كسّارة ( وجدانيات ثقافية )
بقلمـ/ مجدي غرسان
أهلا بالجميع ..
هذا هو لقاء الجمعة الاسبوعي والثاني بكم من خلال صحيفة الرائدية . أستوقفتني اسئلة كثيرة حول معنى هذه الزاوية
وماهو سبب اختياري لكلمة كسَارة .
المعروف أن الكسَارة اسم لالة يصنعها الانسان ليجعل من الصخور الصلبة أجزاء من الحصى يعيد تكوينه مرة أخرى ويُشكل منها حجارة أخرى لبناء معالم تبقى على مر العصور .
إن ما يحدث في أفكار و مشاعر الكاتب يشبه تماما عمل الكسَارة . فالقلم يجعل من حروفنا أجزاء من الكلمات و المعاني التي تتجزأ بمهارات مختلفة لتصور للقارئ ما نريده و ما يمكن أن يرضيه من خلال تلمس أحتياجاته الفنية أو الاجتماعية أو الفكرية أو الأدبية .
لذلك اخترت ان تكون الكسارة هي المعنى الأقرب
المهم ...
هذا الاسبوع في العاصمة الرياض مليئ بالأحداث والمواقف ونحن نشاهد المشهد الثقافي وفعالياته في معرض الكتاب الذي يتجول في العواصم وهنيئا لمن منح نفسه الفرصة الكافية لزيارته ومحاولة البحث عن شي يقوده لأن يصبح حاضر في زمن بات فيه أغلب البشر بحاجة لانتقاء الافكار وتحصينها وزرع القوة المعرفية في داخلنا.
اليوم وكما استوعبنا فكرة بدء تلاشي النخبة ان لم تكن أصلا قد تلاشت فإن الكثير من الكُتاب يجب أن يكفوا عن مسلسلات التمثيل في محاولة للتقرب من السلطة و تمتين العلاقة بها . يجب أن يكفوا عن تصوير أنفسهم بانهم فئة لاغنى للمجتمع عنها . المجتمع اليوم لم يعد له منبر ثابت يحركه وهو الرئيسي له ولااالصحافة الباهتة التي تكون فيها الإعلانات أعلى نسبة من المقالات الثقافية و المنطقية . في ظل تعاقب هذه الانشطة كمعرض الكتاب الذي يتجول في محاولة لجذب القارئ وإشعار المتفرج الناقد بأنه في النهاية سيصبح لوحده في حماقته ان لم يواكب العصر
وهي رسالة أيضا للإنسان الذي يراقب الانسان الاخر أن الثقافة و الفكر لا يمكن باي حال من الاحوال أخفاء معالمها و اثارها على البشر ولا يمكن أيضا السيطرة عليها من خلال جهاز راقبي الا في حدود الاخلاق أما عدا ذلك فالحرية الفكرية ملك للجميع .
يشعر الكثير من المتسلطين و ممن جرب أن تكون عقول الاخرين مطايا له يشعر بتمرد المجتمع اليوم عن مايريده و ما هو سبب في استمراره في برجوازية النخبة . وهذا الغباء الفادح لا يمكن معالجته الا بأن يستوعب الكثير أننا في زمن يتيح للكبير والصغير الفرصة في تحليل الامور و معرفة الحقوق و الواجبات و تحسين الذوق العام في شتى مجالات الحياة . و الفرصة هذه يجب أن تستغل بطريقة تليق بالقارئ و المستمع . أما عدا ذلك فهو كما يقال نوع من القديد ..
إن وهم المركزية و تسخير المخلصين لها لم يعد له جدوى . الاهم من ذلك أن نستوعب فكرة الانتقال السريع . ومساعدة أنفسنا في الوصول الى مجتمع متعايش يليق باسم ديننا العظيم و ما يحمل من رسالات سماوية .
خارج النص ...
الصداقة فضيلة عظيمة مؤثرة و لك أن تتخيل عزيزي القارئ اثرك على صديقك وكيف يمكن أن تكون سبب في سعادته وحفظ حقوقه والعكس اذا كنت سبب في غير ذلك . أنها الميثاق الأمثل بين شخصين يتبادلان المشاعر و المحبة بصدق و كل من يوثق على نفسه عهود البقاء ثم يخونها هو بالنهاية ترك في قلب الاخر جرح لايزول ولا يمكن نسيانه , ذلك لان المواثيق لا تطلب الا حينما يخشى أحدهم من الفراق او التنكر او عدم الصفاء .
لذلك السعي للصداقة يعد أمر واجب و لا يكفي التعاطف من بعيد بل إن النصح والتسامح و التقارب لكل من نجد له الحق هو الواجب وهو الجسر الاقوى في ذلك .
ما بعد الكلام ...
لا يحق لأحد أن يستأثر بالحرية لانها حق مشترك في هذا العالم يجب أن نتقاسمه جميعا ... و بالمناسبة نبارك للشاعر (محمد ابن الذيب ) خروجه من السجن ووالعاقبة للمتقين .
* كاتب وقاص