إلى صديق الروح
بقلم الكاتب / محمد عبدالرحمن الحربي*
كان لي صاحب كروحي، هو معي في كل وقت حتى وإن كان بعيدا جسدا ....
أحسست يوما من الأيام ببعد روحه عني!
فكتبت له هذه الكلمات:
أبعث إليك أحرفي وهي تتعثر، وأرسل لك همساتي وهي تتنهد، وأسوق لك مشاعري وهي تتقد ، فليتك تقرأها بروحك وتستودعها قلبك الطيب الغض .
إن أيامي معك لا أكاد أجد لها عبارات تصف جمالها أو تحكي حلاوتها، لكن دعني أحكي لك بعضا مما أسعفني به شريط ذكرياتي معك!
عندما أجلس معك وأكون بجانبك لا تسأل عن عظم فرحتي وعظيم سعادتي، أحس بطعم الحياة ولذة الدنيا، أشعر بفرح لا يفسره إلا قربي منك، وأتذوق السرور الذي لا يشرحه إلا وجودي بجانبك.
أخلع كبريائي وغروري وهيبتي عندما يكسوني محياك وتغمرني طلتك.
قد لا تصدقني عندما أقول لك: إني أشعر بالأمان والاطمئنان حينما أكون معك.
أتعلم أني أفكر ألف مرة بك عندما ألمس مسحة حزن ألمت بك.
أحاول أن أخترع شيئا يسرك، أو ينسيك همك.
أتذكر مواقفك معي التي لا أحصيها مودة وحبا وتعزية ومواساة، فهي زروع، ما زالت تنمو وتثمر.
كم مرة أوقفت مالك ووقتك لي، وجعلته تحت أمري وسلطاني.
كم مرة أحرجت نفسك ووجهك من أجلي.
كم مرة أتعبت رجلك وظهرك من أجل راحتي.
وكل ذلك، ولم تذكرني به، ولم تطلب به بدلا أو جزاء!
يا أقرب أخ و يا أعز صديق، و يا قلبي السائر وفؤادي الطائر افعل ما تشاء واترك ما تشاء فلقد شرفتك فعالك المحمودة، وغطتك شهامتك المعهودة.
فلا تبالي ما سمعت مني من عتاب أو جفاء.
فلقد أوفيتني حق الإخاء كثير الجزاء.
ولا تبالِ بكلمات موجعة باعثها خوف فقدك أو ابتعادك.
فالدنيا يذهب بريقها ببعدك واختفائك.
وطعم الحياة يجف بغيابك.
فأنّى لي الهناءة! وأنت غريب، وأنى لي السعادة! وأنت بعيد .
إن كان لي عتب فعتبي على عتبي لأنه عتب عليك، فأنت لا تستحق أن أعاتبك، ولا أن أهمس في أذن خيال بخطئك، ولا أن أشكو لغريب جفوتك, ولا أفكر بأن أشرح لمخلوق جرحك؛ لأنك فوق العتب وأعلى من اللوم.
ارحل متى شئت وغادر حيثما أردت، ولكن اعلم أني أحمل ذكرياتك وأشياءك معي في كل آن وحين، وكن على يقين أن الوفاء مني لك قناعة غلفتها في حشاي، لن ينزعها شيء مهما صنعت!
لن تغادرني ضحكاتك وهمساتك وكلماتك مهما بعدت أو قسوت!
اذهب وامرح وابتعد، ولكن إياك أن تعتقد أني سوف أنساك أو يلهو قلبي عن ذكراك أو لا يشتاق لمحياك!
انس كل عباراتي، وتجاهل كل كلماتي، ولكن قف لحظاتٍ عند هذه الجملة :
( أنت الحب فلا تكسر قلب المحب )