[CENTER][U][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]بسم الله الرحمن الرحيم[/COLOR][/SIZE][/FONT][/U][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=red]الدمعة الألبانية[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]نُشر هذا المقال بمجلة البيان العدد 146 شوال 1420هـ ، وينشر لأول مرة على الشبكة[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]جاءني خبر وفاة الشيخ العلامة أمير المؤمنين في الحديث في هذا العصر محمد بن ناصر الدين الألباني بُعيد صلاة المغرب من ليلة الأحد الثالثة والعشرين من الشهر السادس من عام 1420هـ،[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]فنكأ الجرح، وبعث الحزن الذي تجرعته أنفسنا خمسة أشهر منذ وفاة شيخنا شيخ الإسلام والمسلمين عبدالعزيز بن باز رحمه الله وغفر لنا ولهم ، آمين .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]نعم .. قُبض في خمسة أشهر ، رأسا الأمة وإماما الحديث والسنة الرجلان اللذان رَبَّيا النشء المبارك من شباب الإسلام على الأخذ بالكتاب والسنة وتعظيمهما وعلى اطِّراح التقليد ونبذ العصبية المذهبية والرجوع إلى كتب السنة قراءة وعناية وحفظاً . [/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]ما إن جاءني هذا الخبر حتى تلفَّتُّ يمنةً ويسرةً: ماذا أصنع؟ ومن أعزي؟ ثم انطلقت أنا وإخواني يعزي بعضنا بعضاً ، وقصدنا بالتعزية كبار علمائنا وجمعاً من طلبة العلم الذين عُرفوا بالعناية المتميزة بآثار الشيخ رحمه الله .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]ثم عمدت إلى أشرطة للشيخ كنت اقتنيتها قديماً ، فجمعتها لأجدد العهد به وأتعزى ببقاء علمه خالداً إلى ما شاء الله .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]واستمعت إليها وكان من بينها شريط محاضرة لم يتبين لي مكان إلقائها ولا تاريخه إلا أنها كانت بعد العصر فيما أظن .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]والعجيب من تلك المحاضرة فاتحتها – وسائرها مُعْجِبٌ – فقد بُدئت بمقدمة ألقاها شاب حسن الصوت والأسلوب ، وكانت – كغيرها من مقدمات المحاضرات – شكراً للشيخ وثناءً عليه وعلى علمه ودعاءً له بالخير والإثابة .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]ولم يكن في المقدمة شيء من الإطراء والمبالغة في المدح، وإنما اشتملت على مدح يسير وثناء متواضع على الشيخ وعلمه وجهاده، ثم ختم المقدم كلامه ليبدأ الشيخ محاضرته .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black][COLOR=darkred]بدأ الشيخ بخطبة الحاجة،[/COLOR] وفي صوته ضعف وفي لسانه حبْسة، ثم قال: «[/COLOR][COLOR=darkgreen]أشكر الأخ على كلمته وعلى ثنائه، وليس لي ما أقوله لقاء ذلك الثناء إلا الاقتداء بالخليفة الأول أبي بكر الصديق الذي كان الخليفة الحق والأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم »،[COLOR=black] ولم يكن صوت الشيخ يزداد إلا تقطعاً وضعفاً واحتباساً، ثم قال[/COLOR]: «ومع ذلك، فكان إذا سمع – رضي الله عنه – شخصاً يثني عليه خيراً وأعتقد أن ذلك الثناء مهما كان صاحبه قد غلا فيه ، فما دام أنه خليفة رسول الله فهو بحق ، ومع ذلك...» [COLOR=black]وهنا انقطع صوت الشيخ وبكى طويلاً وسمعته يقول مُخافتاً : [/COLOR]«الله المستعان»[COLOR=black] ثم سكت ونشج وانتحب ثم أكمل فقال:[/COLOR] «ومع ذلك كان يقول: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون»، [COLOR=black]ثم سكت ، ثم أكمل[/COLOR] : «واجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون» [COLOR=black]وهنا انقطع صوته مرة ثانية ، وبكى ثم قال :[/COLOR] «هذا يقوله الصدِّيق الأكبر؛ فماذا نقول نحن من بعده ؟ فأقول اقتداءاً به : اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون» .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][COLOR=black][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=darkgreen][COLOR=black]ثم أضاف الشيخ وهو يبكي فقال:[/COLOR] «الحقُّ – والحقَّ أقول - : لست بذلك الموصوف الذي سمعتموه آنفاً من أخينا الفاضل؛ وإنما أنا طالب علم لا شيء آخر[/COLOR]».