قبس التنزيل من هدايات المفصل (٤)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
أكمل الإبحار في بحر المفصل
لتدبر سورتي الواقعة والحديد ومستعينة بالله تعالى أجمع ماورد في تفسيري السعدي رحمه الله تعالى والمختصر في التفسير فأقول:
( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ )
الواقعة (1)
يخبر تعالى بحال الواقعة التي لا بد من وقوعها، وهي القيامة التي
( لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ )
الواقعة (2)
{ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } أي: لا شك فيها، لأنها قد تظاهرت عليها الأدلة العقلية والسمعية، ودلت عليها حكمته تعالى.
( خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ )
الواقعة (3)
{ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } أي: خافضة لأناس في أسفل سافلين، رافعة لأناس في أعلى عليين، أو خفضت بصوتها فأسمعت القريب، ورفعت فأسمعت البعيد.
( إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا )
الواقعة (4)
{ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا } أي: حركت واضطربت.
( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا )
الواقعة (5)
{ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا } أي: فتتت.
( فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا )
الواقعة (6)
{ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا } فأصبحت الأرض ليس عليها جبل ولا معلم، قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً )
الواقعة (7)
{ وَكُنْتُمْ } أيها الخلق { أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً } أي: انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة والسيئة.
( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ )
الواقعة (8)
ثم فصل أحوال الأزواج الثلاثة، فقال: { فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ } تعظيم لشأنهم، وتفخيم لأحوالهم.
( وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ )
الواقعة (9)
{ وَأَصْحَابُ الْمَشئَمَةِ } أي: الشمال، { مَا أَصْحَابُ الْمَشئَمَة } تهويل لحالهم.
( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ )
الواقعة (10)
{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات. [جميع ماسبق من تفسير السعدي رحمه الله تعالى]
اللهم اجعلنا من ورثة جنة النعيم آمين وأنتقل الآن لتدبر أواخرسورة الحديد من المختصر في التفسير ولعلي هنا أشير إلى سبب تسمية سورة الحديد والتي سميت بذلك الاسم لورود هذه الآية فيها
﴿لَقَد أَرسَلنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأَنزَلنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقومَ النّاسُ بِالقِسطِ وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزيزٌ﴾
[الحديد: ٢٥]
لقد أرسلنا رسلنا بالحجج الواضحة والبراهين الجلية، وأنزلنا معهم الكتب، وأنزلنا معهم الميزان؛ ليقوم الناس بالعدل، وأنزلنا الحديد فيه بأس قوي، فمنه يُصْنَع السلاح، وفيه منافع للناس في صناعاتهم وحرفهم، وليعلم الله علمًا يظهر للعباد من ينصره من عباده بالغيب، إن الله قوي عزيز لا يغلبه شيء، ولا يعجز عن شيء.
- المختصر في التفسير
﴿وَلَقَد أَرسَلنا نوحًا وَإِبراهيمَ وَجَعَلنا في ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتابَ فَمِنهُم مُهتَدٍ وَكَثيرٌ مِنهُم فاسِقونَ﴾
[الحديد: ٢٦]
ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيم عليهما السلام، وجعلنا في ذريتهما النبوة، والكتب المنزلة، فمن ذريتهما مهتدٍ إلى الصراط المستقيم، موفَّق، وكثير منهم خارجون عن طاعة الله.
- المختصر في التفسير
﴿ثُمَّ قَفَّينا عَلى آثارِهِم بِرُسُلِنا وَقَفَّينا بِعيسَى ابنِ مَريَمَ وَآتَيناهُ الإِنجيلَ وَجَعَلنا في قُلوبِ الَّذينَ اتَّبَعوهُ رَأفَةً وَرَحمَةً وَرَهبانِيَّةً ابتَدَعوها ما كَتَبناها عَلَيهِم إِلَّا ابتِغاءَ رِضوانِ اللَّهِ فَما رَعَوها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَينَا الَّذينَ آمَنوا مِنهُم أَجرَهُم وَكَثيرٌ مِنهُم فاسِقونَ﴾
[الحديد: ٢٧]
ثم أتبعنا رسلنا، فبعثناهم تَتْرَى إلى أممهم، وأتبعناهم بعيسى ابن مريم وأعطيناه الإنجيل، وجعلنا في قلوب الذين آمنوا به واتبعوه رأفة ورحمة، فكانوا متوادِّين متراحمين فيما بينهم، وابتدعوا الغلو في دينهم، فتركوا بعض ما أحل الله لهم من النكاح والملاذ، ولم نطلب منهم ذلك، وإنما ألزموا به أنفسهم؛ ابتداعًا منهم في الدين، وإنما طلبنا اتباع مرضاة الله فلم يفعلوا، فأعطينا الذين آمنوا منهم ثوابهم، وكثير منهم خارجون عن طاعة الله بالتكذيب بما جاءهم به رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم.
- المختصر في التفسير
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾
[الحديد: ٢٨]
يا أيها الذين آمنوا بالله وعملوا بما شرعه لهم، اتقوا الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وآمنوا برسوله، يعطكم نصيبَيْن من الثواب والأجر على إيمانكم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وإيمانكم بالرسل السابقين، ويجعل لكم نورًا تهتدون به في حياتكم الدنيا، وتستنيرون به على الصراط يوم القيامة، ويغفر لكم ذنوبكم فيسترها ولا يؤاخذكم بها، والله سبحانه غفورٌ لعباده رحيم بهم.
- المختصر في التفسير
﴿لِئَلّا يَعلَمَ أَهلُ الكِتابِ أَلّا يَقدِرونَ عَلى شَيءٍ مِن فَضلِ اللَّهِ وَأَنَّ الفَضلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظيمِ﴾
[الحديد: ٢٩]
وقد بيّنا لكم فضلنا العظيم بما أعددناه لكم - أيها المؤمنون - من الثواب المضاعف؛ ليعلم أهل الكتاب السابقون من يهود ونصارى أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله بحيث يمنحونه مَنْ يشاؤون، ويمنعونه مَنْ يشاؤون، وليعلموا أن الفضل بيد الله سبحانه يعطيه من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم الذي يختص به من يشاء من عباده.
- المختصر في التفسير
وختاما أقول : لقد شرف الله أمتنا بدستور رباني كريم وكتاب هو أعظم الكتب ذلك أن منزله ربنا ذوالجلال والإكرام فلقد كان العالم يرزح تحت ظلمات الجهل بينما نحن قد اخرجنا الله من الظلمات إلى النور بهذا الفرقان عدا عن الأمم مبتدعة الرهبانية ظنا منهم أن الله أمرهم بهذا غفلة منهم وقد أقر الله حقيقة أن كل الكتب السماوية قد نالها من التحريف الكثير وأما قرآننا العظيم فلاريب فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فلنتمس من نوره ونقتبس من ضيائه ففيه الفوز الكبير وفي التمسك به الفلاح ودخول جنات النعيم لنكون من السابقين السابقين أصحاب اليمين
* بكالوريوس الآداب تخصص الدراسات الإسلامية جامعة نورة بنت عبدالرحمن باحثة ماجستير في القران الكريم وعلومه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض