اخر المواضيع

اضف اهداء

 

العودة   منتديات الرائدية > المنتديات الإبداعية > منتدى القصص والروايات
 

إضافة رد
مشاهدة الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-2008, 04:43 AM   رقم المشاركة : 1
~أصداف~
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية ~أصداف~
الملف الشخصي







 
الحالة
~أصداف~ غير متواجد حالياً

 


 

..]رواية .. بلا أتجاهـ [..



بلا اتجاه
للكاتب: أنا راحل



حرك الرماد المتخلف من رسائلها المحترقة بعود صغير، فانقلبت ورقة لم تحترق بالكامل، استطاع أن يلمح فيها عبارة ( فتنطلق روحانا إلى أبواب السماء)، نخسها بعوده ليعيدها إلى الجذوة الراقصة ويراقب حروفها وهي تتلوى وتذوي.

عندما احترقت آخر ورقة، رفع عينيه إلى الأفق أمامه وجعل يرقب خط التقاء السماء القاتمة مع الكثبان الرمادية، ولسعه الهواء البارد الذي يهب بعنف حاملا ً ذرات الرمل، منذرا ً بعاصفة مطيرة.

نهض ومشى متثاقلا ً تغوص قدماه في رمال النقرة التي أودع باطنها حبه، دفن هنا أجمل أيامه وولى، حرق هنا كل ما يذكره بها، رسائلها، خصلة شعرها، الكرت المزخرف المعطر، القلم الجاف الذي نقش عليه الحرفان الأولان من اسميهما.

ركب سيارته وانصفق الباب بدفع الريح التي بدت بدورها وكأنها تصفعه وتصفع سيارته بالرمل، قبع في الدفء خلف الزجاج يرقب هياج الريح خارجه ويسمع أنينها، ورأى من مكانه بقايا الرماد الذي خلفه والرياح تحمله لتذروه في مكان بعيد.

بدأت قطرات المطر تشارك الرمل في صفع زجاجه، تساءل بحزن ما هذا أيتها الريح ألا يكفي أنك ِ أدمعت ِ عيني بذرات الرمل حتى تبصقي علي الآن، طفر الدمع من عينيه فلم يمنعه تركه ينزلق على خديه، ليتخلل منابت لحية لم يحلقها منذ أسبوع.

وهناك، بين كثبان رملية ضخمة ترقد شمال الرياض، ووسط وادي قفر لم يذق رائحة المطر منذ سنين، وتحت زخات مطر مدرار، نسي حلفه بأن لا يبكيها، نسي رجولته الوليدة، نسي كبريائه وأنفته، وانطوى في مقعد سيارته الضيق ضاما ً رجليه إلى صدره كجنين خرج من بطن أمه قبل أوانه، وترك عينيه وأنفه تجودان بمائهما كما جادت السماء في ذلك اليوم المدلهم من حياته.
* * *
لو تركنا حمد قليلا ً لنفسه، ورجعنا بالزمن لنفهم ما الذي حدث، وما الذي جعل شخص ذو شخصية لاذعة ومحببة، وقدرات رائعة، يتحول إلى هذا الإنسان فاقد الحيلة الذي يلجأ إلى بطن وادي قحل يبثه همومه وشجونه ويبكي فيه بكاء كبكاء المسجون بذنب غيره، بكاء كله حرقة وعدم فهم لما حل به، فحمد لو رجعنا له قليلا ً لرأيناه يبكي ويكلم نفسه كأنه يحاول أن يشرح لها أسبابا ً لبكائه لم تفهمها، حتى تعينه في الضغط على الغدد الدمعية لتسخو بكل ما عندها وبكل ما احتبسته منذ خط شاربه.

سنتركه الآن، ونعود بالذاكرة إلى اليوم الذي تعرف فيه حمد إلى منتدى (( أقلام بلا اتجاه )) كأفضل بداية لسرد حكايتنا.


.
.

أن أحببتم ..
سأستمتع .. بوضع أجزائها لكم ..


لتشاركوني روعتها ..







التوقيع :
.
.
يا ربّ العطاء والنعم والفضل والمنّة ,
لا تحرمني من شكرك حتى الموت ..!

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2008, 07:29 AM   رقم المشاركة : 2
أبو رائد
المدير العام
 
الصورة الرمزية أبو رائد
الملف الشخصي







 
الحالة
أبو رائد غير متواجد حالياً

 


 

أمونة الغفيلي


سلمتِ على ما كتبتِ

والله يعطيك العافية







التوقيع :
عِشْ عفويتك تاركــًا للناس إثم الظنون
فــَ لك أجرهم ، ولهم ذنب ما يعتقدون
.
.
.
.
.
.
.
الرائدية ليس مجرد منتدى


رد مع اقتباس
قديم 02-03-2008, 08:29 AM   رقم المشاركة : 3
ابتسـ ألم ـامة
,. مؤسس الرائدية
 
الصورة الرمزية ابتسـ ألم ـامة
الملف الشخصي







 
الحالة
ابتسـ ألم ـامة غير متواجد حالياً

 


 


اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي


هلا وغلا



تستحق المتابعة



جميلة ونقل مميز



بانتظار باقي الأجزاء





سلمت ويعطيك العافية



دمتم بحفظ الباري

وعلى الخير بإذن الله نلتقي

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
كلمــات مـن ذهـب
إياك والرضى عن نفسك فإنه يضطرك إلى الخمول
وإياك والعجب فإنه يورطك في الحمق
وإياك والغرور فإنه يظهر نقائصك كلها ولا يخفيها إلا عليك







التوقيع :



اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي



تابعونا على ../ فيس بـــوك و تويتــــــــر ..!!
http://www.alraidiah.com/vb/showthread.php?t=116374

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2008, 08:31 AM   رقم المشاركة : 4
ظنا وايل

[ :: شَخَصَيَةَ هآمَةَ

 
الصورة الرمزية ظنا وايل
الملف الشخصي







 
الحالة
ظنا وايل غير متواجد حالياً

 


 

أمونة


أختيار رائع . رواية جميلة




شكرا ً لطرحك







التوقيع :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2008, 08:11 PM   رقم المشاركة : 5
~أصداف~
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية ~أصداف~
الملف الشخصي







 
الحالة
~أصداف~ غير متواجد حالياً

 


 

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو رائد
أمونة الغفيلي


سلمتِ على ما كتبتِ

والله يعطيك العافية


يا هلا .. بأخوي .. أبو رائد ..


الله يسلمك ..

ويعافيك ربي ..


متابعة ممتعة أتمناها لك ..






رد مع اقتباس
قديم 03-03-2008, 12:56 AM   رقم المشاركة : 6
~أصداف~
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية ~أصداف~
الملف الشخصي







 
الحالة
~أصداف~ غير متواجد حالياً

 


 

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابتسـ ألم ـامة

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي


هلا وغلا



تستحق المتابعة

جميلة ونقل مميز

بانتظار باقي الأجزاء

سلمت ويعطيك العافية

دمتم بحفظ الباري

وعلى الخير بإذن الله نلتقي



يا هلا إبتسامة ألم ..

أشكر تواجدكِ ..

ووقت ممتع أرجوهـ لكِ ..

دمتي بخير ..






رد مع اقتباس
قديم 03-03-2008, 12:59 AM   رقم المشاركة : 7
~أصداف~
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية ~أصداف~
الملف الشخصي







 
الحالة
~أصداف~ غير متواجد حالياً

 


 

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظنا وايل
أمونة


أختيار رائع . رواية جميلة




شكرا ً لطرحك


ظنا وايل ..

أسعدني طيب المرور ..

وشكراً للمتابعة ..

لك التقدير ..






رد مع اقتباس
قديم 03-03-2008, 01:00 AM   رقم المشاركة : 8
~أصداف~
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية ~أصداف~
الملف الشخصي







 
الحالة
~أصداف~ غير متواجد حالياً

 


 


الفصل الأول


كان أحد أصدقائه والذي يشاركه كثيرا ً من الإهتمامات قد أخبره عن هذا المنتدى، كانا جالسين في بهو الجامعة المسقوف بالزجاج والصلب، والذي يحلو لهما الجلوس فيه مستمتعين بفساحته وارتفاع سقفه والهدوء الذي يغلف جوه، يتناولان من البوفيه الصغير شيئا ً يسكن جوعهما ويرتشفان شايا ً يحبه هو خفيف السكر فيما يحبه مروان (صديقه) حلوا ً كالدبس.

