي(المتوفي 344)فقد قال:حكم خبر الواحد أنه يوجب العمل به،ولا يوجب العلم، لا علم اليقين،ولا علم طمأنينة).(أصول الشاشي)، كذلك قال الوليد الباجي المالكي:(وأما أخبار الآحاد:فما قصر عن التواتر،وذلك لا يقع به العلم،وإنما يغلب على ظن السامع له صحته ..).(الإشارات،بهامش شرح الورقات)،وأكد على ذلك الشيرازي الشافعي بقوله:أخبار الآحاد لا توجب العلم،ولا يحكى القول بإفادة العلم إلا عن بعض أهل الظاهر،وبعض أصحاب الحديث).(التبصرة،وشرح اللمع)وأما ابن عبدالبر المحدث فذكر الخلاف في المسألة وأن الذي عليه أكثر أهل العلم:أنه يوجب العمل دون العلم.ثم أعطى رأيه وموقفه: قال أبو عمر:الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العمل، كشهادة الشاهدين،والأربعة سواء،وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر.. ).(التمهيد) وأما أبو الحسين البصري المعتزلي فقد نقل عن أكثر الناس عدم حجية أخبار الآحاد فقال:(وقال أكثر الناس:أنه لا يقتضي العلم).(المعتمد)ونختم بقول الخطيب البغدادي منظر علم الحديث ،فقد قال:(خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها،والقطع عليها..وإنما يقبل به فيما لا يقطع به ..).(الكفاية)

خلاصة القول : أن المعتمد عند السلف والخلف من سائر المذاهب والفرق بأن خبر الآحاد لا يفيد العلم القطعي ولا يحتج به في الاعتقاد وإنما يفيد العمل دون العلم،علما بأن لفظة العلم ترد في بعض كتب الأولين ويراد بها العلم بمعناه العام(إفادة العمل)دون العلم بمعناه الخاص(إفادة الاعتقاد).وعلى هذا الأساس لا ينبغي التعويل على كلام ابن القيم السابق بأن إجماع الأمة منعقد على حجية خبر الآحاد في الاعتقاد،وأن مخالفه لا سلف له !! ويبدو أن موقف الرافضين لحجية الآحاد في القديم والحديث يعود إلى ما شاع في أخبار الآحاد من مخالفته للمنطق والمعقول التي تأسس عليه النظم القرآني ،ولا شك أن هذا الرفض يرتبط برغبة مثالية في إيجاد مفهوم دقيق وواضح لمعاقد الإيمان ،ومنطق القرآن ينأى عن الشك والاختلاف.

النقطة الثانية : إشكالية الخلط بين إنسانية الصحابي والترضي عليه
ذكرت في مقالات سابقة ضرورة التفريق بين ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم بالبعد الرسالي والبعد الانساني ؛فكانت السنة التشريعية،والسنة القياديةوالسنة الجبلية.وفي هذا المقام نريد التأكيد على ضرورة التفريق بين إنسانية الصحابي والترضى عليه،وهي نقطة منهجية محورية تجاذبها طرفان ووسط ، طرف كفر الصحابة ببعض أفعالهم البشرية ، وطرف أسبغ عليهم قداسة رفعتهم عن مصاف البشر، وطرف وسط يجلهم ولا يقدسهم ؛يترضى عليهم ولا ينفى عنهم العوارض الانسانية والاهلية،فهم بشر يجوز عليهم النسيان والخطأ مثل غيرهم من الناس.

ولا يخفى أن عملية تأسيس عدالة الصحابة بالأساس كانت عملا دفاعيا لمواجهة المواقف الطاعنة في الصحابة.حيث أن الطعن فيهم يبطل المفهوم الذي يحاول أهل السنة أن ينتسبوا إليه وهو الجماعة،فمفهوم الجماعة الذي ألحق بتسمية أهل السنة من أكثر المفاهيم المتنازع عليها بين المذاهب والفرق الإسلامية.لذلك كانت مسألة عدالة الصحابة موضع أهتمام علماء السلف فتأسيس مفهوم الصحبة وحجية الصحابة ومفهوم الجماعة لا يمكن أن يبنى إلا على تعديل الصحابة حتى يتسع أفق النص القرآني بالممارسة الإسلامية التاريخية وبأعمال الصحابة الذين قدموا إجابات شتى عن قضايا المجتمعات الإسلامية اللاحقة.علما بأن الصحابة-رضوان الله عليهم-أنفسهم كان يضع بعضهم بعضا موضع النقد إذ كانوا يمارسون نقد الرواية والراوي،كما قال عمران بن الحصين رضي الله عنه:والله لو أردت لحدثت عن رسول الله يومين متتابعين،فإني سمعت كما سمعوا وشاهدت كما شاهدوا ولكنهم يحدثون أحاديث ما هي كما يقولون،وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم).وقول عمر لأسماء بن قيس رضي الله عنهما:لا نقبل قول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت.والذي يهمنا في هذه المقال الوقوف على بعض الانتقادات التي وجهة لأبي هريرة من الصحابة والتابعين،لعلها تعيننا على فهم وتحليل ونقد حديث أبي هريرة الذي ينص على نزول عيسى بن مريم آخر الزمان.

