رأي في العلاقة بين غذاءنا وأخلاقنا
بقلم الأستاذة / سلوى الضلعي *
(أحقد من جمل !!) هذه مقولة معروفة عند العرب تطلق على الشخص الذي يتصف بكثرة الحقد على الآخرين والاحتقان ضدهم ، وقد قرأت : أن الجمل ( البعير ) هو أحقد حيوان على الأرض وأنه يكتم الغيض ( الغضب ) الذي فيه سنين حتي تأتيه الفرصة للانتقام.
من أسباب حقد الجمل ( البعير ) على الإنسان سوء المعاملة والضرب المستمر بقوة فيتحول الجمل من الحالة الطبيعية إلى الحالة الهستيرية الذي يخرج بها عن نطاق حياته العادية ويصبح هدفه الوحيد الانتقام من الذي ضربه، ويجلس يراقب وينتظر الفرصة والحقد في عينيه ، وسبحان الله ملاك الإبل يعرفون عن حقده الكثير وخاصة في وقت الهياج. الحقد الذي في الجمل يفوق كل حيوانات الأرض ، وقالوا إن الجمل لا ينسى من يسيء معاملته حتى وإن مرت سنين ، وقالوا يصل حقد الجمل إلى ( 10 ) سنوات.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله العلاقة بين طبائع البشر وطبائع الحيوانات ، ذكر ابن القيم في كتابه مدارج السالكين فقال :
" ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوى عليها فإذا قام الإنسان عن رجيعه قمه ، و هكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها و لا تناسبه فإذا رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بغيته وما يناسبها فجعلها فاكهته و نقله ... إلى أن قال : و منهم من هو على طبيعة الجمل أحقد الحيوان وأغلظه كبدا ، و أحمد طبائع الحيوانات طبائع الخيل التي هي أشرف الحيوانات نفوسا وأكرمها طبعا و كذلك الغنم ... ثم قال : ـ رحمه الله ـ و كل من ألف ضربا من ضروب هذه الحيوانات اكتسب من طبعه وخلقه ، فإن تغذى بلحمه كان الشبه أقوى فإن الغاذي شبيه بالمغتذى ، ولهذا حرم الله أكل لحوم السباع وجوارح الطير لما تورث آكلها من شبه نفوسها بها والله أعلم " . انتهى كلامه .
والسؤال الذي يدور في ذهني وأذهانكم هل ما نشاهده من مظاهر الحقد والحسد والضغينة وغيرها هو بسبب غذاءنا ؟ على سبيل المثال هل انتشار أكل لحم الإبل في السنوات الأخيرة وكثرة مخالطتها والمباهاة بذلك تسبب في التطبع بطبعها الحقود ؟؟ هل تعلمون أيها القراء الكرام أن الإنسان في خلقته أقرب إلى الغذاء النباتي منه إلى الحيواني ، أضراسه وأسنانه مناسبة للخضار والحبوب وليس لديه إلا أربع أنياب صغيرة ، جهازه الهضمي طويل وبطيء كما ليس لديه مخالب تساعده على الافتراس .
يقول بعض المختصين : عندما نتناول طعاما غير مناسبا فلن تكون أفكارنا مناسبة ولن نستطيع السيطرة عليها مهما حاولنا فالعقل السليم في الجسم السليم ولن تكون أرواحنا متناغمة مع الكون والحياة :
ويقولون أيضا : لحوم الحيوانات فيها هرمونات تشبه هرمونات البشر، بالإضافة إلى الهرمونات الصناعية المعطاة في المداجن والمزارع لزيادة الإنتاج، لذلك تناولها يزيد هذه الهرمونات مثل الأدرينالين والتستوسترون وهي المسؤولة أولاً عن العنف والإجرام ، وكم سمعنا من حالات زيادة هائلة مفاجئة في الوزن نتيجة تناول لحوم تحوي أبر هرمونية محتبسة لم تتوزع على كامل جسم الحيوان .
والشعوب تتطبع بطبائع الحيوانات التي تأكل لحومها ، إن ما يأكله الإنسان يجعله مثلاً له، لأن الشعوب تكسب بعض صفات هذه الحيوانات التي تتناولها لما تحتويه لحومها من سموم ذاتية، و مفرزات داخلية تجول في الدماء والخلايا، فتنتقل إلى معد وأمعاء البشر لتؤثر في سلوكهم وأخلاقهم، فعرب البادية الذين يتصفون بالجلد المتين والحقد الدفين، يغلب على طعامهم لحم الإبل، وبرودة طباع الإنكليز تتأتى من تناولهم السمك الأبيض البارد، والعرب المتحضرون مولعون بأكل لحوم الأغنام المعروفة بحسن الطاعة وسلاسة القيادة. ( انتهى كلامهم )
أيضا كلنا يعرف حرمة لحم الخنزير وما فيه من مضار صحية خطيرة و يدرك علماء النفس وعلماء الاجتماع ذلك ، يذكرون أيضاً أسراراً أخرى عن طبائع هذا الحيوان، ومن يحلّل ما وراء طباع هذا الحيوان السيئة وما به من علل كالخور وعدم الغيرة، والجبن وعدم المبالاة يكتسبها الشخص الذي يأكل لحم الخنزير ويصبح مثله .
إذًا ما نلاحظه من الأخلاق والمشاكل السلوكية التي نعاني منها في مجتمعنا خاصة انتشار الحقد والعنف هو نتيجة لطبيعة غذاءنا واصرارنا المستمر على تناول لحوم الابل ومخالطتها وتربيتها والتعلق بها بالرغم أنه ثبت مؤخرا أنها ناقل خطير لمرض الكورونا عافانا الله واياكم منه وشفى كل مريض .
سؤال أخير اختم به هذا المقال :هل مرض كورونا تحذير و رسالة من الله لنا أن نراجع قائمة طعامنا حتى يتعدل سلوكنا ؟ الله أعلم
وارجو نقل ملاحظتي هذه للمختصين لمزيد من الدراسة والبحث الله الهادي إلى سواء السبيل .
إضاءة : قال تعالى : (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
* مشرفة تربوية و مدربة معتمدة ومستشارة أسرية
3 pings