قال مروان وهو يلوك قضمة من (الكلوب ساندويش):

- وش أخبار منتداكم؟

- ممل... ياخي أحس الأعضاء اللي فيه ميتين، والكتابة في واد وهم في واد، والله إني أتعب أكتب قصة أو موضوع وأنزلها منسقة ومن أبدع ما يمكن وفي النهاية ما يرد علي إلا اثنين، واحد يقول مشكور والثاني يقول الخط ما هو واضح.

تراجع مروان بعنف للخلف ورفع رأسه ليطلق ضحكة من سقف حلقه كعادته، تاركا ً جسده الملئ يهتز، في مشهد جذب ابتسامات الجلوس حولهم، والحرج إلى حمد، فقال وهو يخفض رأسه ويقترب من مروان:

- مروان... قصر صوتك، فضحتنا.

- هههههه، حسن خطك؟ هذا أكيد مدرس الخط ( حسان توفيقي) اللي كان متقعد لنا في الإبتدائي- الله يكرهه- لاحقك إلى المنتدى.

- استغفر الله، ما تخلي الناس من شرك.

قالها حمد وهو يضحك ضحكة مجاملة، فيما استمر مروان في سيرة (حسان توفيقي):

- تذكر يوم يوقفنا......

- أقول بلا سواليف ذكريات، بلا هم، والله يا أنت رايق.

- الله... الله، وراك معصب؟ كل هذا عشان حسن خطك؟ يا خي لو أنك سامع كلام حسان توفيقي من زمان كان ماتفشلت في هالمنتدى.

وعندما رأى تشاغل حمد في تقليب كتاب بين يديه، هز رأسه وعاد إلى ما بين يديه، وحالما انتهى من الساندويش مسح يديه بمنديل يزينه شعار لشركة تغذية قبل أن يكوره ويحاول التصويب على سلة المهملات التي تبعد عنهم بضعة أمتار، ولكنه أخطاها وتدحرج المنديل بعيدا ً فعض شفته السفلى وتناول كوب الشاي وهو يقول:

- طيب... غير المنتدى، ما كثر الله إلا هالمنتديات، فيه منتدى سجلت فيه قبل فترة وأظن أنه بيعجبك، عندهم منتدى قصص وخواطر جميل جدا ً، ويكتب فيه مجموعة كتاب ممتازين، وكتاباتهم راقية ورايقة، وبعدين منتدى فعال، يعني تنزل موضوع تجي بكرة تلاقي الردود عشرين.

- والله حلو... ايش اسمه؟

- منتدى ( أقلام بلا اتجاه).

- أقلام بلا اتجاه... غريبة ما سمعت عنه؟ طيب أرسل لي اللنك حقه، وبشوفه لو عجبني سجلت فيه وتركت منتدى أي كلام هذا.

- صدقني بيعجبك، فيه كاتب رهيب جدا ً اسمه (النورس) يكتب رواية اسمها (بروق على ساحل الحب) وصل فيها حتى الآن الفصل التاسع، وفيه ( بنت فاضل) كتبت رواية حلوة خلصتها الشهر اللي فات، الظاهر كان اسمها ( بقايا حب أعجمي) أو ( ويبقى حب أعجمي)، وفيه أحسن واحد طبعا ً اللي هو أنا، مسمي نفسي ( قلم بلا غطاء).

- ههههههههه، قلم بلا غطاء؟ والله يا عندك ذوق في الأسماء... قلم بلا غطاء... أممممم، طيب ليش ما يصير قلم أخضر بلا غطاء، لا... لا... قلم أخضر جاف بلا غطاء ويقطع... لا... لا... قلم أخضر وغطاه أزرق ويقطع... هاهاه.

- يا مصلك، أجل أسمي نفسي مثلك ( على تخوم القبيلة).

ثم اتخذ مروان هيئة مدرسي اللغة العربية عندما يتحمسون في الشرح، وقال بلهجة تهكمية:

- على حرف جار لما بعده، تخوم جمع تخم وهو شدة الشبع تقول انتخمت أي امتلى بطني وذلك في حق من يأكل بأصابعه الخمسة، أما من يأكل بملعقة فهو ينتفخ والإنتفاخ ليس هذا مجال تفصيله، القبيلة هي مجموعة من الناس لهم شيخ يسمى شيخ القبيلة.

