قبس التنزيل من هدايات المئين و المثاني(12)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
سأتناول شيئا من تدبر سورتي الروم ولقمان من تفسير السعدي رحمه الله تعالى والمختصر في التفسير إذ سورة الروم يتجلى فيها الإعجاز الغيبي في أعظم صوره
( غُلِبَتِ الرُّومُ ) الروم (2)
كانت الفرس والروم في ذلك الوقت من أقوى دول الأرض، وكان يكون بينهما من الحروب والقتال ما يكون بين الدول المتوازنة.
وكانت الفرس مشركين يعبدون النار، وكانت الروم أهل كتاب ينتسبون إلى التوراة والإنجيل وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس فكان المؤمنون يحبون غلبتهم وظهورهم على الفرس، وكان المشركون -لاشتراكهم والفرس في الشرك- يحبون ظهور الفرس على الروم.
فظهر الفرس على الروم فغلبوهم غلبا لم يحط بملكهم بل بأدنى أرضهم، ففرح بذلك مشركو مكة وحزن المسلمون، فأخبرهم اللّه ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس.
( فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) الروم (3)
كانت الفرس والروم في ذلك الوقت من أقوى دول الأرض، وكان يكون بينهما من الحروب والقتال ما يكون بين الدول المتوازنة.
وكانت الفرس مشركين يعبدون النار، وكانت الروم أهل كتاب ينتسبون إلى التوراة والإنجيل وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس فكان المؤمنون يحبون غلبتهم وظهورهم على الفرس، وكان المشركون -لاشتراكهم والفرس في الشرك- يحبون ظهور الفرس على الروم.
فظهر الفرس على الروم فغلبوهم غلبا لم يحط بملكهم بل بأدنى أرضهم، ففرح بذلك مشركو مكة وحزن المسلمون، فأخبرهم اللّه ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس.
( فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ) الروم (4)
{ فِي بِضْعِ سِنِينَ } تسع أو ثمان ونحو ذلك مما لا يزيد على العشر، ولا ينقص عن الثلاث، وأن غلبة الفرس للروم ثم غلبة الروم للفرس كل ذلك بمشيئته وقدره ولهذا قال: { لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ } فليس الغلبة والنصر لمجرد وجود الأسباب، وإنما هي لا بد أن يقترن بها القضاء والقدر.
{ وَيَوْمَئِذٍ } أي: يوم يغلب الروم الفرس ويقهرونهم { يَفْرَحُ {المؤمنون
( بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) الروم (5)
}بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ } أي: يفرحون بانتصارهم على الفرس وإن كان الجميع كفارا ولكن بعض الشر أهون من بعض ويحزن يومئذ المشركون.
{ وَهُوَ الْعَزِيزُ } الذي له العزة التي قهر بها الخلائق أجمعين يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء. { الرَّحيم } بعباده المؤمنين حيث قيض لهم من الأسباب التي تسعدهم وتنصرهم ما لا يدخل في الحساب.
( وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم (6)
{ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ } فتيقنوا ذلك واجزموا به واعلموا أنه لا بد من وقوعه.
فلما نزلت هذه الآيات التي فيها هذا الوعد صدق بها المسلمون، وكفر بها المشركون حتى تراهن بعض المسلمين وبعض المشركين على مدة سنين عينوها، فلما جاء الأجل الذي ضربه اللّه انتصر الروم على الفرس وأجلوهم من بلادهم التي أخذوها منهم وتحقق وعد اللّه.
وهذا من الأمور الغيبية التي أخبر بها اللّه قبل وقوعها ووجدت في زمان من أخبرهم اللّه بها من المسلمين والمشركين. { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أن ما وعد اللّه به حق فلذلك يوجد فريق منهم يكذبون بوعد الله، ويكذبون
آياته.] ( تفسير السعدي)
وهذا مايسمى بالإعجاز الغيبي الذي ألمحت له في مقدمة المقال وهو الإخبار بما هو حادث في المستقبل من الأمور الغيبية قبل وقوعها
وأنتقل الآن لتفسير سورة لقمان من المختصر في التفسير
﴿لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ﴾ [ لقمان : 26]
لله وحده ما في السماوات وما في الأرض خلقًا وملكًا وتدبيرًا، إن الله هو الغني عن جميع مخلوقاته، المحمود في الدنيا والآخرة.
- المختصر في التفسير
﴿وَلَو أَنَّما فِي الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقلامٌ وَالبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أَبحُرٍ ما نَفِدَت كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾ [ لقمان : 27]
ولو أن ما في الأرض من شجر قُطِع وبُرِي أقلامًا، وجُعِل البحر حبرًا لها ولو مده سبعة أبحر، ما فنيت كلمات الله لعدم تناهيها، إن الله عزيز لا يغالبه أحد، حكيم في خلقه وتدبيره.
- المختصر في التفسير
﴿ما خَلقُكُم وَلا بَعثُكُم إِلّا كَنَفسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ بَصيرٌ﴾ [ لقمان : 28]
ما خَلْقكم - أيها الناس - ولا بَعْثكم يوم القيامة للحساب والجزاء، إلا كخلق نفس واحدة وبعثها في السهولة، إن الله سميع لا يشغله سماع صوت عن سماع صوت آخر، بصير لا يشغله إبصار شيء عن إبصار شيء آخر، وهكذا لا يشغله خلق نفس أو بعثها عن خلق أخرى وبعثها.
- المختصر في التفسير
كلما تدبرنا آيات الكتاب الحكيم نلمس وجوها لا حصر لها من الإعجاز فهل سوى كتاب الله دليل للحيارى في ظلمات الجهل والكفران والعصيان رب زدنا تعلقا بكتابك الكريم واجعله لنا شفيعا ولحياتنا رفيقا آمين.
* بكالوريوس الآداب في الدراسات الإسلامية جامعة نورة بنت عبد الرحمن باحثة ماجستير في القرآن الكريم وعلومه جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية الرياض