قبس التنزيل من هدايات السبع الطوال (6/7)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
سأتناول اليوم شيئا من تدبر سورة التوبة التي تسمى بسورة براءة لورود جملة براءة الله ورسوله صل اللهم وسلم عليه من المشركين كما ورد في تفسير السعدي رحمه الله تعالى والمختصر في التفسير
( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ )
التوبة (1) تفسير الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى
[تفسير الآيتين 1و2 :ـ أي: هذه براءة من اللّه ومن رسوله إلى جميع المشركين المعاهدين، أن لهم أربعة أشهر يسيحون في الأرض على اختيارهم، آمنين من المؤمنين، وبعد الأربعة الأشهر فلا عهد لهم، ولا ميثاق. وهذا لمن كان له عهد مطلق غير مقدر، أو مقدر بأربعة أشهر فأقل، أما من كان له عهد مقدر بزيادة على أربعة أشهر، فإن الله يتعين أن يتمم له عهده إذا لم يخف منه خيانة، ولم يبدأ بنقض العهد. ثم أنذر المعاهدين في مدة عهدهم، أنهم وإن كانوا آمنين، فإنهم لن يعجزوا اللّه ولن يفوتوه، وأنه من استمر منهم على شركه فإنه لا بد أن يخزيه، فكان هذا مما يجلبهم إلى الدخول في الإسلام، إلا من عاند وأصر ولم يبال بوعيد اللّه له. ﴿فَسيحوا فِي الأَرضِ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَاعلَموا أَنَّكُم غَيرُ مُعجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخزِي الكافِرينَ﴾
[التوبة: 2]
فسيروا - أيها المشركون - في الأرض مدة أربعة أشهر آمنين، ولا عهد لكم بعدها ولا أمان، وأيقنوا أنكم لن تفلتوا من عذاب الله وعقابه إن استمررتم على كفركم به، وأيقنوا أن الله مُذِل الكافرين بالقتل والأسر في الدنيا، وبدخول النار يوم القيامة. ويشمل هذا من نقضوا عهدهم، ومن كان عهدهم مطلقًا غير مؤقت، وأما من له عهد مؤقت ولو كان أكثر من أربعة أشهر فإنه يُتَم له عهده إلى مدته.
- المختصر في التفسير
﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ ﴾ وقد حوت السورة قصة ثلاثة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كما جاءت في المختصر في التفسير
﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾
[التوبة: 118]
ولقد تاب الله على الثلاثة، وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية؛ الذين خُلِّفُوا عن التوبة وأُخِّرَ قبول توبتهم بعد تخلُّفهم عن الخروج مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم الناس بهجرانهم، وأصابهم حزن وغم على ذلك حتى ضاقت عليهم الأرض على سعتها، وضاقت صدورهم بما حصل لهم من الوحشة، وعلموا أنْ لا ملجأ لهم يلجؤون إليه إلا إلى الله وحده، فرحمهم بتوفيقهم للتوبة، ثم قبل توبتهم، إنه هو التواب على عباده، الرحيم بهم.
- المختصر في التفسير
كتاب الله العزيز الحكيم فيه من العظات والعبر فهو الذي يقبل التوبة عن عباده الصالحين مهما أذنبوا
فإنه سبحانه وتعالى يعفو ويغفر لهم والقصص القرآنية قصص واقعية ربانية المصدر في تسلية لفؤاد حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فكيف لا يؤثر القرآن الكريم على قلوبنا إذا نحن أمعنا النظر والتدبر فيه إن في الرجوع إلى كتاب الله الحل لكل مشاكلنا وإن في الوحيين الكتاب والسنة لنبراس من نور الهداية فكيف نضل بعدهما؟!
* بكالوريوس آداب دراسات الإسلامية ، باحثة ماجستير في القرآن الكريم و علومه