كان حمد يحاول كتم ضحكاته ويغالبها ليقول لمروان:

- اسكت يا جاهل... الله يغربل شيطانك، ههههههه... ياخي ألف مرة قلت لك (تخوم القبيلة) هذا واحد ثاني، أنا أكتب بيوزر أنت ما تعرفه.

- علينا... أعرف أسلوبك يا حبيبي، لو يكتب في الموقع مليون واحد أقدر أطلعك من بينهم، قال تخوم قال، المهم سجل لك بإسم زين في الموقع لا تفشلني قدامهم.

- هههههههههه... اللي يسمعك يقول الموقع موقعك، مالك إلا يومين مسجل عندهم وسويت كذا، أجل وش بتسوي إذا تميت ثلاث سنوات.

- المهم... الموقع وبرسل لك اللنك حقه، وخلنا نشوف المشاركات العدلة، مهوب تفشلني قدامهم تراني بحسبة كفيلك.

ثم نهض وطوح بالكأس الورقي إلى السلة ولم يخطأها هذه المرة، ولحقه حمد وهو يجذب كتبه من على الطاولة، وغادرا البهو ليعودا إلى الكلية.

* * *

عندما فتح بريده الإلكتروني من الغد كان مروان قد وفى بوعده وأرسل الرابط، كان الوقت حينها يقترب من منتصف الليل، وهو قابع في الظلام في غرفته الصغيرة التي ينفرد فيها لوحده، فيما يتقاسم أخوته الباقون الغرف كل اثنان في غرفة.

كان يحب ولوج النت ليلا ً، عندما يعود إلى البيت من عند أصدقائه، يطفىء النور ويشعل جهازه، وينفق ساعة يوميا ً موزعة بين تفقد البريد والمسينجر والمنتدى الأدبي الذي يكتب فيه بمعرف ( على تخوم القبيلة)، كان المنتدى يهتم بالشئون الأدبية ويضم مجموعة من كتاب القصة الشعبية والخواطر من الجنسين.

ولكن المنتدى افتقد للحماس مؤخرا ً، وغابت عنه كثير من الأقلام التي كان يحترمها، وأصبح يكتب فيه لمجرد الكتابة، ولذلك عندما أخبره مروان عن هذا المنتدى النشط فرح كثيرا ً وقرر زيارته والفرجة على موضوعاته.

عندما ضغط على الرابط، انتظر قليلا ً حتى بدأت الصفحة البيضاء تتلون بلون أزرق هادئ، كان تصميم المنتدى هادئ وجميل وينم عن ذوق عالي، كان مجمل الألوان فيه تتراوح بين اللونين الأبيض والأزرق وبينهما درجات الأزرق، وفي واجهة المنتدى كان يبدو اسم الموقع على شكل شراع لمركب صغير يبدو تائها ً في عرض البحر، وفوق قائمة المنتديات كان هناك شريط صغير يعرض آخر الموضوعات، جذب انتباهه عبارة صغيرة فوق الشريط، قرأها بصوت هامس ( أيها الداخلون هنا، دعوا لنا بعضا ً من حكاياكم، أليست حيواتنا حكايات يرددها الآخرون)، أعجبته العبارة وفهم مغزاها، تساءل عن كنه كاتبها؟

تجاوز العبارة ونزل إلى مجموعة المنتديات، وبلا تردد نقر على منتدى القصص والروايات، وجعل يجيل طرفه بين أسماء القصص، عرف عناوين بعضها منقولا ً من منتديات أخرى، فتح في صفحة أخرى قصة ( بروق على ساحل الحب) التي أخبره مروان عنها، وأيضا ً قصة ( بقايا حب أعجمي) التي هاله تجواز عدد قرائها العشرون ألفا ً، وجذبه عنوان قصة وعدد قرائها المرتفع لكاتب يدعى (قلم بلا اتجاه) كان عنوانها ( صفحات حب تذروها الرياح)، فتحها ليجد تحت اسم الكاتب وصورته التي تمثل مركبا ً في عرض البحر وصف (مشرف منتدى القصص والروايات)، انتبه إلى أن الصورة التي تمثل الكاتب هي نفس الصورة التي تتصدر الموقع، تساءل هل هذا هو صاحب الموقع؟

