لحظاتٌ في الماضي
بقلم الكاتبة / عايشة الحوسني*
كل لحظة في حياتنا لها طابعها الخاص فيها. كل واقع نعيشه له زمنه المحدد. نحن من نحدد بأي مسار يسير هذا الوقت، نحن من نحدد خطة هذه اللحظة التي ستدوّن. ونحن من حددنا سابقاً لحظاتنا ورسمناها بطريقتنا الخاصة فينا. البعض مننا يتمنى أن لو كان بوسعنا الرجوع للماضي، لتغيير لحظة واحدة أو موقفٍ واحد. وربما السعي لفعل ما كننا نراه جميلٌ في حياتنا. في الحقيقة لسعينا لتغيير الكثير والكثير إلى أن تصبح الحياة أخف علينا من هذا الثقل.
لكننا في الواقع سعينا لأن نتحسر، سعينا للتحسر وراء أشياءٍ محال لها الرجوع يوماً. سعينا لترسيخ كل ما يؤلمنا في أذهاننا التي سأمت من تحمل كل هذا اليأس والبؤس.. سعينا للركض وراء ذلك الماضي الذي لم يكن عزيزاً علينا، لهذا أردنا تغييره.. بأيدينا زرعنا هذه الذكريات المؤلمة فينا.. حتى أصبح نسيانها صعبٌ.. حتى باتت تؤثر على حاضرنا الذي لا نعلم كيف سنعيشه وقلوبنا قد علقَت في صفحات الماضي. ربما ستتوقف عليك الحياة ويردد لك أحدهم ان هذه مجرد لحظات ودروس يجب عليك أن تتعلم منها وما إلى ذلك.. وستسير أنت بنفس هذا الوجع وهذه الحسرة كل يومٍ، لأنك تسمع نفس "الأسطوانة". لكنك إن سألتني، سأقول لك أن دروس الحياة لا تنتهي. ربما تقع في مساء اليوم، ولكنك ستقف بكل قواك في صباح الغد! لا يجب عليك الثبات في موقف أو مكان واحد أو زمانٍ واحد! التحرك شيء أساسي لكي نغير حياتنا للأجمل. اللحظات تبقى وتترسخ هنا، حين نتحرك، حين نفتح أعيننا على ما حولنا. ربما هناك ماضٍ سيء ولكن هناك مستقبل ينتظرنا، مستقبل يود أن نشكل له أجمل اللحظات لكي تُخلّد في ذواتنا، مستقبلنا بحاجة إلى تفاؤل وأمل حتى يشعر أننا وصلنا إليه بروحٍ لم تيأس ولم تتوقف أبداً.
نحن لا ندرك تعلم الحياة إلا حينما نيأس. لكن هذا ما يجعلنا أقوى، هذا ما يجعلنا ننهض أمام ما تسبب في ألمنا ويأسنا، فلا ندم على لحظات في الماضي سُلِبت من أعمارنا الكثير، لأنها هي من تعلّمنا الحياة لاحقاً. هي من تعلمنا الوقوف من جديد.. تعلّمنا الانتباه.. حتى تجعلنا نتقبل كل شيء لنقف أمام مستقبلنا متوكلين على الله.
* كاتبة من الإمارات
5 pings