سترة زهاء وعمامة عالم
بقلم الأستاذة / أمل حسن جلال*
كل منا يرتدي أمتارا من قماش ليخبئ ماخُفي من محاسن وما وُرِيَ من عيوب في جسده.
وجميل أن يرتدي كل منا ما يناسبه من أشكال وألوان تخبئ بروز شحمه وعظمه فيظهر للآخرين في هندام جميل قد يبهر وقد يعجب وقد يُستحسن....
كل بحسب ما يراه مناسبا، وليس منا من يفتش عن المعايب إلا ما ظهر منها دون عمد، وربما بعضهم يعمد لإبراز مفاتنه ومفاحشه للآخرين ظنا منهم أن الكل سينساق خلف جمال ناطق للعين، ساقط للفكر والمنهاج القويم، في حين أنه مؤذٍ لصاحبه قبل الآخرين، لكن ليس من مجال هنا للتبرج والحديث عن هذه الفئام.
إنني أتحدث هنا عن سترة الفكر، عن الذين يتحدثون وهم يرتدون سترة زهاء وعمامة عالم
عن أولئك الذين يظنون أن تلك العمامة وتلك السترة تكفي لأن تضمهم مع قوافل العلماء متناسين أنهم يسيرون على أيديهم ويجثون على ركب التملق والفشل فإذا كان لباسهم لباس عالم فقبيح صنيعهم جلود بهيم منتنة وروائح فكرهم تنبعث من أفواه المواقف الخبيثة وعباراتهم اللاذعة ستُردُّ لهم يوما عبر دوران محور العدالة وستشنقهم..
كم كانوا حاقدين يسفهون الكبار والعلماء والأدباء والمفكرين وينعتون مراكزهم بأنها اعتيادية وهم لم يقطفوا من تلك الثمار ولن يجنوا سوى الحسرة والندم بعد أن صعدوا من العدم فرفعوا رؤسهم وجلدوا وقمعوا أكابرهم.
يشهرون سيوف الحقد ويباهون بسلاطة ألسنتهم والتي حذرنا من مثلها رسولنا الكريم في حديثه:
"ياعائشة إن من شرار الناس الذين يُكرَمُون اتقاء ألسنتهم".
فكم من مُكرَم! فليت العقول ترتدي ثيابا لتستر قبح أصحابها وكم منهم من يحاول أن يواري ذلك الانحناء ويُظهر للآخرين عقلا واعيا لا يمت للحقيقة بصلة قد تجردوا من لباسهم وظهرت نتوء فكرهم وتعرجات حقدهم في أدنى وأعلى المواقف.
وكلما كنت أحاول أن التقط منهم أحدا لأضعه في نفاية الفكر العقيم لم أكد أراه.
قد داستهم أقدام القدر لبشاعة نفوسهم وخبث صنيعهم.
ستقطع ذريتهم وستباد محاولاتهم في حرب باردة ويميتهم شئ من مبيد حشرات تتكاثر عند زجاجة العسل.
ألم أقل لكم أنهم يتخفون ويرتدون أقنعة العلم والمعرفة ليتهم لبسوا قمعا من حديد يدس عقد أفكارهم ونفسياتهم الغير سوية قد اجتمعوا حول طبق العلم ليتباهوا فعرف العالم أنهم ذباب يتطاير عند النقاش.
احذروا أن ترتدوا ملابس ضيقة تصف مفاسد عقولكم.
وارتدوا سترة نجاة لأجسادكم وشرع خير المرسلين لنجاة أفكاركم وقلوبكم.
* كاتبة سعودية ، تربوية