اكتفى بالقصص الثلاث التي فتحها، انتظر دقائق حتى يكتمل التحميل قطع بعدها الإتصال، نظر للساعة كانت تقترب من الواحدة بعد منتصف الليل، قاوم الرغبة الشديدة التي تنازعه للإطلاع على القصص، مذكرا ً نفسه بأن ورائه يوما ً جامعيا ً طويلا ً، أدخرها للغد، وقام بإقفال الجهاز بعدما حفظها على سطح المكتب.

* * *

مر اليوم مرهقا ً له متنقلا ً ما بين القاعات والمدرجات، ملاحقا ً المحاضرات والدكاترة، وعندما عاد إلى البيت كان التعب قد أنهكه، فآوى للفراش بعدما قبل رأس أمه حتى تكف عن إلحاحها على أن يتغدى قبل أن ينام وداعب رأس أخته الصغيرة.

استيقظ عصرا ً، كانت صلاة العصر قد قضيت، استغفر الله على تفريطه وتوضأ وصلى في غرفته ثم ذهب يبحث عن ما يسد جوعه، وبعدما شبع حمل كأسا ً من الشاي وعاد إلى غرفته.

وقف في المنتصف بين رواية ( بيروت.. بيروت) لصنع الله إبراهيم التي تستقر على حافة الكوميدنو وجهازه، ارتشف جرعة علها تساعده على اتخاذ قرار بين إكمال الرواية أو الإطلاع على القصص الثلاث اللواتي حفظهن في الليلة الفائتة، ثم حسم قراره وفتح الجهاز.

بدأ براوية ( بقايا حب أعجمي) فمروان أخبره بالأمس أن كاتبتها قد ختمتها، بدأ بقراءتها لم تعجبه في البدء لغتها المغرقة في العامية والتي غابت عنه بعض ألفاظها، ولكنه بدأ يعجب بشخصية البطلة، ويتابع القصة وأحداثها التي تدور وتدور، ولذلك لم ينتبه إلى وآذان المغرب يخترق الأجواء.

كان قد تبقى من الرواية فصلان، فأتمهما بعد الصلاة، كانت الرواية جيدة إلى حد ما، عابها تكرار الفكرة واللغة المفرطة في العامية، ارتدى ملابس الخروج، ونزل إلى الطابق الأرضي حيث كان أخوته الصغار يستلقون أمام التلفاز، حمل أخته الصغيرة ( لمى) بين ذراعيه وطوح بها إلى السقف وعاد يتلقاها ويطوح بها مرة أخرى وهي تضحك وتصرخ ( اتلكني... ماما... سوفي حمد)، كانت هي آخر العنقود، فيما كان هو البكر وجاءت بعده بسنتين أخته ( هيلة) ثم ( عبير) ثم ( سعد) وأخيرا ً الدلوعة ( لمى).

خرج من المنزل ليستقل سيارته (الشيروكي) والتي اختارها خصيصا ً لحبه للرحلات البرية، ففي أيام الأمطار والأجواء الربيعية يخرج إلى أطراف مدينة الرياض مع أصدقائه وأحيانا ً يقضون الليل في مخيم صغير يقيمونه هنا أو هناك.

وقت حمد موزع بين دراسته وهواياته، فبالإضافة إلى هواية التخييم والنزهات البرية، يعتبر حمد بين أقرانه وأصدقائه مرجعا ً في شئون الأدب العربي والعالمي، فهو يقرأ وبنهم الكثير من نتاج الأدب العربي ما بين شعر وقصص وروايات، وأيضا ً يتابع بشغف الأدب العالمي وخصوصا ً أدب أمريكا الجنوبية وأعمال ماركيز وجورج أمادو وإيزابيل الليندي، وكنتيجة طبيعية لمن يجمع بين شاعرية الصحراء تحت هبات الربيع والإطلاع على المؤلفات الجميلة الثرة لكبار الكتاب، بدأ حمد يكتب بلغة جميلة شعرية مجموعة من القصص القصيرة والمحاولات الكتابية التي نالت الإستحسان من أصدقائه.

