بعطيك قناع 

بقلم الكاتبة / سميحة القرشي *

   بعد ما رأيت اليوم من اهتمام المجتمع والإعلام بطالبة لمجرد انتشار مقطع صوتي لها والتحيز معها دون البحث في أسباب الموضوع  وظلم المعلمة أيقنت أن المجتمع لن يرتقي ولن تنهض العملية التعليمية في وطننا ما دامت لا تُبجّل مُعلميها " والتبجيل هنا لا يعني تجاوزنا عن تقصيره وأخطاءه وإنما النظر إليه نظرة العالم صاحب الاختصاص والكفاءة القادر على الحكم على الموقف ومعالجته علاجًا سلوكيًا مناسبًا , كما 

أنها وضعت العلاقة بين المعلم والطالب في إطار التحدي !

فالتعليم مهنة سامية وسبب رئيسي في تقدم المجتمعات

 وازدهارها فكلما ارتقى وازداد الاهتمام به ارتقى المجتمع فلا ينهض التعليم إلا بالمعلم ذلك الفرد الذي بدوره قد وضع اللبنة الأولى لجميع العلوم , ليس ذلك فقط فقد امتدّ لسلوك الفرد فللمعلم دور في بناء الشخصيات وتقويم السلوك وغرس القيّم والأخلاق في المجتمع .

عادت بي الذاكرة للوراء واستحضرت سنوات الدراسة وكيف كان للمعلم النصيب الأكبر من الاحترام كيف لا وقد رُسِّخت فينا القيّم الفاضلة وأعلوا من شأن المعلم حتى كان بمنزلة الرسول فمنذ سنواتنا الأولى ونحن نُردد :

قُم للمُعلمِ وفّهِ التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

فلا شك أن للأسرة دور كبير في غرس محبة الطالب للمعلم واحترامه , بجانب ذلك مساندة الأنظمة التي أعطت المعلم الحُرية المطلقة في تقويم سلوك الطالب بما يتماشى مع الموقف ؛ مع ذلك كان اسوأ ما يمر علينا آنذاك الضرب بالعصى في الكف أقصاها عشر وأدناها واحدة فلا اشتكينا ولا مررنا بحالة نفسية يستدعي علاجها !

صعّد الإعلام موقف المعلمة مع الطالبة " نوف " رغم أنها لم تتعرض للضرب و القسوة من المعلمة كما أني لمحت على الطاولة صندوق باللون الأزرق كباقي الطاولات ؛ ليعملوا معها مقابلة ويحتفلوا بها ويقدموا لها هدية " آيباد " .. دون أن يعطوا المعلمة مساحة للدفاع عن نفسها ؛ 

وكلمات الشريان " بعطيك قناع كل أنواع الأقنعة عشان توزعينها بالفصل " فقد أعطيتها قناع سترتديه العمر بأكمله ؛ حينها خشيت أن يكون ذلك بداية لتجهيل المجتمع ، فتذكرت دخول المعلمة علينا في اليوم التالي بعد الضرب وهي مبتسمة وتشيد بنا بأسمائنا لتمحو قسوة الأمس بابتسامة وكلمة طيبة فيزول الأثر ويبقى الدرس والاحترام ؛ كيف لا وقد علمونا " من علّمني حرفًا كُنتُ له عبدًا " وأخيرًا .. كلما ارتفع وعي الأسرة ازداد الطالب وعيًا واحترامًا لمعلمه ولذاته .

* كاتبة