نحو مجتمع أرقى .. "من حرك جبنتي"
بقلم : د. نجوى مرضاح المري *
من المتفق عليه أن الكتاب هو خير صديق لما للكتاب من تأثير على قارئه ، هناك كثير من الكتب قد تبدو وكأنها غير قيمة ولكن تحمل رسالة عميقة ؛ من تلك الكتب هو كتاب "Who moved my cheese" ، من حرك جبنتي ، وهو كتاب يتحدث عن حكاية فأران و اثنان من البشر وكيف أن الفأران استطاعا أن يتأقلما مع الظروف الجديدة والبيئة المتغيرة بسرعة بخلاف البشر اللذان تمسكا بما يعرفانه ولم يحاولا العثور على حلول أخرى لتجاوز المحنة والتغييرات التي طرأت فخسروا في النهاية .
هذا الكتاب على أنه يبدو وكأنه كتابا للأطفال ولكنه قادر على استيقاف القارئ ليعيد تفكيره في نفسه والمجتمع الذي حوله . فمن ضمن اللفتات التي يقدمها الكتاب هي الاستجابة للتغيير وعدم مقاومته والتفكير بحلول سريعة وعقلانية للتأقلم مع الظروف المحيطة ، اللفتة الأخرى هي عدم التقليل من قدرات الغير والاستهانة بهم وبدلا من ذلك المحاولة من الاستفادة من كل ممن حولك ابتداء من النملة المثابرة إلى الطير في السماء فها هم الفأران بصغر حجمهما تغلبا على عبقرية وجبروت الانسان .
عندما نتحدث عن التغيير لابد ان ننوه الى ان التأقلم يحتاج القبول كشرط أساسي و خطوه أولى ومن ثم وضع خطه وأسس موجهه نحو الهدف او التغيير المطلوب. حتى نكون اكثر ايضاحا، المجتمع من حولنا يحتاج الكثير من التغيير ابتداء من الفرد نفسه الى بعض العادات والتقاليد ولن يحدث التغيير دون تقبل فكرة التغيير والعمل على تبني التغيير وزرعه في المجتمع.
بعد توحيد بلدنا الحبيب توجه القادة الى تعمير البلاد و الاهتمام بالتعليم ولكن في تلك الأيام كانت فكرة خروج المرآه للعمل أو الدراسة مرفوضة جدا وبما أن القيادة كانت حكيمة ومدركة لدور المرأة في المجتمع وأن تعليمها لا يتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف بدأت بإقناع الأهالي بأحقية الانثى بالتعليم مثلها مثل الذكر ولكي تكسب قبولهم أقنعتهم بأنهم كحكومة ستضمن الانفصال التام للجنسين والمحافظة التامة على بناتهم. من هنا تم موافقة الآباء لخروج بناتهم والذهاب للمدارس وتعليمهم وبهذه الخطى تم النهوض ببلدنا الحبيب عن طريق النهوض بركيزتيه الذكور والإناث على حد سواء ولك ان نتخيل كيف قد تكون بلدنا من غير تعليم بناتنا ولك ان تسال نفسك هل كان سيتم التغيير ان لم يكن هناك اقتناع وقبول بالفكرة ومن ثم وضع أسس التغيير التي تتماشى مع الدين الحنيف وثقافة المجتمع. التغيير ليس بالأمر الهين ولكن ليس بالمستحيل بل علاوة على ذلك هو في هذه الأيام وفي معظم الأحيان مطلب حتمي وضروري لدفع عجلة المجتمع نحو الأفضل.
*دكتوراه إدارة عامة وموارد بشرية