* * *

عاد ليلا ً كعادته إلى البيت الذي نام كل من فيه، كان قد بقي على موعد نومه قرابة الساعة والنصف، فصنع له كوبا ً من عصير البرتقال، وتناول جهاز التحكم ليتنقل بين القنوات قليلا ً وعندما لم يجد شيئا ً يروق له أطفأ التلفاز وانتقل إلى الكمبيوتر.

كان قد تبقى له قصتان ( بروق على ساحل الحب) و (صفحات حب تذروها الرياح)، فكر لحظات ثم قر قراره على ادخار قصة مشرف المنتدى التي يتوقع أن تكون دسمة للنهاية، وبدأ في قراءة رواية (بروق على ساحل الحب)، أطفأ النور ومد قدميه على كرسي وضعه إلى جانبه حتى يريحهما، وبدأ يقرأها بهدوء.

عندما فرغ منها كان قد تجاوز موعد نومه بنصف ساعة، ولكن الرواية الجميلة جذبته رغم لغة الكاتب الضعيفة كحال الرواية السابقة ( بقايا حب أعجمي)، ولكن أعجبته الأحداث ومجموعة الأبطال الذين بدو كما لو أن النورس (كاتب القصة) قد بث فيهم الروح، فبدت أفعالهم وكلماتهم كأنها مجتزئة من أرض الواقع، وتصرفاتهم تقترب من التصرفات الطبيعية بعيدا ً عن المثالية والتصرفات الغريبة التي تصبغ أبطال القصص.

تمطى وألقى بنفسه على فراشه بعدما أغلق الجهاز وغسل أسنانه، وما هي إلا لحظات حتى غاب في لجة النوم.

* * *

بدى منشرحا ً في الصباح رغم قلة الساعات التي نامها، ولكن لأن اليوم أربعاء، وليس لديه سوى محاضرتين من الثامنة حتى العاشرة، والأهم أنه قد اتفق مع أصدقائه على التخييم في مكانهم المعتاد عصر هذا اليوم، مستغلين الإجازة الأسبوعية والأجواء الجميلة التي تلي الشتاء الذي ولى.

عندما انتهت المحاضرات خرج هو ومروان، قطعا الرواق المزحوم بالطلبة وتوقفا قليلا ً عند الكافتيريا الصغيرة الخاصة بالكلية ليأخذ مروان كأس كابتشينو ليعدل مزاجه كما يقول، سأله مروان عندما تركا جو الكلية المكيف إلى الهواء الطلق والسماء التي زينتها مزع السحاب:

- دخلت المنتدى؟

- ايه.

- سجلت؟

- لا... دخلت وفتحت بعض القصص فيه، والله الموقع جيد، بسجل إن شاء الله.

- وش قريت؟

- (بقايا حب أعجمي) و... الظاهر (بروق على ساحل الحب)، كذا اسمها؟

- ايه... أعجبتك؟

- (بقايا حب أعجمي) يعني، بس ذبحتني العامية، نص الكلام مافهمته، أما (بروق) حلوة، الشهادة لله أنها حلوة، قريتها أمس إلى حدود الساعة 1.30، الصراحة الكاتب مبدع، بس توها في الفصل التاسع.

- (بروق) حقت النورس صح؟

- ايه.

- ايه... (النورس) من كبار كتاب المنتدى، وعلى فكرة تراه ساكن في فرنسا، الظاهر أنه مبتعث هناك.

- ما شاء الله، ما كملت في المنتدى أسبوعين، وحافظ تاريخ كل كتاب المنتدى.

- تعرفت على واحد من المشرفين على الموقع، وأضفته عندي بالمسينجر، وجلسنا نسولف وعطاني بعض المعلومات عن الكتاب فيه.

- اها.

كانا قد وصلا إلى المواقف فإفترقا، اتجه حمد إلى سيارته، وانطلق بعجل إلى البيت ليظفر بساعات نوم حتى يكون مستعدا ً للتخييم.

