تهويمة
رسالة إلى حرف الهاء!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
لماذا الهاء تحديداً؟!
ليس لأن (هاجسي) مسكون بقلق الأسئلة الغبية اللانهائية، وإنما وجدت أن في حياتي هاءات ثلاث "هاء أمي، وهاء العائلة، وهاء أخيرة تدلل على أشجع وأجبن قراراتي المصيرية التي اتخذتها في يوم من الأيام، هي هاء هروبي". لقد استوقفتني الكثير من الكلمات المبتدئة بهاء هرمي يعيدني إلى تكويني (الهش) وأنا بين (هجرة) تمن علّي بتاريخٍ أكبر وأعمق، وميلاد يستنقص تجربتي وتاريخي، لأعيش كل حزن في جوفي مرتين على الأقل!
وحين أتحدث عن (هراء) حرفي وتصديقي المكذوب بهاءات هرمية كان يفترض أن أمر بها، فلا أنسى أن أعرج على (هيبة) الحزن الكهل، الذي جاء من أقصى صدر بالمدينة يسعى، ليستقر في صدري، متجاهلاً كل تاريخه ومبتدأه، زاعماً أن في تلك الحنايا المتعرجة منتهاه. ولابد أن أذكر (هدوء) الفواصل الذي لم يناسبني، و(همتي) المبتورة في كل عزم للخلاص من (هزائمي) المرصودة بمرصد عمري الذي لا يخطئ تقدير الخسائر!
أما الهاء الوسطية، فتقف أمام استقامتي بالمرصاد، إذ تذكرني دوماً بسقوطي الذريع في معركة الخلاص من الاعترافات النكراء في كل بوح لا أختار بدايته ولا شكل منتصفه، ولا حتى نهايته، إذ يأتي على هيئة (الانتصار) على صمتٍ مفجع، فما ألبث حتى أكتشف أن ذلك الانتصار ليس إلا انحداراً في وحلٍ من البكائيات التي تود لو أنها تستوقف الزمن. لكنه –مستحيل-جداً.
وحين أصل لآخر الجملة، بعد أن أضناني طريقها، فاكتشف أنني مولود في محض جملة، أجد (هاء) النهايات يخالف كل الظنون، مؤطر بإيمان لا أدعيه، فلست ممن يؤمنون بالنهايات المغلقة على الإطلاق. لذلك فإن فلسفة المتفلسفين حول الحرف المهمل، والتي يدعون أن المقصود بها هو حرف (الهاء) لا صحة لها أبداً، إذ أن هذا الحرف كاد أن يكون هو أول حروف (الهجاء)!