للرجال فقط " امرأة واحدة لا تكفي "
بقلم : أ. جولان رشاد الواوي*
المجتمع الشرقي عموماً يعاني من التباس في فهم بعض المعاني ، وعلى سبيل الذكر لا الحصر ؛ الأم في مجتمعاتنا مستعدة لنزع اللقمة من فمها ووضعها في فم أولادها ، لفرط الحب والحنان ، وهذه رحمة لو أنها لم تكن تملك غير تلك اللقمة فعلاً ، أما والحال ميسور فمن المصيبة أن تُنكر الأمهات أنفسهن إلى هذا الحد أمام أبنائهن - سأجد من يخالفني الرأي بعد كل فقرة -
الأم التي تريد أن تعلّم ابنها احترام حقوقه الشخصية يجب أن تقوم هي أولا بذلك ، وتحتفظ بحقوقها الشخصية أمامه ، والأم التي تريد أن تعلمه الاستقلال المادي والمعنوي هي أيضا يجب أن تكون قدوة له ، ولا تخلط أغراضهما وجيوبهما معا هناك ما هو لك وما هو لي .
و هنا يأتي دور الأم المتعددة المواهب والتي تنكر أغلب حقوقها وتقدمها على طبق من ذهب لأولادها وبالتالي فالبنات يتعلمن الصنعة من أمهاتهن إلا من رحم ربي ، والأولاد يتعلمون الحصول على كل شيء بمنتهى الراحة والأنانية ، ولذلك عندما يتزوج الرجل الشرقي يتوقع من هذه المرأة أن تشغل دور ( أمه ) ، وبالتالي عليها أن تنكر ذاتها وتقدم خدمة خمس نجوم تشمله هو وحده في البداية وتمتد إلى أولاده بعد ذلك ، فعليها إنجاز الأعمال المنزلية كاملة بما يشمل التسوق وتصليح الخزائن وتغيير اللمبات المحروقة
فأمه كانت تعمل كل شيء ولم تكلفه عناء الذهاب إلى الدكان لشراء علبة لبن ومكعب ماجي كانت تفعل ذلك بنفسها كي لا تفسد عليه متابعة التلفاز .
وإذا كانت المرأة عاملة يجب أن تُكفِر عن ذنبها ولا تشعره بتعبها أو قلقها أو مضايقة زملائها لها ، ماذا وإلا !!
وعليها أيضا أن تحبل وتلد وتربي بهدوء تام وعلى الصامت مثلما فعلت أمه من قبل ولم يشعر بها أحد ، وعليها أن تكون الأجمل ، مرة بشعر أصفر ومرة بشعر أحمر ، وعليها أن تحتفظ برشاقتها ونعومتها مهما زاد عدد الأولاد ، وعليه هو أن يجد كل شيء منظم ومرتب عند عودته من العمل ، تماماً كما تعوّد .
هذا ولم نصل بعد إلى دورها كمعلمة عندما يكبر الأولاد ، أنا لا أعمم وإنما أقول في الغالب -سأجد من يخالفني لكن الخلاف لا يفسد المودة- يا سيدي الرجل ، امرأة واحدة لا تكفي ، عليك أن تخبرها منذ اللحظة الأولى بأنك تريدها عاملة منزلية و مربية أطفال و خليلة و متجددة الطاقة و مرحة و ملكة جمال و معلمة و أن تقف على عمر الثلاثين ولا تكبر .
فإذا قالت لك بأنها ستفعل ذلك و لم تفي بوعدها تزوج عليها ، اطلب منها أن تحدد لك الأشياء التي تريد الاحتفاظ بها ويمكنها انجازها واترك البقية لزوجة أخرى أو زوجات أخريات ، لا تقل أمي وأمك فعلوا ذلك ، لقد ظلمتهم العادات والتقاليد ، ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، الانسان الطبيعي يجب أن يفكر باتجاه واحد وبقلب واحد ، ورغم ذلك فالكثير من النساء تتوهم وجود أكثر من قلب عندها و تجد نفسها ملزمة بأن تكون سوبروومن لتلبية طلبات الرجل والأبناء ، وتعتبر الشكوى جريمة ، زمن نكران الذات ولّى وانتهى ، إن البيت الذي تشتركان فيه بيتكما معًا ، والأولاد أولادكما معاً ، والحياة بحلوها ومرها لكما معاً ، لا يمكن أن تكون الزوج في أشياء وفي أشياء أخرى الابن المدلل أو الأخ الحمش أو الزوج الأعزب .
هي أيضا تركت أب دللّها أكثر مما يجب وكان يخاف عليها هب النسيم ، وتركت أم أخرى أنكرت ذاتها وظلمت نفسها ووقفت تنظف الأطباق وهي تطلي أظافرها ، مفهوم خاطىء ومتوارث لابد من تعديله ، نكران الذات لا يكون الا لله ، أما ما تفعله الأمهات والزوجات فهو تضحية لا معنى لها .
أعتذر للنساء والرجال معاً- فهذه حقيقة ، أيها الرجل : صدقني امرأة واحدة لا تكفي لعمل كل هذه الأشياء معاً ، ولكنها تكفي وتفيض إذا قوبلت بالكلمة الطيبة والمشاركة حتى اليسيرة ، والشكر الموصول ، والصبر الجميل ، وتحمّل الخطأ والنسيان والملل
وللأسف فليس هناك نساء فول اوبشن أو امرأة خمسة في واحد ، هناك امرأة واحدة إذا اقتسمت حياتك معها بعدل وإنصاف وهبتك أفضل ما لديها دون إفراط أو تفريط .
*كاتبة وروائية ، إعلامية ومدربة في تطوير الذات والتنمية البشرية
3 pings