النقطة الثالثة : منهجية نقد متن الحديث عند الصحابة
1-لقد كان جمهرة في علماء الصحابة رضوان الله عليهم ملتزمون بمنهج علمي في نقد ما يرد عليهم من نصوص أو أحاديث مناسبة للرسول صلى الله عليه وسلم ، ومعالم هذا المنهج تتمثل في رد الأحاديث إلى القرآن الكريم وفهمها من خلاله ، فإن وافقت أصول القرآن قبلت وإن خالفت تلك الأصول القرآنية رد ، لأن القرآن الكريم قد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه كاملا بدون نقص ولا تغيير .وقد كتب النص القرآني كاملا في عهد رسول الله حيث كان له مجموعة من الكتبة بالمختصين بكتابة الوحي ، وكان يراجعه جبريل عليه السلام ما بين الحينة والفينة حيث يأمره بوضع تلك السورة أو الآية في مكان ما من السور أو الآيات ،فكانت أخر تلك المراجعات قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان حيث تم مراجعة المصحف مرتين وعرضه النهائي في ذات العام التي إنتقل فيه الرسول إلى الرفق الأعلى . في المقابل فأن السنة لم تجد هذا الاهتمام وهذه الرعاية التي أولاها الله سبحانه وتعالى للقرآن الكريم ، ولأن رسول الله منع كتابتها(لا تكتبوا عنى،ومن كتب غير القرآن فليمحه)(مسلم=على خلاف في ذلك)،ثانيا أنه لم يجعل لها كتاب مختصين؛بمعنى أنه لم يخصص لها مجلسا للرواية.زاد على ذلك فقد تم تدوين أحاديث السنة وجعلها كمدونة دستورية بعد ما يقرب من مئتين عام من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ،خاصة وأن تلك الفترة الزمانية قد تخللتها فتن حار فيها الحليم .علما بأن جامعوا السنة قد بذلوا قصارى جهدكم في تحرير الأسانيد ووضع موازين لتعديل وجرح الرواة بغية التثبت والتحري في صحة ما ينسب إلى رسول الله من أقوال وأفعال،ولكنهم لم يعطوا لمتون الأحاديث ذات القدر من الاهتمام بالأسانيد.وكان من المفترض أن تنصب تلك الجهود حول متون الأحاديث وتعديلها من خلال الأصول القرآنية،كما كان يفعل أؤلئك الأخيار من الصحابة قبل التدوين وقبل الفتن التي ساهمة بشكل من الأشكال في حجم وضع الأحاديث، ودخول الأنظمة السياسية على خط توظيف النص الديني جملة والراوي والرواية خاصة !!

