كُن حقيقياً
بقلم الدكتور / مجدي غرسان
كل عام وأنتم بخير في كل مكان بعد انقطاع عن الكتابة دام لأشهر نكتب من نافذة تطل من خارج الوطن الحبيب وكلنا شوق اليه . إلا أنه وبلا شك تظل هذه النافذة التي نعيشها في الخارج وان كانت غربة ، مصدراً للتجارب والإلهام واكتشاف البشر .
حينما بدأت أكتب مقالي هذا لم أكن أعلم أنني ولابد أن أقابل أشخاص غير حقيقيين ! وقد يتسأل القُرّاء كيف يمكن أن نقرأ هذا المعنى ! أقول لهم نعم هناك ما يستحق أن نخاطب أنفسنا والأخرين بأن نكون حقيقيين فعلاً وفي الحياة ما يدعونا لأن :
نكون حقيقيين في إنجازاتنا ، صادقين في تحقيقها والبحث عن طرقها السليمة . وأن نتجنب الوهمية في ما سيكون سبب للرزق.
نكون حقيقيين في معارفنا بالأخرين فلا داعي لأن ننافس الآخرين في مستواهم لكي نثبت لهم أننا نملك القدر الكافي من العلاقات والمصالح الوهمية .
نكون حقيقيين في مسمياتنا وثقافتنا ولا نبنيها بالصعود على اكتاف الآخرين ومن خلال قنواتهم .
نكون حقيقيين في علاقتنا بالخالق ولا نمسي ونصبح متامرين على صديق أو زميل أو منافس لا نستطيع الوصول له الا بمؤامره
نكون حقيقيين في ابتسامتنا كأشخاص ولا نعطي ابتسامة صفراء مزيفة كزيف حقيقتنا
نكون حقيقيين حينما نرى أن شخصاً قدم إنجاز لا نستطيع تقديمه ولا نسعى لترديد " اذا كانت يده شبرًا فأيدينا ذراع " باوهام صنعتها الغيرة
نكون حقيقين فلا نصنع الأحداث من محيطنا وندعي بطولات غيرنا لنا .
هذا التفسير النفسي الذي يعادي الحقيقة دائماً يجب ان نتجنب أسباب الوقوع فيه وهو ما يسمى one -upper ففي كل حادث يمر بِنَا هناك من يدعي انه مر بأعظم منه وفِي كل فرح يطري علينا هناك من يثبت لنا انه فرح أكثر منا وفِي كل إنجاز نحققه بمجهودنا هناك من يدعي انه أنجز اكثر منا ان هذه المقدرة على صناعة احداث وهمية ليست الا داء يفتك بمن يمارسها فهو لا يمكن ان يرى نفسه اقل من الآخرين حتى في حزنهم مع العلم ان البشر لم يطلبوا منه ان يخبرهم ولكنه اختار الا يكون حقيقيا .
نكون حقيقيين في محبتنا لأهل بيتنا فلا نظهر للناس مسلسلات مزيفة من الاحترام والود بيننا وفِي الحقيقية أن الماسي خلف الستار تفتك بِنَا
ما بعد الكلام ...
أخيراً نكون حقيقيين في إنسانيتنا ومبادئنا وأهدافنا وأن نختلف بشرف لا يخالطه مكر ولا حيلة. فالإنسان الذي يعيش حياة غير حقيقية لن يفلت من أوجاعه الداخلية يوما ما ولن تبقى المروءة رفيقته ولن تجد خيوط الشمس منفذا لحياته .
ولنتذكر ان الشمس لا تغطى بغربااااال .
* كاتب وقّاص