وجه واحد لا يكفي
بقلم الدكتورة / نادية الخالدي *
إن من المخزي بل إنه من الأكثر خزي في العالم أن ننشأ على قيم مغالطة لحقيقة تكويناتنا البشرية المتصلة بمكنونات أنفسنا أي بمستوى بعيد كل البعد عن حقيقتنا نحن ، فنضيع بذلك بين أمرين وهما من نكون وما يجب أن نكون ليرضى الجميع عنا
والنتيجة معروفة جدا مجتمع ذو أفراد آليين لا يعرف أبسط المتع ليعرف أعظمها ، كل ما يعرف هذا المجتمع أن أفراده هم لوحات تشكيلية على صورة التقاليد تحيطهم البروايز الاجتماعية من كل جانب . بالطبع لا قرار ولا قدره على الاختيار والتفاضل على أي الحوائط والأماكن سيوضعون ما يعرفونه أنهم ليسوا سوى صورة غير مخولة لها بالحركة دون إذًا المجتمع .
كان هذا لب نقاشنا المتصادم أنا وبعض المتخصصين عن مفردات المجتمع التي تؤدي لفقد الهوية ، وكان منها مفرد أو جملة بمعنى أصح وأكثر دقة ( كن بوجه واحد ) يالها من طامة كبرى لو كان الجميع يملك وجه واحد ، فالمخرجات ستكون بمعادلة بسيطة هي مزيد من الملل درجة عالية من التمثيل ، ضياع مفهوم الذات وفقدان للذكاء الاجتماعي ، هذا لو نظرنا لتلك الجملة بشكل سطحي أما في حالة التعمق المشكلة كبيرة جدا ، ساخذك لها بلمحة بسيطة تصف تفاصيل حياتك ، ماذا لو كنت بوجه واحد في العمل وهو بالطبع الوجه الجاد ونقلت هذا الوجه لابنائك هنا ستفقد الحميمية مع أسرتك وأن أخذت الوجه ذاته مع أصدقائك فقدت روح الصداقة الحقيقية ولو أخذت الوجه نفسه مع زوجتك أو زوجك لفقدت الروح الحسية ولو نقلت هذا الوجه مع أبيك أو أمك لفقدت الاتصال الشعوري الشفاف ، عزيزي الانسان أن تعدد الوجوه حاجة فطرية تقودك للاشباع الحقيقي لذاتك و الفرد السوي هو الذي يتفاوت بحالاته أي وجوهه بين الطفولة والنضج والقوة والمرح والجدية ، ليحقق المعادلة الحياتية المعروفة وهي أنها تستمر على الاختلاف والتفاوت والتبدل المستمر لحالاتها فانت لا تستطيع أن تعيش الصبح دون ليل او ليل دون نهار أو طقس واحد دون تنوع
إنها طبيعة التكوين الانساني أن تكون التقلبات حاجة فطرية ليستمتع الانسان في الحياة .
* روائية كويتية تكتب في تطوير المهارات الذاتية وعلم النفس وأنماط الشخصيات