غول العصر
بقلم الأستاذة / سميحة القرشي *
في وطننا العربي اعتدنا على سماع قصص شعبية من نسج الخيال تحمل أفكار ومعتقدات المجتمع لتهذيب الطباع أو الاستئناس أو لإيصال فكرة معينة بصيغة مسلية أو لِبّث الخوف في نفس المتلقي ، هذه القصص تُروى شفهيًا ويتداولها العامة كقصة الغول ذلك الوحش الأسطورة الذي يُرعبن بهِ الأمهات أطفالهن رغم عدم وجوده !
فمن المُتعارف أننا شعوب تتبنى الخُرافة لتعيش الرعب وتبثه في نفوس الآخرين ... قبل مدة قصيرة كنت أتناقش مع إحدى المُطالبات بإسقاط الولاية ؛ فسألتها عمّا إذا كانت تعاني من ظلم الأب أو الولي أيًا كان ؛ فكان جوابها : " أنا ولله الحمد لم أتعرض للظلم لكني أطالب بإسقاطها حرصًا لأني أخشى أن أتزوج رجُلاً يسلبني حقوقي "!
فأيقنت أن إسقاط الولاية قضية تبنينها بالتفويض ، كثيرون هم المفوضون الذين يتبنون قضايا لمجرد أنهم سمعوا عنها دون أن يؤمنوا بها إيمانًا كاملاً ؛ إنما لُقِّنوا ليكونوا مطيّة لغيرهم ليصل إلى مبتغاه ..
هذا التشويه الحاصل والحملات المتتالية تجعلنا نفكك رمزيتها لنريهم بشاعة تلك المطالبات فكلا الطرفين سيقدم قرابين لصاحب المصلحة .
لم تشل الولاية نساء وطني فقد برز منهن طبيبات ومعلمات وعالمات وعضوات في الشورى وسيدات أعمال ؛ مع هذا أتمنى أن نوجه جُل اهتمامنا للبحث عن حلول تكفل حق المرأة دون تخطي الأطر التي وضعها لنا ديننا الحنيف ..
فتساءلت حينها : هل أخذ الرجل العربي نصيبه من الحكاية الشعبية فكان غول هذا الزمان ؛ فمن كان يحملني طفلة حين شاخ جرت عليه عوامل الطبيعة فتحول لشيء آخر أكثر قسوة ! فمن المفترض أن ينتهي دوره بعد بلوغ الفتاة سن الرُشد ليتنحى عن حياتها كُليًا ! فلا عقل ولا عُرف ولا دين يقبل العبث بالفطرة.
* كاتبة