الخفجى تاريخٌ من الصمودِ والإعمار
بقلم الكاتبة / منال الدوسري
اذا ذكر فصل الربيع فى اطراف الحديث او حلت بشائره واطلت علينا ملامحة الخضراء فى احضان الصحراء فلابد ان نذكر محافظة الخفجى ، وربيعها المثمر الذى خطف انظار ابناء البادية الذين يمتهنون مهنة الرعى ، وذلك لاخضرار ارضيها وتدفق المياة فيها .
وظل الامر على هذا الحال لسنوات عديدة لكن بقاء الحال من المحال ، فقد تحولت محافظة الخفجى من قبلة للرعى ، الى منارة للعلم والوعى ، واصبحت بؤرة اقتصادية هامة تمد بلدان كثيرة من العالم بالنفط الذى يضيئ حياتهم ويبث الروح فى اعمالهم .
وقد كان للانشطة الاقتصادية والتنقيب عن البترول بالغ الاثر على تغيير شكل الحياة بمحافظة الخفجى التى تضم خمسة مدن هى (الخفجى ،أبرق،الكبريت،رأس مشعاب،السفانية ،
تناجيب )
وتقع فى شمال شرق المملكة ،على الحدود مع الكويت .
ان هذه المنطقة المميزة لم تشهد هذا التطور الملحوظ فجأة ،
كما ان التحول من الرعى الى الاعمار والمدنية والتكنولوجيا المتطورة وكافة سبل الرفاهية بشكل عشوائى ،
فقد بدأت الشرارة الاولى فى ديسمبر ١٩٥٧ م ما يوافق جمادى الاولى عام ١٣٧٧ ه .
حين تم توقيع عقد اتفاقية الامتياز النفطى بين المملكة وشركة البترول التجارية اليابانية المحدودة ، ثم بعد ذلك تأسست شركة الزيت العربية المحدودة التى بدأت ببناء قاعدة دائمة لعمليات التنقيب فى رأس الخفجى ، بسبب موقعها المتميز .
وقد كان لهذه الشركات دورا كبيرا ومحوريا فى جذب العمالة السعودية التى تبحث عن عمل افضل ، وتوافدت معهم عائلاتهم ،حتى بلغ عدد السكان ٧٦ الف شخص ،طبقا لاحصاء السكان لسنة ٢٠١٤ م .
مما استوجب مع هذه الزيادة السكانية ، ان تحدث طفرة فى الخدمات والمرافق الصحية والتعليمية ،بما يتناسب مع الزيادة السكانية ،
فقد قامت الحكومة بانشاء العديد من المستشفيات بعد ان كانت الخفجى منطقة ليس بها سوى مستوصف واحد تابع للشركة واخر لخدمة الاهالى ، اصبح بها مستشفى كبير به جميع التخصصات ، ويقدم جودة عالية طبقا لمعايير السلامة العالمية ، الى جانب المستوصفات والعيادات الخاصة . ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل استمر التطور والتطوير ليشمل الخدمات التعلمية فقد بلغ عدد المدارس ٤١ مدرسة بعد ان كانت مدرسة واحدة ، هذا الى جانب مدارس تحفيظ القرآن الكريم ، وانتهاءا بافتتاح فرع جامعة الملك فيصل كلية التربية التى تطورت بعد ذلك ثم تم نقل تبعيتها لجامعة الدمام ثم الى جامعة حفر الباطن ، تسهيلا على المواطنين نظرا لبعد المسافة ،
فضلا عن كلية لشباب وتخطط الحكومة لزيادة الكليات للشباب فى المستقبل ، فى اطار الاستجابة لمطالب المواطنين ، والنهوض الدائم بالمملكة .
وعلى الرغم من توقف مسيرة التطوير لبضع سنين بسبب احتلال الجيش العراقى للمدينة ،فى سنة ١٩٩٠م ما يوافق مايو ١٤١١ه،
الا ان القوات السعودية بالتنسيق مع الجانب الامريكى ،فى اطار التعاون المشترك ، قامت بطرد القوات العراقية ، وقد اعلنت الادارة المحلية فى عام ١٩٩٢ انه تم تطهير المدينة من جميع الالغام والمخلفات الحربية العراقية بما يسمح باستكمال مسيرة البناء والاعمار والتطوير الحضارى ،
فقد تم بناء المزيد من الاسواق والمحلات التجارية وسلاسل المطاعم العالمية والفنادق العملاقة ووسائل الترفيه للاسر والاطفال الى جانب الانتاج الضخم من البترول الذى يتم تصديره الى دول كثيرة .
ولا ننسى ان محافظة الخفجى قد حظيت بزيارة العديد من الرموز الوطنية على رأسهم المغفور لهما الملك سعود بن عبد العزيز ، وايضا سمو الشيخ عبدالله السالم آل صباح امير دولة الكويت ، وكان ذلك خلال الاحتفال بتصدير اول شحنة نفط .
وفى سنة ٢٠٠٠ انتهت اتفاقية الامتياز للشركة العربية وقامت شركة أرامكو لاعمال الخليج ممثلا عن الجانب السعودى بانتاج النفط والمنتجات الاخرى.
لا يخفى على متابع لحركة التطور المبهره التى شهدتها الخفجى ، على صعيد تشيد وتطوير المنشأت السياحية ، والفنادق البديعة التى تقدم خدمات فندقية متميزة لا تقل عن ما تقدمه أكبر الفنادق العالمية ،
فضلا عن تطوير الكورنيش ، وتكثيف الاضاءة ، بما يجعل منه مزارا سياحيا يصبو لرؤيته كل سائح يبحث عن المتعه والرفاهية
ولعل هذا التطور الملحوظ دفع ابناء الخفجى لتوجيه الدعوة ، لكل ابناء المملكة ، لقضاء الاجازات الترفيهية ، والاستمتاع بسحر الطبيعة والمناظر الخلابه بالخفجى ، وذلك بهدف تنشيط السياحة الداخلية ،
وارى ان انفاق الريال السعودى داخل المملكة سيعود بالنفع على المواطنين ، وعلى المملكة ، لذلك علينا جميعا ان نسأل انفسنا سؤال لماذا ننفق ، مدخراتنا على المجالات الترفيهية والسياحية خارج المملكة ، فى حين يمكننا ان ندعم المملكة ونعمل على تنشيط السياحة الداخلية ..؟
الخفجى اصبحت واحة لتجسيد جمال الطبيعة على اراضى المملكة ،
وما يتم الان داخل محافظة الخفجى لجذب السياحة ، هو تأكيد ان الخفجى تاريخ من الصمود والاعمار ، و تطويع الطبيعة لخدمة الوطن والمواطنين .
حفظ الله المملكة ووفق الملك سلمان لما فيه الخير لرفعة الوطن .
منال الدوسري
