[JUSTIFY][COLOR=#010100][SIZE=5][FONT=Arial]
[CENTER][SIZE=7][COLOR=#080A80] الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه [/COLOR][/SIZE]
[/CENTER]
[COLOR=#6F1809]بقلم الشيخ / منصور السويدان * [/COLOR]
إن لهذه الأمة سلفًا ، هم أبر الناس قلوبًا ، وأحسنهم إيمانًا ، وأقلّهم تكلفًا ، سيرتهم عظة وعبرة ، واقتفاء أثرهم هداية ، وإننا اليوم على موعد مع واحدٍ من هؤلاء العظماء ، إنه رجل عاش الجاهلية والإسلام ، رجلٌ غليظٌ شديد على الباطل ، ورقيق رحيم بالمؤمنين ، وليٌ من أولياء الله ، خليفة من خلفاء المسلمين ، إنه شهيد المحراب ، إنه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وجمعني وإياكم في زمرته.
وإذا أردنا أن نتحدث عن سيرة عمر فبماذا نتحدث؟! أنتحدث عن دينه وعلمه، أو نتحدث عن زهده وورعه ، أو عن حكمه وعدله ، حقًا إنك لتحتار وأنت تتحدث عن عمر!
أسلم حينما قرأ قوله تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى) فاهتز عمر وقال ما هذا بكلام بشر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، هاجر جميع المسلمون خفياً إلا عمر بن الخطاب هاجر جهراً أمام قريش و قال للمشركين من يريد أن ييُتم ولده فليأتي خلف هذا الوادى ، لقد كان إسلامه فتحًا ، وكانت هجرته نصرًا ، وكانت إمارته رحمة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه ".
كان رضي الله عنه مع شدته على أعداء الإسلام إلا أنه كان رقيق القلب قريب الدمعة وكان يبكي في صلاته من خشية الله تعالى ، وكان في خد عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة بسورة يوسف ، وأنا في مؤخرة الصفوف حتى إذا ذكر يوسف سمعت نشيجه ، وتمضي الأيام بعد النبي صلى الله عليه وسلم ويتولى عمر خلافة المسلمين ، بعد موت أبي بكر وبحث عن ميراث أبي بكر ، فإذا هو ثوبان وبغلة ، فبكى وقال : لقد أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر!!
يا له من أمير رقَّ قلبه .
وتستمر مسيرة عمر الخالدة ، ويدخل عام الرمادة فيصيب الناس مجاعة شديدة ، فيقضي على الأخضر واليابس ، يموت الناس جوعًا ، فحلف عمر أن لا يأكل سمينًا حتى يرفع الله الضائقة عن المسلمين ، وضرب لنفسه خيمة مع المسلمين حتى يباشر بنفسه توزيع الطعام على الناس ، كان في بردته أربع عشرة رقعة من الفقر والعوز.
وقف على المنبر يوم الجمعة ببُرْده المرقّع، وأثناء الخطبة قرقر بطنه، أمعاؤه تلتهب من الجوع ، فيقول لبطنه : (قرقر أو لا تقرقر، والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين).
أتى رسول كسرى لمقابلة عمر بن الخطاب ، فسأل عن قصره وحصنه فدلوه ، على بيته ، فرأى بيت عمر فإذا هو بيت الفقراء ، كان يظن أن يجده في قصر محصن ووجده نائما في ملابس مرقعة تحت ظل شجرة ، فقال له " حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر ".
و عهده بملوك الفرس أن لها سورا من الجند و الأحراس يحميها
أمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت نوم قرير العين هانيها
وفي أيامه الأخيرة صلى الفجر بالمسلمين ، بدأ يقرأ سورة يوسف ، وكان يحب أن يقرأ بها ، فلما وصل إلى قوله تعالى : وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ، بكى وبكى الناس جميعاً ، حتى سمع النشيج من آخر الصفوف ، ثم كبّر راكعاً فأتاه الشقي أبو لؤلؤة المجوسي فطعنه بست طعنات ، فوقع وهو يقول : حسبي الله لا إلا إله إلا هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم .
وضعوه في البيت ، وأحضروا له وسادة ، فنزعها وقال: ضعوا رأسي على التراب لعل الله أن يرحمني، وأخذ يبكي ويقول : يا من لا يزول ملكه ، ارحم من زال ملكه .
ودعا عمر أطفال المسلمين ، فدخلوا يبكون ، فقبّلهم واحداً واحدا ، ومسح على رؤوسهم.
دخل عليه علي بن أبي طالب ليلقي كلمات الوداع ، اتكأ علي ابن عباس رضي الله عنهما والدموع تفيض من عينيه ، وأخذ يقول لعمر: يا أبا حفص، والله لطالما سمعت رسول الله يقول: " جئت أنا وأبو بكر وعمر، وذهبت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ، فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبيك " .
قال عمر: يا ليتني أنجو كفافاً ، لا لي ، ولا علي ، ثم أخذ يقول : الله الله في الصلاة
ودّع عمر الدنيا ، ليس عنده شيء يورثه ، عنده بيت من طين ، وبغلته ، وثوبه المرقع ، ودرته ، هذه دنيا عمر هذا الذي فتح الدنيا .. فرضي الله عن عمر .. اللهم ارض عن صحابة رسولك أجمعين .
[COLOR=#6F1809] * تربوي وإمام وخطيب .[/COLOR]
[/FONT][/SIZE][/COLOR][/JUSTIFY]