* * *

عندما نهض عصرا ً كان يحس بخدر شديد، اتجه إلى الحمام وهو يسير بخطوات متمايلة، غسل وجهه بقوة ثم توضأ، ومسرعا ً اتجه إلى المسجد القريب حتى لا تفوته الر كعات الأخيرة من الصلاة.

عاد بعدما قضيت الصلاة، ليحمل عدته الخاصة وفراشه المطوي من الغرفة القصية في البيت والتي تحاذي السور الخارجي ويلقيها في مؤخرة سيارته، ثم ذهب إلى المطبخ بحثا ً عن شيء يطفئ جوعه.

كانت أمه تغسل الأواني المتبقية من الغداء، قبل رأسها وداعب رأس أخته لمى التي كان شعرها مهوشا ً وبين يديها إناء تأكل منه بأصابعها الصغيرة، قال لأمه:

- توصين على شيء يالغالية؟

- بتخيم هالأسبوع بعد؟

- ايه... قبل لا يجي الصيف، نبي نستفيد من الجو الحلو.

- الله يصلح قلبك، لو تنتبه لدراستك مهوب أحسن لك وأنا أمك.

- يا حبيبتي... يا أمي... اللي يسمع كلامك الحين يقول إني كل سنة أرسب ومعدلي نازل وحالتي حالة، الحمد لله دراستي ماشية والأمور زينة وأنا أخيم في مكان قريب وفيه إرسال لو بغيتوني اتصلوا علي وأجي، ماله داعي هالخوف.

- الله يصلح قلبك... هذا اللي أقوله.

- آمين، أتوصين على شيء؟

- سلامتك، مر على أبوك في المكتبة يبيك.

- أبشري.

* * *

توقف قليلا ً أمام باب المكتبة وأخذ نفسا ً عميقا ً، تعتبر هذه الغرفة غرفة والده الأثيرة، وهي مكونة من أرفف كبيرة تلامس السقف، تتراص عليها آلاف الكتب ما بين كتب دينية وفلسفية وتاريخية وأدبية، ومكتب يتوسط الغرفة يقبع خلفه كرسي مريح، في هذه الغرفة يقضي والده جل وقته، في قراءات متواصلة وبحوث ذات أسماء موحشة مثل ( الأثر التشكيلي في ثقافة بلاد ما بين النهرين) أو ( العقل العربي ما بين الإثبات والنفي)، كانت رؤية أبوه المنعزل أبدا ً في هذه المكتبة والمكب دوما ً بنظارته السميكة على الكتب ذات الأحجام الضخمة، هي التي دفعته إلى أن يكتشف عالم الكتب وأن يقرأ، ورغم أنه قياسا ً بأقرانه وأسنانه يعتبر متفوقا ً ثقافيا ً، ولكنه يدرك أن جل قراءاته لم تتعد النفَسَ الأدبي، وأنه لا يزال في المنطقة الضحلة فيما يغوص أبوه في اللجة الكاسحة للبحر المترامي.

حتى نفهم لماذا وقف حمد عند الباب وأخذ نفسا ً عميقا ً استعدادا ً للدخول، فإنه لزاما ً علينا أن نفهم طبيعة العلاقة التي تربط بين حمد وأبيه، كان حمد يحترم أبيه، يحترم علمه وعقله، ويشعر بالفخر عندما يظهر أبوه في التلفاز في كثير من القنوات أو على صفحات الجرائد عندما تفرد له الأعمدة، فأبوه ينظر له كأحد المفكرين العرب البارزين رغم انعزاليته، ولكنه في نفس الوقت يحس أن والده بعيد جدا ً عنه هو وأخوته بسبب انعزاله وغرقه في القراءة والبحوث، كما أنه يحس بأن والده لا يرضى كثير بتواجد حمد الدائم خارج البيت، وسفراته وتخييماته مع أصدقائه، كان الوالد يعتبر كل هذه الأشياء مضيعة للوقت وإن لم يصرح بذلك.

ولذلك عندما دفع حمد الباب ودخل كان يتوجس مما يريده والده منه، كان أبوه واقفا ً مستندا ً إلى أحد الرفوف، وبيده مجلد قد انتزعه كما هو ظاهر من سلسلة (قصة الحضارة) لويل ديورانت، كان يبدو أنه لم ينته لدخوله، وهو يركز عينيه على الكتاب، تنحنح حمد بحرج فرفع والده رأسه فبادره حمد:

- السلام عليكم.

