حُلم بعيد المنال
بقلم الكاتبة/ هدى صالح
ست أعوام مضت مُنذ أرتحل
تمر فيها الأيام بطيئة مؤلمة.. وغاية في الثقل
عمري أصبح ضعف عمره مرتين
ذاكرتي بدأت تضعف منذ سنين.. لكن منذ أن غادرني وذكرياتي معه لا تغيب
حتى تلك التي كُنت قد نسيتها أصبحت الأن تمزقني الى أشلاء و أنا أستعيدها
إبني الأول..
فرحتي الأولى..
الولد الذي لم يكن له في البشر شبيه..
لازلت أذكر أول مرة حملته بين ذراعي
وأنا أسقيه من حليبي
كلماته الأولى ..
ومناغاته التي ترن في أُذني ولا تفارقني
حين قال( أمي)
حين خطا خطواته الأولى
يالله لِما كُل هذا الوجع!
حاولت الصبر و التجلد وأنا أقول قدر الله و حكمته
ولكن كيف للقلب المُتفطر أن يستوعب كل هذا الألم؟
كيف له أن يستوعب خلاء المكان من بعده؟
فكل شيء في الحياة يذكرني به
طلاء الجدران الباهت..
وهذه الستائر البالية كان هو من أختار لونها
و الملائات المليئة بعبقه فقد كان هو من يضعها لي حتى ألتصقت رائحته بها ولم تفارقني حتى اليوم..
هنا جلست وهو يمر علي كل صباح مقبلاً رأسي مودعاً..
وهُنا انتظرته حتى يعود من الجيش ولكنه لن يعود مهما أنتظرت.
الشيب غزا رأسي
والفقد أكل روحي شيئاً فشيئاً
حتى ظنت إني سأموت لا محالة
فما أشعر به من وجع لا يُسكنه إلا الموت
(يالله إن كان مازال في العمر بقية..! فمنّ علي بنعمة النسيان التي باتت الان حُلماً بعيد المنال)