2- معالم المنهج النقدي عندي الصحابة : بادي ذي بدء لابد من تقرير أن جمعون من الصحابة كان ينهون عن الأكثار من الرواية والإقلال منها بغية عدم مزاحمة الأصول القرآنية بأي مصدر آخر ولو كان ذلك المصدر مما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من قول وفعل،وكان هؤلاء الأخيار ينطلقون في ذلك من عقلهم المقاصدي وفهمهم التعليلي للقرآن،ومن فهم لواقع الناس حيث إختلط فيها الحابل بالنابل والصدق بالكذب وتأثر الناس بالأوضاع السياسية.وهم في ذلك يعتمدون على نصوص صدرت منه صلى الله عليه وسلم تؤيد منهجهم العلمي من ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة حتى لا تزاحم القرآن فقال:(لا تكتبوا عني،ومن كتب غير القرآن فليمحه).(مسلم) وقوله عندما خرج ذات يوم على الصحابة وهم يكتبون الأحاديث،فقال لهم:ما هذا الذي تكتبون؟قلنا:أحاديث نسمعها منك ؟ قال:كتاب غير كتاب الله؟أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما أكتتبوا من الكتب مع كتاب الله).(المحصول في علم الأصول لرازي،والبغدادي)وهناك روايات آخر في ذات المضمون.كذلك أمره بعرض ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على القرآن،وذلك بقوله:إنما تكون بعدي رواة يروون عني الحديث ، فاعرضوا حديثهم على القرآن ن فما وافق القرآن فخذوا به وما لم يوافق القرآن لا تأخذوا به).(البيهقي والدار قطني والطبراني وغيرهم ، قال ابن حجر:إنه جاء من طرق لا تخلو من مقال) لذلك كان عمر رضي الله عنه يقول:أقلوا الحديث عن رسول الله .وعندما قالت له فاطمة بنت قيس،إن رسول الله قال لها:لا سكنى لك ولا نفقة.رد عليها عمر قائلا:لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة لعلها حفظت أونسيت.(الترمذي)وكان الصديق رضي الله عنه يقول:إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها،والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا:بيني وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.(تذكرة الحفاظ)وكان عمران بن حصين يقول:إني سمعت كما سمعوا،وشاهدت كما شاهدوا ،ولكنهم يحدثون أحاديث ما هي كما يقولون،وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم(المحصول في علم الأصول)
لذلك كله كان هؤلاء الأخيار يعرضون ما ورد من نصوص مناسبة للرسول على الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .أن أبا وائل قال أن رجلا جاء إلى عبدالله ابن مسعود،فسأله عمن لقي ،فأخبره أنه لقي كعبا،وأنه حدثه أن السموات تدور حول منكب ملك،وأنه ما صدقه ولا كذبه،فقال له ابن مسعود:لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها،كذب كعب،إن الله يقول:إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ).(تفسير ابن مسعود)فقد خالف خبر كعب القرآن فرفضه ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها لما بلغها أن أبا هريرة يقول:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:لأن أقنع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنى.وأن رسول الله قال:ولد الزنى شر الثلاثة،وإن الميت يعذب ببكاء الحي. فقالت عائشة:رحم الله أبا هريرة أساء سمعا فأساء إجابة !!..والله يقول:(لا تزر وأزرة وزر أخرى) و(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).(الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)
إذن.عرض الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم على النظم القرآني الكريم منهج معتمد عند كوكبة من الأخيار من الصحابة رضوان الله عليهم وليس بدعا من المناهج كما يظن الظان ،لذلك فإن قبول المتن الحديث أو رده من خلال النظم القرآني لا يعني بالضرورة رد كلام رسول الله -كل وحاش- وإنما هو رد لكلام الرجال،كما صور ابن عبدالبر مناقشة أهل الحديث الذين يعظمون الأسانيد وبين مدرسة أبي حنفية التي تعظم نقد المتن من خلال القرآن، فقال ابن عبدالبر: إن أهل الحديث جرحوا بأبي حنيفة لأنه كان يرد كثيرا من أخبار العدول. فكان يذهب إلى عرضها على ما اجتمع لديه من الأحاديث ومعاني القرآن،فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذا.وكان أبوحنيفة يقول :ردي على رجل يحدث عن رسول الله بخلاف القرآن ليس ردا على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكذيبا له،ولكنه رد على من يحدث عن رسول الله بالباطل ، والتهمة دخلت عليه وليس على نبي الله).

ولا يغيب على بالنا أن ميزان نقد متن الأحاديث والأخبار وعرضها إلى النظم الكلي القرآني والعقل المقاصدي ليس مختص بمدرسة أبي حنفية فقط بل هناك من علماء الحديث والمدارس الآخرى الفقهية من يذهب ذات المذهب،فهذا الخطيب البغدادي من منظري علم الحديث يصرح -وهو بصدد عرضه لطرق معرفة فساد الخبر- بهذا المنهج إذ قال:أن يكون مما تدفع العقول صحته بموضوعها والأدلة المنصوصة فيها.ومما يدفعه نص القرآن أو السنة المتواترة ...).(الكفاية)
ولعل في نقد ابن تيمية لمتن حديث أبي هريرة وهو في صحيح مسلم ورده لمخالفته لأصول القرآن خير شاهد على اعتماد هذا المنهج النقدي وليس مقتصرا على أبي حنيفة. فقد انتقد ابن تيمية الحديث الذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال:أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي،فقال:خلق الله عز وجل التربة يوم السبت،وخلق فيها الجبال يوم الأحد.وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء،وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيه الدواب يوم الخميس ،وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة).
فقال ابن تيمية:إن هذا طعن فيه من هو أعلم من مسلم مثل يحي بن معين ومثل البخاري وغيرهما.وذكر البخاري: أن هذا من كلام كعب الأحبار.ثم قال:هذا هو الصواب،لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام،وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة.فيلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد.وهكذا هو عند أهل الكتاب.وعلى ذلك تدل اسماء الأيام،وهذا هو المنقول الثابت في أحاديث وآثار أخر.ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة، لكان قد خلق في الأيام السبعة.هو خلاف ما أخبر به القرآن ).(مجموع الفتاوى لابن تيمية)وذات المنهج أمّه تلميذه النجيب ابن القيم حيث جعل أهم قواعد رد الحديث مخالفته لصريح القرآن،إذ قال:مخالفة الحديث صريح القرآن.مثل حديث مقدار الدنيا، وأنها سبعة آلاف سنة ...والله تعالى يقول: يسألونك عن الساعة أيان مرساها،قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو).(المنار المنيف)

