نحو مجتمع أرقى.. رسالة إلى كل أب وأم مع التحية
بقلم : د. نجوى مرضاح المري *
{ ووصينا الإنسان بوالديه... } آية عظيمه تذكرنا بوجوب بر الوالدين ورعايتهما والقيام بما يريدانه في طاعة الله. بل الأعظم من ذلك عقوق الوالدين والتي تُعد من اكبر الكبائر ويأتي ترتيبها بعد الشرك بالله مباشرة مما يعني ان إثم عقوق الوالدين عظيم جداً اسأل الله العافية.
مسألة بر الوالدين او عقوق الوالدين مسألة متعارف عليها دينيا وعرفيا ولكن ما بال عقوق الأبناء وبر الأبناء. الله سبحانه وتعالى ونبيه الكريم عليه افضل الصلاة والسلام أوصوا الأبناء ببر والديهما ورعايتهما في مواضع كثيره لكن من النادر أن تجد آيات أو أحاديث تدعو الآباء إلى بر الأبناء أو الابتعاد عن عقوقهم؛ فهل يعني ذلك ان الآباء غير مجبرين على محبة ورعاية أبنائهم الرعاية الصحيحة؟ لا والله بل لان حب الآباء لأبنائهم من المفترض ان يكون حب فطري والخوف عليهم ومحبتهم تولد منذ ولادتهم. لكن ما نراه هذه الأيام من صور ونماذج شوهت معنى الأبوة وعكست صور لعقوق الوالدين لأبنائهم وتقصيرهم في واجباتهم. عندما اقول بر الوالدين لأبنائهما اعني إعطاء الأبناء كامل حقوقهم من الرعاية والتربية الصحيحة وإظهار المحبة والمعاملة الحسنه، وعقوق الأبناء تعني عكس ذلك من توبيخ دائم وضرب وحرمانهم من التربية والرعاية الصحيحة والصحية.
فهذا ولد في عمر الطفولة تخلى عنه أبواه لمرض اصابه فشوه معالم انفه. وكنتيجة لذلك وضعوه في ملجأ لينتقل من بيت الى بيت باحثا عن الرعاية والمحبة ولا يجدها لينتهي به الامر ليصبح سارقا سكيرا. وهذه بنت شردت من بيت أهلها وامتهنت الدعارة او سلكت سلوكا شاذا ، والعياذ بالله، لمعاملة والديها السيئة لها. وهؤلاء أخوان يعاملون بعضهم البعض بكراهية وحقد لان ألام او الأب لم تعدل او يعدل في معاملتهما.
فإلى كل ام وأب اقول اتقوا الله في أبنائكم اكرموهم، اظهروا محبتكم لهم وارأفوا بهم. المواقف السيئة تُحفر في ذاكرة الطفل وتؤثر في شخصيته في صغره وكبره. ابناؤنا نعمه من نعم الله علينا التي لا تحصى فواجبنا الحفاظ عليها؛ ونحن كأباء وأمهات والله لمسؤولون عنهم وعن ما فعلناه بهم وقدمناه لهم.
فالرجاء من كل اب وأم التمعن في هذه الكلمات ومراجعة نفسه و طريقة أسلوبه وتعامله مع أطفاله جميعا او حتى واحدا منهم وتصحيح الغلط قبل ان يقع الفأس في الرأس. عقوق الآباء للأبناء ليس له فقط عواقب وخيمه على الوالدين وما يجره من عقوق عكسي ولكن كذلك على المجتمع حيث ينتج شبابا وشابات مشوهين نفسيا غير مسؤولين و غير قادرين على بناء المجتمع. عندما نحلم بمجتمع ارقى فهذا يستلزم معامله حسنه وتربيه صحيحه لأبنائنا الذين هم لبنة المجتمع وعماده في المستقبل.
*دكتوراه إدارة عامة وموارد بشرية