لقد تغيّرتُ دون علمي!
بقلم الكاتبة / ساره العسكري*
هذا ما انتهيتُ إليه عندما فشلتُ في حلّ لغمٍ صنعته بنفسي.
وحقيقةً أنا لم أفشل، بل أخطأت! أخطأت حين وضعتُ رمز الأمان لأحد مستندات حاسوبي القديم دون أن أُدرك أننا نتغيّر بشكلٍ مستمر؛ فلا يستطيع الإنسان أن يصل إلى ذاته السابقة دون أن يجتهد في إسقاط فتاتٍ منه وهو يمضي إلى ذاتٍ جديدة. إن تحولاتنا الشكليّة ليست سوى برهان على استحالة ديمومتنا الذاتية -ولا أقصد بذلك ملَكاتنا فوجودها دائم، وهي متغيّرة- وإنما الحاجز المُبهم بين الشكل والشخصية.
لا أدري كيف يعمل، ولست على يقين بأنه موجود بالأصل!
قد يكون ذلك الغشاء الفاصل -بنظري- كما البالون الذي يغلف شخصياتنا الباطنة ويختبئ داخل أشكالنا الخارجيّة. فيتأثر بقناعاتنا الوقتيّة -التي تُخزّن في الشخصيّة- فيتخذ البالون شكلها كلما تغيّرت دون أن يتجاوز حجم الفرد منا.
لقد امتلكتُ سلفًا قناعة ثقيلة بأن ما أكتبه حينها يُسمى شِعرًا، وقد خوّلتني تلك القناعة لعنونة ذلك المستند باسمٍ يصدمني الآن .. وإنّي لا أذكر أنني كتبتُ شعرًا في تلك المرحلة؛ بل كانت محاولات متكررة في فعل ذلك.
وقناعة أخرى جعلتني أثق بأنني -وإلى الأبد- لن أنسى ذلك الرمز الذي لا أدري ما هو حتى كتابة هذا السطر. فهناك تحوّلات لذاك الغشاء تتبع تغيّر الميول وطرائق استيعاب الأشياء.
إن أحجامنا تنمو لكي نستطيع حمل ما عجزنا عن حمله صغارًا، ولكي يستطيع ذلك البالون أن يتمدد ليحوي قدرًا أكبر من المفاهيم والقناعات المُكتسبة.
لا تترك البالون فارغًا فتصبح بذلك أجوفًا خفيفًا يجرفك أيّ نسيم -أو أي شخص- بالاتجاه الذي يريد.
* كاتبة ـ عضوة في رابطة كاتبات الغد
1 ping