وأحسب أن نقد ابن تيمية وابن القيم يصدق تماما على سند ومتن حديث أبو هريرة القائل بنزول عيسى ابن مريم أخر الزمان،من حيث مخالفته للنظم الكلي القرآني،وأنه يوافق لما عند أهل الكتاب،مما يرجح أنه من كلام كعب الأحبار وليس من كلام سيد الأنام .ولا غرو فقد جاء الأثر عن رسول الله أنه قال:ما حدثتم عني ما تنكرونه فلا تأخذوا به فإني لا اقول المنكر ولست من أهله.(انظر:تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة،أنظر مسند أحمد)

رابعا : نقد حديث نزول عيسى آخر الزمان رأويا ورواية
لا يخفى على متابع أن جمهورة من العلماء من الصحابة ومن بعدهم قد مارسوا على روايات أبي هريرة شيئا من النقد والرد،وإليك نماذج من هذه الانتقادات .
1- نقد الراوي :
نماذج من نقد الصحابة: نقد عائشة :قال أبو هريرة،قال رسول الله:إن المرأة والكلب والحمار يقطعن الصلاة.مشت عائشة في خف واحدة وقالت:لأخشن أبا هريرة فإني ربما رأيت الرسول وسط السرير وأنا لى السرير بينه وبين القبلة.( الإجابة لإيراد ما استدراكته عائشة على الصحابة)
-نقد ابن عباس:قال أبو هريرة سمع رسول الله يقول الوضوء مما مست النار، ولو من ثور إقط. فقال لها ابن عباس،يا أبا هريرة،أنتوضأ من الدهن؟أنتوضأ من الحميم؟!!( الترمذي تحفة الأحوذي)
-عائشة:قال أبو هريرة،قال رسول: الشؤم في ثلاثة،في الدار والمرأة والفرس. فقالت عائشة:لم يحفظ أبو هريرة،إنه دخل ورسول الله يقول:قاتل الله اليهود يقولون:الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس،فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله.وفي رواية قالت:والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول.ثم قرأت(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ).(الإجابة) وقولها في حديثه:إن امرأة عذبت بالنار من جرى هرة ... فقالت لها:يا أبا هريرة إذا حدثت عن رسول الله فانظر كيف تحدث !!
- نماذج من نقد العلماء: الحسن البصري:قال أبو هريرة أن رسول الله قال:الشمس والقمر نوران مكوران في النار يوم القيامة.قال الحسن:ما ذنبهما ؟!!(المحصول للرازي)
-ابن كثير ينتقد حديث ابي هريرة في قصة يأجوج ومأجوج.إذ يقول:ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب،فإنه كان كثيرا ما كان يجالسه ويحدثه،فحدث به أبو هريرة فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه والله أعلم.(تفسير ابن كثير)
-وروى أحمد في مسنده عن أبي هريرة أن رسول الله قال:يخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء.قال ابن كثير إنه من كعب الأحبار.(البداية والنهاية)
- نقد البخاري:وروى مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله بيدي فقال:خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد ... الحديث).علل البخاري في التاريخ هذا الحديث فقال بعضهم عن كعب وهو أصح يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الأحبار فإنهما كان يصطحبان ويتجالسان للحديث،فهذا يحدثه عن صحفه وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي صلى الله عليه وسلم.فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب عن صحفه فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأكد رفعه بقوله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي.وعلق ابن كثير في تفسير سورة فصلت فقال:هو من غرائب الصحيح وقد علله البخاري في التاريخ،فقال رواه بعضهم عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو الأصح.(تفسير ابن كثير)
وكعب الأحبار هو الذي قال فيه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في صحيح البخاري: إن كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب،وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب. ونقلُ أبي هريرة عن كعب معروف في الأخبار الصحيحة .







رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
استبدل الساعة القديمة للويندوز بهذه الساعة الجميلة3d skysat :: منتدى الكمبيوتر والبرامج:: 20 20-05-2010 12:37 PM
تحدث لسطح المكتب مع الساعة الناطقة على مدار الساعة وسام حق :: منتدى الكمبيوتر والبرامج:: 14 15-04-2010 04:03 AM
استبدل الساعة القديمة للويندوز بهذه الساعة الجميلة ثلاثية الأبعاد قلب ملكة :: منتدى الكمبيوتر والبرامج:: 5 22-08-2009 04:54 PM
أشراط الساعة راضـــي المنتدى الإسلامي 8 04-08-2005 02:40 AM
أشراط الساعة ابوسعود المنتدى الإسلامي 1 08-03-2003 10:49 PM



الساعة الآن 04:50 PM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت