تقرير وكالة الأنباء الكويتية (كونا) ضمن النشرة الاقتصادية لاتحاد وكالة الأنباء العربية (فانا)
يعد جسر الشيخ جابر في دولة الكويت معلمًا تنمويًا كويتيًا وعربيًا ضخمًا تطال آثاره التنموية والاقتصادية الدخل الكويتي ودول الجوار على حد سواء فعلاوة على كونه رابع أطول جسر في العالم فإن نتائجه التنموية ستنعكس على دول عربية عدة لاسيما العراق وسوريا التي عانت ويلات الحروب والدمار وغابت عن شعوبها التنمية والازدهار.
وسيربط جسر الشيخ جابر مدينة الكويت بمشروع إقليم الحرير المستقبلي الذي سيكون بدوره معلمًا تنمويًا هائلًا في المنطقة تنعكس آثاره على نحو 140 مليون نسمة يقطنون السعودية والعراق وإيران.
وتؤمِن الكويت بأهمية وضرورة السلم والاستقرار وازدهار الشعوب، فقد كانت هذه الأمور حاضرةً دائمًا وبقوة في الفكر التنموي الكويتي تاريخيًا سواء عبر الصندوق الكويتي للتنمية أو مساهمات البلاد التنموية الأخرى، وأخيرًا وليس آخرًا في مشروع جسر الشيخ جابر.
واعترافًا بهذا الفكر المحب للسلام والتنمية والخير قامت مجموعة البنك الدولي في أبريل الماضي بتكريم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت على دوره الدولي في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وإحياء السلام في سابقة هي الأولى في العالم، كما كرمت الأمم المتحدة في سبتمبر من عام 2014 الكويت وسمّتها مركزا للعمل الإنساني، وكُرم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بتسميته قائدًا للعمل الإنساني.
ويمثل الجسر الذي بُدئ العمل به عام 2013 بوابة للعبور وركيزة أساسية نحو المستقبل التي تبني عليها الكويت آمالا واسعة في إحداث التنمية المنشودة ضمن رؤية (كويت جديدة 2035) الساعية لتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري عالمي.
وافتُتح الجسر بحضور سمو أمير دولة الكويت مطلع شهر مايو الماضي ويصل مدينة الكويت بمدينة الصبية (أو مدينة الحرير مستقبلا) كباكورة مشاريع إنشاء وإعمار المنطقة الشمالية للبلاد لاسيما أن مدينة الحرير تعد أبرز المشاريع العملاقة التي تتضمنها الخطة التنموية.
وتتضمن المرحلة الأولى من مدينة الحرير تطوير المنطقة الشمالية وإنشاء منطقة تجارة إقليمية في ميناء مبارك الكبير ومنطقة لوجستية للبضائع ومطار دولي وسكك حديدية فضلا عن إنشاء منطقة صناعية مختصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وبلغت التكلفة الإجمالية للجسر 750 مليون دينار كويتي (نحو 5ر2 مليار دولار أمريكي) ويشمل ثلاث حارات في كل اتجاه مع حارة للطوارئ في كل جانب وفي منتصف الجسر تقريبا توجد الفتحة الملاحية التي يبلغ عرضها 120 مترًا ويبلغ ارتفاع الفراغ الملاحي 23 مترًا من أعلى مد بحري وهي تسمح بمرور السفن المتجهة إلى الميناء.
ويختصر جسر الشيخ جابر المسافة بين مدينة الكويت العاصمة ومنطقة الصبية من 104 كيلومترات تقطعها المركبات في نحو 90 دقيقة إلى 5ر37 كيلومترا في أقل من 30 دقيقة.
وينقسم الجسر إلى جزئين الأول الرئيس وهو (وصلة الصبية)، ويشمل إنشاء جسر طوله 27 كيلومترا بارتفاع منخفض مع جسر رئيس مرتفع عبر الممر الملاحي بفراغ ملاحي عرضه 120 مترًا وارتفاع 23 مترًا لمرور السفن إلى ميناء الدوحة الكويتي بعمر افتراضي 100 عام.
ويتضمن الجزء الثاني طريقًا بريًا (وصلة الدوحة) طوله 7ر4 كيلومترات، ويشمل خمسة جسور علوية بطول 725 مترًا والجسر البحري البالغ طوله 7ر7 كيلومترات يشمل ثلاث حارات مرورية وحارة أمان في كل اتجاه بتكلفة 7ر165 مليون دينار (نحو 545 مليون دولار).
ويبدأ الجسر البحري من ميناء الشويخ (المنطقة الحرة) ويعبر جون الكويت غربا ويمر بجانب (جزيرة أم النمل) ليصل إلى منطقة الدوحة ثم يربط بطريق الدوحة السريع، ويتضمن المشروع إنشاء جزيرتين صناعيتين الأولى قرب مدينة الكويت بمساحة نحو 300 ألف متر مربع والثانية قرب مدينة الصبية بمساحة مماثلة وتتضمن الجزيرتان مباني حكومية تخدم الجسر و (مارينا) ومساحات خضراء، إضافة إلى مساحات مخصصة للاستثمار مستقبلًا.
وتضمنت أعمال إنشاء الجسر تنفيذ نحو 1500 من الركائز المدفونة تبلغ أطوالها أكثر من 50 مترًا في بعض المواقع وتصل أقطارها إلى ثلاثة أمتار كذلك على حوالي 960 من القطاعات الصندوقية سابقة الصب بأطوال تتراوح بين 40 و60 مترًا، إضافة إلى مركز دائم للزوار ومحولات كهرباء ونظم متكاملة للمراقبة والتحكم على طول مسار الجسر لسير المركبات.
وأخذت الكويت عند تنفيذ المشروع الجانب البيئي إذ تم تطبيق أفضل التقنيات الإنشائية من أجل حماية البيئة البحرية مع التقيد بالمعايير والأنظمة واللوائح المعتمدة لدى الهيئة العامة للبيئة كما أجريت دراسة بيئية متكاملة تحت إشرافها إذ شملت الدراسة إنشاء مشروع تعويض بيئي متكامل للشعب المرجانية في المنطقة ومستوطنات الربيان والأحياء البحرية التي تساعد على مرور التيارات المائية فيها مصنعة من مواد لا تأثير لها على البيئة البحرية وتم إنشاء هذه المستوطنات ونقل هذه الأحياء إلى موطنها الجديد.
وتضمنت الدراسة كذلك التركيز على العوامل المؤثرة على البيئة المحيطة إذ يتم أخذ قياسات تراكيز الغازات في الجو والتحاليل البيولوجية للكائنات الدقيقة.