- وعليكم السلام، هلا حمد.

أعاد الكتاب إلى مكانه، ثم سحب الكرسي وجلس على المكتب وجعل يقلب الكتب والأوراق المتناثرة على مكتبه بحثا ً عن شيء ما، وقال:

- بتخيم اليوم؟

- إن شاء الله.

- وكيف الأرض؟ فيه ربيع السنة هذي؟

- زينة والحمد لله، أفضل من السنة اللي فاتت.

- احرص على نفسك وأنا أبوك.

- ابشر.

نهض إلى كرسي في طرف الغرفة تتراص عليه مجموعة من المجلات العلمية وأوراق بشكل فوضوي، وانتزع من بين الأرواق مجموعة من المظاريف، ناولها إلى حمد وهو يقول:

- هذي فواتير البيت، سددها قبل لا تروح، لها أسبوع عندي وأخاف أنساها أكثر من كذا.

ثم تناول من جيبه مجموعة من النقد وأعطاه إياه وهو يقول:

- لا تنسى.

- ابشر.

ثم عاد إلى كتبه وأوراقه، فاستدار حمد وغادر الغرفة وهو يقول بصوت خفيض:

- مع السلامة.

- مع السلامة.

عندما أغلق الباب، أطلق زفرة قوية وشد بيديه على المظارف والمال، وانطلق إلى غرفته صاعدا ً بخطوات واسعة، جمع ملابسه الرياضية والأغراض التي يحتاجها في البرية في حقيبته اليدوية الصغيرة، ثم حمل إحدى الروايات ووضعها مع الملابس حتى يتسلى بها، قبل أن يتوقف قليلا ً ثم يتراجع ويعيدها إلى مكانها ويشغل جهازه، ويفتح الرواية الثالثة المتبقية والتي حفظها من منتدى ( أقلام بلا اتجاه) والمعنونة ب ( صفحات حب تذروها الرياح)، ثم يقوم بنقلها إلى الوورد وتنسيقها بشكل سريع ومتعجل، قبل أن يطبعها ويتناول الأوراق الحارة والتي تحمل رائحة الحبر، ويلفها ويلقيها في الحقيبة ثم يحملها منصرفا ً.

.
.

نهاية الفصل الأول
...







رد مع اقتباس
قديم 08-03-2008, 09:29 PM   رقم المشاركة : 9
فتى الرائدية
رائدي ذهبي
 
الصورة الرمزية فتى الرائدية
الملف الشخصي







 
الحالة
فتى الرائدية غير متواجد حالياً

 


 

أمونة الغفيلي

لاهنتي يالغلااااااااااااااااا







رد مع اقتباس
قديم 09-03-2008, 02:57 AM   رقم المشاركة : 10
نجم
-( مشرف سابق )-
 
الصورة الرمزية نجم
الملف الشخصي







 
الحالة
نجم غير متواجد حالياً

 


 

أمووونه يسلمو على ماكتبتي والى الامام







التوقيع :
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

رد مع اقتباس
 
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية حفص علي قصر المنفصل الحلقة الأولى صبري علام :: منتدى جمعية تحفيظ القرآن الكريم :: 17 07-12-2011 09:07 PM
رواية حفص علي قصر المنفصل الحلقة الثانية صبري علام :: منتدى جمعية تحفيظ القرآن الكريم :: 3 09-06-2010 11:00 PM
رواية حفص علي قصر المنفصل الحلقة الأولى صبري علام :: منتدى جمعية تحفيظ القرآن الكريم :: 3 30-04-2010 04:03 PM
رواية حفص علي قصر المنفصل صبري علام :: منتدى جمعية تحفيظ القرآن الكريم :: 8 29-04-2010 03:01 AM
رواية بنات الرياض هاشم الزيود منتدى القصص والروايات 3 26-04-2006 06:08 PM



الساعة الآن 01:04 AM.

كل ما يكتب فى  منتديات الرائدية  يعبر عن رأى صاحبه ،،ولا يعبر بالضرورة عن رأى المنتدى .
سفن ستارز لخدمات تصميم وتطوير واستضافة مواقع الأنترنت