وإذا الحُروف قُتلت!
بقلم الكاتبة / منال محمد*
ماهي مقدار تلك المسافة الفاصلة بين ما نكتب وما نفعل وما نخفي وما نعلن أن نختار ما نريد عرضه وما نود كتابته تلك حرية باهظة لها أثمانها! ثمنها ذلك العمق الذي نحاول إخفائه تلك العبارات التي نحسن زخرفتها دون جهد إحسان فعلها؛ تلك الفضائل التي ندّعي نُصرتها وعند عقبة شديدة نتخلى عنها! ننتقي ما نود للجميع أن يعلمهُ من أحزاننا وأفراحنا وغضبنا ورضانا وانكسارنا وضعفنا وفكرنا وتساؤلاتنا وحيرتنا لكن ما نخفيه في عمق روحنا غالباً لا نود البوح به لأحد حتى لأقلامنا نود لو يظل سراً يطويه الموت بموتنا! الأحلام التي رسمناها في مخيلتنا أتُراها تشابهت بما كتبناه بأيدينا أم حاولت أقلامنا أن تردعنا لاعتبارات أدبية اجتماعية ذوقية دينية تقليدية؟! هل نضجت أقلامنا بما يكفي وتجرأت حروفنا بما يدعها مرآة صادقة عنا؟
أم أن هناك من الاضطراب والأحاسيس ما هو بعيد عن كلماتنا ولغتنا كأنه وجد ليظل مكتوماً مستتراً دون أن يجد طريق التحرير؟!
هل سنغادر أقلامنا ونحن لم نبح بعد عن ما أردنا بوحه؟ هل سنغادر أقلامنا ونحن لم نطابق بعد ما كتبنا مع ما فعلنا؟
هل ستجاري أقلامنا جموع الأقلام الأخرى بلا اختلاف سوى في طريقة سرد وترتيب وزخرفة تلك الكلمات المتشابهة؟
ما سرُّ تكرر عباراتنا وأوجاعنا وهمومنا، ما سرُّ كتابتنا جميعاً لها ونحن لا زالت هموم خفية هي أولى همومنا لكننا عبثاً ما تجرأنا الحديث عنها !
فما هي تلك السجون التي تضيعُ بها أقلامنا بلا هداية، كأنما جاءت لتخيط ثوباً من الزُخرف والبيان البليغ حتى تُعرض في متحف الأقلام المزخرفة لا الأقلام الصادقة !
اتساءل الآن أي عبارات وكلمات تلك التي أخفيتها وقد وأدتها قبل أن تبلغ الحرف؟!
* كاتبة ، عضوة رابطة كاتبات الغد
1 ping