متى أقول؟ وكيف أقول؟
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
ما معنى أن تحشر أطناناً من الحديث في جوفك؟ وأنت الذي قضيت عمرك أو ثلاثة أرباعه وأنت تكتب! تكتب في الصحيفة الفلانية، وتصدر الكتاب الفُلاني، ومع ذلك تكتشف أن كل ما خبأته في جوفك كل هذه العقود، هو الذي كان من المفترض أن تكتبه.
إن أعظم الحديث هو ذلك الذي لم نقله، أو تخوفنا من قوله، أو ربما شعرنا أنه أكبر من كل الأقوال والأفعال، وها أنا ذا أنحدر نحو منتصف الثلاثينيات ومازلت أشعر أنني لم أقل شيئاً بعد رغم كل ما كتبت.
هذا يجرني لتساؤلات جديدة:
متى سأقول حتى يفيض الحديث من صدري وتنزاح تلك الصخرة عني؟
وكيف سأقول كل ما أود قوله؟
أسئلة تدور في رأسي ولا تجد إجابة مناسبة، ولست أعرف أحداً قبلي سألته هل قال في كتاباته كل ما يريد قوله فأجاب بنعم.
إذن يمكنني القول بالفم المليان، لا يمكن لأحد حتى الآن على الأقل أن يقول كل ما يختزله في عقله وجوفه. وسوف تظل الكتابة على كل حال مجرد مسافة جامدة نعبرها لنكسر جمود الصمت في حياتنا.
كتبت ما كتبت وأن أبتلع كلمة كدت أوردها في مقال أعمل على إنجازه، وأصمت مجدداً عن أسرار واعترافات تشيع الفوضى المحزنة في نفسي، فأشطب هذه الكلمة وأمحو الأخرى نهائياً، ومن يدري... ربما مزقت المقال بأكمله!
* كاتب وروائي