[/SIZE][/FONT][/COLOR][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]ما أن سمعتُ تلك الكلمات الصادقات التي اختلطت بالدموع والعبرات حتى أيقنتُ بما كنتُ مؤمناً به من قبل من صدق الشيخ، ونصحه لله ورسوله وللمسلمين – أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكِّي على الله أحداً - ،[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]وعلمت أن الشيخ لم يكن يردُّ على المخالف وربما أغلظ عليه إلاَّ غيرة على الدين ونصرة لشرعة رب العالمين، فلم يكن قصده الصعود على أكتاف العلماء، ولا التنقص من ذواتهم، ولا التفكه بالنيل من أعراضهم، وإنما كان غيوراً وربما دفعته الغيرة إلى شيء من الغلظة والفظاظة .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]وهذا وإن لم يُستحسن – أحياناً – إلا أن وراءه نية صالحة وقصداً حسناً ؛ والله لا يضيع أجر المحسنين .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]هذا اليقين بصدور الشيخ عن قصد حسن بعيداً عن الانتصار للنفس وحب الشهرة والظهور لم يُستفد من هذه الواقعة آنفة الذكر فحسب؛ وإنما استفاده المنصفون من تاريخ طويل وسيرة عريضة سارها الشيخ في خدمة السنة والذود عن حياض الشريعة، [/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]وليست هذه الواقعة إلا مثالاً من أمثلة كثيرة تشهد على تواضع هذا الرجل العظيم، وتدل على ما ينطوي عليه قلبه من خير وصدق وهضم للنفس،[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][COLOR=red][FONT=arial narrow][SIZE=5]وإلاَّ ؛ فعلامَ البكاء الذي قطع كلام الشيخ وأخفى صوته ...!؟[/SIZE][/FONT][/COLOR][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]ثم لماذا نفى تلك الأوصاف التي مدحه بها المقدِّم مع أنه يستحقها وأكثر منها ؟ ثم لم يكتف بذلك ؛ بل نفى أن يكون من العلماء ، وقال: « [COLOR=darkgreen]إنما أنا طالب علم لا شيء آخر[/COLOR]».[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]إنها – والله – أخلاق الصادقين من العلماء ، ولقد تذكرت بها الإمام الرباني شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني – رحمه الله – الذي كان آية في التواضع والخشوع مع شدة على أهل الأهواء ؛ فانظر ما يحدِّث به عنه تلميذه الإمام الحبر الهمام ابن القيم – رحمه الله – [/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]يقول: «ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله روحه – من ذلك أمراً لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيراً : «[COLOR=darkgreen]ما لي شيء ، ولا مني شيء ولا فيَّ شيء[/COLOR]» وكان يتثمل كثيراً بهذا البيت:[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][COLOR=black][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=red]أنا المُكدِّي وابن المُكدِّي[/COLOR] [COLOR=white].. ..[/COLOR] [COLOR=red]وهكذا كان أبي وجدي[/COLOR] [/SIZE][/FONT][/COLOR][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]وكان إذا أُثني عليه في وجهه يقول : «[COLOR=darkgreen]والله إني لأجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمتُ بعدُ إسلاماً جيداً !![/COLOR] » ، قال ابن القيم : وبعث إليَّ في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه :[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black][COLOR=red]أنا الفقير إلى رب البريات [/COLOR][COLOR=silver]****[/COLOR] [/COLOR][COLOR=red]أنا المسيكين في مجموع حالاتي[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black][COLOR=red]أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي[/COLOR] [COLOR=#c0c0c0]****[/COLOR] [/COLOR][COLOR=red]والخير إن يأتنا من عنده يأتي[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]ثم ذكر بعدها تسعة أبيات مُلئتْ تواضعاً وخضوعاً وإخباتاً لله تعالى[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=darkred]***[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]هكذا فليكن العلماء ، وبهذا فليتأدب الطلاب ، والحمد لله الذي أرانا في علمائنا الأنموذج الصادق ليكونوا للناس أئمة وهداة .[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها[/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]
[CENTER][FONT=arial narrow][SIZE=5][COLOR=black]اللهم صلِّ على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين [/COLOR][/SIZE][/FONT][/CENTER]